الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


78 ثلاثة مواضيع في نقد الإسلام

ضياء الشكرجي

2017 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


78 ثلاثة مواضيع في نقد الإسلام
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة الثامنة والسبعون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث نكون مع المقالات المختارة من الكتاب الثالث «مع القرآن في حوارات متسائلة»، وتشتمل هذه الحلقة على ثلاثة مواضيع، «اقتباس القرآن من كتب سابقة»، «مبادئ سامية تنقضها التفاصيل»، «التفاضل والتسايد بين الناس».

موضوع اقتباس القرآن من الكتب السابقة له
لم أجعل من مهمة كتابي هذا البحث التاريخي، بما في ذلك السيرة، والحديث، وكذلك ما كتب نُقّاد الإسلام، حول اقتباس القرآن من كتب سابقة، سماوية - بحسب عقيدة من يعتقد بسماويتها بمعنى إلهيتها - أو غير سماوية، وما كتبوا عن عدم أميّة محمد، بل كونه كان يقرأ ويكتب، وعن تعلمه لسنوات، والبعض يذهب إلى كونها عقود، على يد القس ورقة بن نوفل، ثم الراهب بحيرى، وكذلك ما كُتِب عن اقتباس القرآن حتى من الشعر الجاهلي، أو ما له شبيه في ملحمة گلگامش، لأني اهتممت بشكل أساسي بالتعارض الفلسفي بين مقولات قرآنية، وبين ما يوجبه العقل من ضرورات عقلية، بما في ذلك، أو بشكل أساسي، التعارض مع الكمال والجلال الإلهي.
الاقتباس، أو لنقل التطابق والتشابه ونقاط الالتقاء، بين القرآن والكتب (المقدسة) السابقة له، له ما له، وعليه ما عليه. ففي حال إلهية القرآن والكتب السابقة، يكون من الطبيعي أن تكون هناك مشتركات، بل إن مما يثير الشك بها، وجود التناقضات بين بعضها البعض، ولا يبرر ذلك دعوى تحريف المحرفين، فإن الرب القدير الحكيم الذي يتخذ قرار إنزال كتبه إلى البشر عن طريق الأنبياء والرسل، يجب أن يكون قادرا، بل إن ذلك من لوازم حكمته ولطفه، أن يحفظ كتبه من التحريف، حتى يصدّق بعضها البعض، ويأتي اللاحق مكمّلا وليس ناقضا للسابق. أما في حال بشرية القرآن والكتب السابقة، فمن الطبيعي أيضا أن يقتبس أحدهم من الآخر، ويكون هنا مقبولا ومفهوما أن لا تكون هناك مشتركات وحسب، بل ونقاط اختلاف، ولكن الاختلاف، لاسيما الذي يبلغ درجة التناقض هو الآخر دليل إضافي على بشرية ولاإلهية هذه الكتب والديانات المنسوبة إلى الله، بحسن نية، أوبما هو دون ذلك من نوايا البعض. ولكن المشتركات لا تدل دائما على الاقتباس، بل هي في كثير من الأحيان من قبيل توارد الخواطر. وهذا ما لمسته بشكل مباشر عبر تجربتي الذاتية، فكثيرا من الأحيان أوصلتني تأملاتي، عبر كل مراحلي الفكرية، إلى ما يكون قد طرحه مفسر للقرآن، أو فقيه، أو مفكر، مسلما كان أو غير مسلم، أو فيلسوف، إلهيا كان أو ماديا، من غير أن أكون قد اطلعت على تلك الأفكار، أو قرأت لواحد منهم. إذن وجود أشياء في القرآن، تبدو مقتبسة، ليس دليلا بذاته على بشرية القرآن، بل بأدلة أخرى نصل عبرها إلى ذلك. وعلى ضوء هذه الحقيقة نفسر هذا التكرار والتطابق والاقتباس.
14/10/2012

مبادئ قرآنية سامية تنقضها التفاصيل
هناك مجموعة مبادئ قرآنية سامية، وهي لا شك صحيحة، سواء بحكم العقل الفلسفي أو بحكم العقل الأخلاقي. منها ما يمثل قواعد عقلية، ومنها ما يُمثِّل مُثُلا إنسانية، ومنها ما يُعَدّ من مستلزمات الحكمة. ونجد إن هذه المبادئ الصحيحة التي يضعها الإسلام، تُنقَض في التفاصيل، كمن يضع دستورا جيدا يُنقَض من قبل القوانين، أو كما لو كان لدينا مفهوم صحيح أو جميل، لا تكون مصاديقه صحيحة أو جميلة. فالإسلام على سبيل المثال نزّه الله في صفاته الذاتية، لكن لم يُنزّهه في صفاته الفعلية، فهو رحيم كصفة ذاتية، لكنه يعذب أناسا على ما لا يستحقون عليه العقاب، ناهيك عن العذاب الخالد في النار، وألوان العذاب، ما لا يُتصوَّر، ولا يُتحمَّل، ولا يُتعقَّل، ومن أجل ما لا اختيار للمعذَّبين فيه. أو إنه أي القرآن نزّهه سبحانه على مستوى المفهوم، لا على مستوى المصاديق، على مستوى النظرية، لا على مستوى التطبيق. وكأن واضع النص القرآني قد حمّل الله ازدواجية الإنسان، بتعبير آخر نجد إن صفات الله الفعلية التي نسبها الإسلام إلى الله، استحالت مِعوَلا هدّم البنيان الجميل لصفاته الذاتية، والتشريعات التفصيلية هدَّمت مبادئ الشريعة السامية، أو لنقل إن الشكل لم ينسجم مع الجوهر، بل نقضه. تُذكَر هنا بعض الأمثلة على ذلك:
- «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها»، أو «يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ»: من لوازم الحكمة، ومن لوازم الرحمة حتى في عالم الإنسان النسبي، ألّا يكلف المرء أحدا فوق طاقته، ومن يفعل خلاف ذلك، فهو مفتقد إما للحكمة، وإما للرحمة، وهكذا بالنسبة لاختيار اليسر وترجيحه على العسر. فإذا كان التكليف فوق الطاقة، واختيار العسر، في الوقت الذي يكون خيار اليسر في متناول اليد، يُعَدّ ذلك غير محمود، إذا ما مورس من قبل الإنسان، فيكون امتناع ذلك على الله من قبيل الأولى من ضرورات العقل. هذا المبدأ المثبَّت في هذين النصين إذن هو مبدأ صحيح، وحتى لو لم يخبر به القرآن، وحتى مع التسليم إنه كتاب الله، فإن العقل يأبى إلّا تثبيت هذه الحقيقة؛ هذا طبعا بالنسبة لمن يؤمن بالله. ولكن أحكام الإسلام في كثير من تفاصيلها، هي تكليف فوق الطاقة، وفيها من العسر، ما لا ضرورة له، ولا فائدة منه، على سبيل المثال لا الحصر تزويج الصغيرة، فتتحول إلى زوجة، وإلى أم لأطفال، وربة منزل، قبل أن تستوفي استمتاعها بطفولتها. ومن الأمثلة على تحميل الإنسان فوق الطاقة فريضة الجهاد والقتال، لا من أجل تحرير الإنسان، ومن أجل العدل والرفاه، ودفاعا عن الحقوق المهضومة، إنما ليس إلا من أجل العقيدة، وتوسيع رقعة انتشارها. وهكذا هو الأمر مع المبالغة بعدد أيام الصيام، وطول مدته، وصيام الصغيرة، والتكليف بخمس صلوات في اليوم، ووجوب استجابة الزوجة للرغبات الجنسية لزوجها في كل الأحوال، وغيرها كثير. أن يعطي الإنسان من وقته، ومن راحته، ومن ماله، ومن الكثير من مصالحه، من قضايا كبيرة في الحياة، من أجل خدمة الإنسانية، والمساعدة في الكوارث، وإنقاذ حَيَوات، وتحرير شعب، وغيرها، يعدّ بلا شك أمرا محمودا، ولكن التشريعات الدينية تسبب هدرا في الوقت والراحة والمال، من أجل أمور لا فائدة منها، علاوة إلى أنها تمثل في كثير من الأحيان اعتداءً على الطفولة، أو ظلما للمرأة، أو تخريفا للعقول، أو تعميقا للخلافات، وغيرها مما ضرره أكثر من نفعه، وإثمه أكبر من برّه.
- «إِنَّ الله لاَ يَظلِمُ مِثقالَ ذَرَّةٍ»: هذه الحقيقة هي ضرورة فلسفية قبل أن تكون حقيقة دينية، فهي من لوازم العدل الإلهي الذي توجبه ضرورات العقل، ولكننا نلاحظ أن هذا المبدأ أو هذه القاعدة الرائعة والصحيحة غير متحققة في التفاصيل، في كثير من الأحكام الشرعية الدنيوية، فيما هو التكليف، وكذلك في الأحكام الأخروية، فيما هو الجزاء. فعلى مستوى الدنيا، نجد أن المرأة غير متساوية في الحقوق مع الرجل، وقد أفردت في هذا الكتاب بحثا كاملا عن (المرأة في القرآن)، فهي التي يجب أن تطيع، وليس على الرجل طاعة تجاهها، وهي التي يجب أن تستجيب لرغبته الجنسية في كل الأحوال، ولا يجب عليه تلبية رغبتها إلا بحدود، خاصة إذا نظرنا إلى كونه يملك صلاحية غير محدودة في تعديد النساء، بأربع زوجات، ناهيك عن العدد غير المحدود من زيجات المتعة، وملك اليمين، وبيده قرار الطلاق متى شاء، ولا يحق لها أن تطلق نفسها، إلا إذا طلقها، أو بشروط غالبا ما تكون صعبة، أو تكاد تكون تعجيزية ومستحيلة التحقيق، وهي التي ترث نصف ما يرث، وشهادتها نصف شهادته، وحقها في عدد الأزواج في أحسن الأحوال ربع حقه (واحد مقابل أربعة)، وفي طفولتها أو صباها تُكَلَّف بالتكاليف الشرعية قبل الصبي بسنتين في أفضل الاجتهادات، وبست سنوات على أسوئها. وهكذا نرى غير المسلم غير متساوي الحقوق مع المسلم، وغير العربي مع العربي عند أكثر المذاهب والفقهاء، فيما يتعلق بموقع الإمامة الكبرى، وهكذا التفاوت بين حقوق العبيد والأحرار، وتمييز نسل الرسول بالمكانة والعطاء، لاسيما فيما يتعلق بفريضة الخمس عند الشيعة. أما أخرويا، فيُعذَّب الإنسان عذابا خالدا، إذا لم يوصله عقله إلى الإيمان بالإسلام، أو إذا وُلد من أبوين مسلمين أو أب مسلم، ثم حصل لديه شك بإلهية الإسلام، أو أحيانا يقين بعدم إلهيته، فارتدّ عنه، أو لم تقنعه الأدلة حتى على وجود الله، دون أن يفعل ما يُغضب الله من ظلم أو عدوان أو سلب لحقوق الآخرين، بل فعل كل أفعال الخير الإنسانية. وهكذا نفتقد العدل في وجوب طاعة ملايين البشر لشخص واحد لم ينتخبوه، كونه حاكما شرعيا واجب البيعة والطاعة، أو أميرا، أو إماما، أو خليفة، أو ولي أمر، أو فقيها وليا، طُوِيَت له الوسادة. وحتى العقوبات والحدود الشرعية من قطع لليد، وجلد ورجم، فهي ليست من العدل في شيء، فهي غالبا أكبر بكثير من الجريمة، بل أحيانا هي عقوبة على سلوك شخصي، لا يُعَدّ جريمة كالممارسة الجنسية غير الشرعية بحكم الدين، ولكن بتراضي طرفيها.
- «لَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ»: هذا مبدأ إنساني وإلهي رائع في كون المرأة متساوية تماما مع الرجل في الحقوق، لكني ذكرت فيما يتعلق بالعدالة الكثير من الأمثلة، كما فصلت في بحثي (المرأة في القرآن)، ثم وجدنا كيف إن هذا المبدأ الرائع سرعان ما ينقض في نفس النص، عندما يُكمَّل بعبارة «وَلِلرِّجال عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ»، وكيف يكون العدل مع «وَضرِبوهُنَّ»، أو مع «الرِّجال قَوّامونَ على النِّساءِ»، أو مع «لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ»، وغيرها وغيرها، ناهيك عن كل الفقه المستنبط من الكتاب والسنة الذي يظلم المرأة في كثير من الميادين، كما أشرت إلى بعض المصاديق في النقاط الآنفة الذكر حول انتفاء العدل، فيما يتعلق الأمر بالأحكام الخاصة بالمرأة.
- «يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِّن ذَكَرٍ وَّأُنثى، وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَّقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم»: هنا مبدأ المساوة بين الشعوب والقبائل وبين الرجال والنساء، إلا بالتقوى، وأكتفي بما ذكرت من أمثلة آنفا وفي مواقع عديدة أخرى من هذا الكتاب عن التمايز دنيويا وأخرويا، كما سأشير إلى مسألة التسايد والتفاضل اللامبرر. ثم معيار التقوى يؤدي بالنتيجة حسب الفهم الديني للتقوى إلى تمايز وتفاضل، لا يعتمد بالضرورة موازين القسط والعدل، إذا ما فهمت التقوى بأنها لا تتم إلا بتحقيق شرط الإيمان، وإذا كان الإيمان لا يكون إيمانا مقبولا، ما لم يكن إيمانا بالدين الإسلامي بالذات، والالتزام بلوازمه.
- «لا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ على أَلّا تَعدِلوا، اعدِلوا، هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى»: مبدأ العدل مثبَّت في هذا النص على أجمل وأكمل وجه، حيث هناك دعوة للعدل حتى مع من تكون العلاقة معهم على أشد ما تكون عليه العداوة والبغضاء، المعبَّر عنه بالشَّنَآن. لكننا نجد في مقابل ذلك الكثير مما يتعارض مع العدل، من حالات عدم التكافؤ في الحقوق، وذكرت في هذا الكتاب، أو ما سأذكر في كتابي القادم، الكثير من الأمثلة. من ذلك موضوع إجهار المسلمين بالأذان والقرآن، دون السماح لغيرهم بالإجهار بعقائدهم المخالفة لعقائد المسلمين، كما لو أذَّن الإلهي اللاديني بعقيدته بتنزيه الله بنفي الدين، فيقول على سبيل المثال «أشهد ألا إله إلا الله، أشهد ألا أحد رسول الله»، ولو أذَّن اللاإلهي بعدم وجود الله، والبهائي بعقيدته بالباب، وهكذا المسيحي بكون المسيح ابن الله، وغيرها. وهكذا نفتقد مبدأ التكافؤ في الحق الذي يمنحه المسلمون لأنفسهم في دعوتهم أتباع الديانات الأخرى للتحول إلى الإسلام، وذلك حتى في المجتمعات ذات الأغلبية غير المسلمة، بينما لا يُسمَح لأتباع الديانات الأخرى في المجتمعات المسلمة أو ذات الأكثرية المسلمة بدعوة المسلمين إلى التحول إلى دينهم، بل يمنع ويقمع الداعون والمبشرون إلى ذلك الدين، ويعاقب المستجيبون بسبب جريمة الارتداد، بما قد يصل إلى القتل.
- «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِّزرَ أُخرى»: هنا التزم القرآن نظريا بهذا المبدأ، فلم يأخذ جريرة النساء بخطيئة أمهن حواء، كما في العهد القديم، وإن كانت بعض الروايات تذهب إلى ذلك، ولكن لا يمكن تحميل القرآن هذه الرؤية المتأثرة ربما باليهودية والمسيحية، بسبب أن القرآن لم يفصّل، بل أجمل، فاحتاج المفسرون من أجل التفصيل إلى الاقتباس من الروايات الدينية لتلك الأديان. لكن مع ذلك لطالما وجّه القرآن خطابا توبيخيا، مع وعيد لليهود، أو بني إسرائيل، بسبب ما اقترف آباؤهم، بحسب ما يفرضه القرآن، فهو يخاطبهم على أنهم قتلة الأنبياء، بينما ذلك الجيل الذي خاطبه، والأجيال التي بعده، مع التسليم بحدوث تلك الحوادث، لم يكونوا هم الذين فعلوا ذلك، وهذا يذكرّني بما هو شائع عند الكثير من شيعة لبنان وشيعة إيران، أن ما يصيب شيعة العراق من مصائب، وما يقع عليهم من ظلم، أيام صدام مثلا، أو من قبل الإرهاب بعد 2003، وهكذا ما جرى عليهم من ظلم على يد الحجاج، وغيره من الطغاة في التاريخ، فهم مستحقون لكل ذلك، كعقوبة لهم، بسبب خذلانهم لأهل البيت، لاسيما لعليّ والحسين، ولعله الحسن، وهي أي تلك الكوارث التي تنزل بهم إنما هي استجابة من الله لدعاء أئمة أهل البيت عليهم. طبعا لا نستطيع أن نحمّل الإسلام مسؤولية هذا الفهم الساذج والمتطرف، ولكن القرآن لطالما وبّخ وتوعّد أقواما بسبب ممارسات قام بها أجدادهم، وهذا نقض لمبدأ «لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِّزرَ أُخرى»، ولذا فهذا الفهم الخاطئ لا يبعد أن يكون مستوحى من مواقف القرآن هذه.

الإسلام بين بين المساوة والتسايد
وعودا إلى مبدأ المساواة بين الناس، فهنا أيضا نجد مبادئ تُثَبَّت، ثم تنقضها التفاصيل والتطبيقات. فمثلا نقرأ في الحديث النبوي «لا فَضلَ لِعَرَبِيٍّ على أَعجَمِيٍّ، وَلا لأَبيَضَ على أَسوَدَ إِلاّ بِالتَّقوى»، كما نقرأ «النّاسُ سَواسِيَةٌ كَأَسنانِ المِشطِ»، وهذا تأييد لما ورد في القرآن كنص «وَجَعلَكُم شُعوباً وَقَبائلَ لِـ[ـتَـ]ـتَعارَفوا؛ إِن أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم». ولكن سرعان ما يُنقض هذا المبدأ بنص «كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاس»، بالرغم من أن القرآن يدين دعوى اليهود بأنهم وحدهم أولياء الله وأحباءه، وذلك في أكثر من نص، نذكر منه ما جاء في سورة الجمعة: «قُل يا أَيُّهَا الَّذينَ هادوا إِن زَعَمتُم أَنَّكُم أَولِياءُ للهِ مِن دونِ النّاسِ فَتَمَنَّوُا المَوتَ إِن كُنتُم صادِقينَ». ولدينا أيضا من نصوص الحديث، وآراء الفقهاء وأئمة المذاهب، ما ينقض مبدأ المساواة، فالمسلمون هم سادة الشعوب، كما في النص آنف الذكر أو في «وَكذلِكَ جَعلناكُم أُمَّةً وَّسَطًا لِّتَكونوا شُهَداءَ على النّاسِ»، كما لا يُكتفى بتسييد المسلمين على كل الشعوب، بل يتواصل سُلَّم التفاضل، بِعَدّ العرب سادة المسلمين، وقريش سادة العرب، وبني هاشم سادة قريش، وأبناء علي وفاطمة عند الشيعة سادة بني هاشم، وتتواصل نصوص التسييد، فمحمد سيد المرسلين وسيد الخلق أجمعين، وفاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، والحسين سيد الشهداء.

أرجع وأقول لا اعتراض على كل ذلك، لو ثبت لنا أن الإسلام هو دين الله، وإن هذا التفاضل والتسايد، إنما هو بقرار من الله، وفقا لمعايير إلهية لا تخطئ موازين العدل ومعايير القسط، ولكن إذا ما وصلنا إلى قناعة بأن الإسلام هو بشري الابتكار والابتداع، يكون من حقنا أن نطرح السؤال، من أين جاء واضع هذه النصوص بهذه البديهية النهائية في وضع سلم التفاضل والتسايد الذي وضعه، أو ما وضعه منه تابعوه من بعده، مستوحين وضعهم مما أسسه باجتهادهم، سواء أصابوا فاستحقوا الحسنتين، أو أخطأوا فاستحقوا حسنة الاجتهاد، دون حسنة إصابة الصواب، حتى لو كلف اجتهادهم بحارا من دماء.
10/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقل والمنطق
فارس الكيخوه ( 2017 / 4 / 25 - 04:15 )
ابن بلدي السيد ضياء الشكرجي.هل يتوافق العقل والمنطق مع الدين ؟ بلا شك كلا.اليس الله الرحمن الرحيم ؟ متى تكون الرحمة ؟بعد الموت ؟ لماذا الله في القران لا رحمة له في الفعل ولكن فقط في النصوص ؟الله يبعث بملائكته للقتال في بدر ؟ في معركة الاحزاب ثم كانوا السبب في غزوة بني قريضة ؟هل الله عطشان الى هذا الحد الى دماء الابرياء! انا اقول الله الخالق المحب العادل وليس الله محمد خلقنا احرار واحرارا نكون ولنا الحق بطرح كل انواع الأسئلة
كما طرحوا طلاب مدينة فاس المغربية بشجاعة لزغلول النجار ،فاخذ يضرب كما نقول الاخماس بالاسداس.فاي اعجاز في القران والبشر لم يكتشفوه ؟فالاعجاز ببساطة معناه عدم القدرة على الإتيان بمثله ؟المسلمين توارثوا الخديعة ابا عن جد ول١-;-٤-;- قرنا.حان الوقت لفتح باب العقل والمنطق فهو السبيل الوحيد لفهم الدين ؟


2 - شكر للسيد فارس الكيخوة
ضياء الشكرجي ( 2017 / 4 / 25 - 16:36 )
شكري وتحياتي. بلا شك إن الكثير من مقولات الأديان تتقاطع مع كل من العقل الفلسفي والعقل الأخلاقي والحقائق العلمية والعدل الإلهي وهي اجتهاد بشر أصابوا فيما أصابوا وأخطأوا فيما أخطأوا ومن هنا أكتب فيمن يكتب من أجل تحريك العقول التي سجنت نفسها في مسلمات لا دليل على كونها مسلمات عسى أن يملك البعض الشجاعة للمراجعة والتفكير ولعل منهم من يستطيع تحرير عقله وحتى الذي لم يستطع لعله يعتاد عل استقبال نقد الدين ويستجيب للدعوة للتعايش بمحبة وسلام اتفقنا أو اختلفنا

اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة