الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دامداماران [8] عبادة النجوم

وديع العبيدي

2017 / 4 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وديع العبيدي
دامداماران [8]
أولا: عبادة النجوم..
[فلا اقسم بمواقع النجوم. انه قسم لو تعلمون عظيم]-(الواقعة 75- 76)

الانسان ابن الطبيعة، والطبيعة هي بيئته التي تتفتح عليها مداركه، والبيئة الطبيعية تشمل [الأرض والماء والهواء والسماء]. هذه الاربعة هي مقومات محيط الانسان الحيوي، التي يولد وينمو ويتفاعل ويتعلم ويكتسب منها ما يرغب وما ينبذ، ومهما تثقف المرء وتحضر، وابتعد عن الطبيعة البكر، استمرت افكاره ومشاعره وعقله الباطن مقترنة بالطبيعة الام.
واذا كان الابتعاد عن الطبيعة/ البيئة المحلية الاولى، من مولدات ما عرفه الفلاسفة وعلماء النفس المعاصرون بالاغتراب والتوحّد، فأن شوق النفس الانسانية وعلاجها من سقم الحضارة وتلوث التكنولوجيا وهراء الصراعات الحديثة، انما هو واحد وحيد، العودة للطبيعة، والتنزه عن التفاهات.
وجود العرب/ الأعراب في محيط شبه جزيرة العرب، المحاط بمراكز المدنية العالمية وميادين الحضارات والفكر والممالك والامبراطوريات القوية، جعلهم على مسافة كافية للمراقبة والتأمل والانتقاء والانتقاد، والمحافظة والاحتفاظ بالنقاء والموقف الذي هم عليه من، الحضارة والمبالغة في اعراض التمدن.
وقد تخذ اهل الجزيرة [الفطرة والاصالة واللقاحية والفصاحة] مفاتيح اساسية، لبناء منظومتهم الاجتماعية والفلسفية. فكانت الطبيعة هي الاصل والاساس في كل قرارات (العربي) ومواقفه وتعاملاته، من جهة. ومنها اشتق، ليس ضوابطه وعاداته الاجتماعية وتقاليده فحسب، وانما منظومته الفكرية والثقافية التي يشكل الدين والعبادات طرفا فيها.
ولكن ثالوث [الدين- الحضارة السياسة] تبلور وازدهر في محيط شبه جزيرة العرب، بين وادي الرافدين ووادي النيل في الحلقة الاولى، وبين الهند والاغريق في الحلقة الثانية، وبين الصين وروما في المستوى الثالث. وكان من حظ باطن العرابيا ان تكون ممرا تجاريا للقوافل البرية والممرات البحرية، بكل ما يترتب على التجارة من اختلاط اجتماعي وتلاقح ثقافي وتنافذ ديني وسياسي.
ولعل هذا الواقع الجغرافي السياسي/ التجاري المفروض من الخارج الاقوى، يبرر نشأة ظاهرة البداوة والاعتصام بالصحراوية وبطون البادية التي تستعصي معيشتها على غير ابنائها. فالبداوة، كما هي لليوم، موقف اجتماعي وفلسفي اساسا، ابتدره الحكماء والحنفاء والرهبان وكبار الناس، قبل ان يلتحق بهم العامة، وتخرج عن اطارها الفكري، او تفقد بهاءها الاساسي، بفعل التوحش والعدوانية .
واذا كان اساس البداوة الحنيفية الزهد والتعفف عن الماديات والمستحضرات والتقرب من السماويات، فقد انتهت بالمتأخرين البداة الى مستنقع المادة والجسد والميكافيلية المجانية، فبدا ان حياة البدوي وعقله لا يشغله غير الطعام والجنس والتسري بالعدوان.

من السماء استقى الانسان دروس حياته ومبادئه الخلقية، ومثالها نظرية المثل لافلاطون [427- 347 ق. م.] التي اعتبرت كل ما على الارض [ظلا وانعكاسا] للأصل والمثال الثابت الكائن في العالم العلوي/ السماوي-[ابراهيم 24؛ الحجر 21]. بينما تلوث ابناء المدنيات في صراعات السياسية والمعيشة، استمر الصحراوي في تاملاته وتطلعاته السماوية. وكانت النجوم والنيازك وتعاقب الليل والنهار ودوران الشمس والقمر، والضوء والظل المنعكس على خط –الزوال- مادة تأملاته وارضية فرضياته واشتقاقاته الذهنية.
البدوي الاصلي، الصحراوي الاصيل هو الذي يعيش بعقله ولا يكاد يخرج من ذهنه – صندوق الرأس الذي فيه العينان-، اكثر من معيشته في الواقع ومعاملات الغريزة والمادة والمعيشة. فتراه يقنع بالبسيط من الطعام والثياب والمظاهر العامة، ولكنه لا يتهاون في قيمه الفكرية ومبادئه الروحية.
وقد انعكست هاته الحالة في ارتباطه باللغة والمنطق والتجريد الفكري، وأولوية كل ذلك على الواقع المادي الذي يصوغه البدوي ويخضعه لمنظوره الفكري وليس العكس. أما عالم الغرب فهو الصورة العكسية من عالم الشرق الصحراوي. الغربي يشتق قوانينه ومبادئه الاخلاقية والاسياسية والاقتصادية من واقع بيئته وحاجات جسده ومستلزمات اجتماعه السياسي المتمثل بفكرة السيادة والهيمنة الامبراطورية.
ولذلك كان المجتمع الغربي ضعيفا اخلاقيا خاويا روحيا، منغمسا حتى الجنون في عبادة الجسد واللذائذ وعقد السيادة المحكومة بفلسفة اللذة –[كتاب المأدبة لافلاطون]-. ومن هنا اعتمد الغرب القرصنة الدولية اساسا لوجوده.
ولم تقتصر القرصنة على المنتجات حضارة الشرق وموارده الطبيعية والبشرية، وانما القرصنة الدينية بالعمومز وكما لا يخفى اشتقاق المثولوجيا الاغريقية واللاتينية من الشرق، فقد عاد واستعار المجوسية واليهودية والمسيحية والهندوسية والاسلام لملء فراغه الروحي من جهة، واتخاذه سيفا ذي حدين من جهة اخرى.
فهو لا يكتفي باستعارة الديانات العالمية التقرب من اهلها وغزو بلادها اقتصاديا وسياسبا وعسكريا كما هي مواطن الجيوش الانكلوميركية وقواعد المارينز في اسيا وأفريقيا والمحيط الهندي والاتلانتك، وانما، يركز في علاقته بتلك الديانات على محورين ديناميكيين يخدمان نزعته التسلطية الدائمة، هما مبدأ الطاعة والخضوع والتبعية – وهو اساس الديانات الشرقية العبودية-، والمبدأ الثاني هو عنصر السيادة والهيمنة.
وإذا كانت الهندوسية والمسيحية تركز على الخضوع والقبول غير المشروط، فأن اليهودية والاسلام بالمقابل تركزان على عنصر السيادة وتفوق الاقلية المختارة على الاغلبية الدهماء، حكاية الشعب المختار وخير امة.
*
(قد نرى تقلب وجهك في السماء..)-(البقرة 144)
(ولقد جعلنا في السماء بروجا وزينة للناظرين)- (الحجر 16)
(ولو فتحنا عليهم بابا من السماء، فظلوا فيه يعرجون)- (الحجر 14)
(لله ما في السموات وما في الارض)- (البقرة 284)
(ويعلم ما في السموات وما في الارض والله على كل شيء قدير) –(ال عمران 29)
(ربنا انك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الارض ولا في السماء)- (ابراهيم 38)
(الله الذي خلق السموات والأرض وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم، وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار)- (ابراهيم 22- 23)
(وأرسلنا الريح لواقح، فأنزلنا من السماء ماء فاسقيناكموه وما انتم بخازنين)- (الحجر 22)
(واذ قال ابراهيم ربّ أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي)- (البقرة 260)
(تولج الليل في النهاروتولج النهار في الليل، وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب)- (ال عمران 27)
(قال ربّ بما اغويتني لأزينن لهم في الارض، ولأغوينهم اجمعين.)- (الحجر 39)

لا تكاد تخلو سورة قرآنية أو نص اسلامي من قرينة سماوية، بالربط مع فكرة – البوصلة الروحية- والدليل الديني في قيادة حياة الفرد. وبقدر ما يشكل ابراهيم شخصية محورية في القرآن، فأن صورة ابراهيم ترتبط بالبحث والتأمل ومراقبة السماويات لاستشفاف طريقه الارضي. وهذا هو اساس حياة الصحراوي ومرشد حركته حسب قراءته لمشهد السماء وظروف الجو.
ان مصدر تصوير شخصية ابراهيم في القرآن ليست التوراة/(تك 11: 26- 25: 11) والاشارات الكتابية اليه بوصفه البطرك الاكبر للامم عند العبرانيين، ورمز الايمان/[امن ابراهيم فحسب ذلك له برا]-(رو4: 3) عند الانجيليين.
وانما تتمازج صورته القرآنية التأملية، بشخصيات دينية اخرى مثل زرادشت الذي اعتزل سبع سنوات على جبل مرتفع ينتظر الحصول على جواب او استنارة حول مغزى الالم في حياة البشر، او شخصية بوذا الذي اعتزل بقية عمره في البرية متأملا تحت شجرة ليجد حلا لعلة (الفقر والجوع) في حياة البشرية. ولقد رأى الله ابراهيم وهو يجيل ناظره في اطراف السماء انه يبحث عنه فاصطفاه خليلا/(البقرة 124، 130)، واختص ذريته بنسل الانبياء ووراثة الارض.
هاته الشخصية الموحدة المتأملة والتي وصفها النص القرآني – حنيفا مسلما-/(ال عمران 67)، هي المثال المشترك الاعلى الذي يقدمه القرآن أسوة للاقتداء/(ال عمران 68) من قبل المؤمنين الذين هم اعلى مرتبة من المسلمين/(الحجرات 14)، كما هي كذلك في التعليم الانجيلي.
هذا الانحياز الروحي الحنيفي هو الأساس في الفكر القرآني الاسلامي قبل ان ينحرف عن موضعه ويستغرق في الماديات الدنيوية التي كان يقرنها بالكفر في اساس عقيدته: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا، ويسخرون من الذين امنوا والذين اتقوا "من/الذي" فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب)-(البقرة 212).
وقد اتضح لذلك فريقان في فقه العبادة، منهم الذي اعتزلوا –مغريات الحياة الدنيا- وفضلوا الزهد والتعفف واخلاص القلب والضمير على خدمة الغريزة وامتاع الجسد. ويعتبر ابو ذر [ت 32 هـ] قطب هذا الاتجاه وما عرض له من اضطهاد على يد الدين السياسي وقصر الجهاد على السيف، بدل القلب والضمير. وفي وقت لاحق سوف يظهر الاعتزال والصوف والعرفانيين الخلص/(ال عمران 17).
*
ويروي القرآن قصة افول النجوم وغياب الشمس ودوران القمر وحركة الابراج، مما يتنافى مع خواص الثبات والخلود المفترضة في الالوهة. وقد نهى ضمنا عن عبادة النجوم والظواهر الطبيعية المعروفة عند الجماعات البدائية أو مرحلة طفولة البشرية.
وليس من المنطق ان اهل العرابيا كانوا بدائيين او جاهلين لهاته الدرجة، سواء من انفسهم، او يحكم جوارهم الحضاري. وقد فسّر البعض تلك الممارسة بسريان معتقدات مجتزأة أو مشوهة، اعتنفتها جماعات محدودة، او دخلت ضمن قناعاتهم الجزئية، ولكن ليس كديانة او عبادة خاصة.
ومن تلك المعتقدات اعتبار النجوم رموزا للملائكة، واعتبار الملائكة – بحسب ميثولوجيات قديمة- تقوم بوظائف ادارة الكون وتنظيم الحية الارضية. والملائكة التي ظهرت في الفكر الكتابي، هي الالهة من الطبقة الثانية والثالثة في الفكر الوثني، تحت امرة الاله الاكبر او الأب، مثل زيوس عند الرومان.
وكان أبولو ابن زيوس وهو اله النور يقود مركبة الشمس يوميا عند الشروق والغروب لكي ينتظم تعاقب الليل والنهار. وكان لكل اله وظيفة كونية او ادارة مظهر من مظاهر الطبيعة كالجحيم والنبات والريح والمطر، اله خاص بادارتها.
هاته الالهة تحولت الى ملائكة سماوية/ هوائية مكلفة بمهمات محددة، كما هو في الفكر الكتابي، من ملائكة جنود، وملائكة تسبيح، وملائكة تحرس شجرة الحياة في سفر التكوين. وفي الميثولوجيا البابلية اكتسبت النجوم والكواكب اهمية خاصة وتقدم علم الفلك وحساب الابراج وسجلات الانواء الجوية وطوالع المواليد والوفيات.
وقد شاع بين البابليين والفرس ان روح الميت البار بعد اكتمال تظهرها – حسب الهندوس والرومان- ترتفع الى السماء وتتحول الى نجم او كوكب او قمر بحسب مكافأته.
وقد اشتهر المجوس والمندائيون بالدرجة الاولى بين خريجي المدرسة البابلية في الفلك والميثولوجيا. وبالدرجة التالية كان العبرانيون – يهود بابل- مما انعكس في عقائدهم وثقافاتهم وتصانيف كتبهم التي تعتمد الرمزية والباطنية. وهو أمر لا يتكشف لغير احبارهم، ولا يعرف به امام الاخرين، فيأخذ العامة بظواهر ما في تلك الكتب وتحويله الى اسس واصول عقيدة في سبيل اقتناء البركة واكتساب الحماية الروحية وأمور الثواب والسعادة التي مازالت حوائج سائدة لدى جمهور الدين الذين وصفهم القرآن بعبارة بلية: (يعبدون الله خوفا او طمعا)-(الانبياء 90). ولولا الطمع والخوف، ما التزم الأغلبية باداء الفروض الدينية ومنح الزكوات والصدقات وطاعة رجال الدين والائتمار بالنواهي والروادع، وكلها امور تتنافى مع جوهر العبادة الروحية الخالصة.
ومن المهم التنويه في هاته التفصيلة، الى ارتباط نظم العبادات الدينية بالظواهر السماوية كالشروق والغروب والزوال ومنتصف الليل في مواقيت الصلوات والتسابيح، ومثله مواعيد الاصوام في اشهر معلومات و-من الى- محددات جوية تعلق بالشروق وحركة القمر او الشمس.
وذلك لقناعات ومعتقدات ان ابواب السماء تنفتح في ساعات معية من الليل او ان وقت محدد من اوقات السنة، بحسب الابراج والطوالع، وان الله ينظر مرة في العام الى عباده في وقت محدد ومن يجده مصليا مسبحا يحظى ببركة وتعمة ومثل ذلك.
فعبادة النجوم والابراج السماوية، لا تقتصر على جماعة معينة او ممارسة معروفة عند جماعة او بلد معين، وانما هي لدى الجميع بما فيهم اتباع الديانات الكتابية. وهنا ينطبق القول: يا من تلاحظ القشة في عين اخيك، لماذا لا تنتبه الى الخشبة في عينك!-(متى 7: 3). فالجميع زاغوا وفسدوا، وأعوزهم مجد الله حسب نص اشعياء ابن اموص. ليس احد افضل من الاخر، يا كل اتباع الديانات المتنافسة والمتحذلقة على بعضهم البعض من قبيل التفاخر والتحاسد وعقدة البر الذاتي"*".

وقد "انقاد العرب لعبادة النجوم لما رأوه من تغير حركة الرياح عند طلوعها وأفولها، وهي ما يدعونه بالانواء. وذلك بعد ان رصدوا حركاتها مدة متطاولة حتى افضى بهم الامر الى ان عزوا اليها قدرة الربوبية، وتوهموا انها تتفضل عليهم بالغيوث التي تعدّ منّة في بلادهم القاحلة، وقد لمح القرآن الى هذا الاعتقاد. وكان للعرب -كما كان لأهل الهند (اذ بين العرب والهنود عظيم مشابهة في المعتقدات)-، سبعة بيوت عبادة شهيرة لـ(الكواكب)- [السيارة السبعة]، احدها (بيت غمدان) الذي بناه الضحاك في صنعاء اليمن، تعظيما لكوكب (الزهرة). وكانت على البيت نبوة منقوشة تقول: غمدان!.. هادمك مقتول!- بحسب زعم الجنابي-. و قد هدمه عثمان ابن عفان [576- 656م]، وعندما اغتيل لاحقا، اعتبر- مقتله- تحقيقا للنبوة. وكانت الكعبة معبدا لزحل/(الشهرستاني).
ويذكر ان [اللات- العزى- الشعرى- مناة- هبل] هي نجوم وكواكب كان يتعبد لها اهل الحجاز، وان عبارة [الله أكبر] اشارة للاله الاب او [رئيس مجمع الالهة] المصفوفة في وايا كعبة مكة. بل أن (أكبر) كان الها يعبد في اشور، انتقلت عبادته او شفاعته، الى الحجاز، وهو ما يتضح في طريقة تلفظ نداء الأذان، حين يتم مدّ صوات الضمة في هاء –الله- لتتحول الى حرف -واو- العطف ليكون المنادى المقصود والمسموع هو [الله و أكبر] وهو بمثابة (تعويذة)/ (رقم) لذلك يؤكد المسلمون على رفع الصوت به. مما يؤكد تغلغل الطقوس الميثولوجية والرموز الباطنية القديمة في صميم ونظم الديانات الكتابية.
والملاحظة الاخرى ان الالهة والمعبودات والمفاهيم الدينية المتداولة بين الثقافت ليست مستقلة عن بعضها، الا في مجال –[اللغة والاسماء]-. فالقاموس الديني هو واحد، والنظام الطقسي متشابه ونابع من اصل مشترك، ولكنه اختلف من بلد الى غيره ومن لغة لسوها.
ومثاله ان العرب كانت تتعبد لأهلين: [ارتلت وأليلات]، وهما اسمان معربان لألهة الروم [باخوس وأورانيا]. وربما كانت (اليلات)هي (اللات). وبالامس كما اليوم، كان الناس يتقربون للالهة بتسمية ابنائهم وفق مسميات دينية، على غرار: [عبد الدار، عبد شمس، عبد اللات، عبد العزى] وبعض هاته في بيت عبد المطلب.
وقد تم تغييب بعض اسماء الاشخاص او التعيتيم عليها مثل (عبد العزى) وهو المكنى اسلاميا (ابو لهب). ومن المعتقد ان (عبداللات) احد اسماء بني عبد المطلب. وظاهرة اخفاء اسماء [ابي طالب، ابي بكر، ابي قحافة] او الابناء (ابن اسحاق) مثلا، لا يخرج عن اطار المسميات الوثنية التي كانت شائعة عند البعض.
كما ان اسماء: نجم، سهيل، اعلى، قمر، شهاب، اسماء، سماء، شمس، هي من الفاظ ودوال الظواهر الجوية. كما ان قسما اخر من اسماء الاشخاص هي مسميات ودوال حيوانات كان بعضها يعبد في جزيرة العرب مثل عمرو وثعلب وكلب وأسد، أو مسميات اصنام واحجار مثل: هاشم، هشام، صفوان.
ومع ان هذه النجوم والكواكب، كانت معبودات للامة عامة، فقد كان لكل قبيلة او قوم واحد تنفرد بعبادته خاص بها. فكانت حمير تعبد (الشمس)، وتميم تعبد (الدبران)، لخم وجذام يعبدان (المشتري)، طيء تعبد (سهيل)، قيس تعبد (الشعرى العبور)، اسد تعبد (عطارد). وعبدت طائفة من تميم "الدَّبرَان" من النجوم، ولهم قصة عن هذه النجوم. ثقيف تعبد (اللات) وكان لهم معبد في (نخلة). و(العزى) كان معبودا في قريش وكنانة. (مناة) معبودة هذيل وخزاعة، وهي من (منى) الوادي المعروف ضمن طقوس الحج المكي.
وفي مجال تشابه او –عولمة- الالهة والطقوس بين العرب والهند كان (اللات) معبودا في الهند وله معبد كبير في مدينة (سومنات). وفي مدينة (باميان) الافغانية كان صنمان كبيران، يقال لهما [مناة واللات]، أو [يغوث ويعوق] عند غيرهم

وقد اشيع ان بين عباد (الشعرى) رجل يقال له (ابو كبشة)، -زعم النسابة انه جد (محمد) من طرف امه-، وكان ابو كبشة يرد قريش عن عبادة الاصنام، ويدعوهم الى عبادة (الشعرى)، فلقبوا [محمدا: ابن ابي كبشة!]- لنهيه عن عبادة الاصنام، وفي القرآن اشارة (للشعرى).]- (جرجس سال: حقائق..)
وكان أشراف العرب يعرفون بـ(النجوم)، واحدهم (نجم). كما وردوا في شعر حسان ابن ثابت [564- 660م]، بوصف الذين يحملون -لواء الحرب-، هم (النجوم). وفي مديح المتنبي [915- 965م] لسيف الدولة [916- 967م] قوله: (كأنك شمس والملوك كواكب).

ـــــــــــــــــــــــ
• ان نص (البقرة 144) الذي يأمر ابراهيم باستقبال -(البيت الحرام)- يمثل بادرة خطيرة بانحطاط العبادة من مراتبها العلوية التي شغل بها ابراهيم بالتأمل السماوي/ الروحي، الى تكريس المظاهر الدنيوية والطقوس الجسدية التي ستتأرجح بين [قبلة اورشليم وكعبة مكة] ذات الدلالة السياسية والعرقية لا غير.
• (الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار)- (ال عمران 17)
• (لا في هذا الجبل ولا في ذاك، انتم تعبدون ما تجهلون. ستأتي ساعة، لا بل هي الان، حين يعبد العابدون الصادقون الأب بالروح والحق، لأن الاب يبتغي مثل هؤلاء العابدين. الله روح، ولابد لعارفبه، من أ يعبدون بالروح والحق!)- (يوحنا 4: 21، 23- 24)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني


.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح




.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل