الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرمِ!

فاطمة ناعوت

2017 / 4 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبارتان قرأتهما على فيس بوك، فشعرت بوخز الشوك ينحرُ في قلبي بغير رحمة. واحدة اِستُلهِمَت من حديث شريف، والأخرى من إحدى قصائد أمير الشعراء أحمد شوقي. كانت كلُّ عبارة من العبارتين بمثابة مرآة أمسكها كاتبُها، أمام وجهي ووجوه المسلمين، حتى نرى على صفحتها قبحَنا ودمامة سلوكنا، فنموتُ كمدًا.
العبارتان كتبهما أقباطٌ مسيحيون على صفحاتهم في فيس بوك. واحدة تقول: “لم يستوصوا بنا خيرًا يا رسولَ الله.” وهي بطبيعة الحال ردًّا على حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: “استوصوا بأهلِ مصرَ خيرًا فإنّ لهم نسبًا وصهرًا"، وهو الحديث الذي ورد على عدّة رواياتٍ قد تختلف في المفردات، لكنها تتفق في المعنى. وأما النَّسَبُ المقصود فهو السيدة هاجَر، زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام، وأما الصِّهر فالمقصود به السيدة ماريا القبطية، زوجة النبي المصرية، ووالدة ابنه إبراهيم.
وأما العبارة الموجعة الثانية التي كتبها أقباطٌ مسيحيون على صفحاتهم فكانت شِطرًا من قصيدة "نهج البُردة" التي كتبها عظيمُ الشِّعر أحمد شوقي في مدح رسول الله عليه الصلاة والسلام. كتب أحد المسيحيين على صفحته شِطرَ البيت القائل: “أحلَّ سفكَ دمي في الأشهرِ الحُرُم.” وهي عَجُز بيتٍ شعري يقول صدرُه: “ريمٌ على القاع بين البانِ والعلم.” وواضح أن تلك الوخزة الجارحة، المقصود بها هو أن تفجير الكنيستين في طنطا والأسكندرية كانا في شهر رجب، وهو أحد الشهور الحُرُم، التي نهى القرآنُ الكريم عن القتال فيها. لكن التكفيريَّ الذي زرع القنبلة في صحن الكنيسة، ورفيقه الذي ائتزر بالحزام الناسف، ليقتلا معًا كلَّ تلك الأرواح البريئة من مسيحيين مسالمين كانوا في دور عبادتهم يصلّون لربهم، كلا الإرهابيين لم يطيعا القرآنَ وأوامر الرسول، ولم ينتهوا عمّا نهى عنه. فقتلوا نفوسًا بريئة لم تقتل ولم تُفسد في الأرض، عاصين أمر الله تعالى: “مَن قتلَ نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض، فكأنما قتل الناسَ جميعًا"، ومتى؟ في أحد الشهور المحرم القتال فيها، كما شرّع الرسول، ومن قبله كانت تلك عادة العرب في جزيرة العرب، ومن قبلهما كان ذلك نهج أبي الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام.

جاءت العبارتان الصادمتان: “لم يستوصوا بنا خيرًا يا رسول الله"، "أحلّ سفكَ دمي في الأشهر الحرم"، لتصفعا وجهي صفعةً دامية، أنا التي اعتدتُ أن أقرأ هذا الحديث الشريف بفرح، لأنه يؤكد لي أن رفضي لظلم أشقائي المسيحيين في بلادهم هو انتصارٌ لديني وتنفيذ لأحد أوامر الرسول. وكذلك اعتدتُ أن تستقبل عيناي قصائدَ أحمد شوقي بشلال من المتعة والبهجة، فأتيه خُيلاء أن هذا الشاعر الاستثنائي هو ابن بلادي الشريفة مصر. فماذا جرى لأقرأ حديثًا شريفًا أحبه، وشطرًا من قصيدة أحبها، بكل هذا الوجع والوجل والرعب والشعور بالخزي ووخز القلب؟ ما معنى وخز الشوك في قلبي، ومرارة الغصّة في حلقي؟! الإجابة هي أن العبارتين الموجعتين كانتا رسالة قاتلة تشهد بعوارنا كمسلمين.
في خيالي: أكادُ أسمعُ أحدَهم، وقد أشهر إصبعَه في وجهي، ووجه كل مسلم في مصر، قائلا: “أنتم دمويون غِلاظٌ. تقتلوننا دون جريرة بينما لم تجدوا مّنا إلا الحب والرأفة. لم تتعلموا الرحمةَ من سورة الرحمن، ولا تعلمتم المحبةَ منّا بعد طول عشرتكم معنا. أحببناكم كما أحببنا بعضُنا البعضَ، لأن لنا جدًّا واحدًا وجدّة واحدة وأرضًا واحدة لا نعرف غيرَها هي أرض طِيبة مصر. سامحناكم كثيرًا على ما ترتكبون في حقّنا من سخافات، وتقتيل وتفجير وإقصاء عن المناصب العليا في بلادنا، فاشتريناكم ولم نعبأ بعَرَض الدنيا. غضضنا الطرفَ عن ميزان المواطنة المائل غير العادل بيننا وبينكم في أرضنا التي عرفناها قبلكم بستة قرون. وأبدًا... أبدًا لم نردّ إساءاتكم بإساءة، ولا بادلنا طائفيتكم بمثلها. بل باركنا من يلعنوننا منكم، وصلّينا من أجل من يبغضوننا منكم، ودعونا اللهَ من أجل الخُطاة منكم. لأننا لا نعرف سوى الحب، كما علّمتنا أمهاتُنا الراهباتُ في كنائسنا، وكما علّمنا سيدُنا المسيحُ رسولُ السلام الذي جال بالخير ولم يبغض أحدًا ودعا الَله أن يغفر لمن آذوه، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. علّمناكم القيم الرفيعة في مدارسنا وأنتم صغار، ولم نفرّق بينكم وبين أطفالنا لكي تشبّوا أسوياء الروح، وما فعلتم مثلنا في مدارسكم. طببّت أوجاعَكم راهباتُنا وأنتم مرضى في مشافينا، فرأيتم بعيونكم كيف يكون البشرُ ملائكةً فوق الأرض. سامحونا إن قلنا لكم اليوم: أنتم كاذبون، ومنافقون! تدّعون اعتناقكم للإسلام، بينما لم نسلم من ألسنكم ولا من أياديكم. تزعمون أنكم مسلمون، ثم تقتلون نفسًا بغير نفس ولا فسادٍ في الأرض، فكأنما تقتلون الناسَ جميعًا. تزعمون طاعة رسولكم، بينما خالفتم وصيتَه لكم فينا بالخير. تزعمون أنكم حافظون قرآنكم، بينما تخالفون آياته وتقتلون المُسالمين العُزّل في نهارات الأشهر التي حرّم اللهُ فيها إراقةَ الدم. أيها المسلمون الأعزاء، أشقاءنا بالسلف، شركاءنا في الوطن: أنتم لا تتبعون أوامرَ إسلامكم، ولا تطيعون آياتِ قرآنكم، وتُحلّون ما حرّم اللهُ، ولا تهابون أن تفعلوا ما حرّم!”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشعال شمعة خير من لعن الظلام
شاكر شكور ( 2017 / 4 / 25 - 20:04 )
لو انتخبوك يا استاذة فاطمة لمدة شهر لتولي الإمامة وإلقاء خطب الجمعة لخرج المصلون من الجامع بوجه باسم بهيج مسرورين لتخلصهم من هم الكراهية والبغضاء الذي يلقيه عليهم الشيوخ الذين يظهرون للمصلين الوجه الآخر القتالي للإسلام ، الإسلامي يمتلك بيده سلاح ضد الوجه الجميل للإسلام وهو سلاح الناسخ والمنسوخ والتدرج بالحكم والتشريع وأختلاف شدة خطاب الأحاديث والروايات من مكة الى المدينة ، ربما تنفع الكرازة بالوجه الجميل للإسلام عندما لا تتوفر الإمكانية المادية لتمويل الوجه الآخر القبيح ، وخاصة اذا توقفت السعودية وقطر عن تمويله كتمويل نشاط الإخوان المسلمين الأرهابي ، فالذي يمتلك المال والقوة يستطيع ان يغرف من القرآن والسنة ما يعجبه لتجنيد الشباب لتنفيذ مخططاته السياسية والمذهبية ، يقول أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة الأستاذ د. حسن حنفي في احدى محاضراته : القرآن أشبه بالسوبر ماركت ، وأنه يمكن للمجتهد أن ينتقي منه ما يشاء ......، لأن هناك كثيرا من الآيات القرآنية بينها تناقض وخاصة ما يتعلق بالتسامح والدعوة إلى القتال . تحياتي للجميع


2 - جيل مثقف جديد
عبد العزيز سيد علي ( 2017 / 4 / 26 - 06:01 )
لم يستوصوا بنا خيرًا يا رسول الله
يجب ان تحاربي مثل هذه العبارة التي تحمل الاستعلاء والابوية والوصاية بدلآ من الإشادة بها...المواطنة تقوم على ثقافة المساواة لا على ثقافة الإستوصاء ...مثل هذا الكلام يكرس في اتجاه الدولة الدينية...مصر في حاجة الى جيل مثقف جديد لا يخاف ويرتجف امام قوى الظلام.


3 - انها مذلة
البابلي ( 2017 / 4 / 26 - 07:41 )
أجل مذلة ان يطلب مواطن من آخر أن يرحمه ، ومن هو هذا الآخر ،ذلك الإرهابي الدموي وعلى شكل نبيه الذي أحرق الحرث والنسل أن أسلم تسلم والسيف معلق على الرقاب ،كتب عفنة ملغومة من قرآنها حتى صحاحها وتيميها ،وأي فرح هذا و رومانسية تحاولين إقناع نفسك إقناع حثالات المسلمين عندما تقرأ تلك العبارة البغيضة : أن استوصوا خير ب


4 - انها مذلة
البابلي ( 2017 / 4 / 26 - 07:51 )
أجل مذلة ان يطلب مواطن من آخر أن يرحمه ، ومن هو هذا الآخر ،ذلك الإرهابي الدموي وعلى شكل نبيه الذي أحرق الحرث والنسل أن أسلم تسلم والسيف معلق على الرقاب ،كتب عفنة ملغومة من قرآنها حتى صحاحها وتيميها ،وأي فرح هذا و رومانسية تحاولين إقناع نفسك
إقناع حثالات المسلمين عندما تقرأ تلك العبارة البغيضة : أن استوصوا خير ب
استوصوا بأهلِ مصرَ خيرًا فإنّ لهم نسبًا وصهرًا-، ومن ذاك الذي أوصى ؟ ياللسخرية ذلك النبي الإرهابي وتلك الرمم التي تسير على خطاه بل مليار مسلم يطبقون كل حرف وفعل ارتكبه قبل الف وأربعمائة عام وتقولون إسلام معتدل ومايل ،انهم متعطشون للدماء وعقولهم الخاوية تزمجر ، ابنتي الرقيقة لا تجادليهم انت كالزجاج صافية وكتبننا عفنة تغرق بالدم وقد اجتاحت العالم الجميل هناك حتى جبال الألب مع النفط السعودي الأسود وانت لست أهلا لها ،اكتبي عن ال رومانسية والأشعار ودعي عنك هذا الحمل الثقيل


5 - البقرة 217
بولس اسحق ( 2017 / 4 / 26 - 10:59 )
( أن تفجير الكنيستين في طنطا والإسكندرية كانا في شهر رجب، وهو أحد الشهور الحُرُم، التي نهى القرآنُ الكريم عن القتال فيها.)...ولكن يا حرام لأنه تراجع فيما بعد عن قراره...
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ-;- قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ-;- يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ-;- وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰ-;-ئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ-;- وَأُولَٰ-;-ئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (البقرة 217)...تحياتي أستاذة فاطمة ناعوت.


6 - مريم البتول أُمُّ المسيح (ع) وفاطم البتول
أمين Amin ( 2017 / 4 / 26 - 16:09 )
فاطم البتول أُم الحُسين (ع) السِّبط القتيل، سَمِّيَّتُكِ (فاطِمَة الزَّهراء) ينتَسِب إليها سَمِي أبيها النَّبي الخاتم (ص)؛ أمير الشِّعر العربي أحمد شوقي القائل في رائعتهِ (سَلوا قلبي):

أبا الزَّهراءِ قد جاوزتُ قدري * بمَدحِكَ بيدَ أنَّ ليَ انتسابا .


قبل قتل أتباع السَّيِّد المسيح عليهِ السَّلام في ظِل دَولَة مُسلِمَة (مصر)، قتَلَت الخِلافةُ الأُمَويَّة في الشّام الحُسين (بن علي صِهر الرَّسول/ زوج البتول فاطِمَة الزَّهراء)!.. بسيفِ جَدِّه
الرَّسول!..

سوريا الشّام تحت حكم العلَوييِّن، والعرش العلوي في المغرب
، مَنبَت الرّاد عليكِ

عبدالله أغونان، عليهِ سَلام السَّلام.




7 - أمين أمين وعليك السلام /من ابطأ به عمله لم يسرع
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 4 - 01:47 )
من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه

فلاأنساب بينهم

وسلمان منا ال البيت

اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر