الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء المدارس أفضل من الجوامع في البلاد المتزمتة

عادل صوما

2017 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تأسست الحدود الحالية لدولة بنغلادش بعد تقسيم البنغال والهند سنة 1947، وأصبحت الإقليم الشرقي لدولة باكستان حديثة التأسيس، وكان يُعرف باسم باكستان الشرقية. كانت الهند تفصل هذا الإقليم عن الشطر الغربي لباكستان الذي كان يُعرف باسم باكستان الغربية. وقد دفع المهاتما غاندي حياته ثمنا لتأسيس باكستان ودعمها من اموال الهند حقنا للدماء بين الهندوس والمسلمين. إغتاله هندوسي رأي في سياسته وتصرفه بأموال الخزينة الهندية عملا خيانيا.
أدى الإهمال الاقتصادي والتمييز السياسي واللغوي إلى ثورة شعبية شرقي باكستان ضد غربها، رغم ان غالبية السكان مسلمين، ما أدى إلى الحرب الأهلية سنة 1971 وانفصال باكستان الشرقية وقيام دولة بنغلادش المستقلة. ورغم ذلك استمرت بها الاضطرابات السياسية والانقلابات العسكرية، ناهيك عن المجاعات والفقر، ثم شهدت البلاد استقرارا نسبيا وتقدما اقتصاديا منذ سنة 1991 عقب عودة النظام الديموقراطي في البلاد.
ورغم الاضطرابات العرقية والمذهبية التي بدأت تستشري في بنغلادش، بين غوغاء مسلمين لم يقرأ واحد منهم تاريخ دينه، وسمعوا فقط شيوخهم يقولون كذا وكذا، وافقت الدولة على مشروع لبناء مئات المساجد بتمويل سعودى تبلغ قيمته نحو مليار دولار، ما أثار قلق الأثنيات المختلفة التى تخشى أن يؤدى ذلك إلى انتشار الاسلام الوهابي المتشدد، وما يتبعه من مدارس مثل "القاعدة" و"داعش". وهي حقيقة ثابتة رغم محاربة المملكة للإرهاب الذي تخشى خطره على نظام حكمها ليس إلاّ.
سيكولوجية التزمت
مرض إنفصام الشخصية يصاب المتطرفون به دائما، وتزداد شراسته بين الفئة الدينية منهم، لأن المتزمت يخالف قاعدة طبيعية وإنسانية هي وجود الاختلاف، الذي يرفضه المتزمت الديني تماما لأن الله إختاره هو تحديدا ليؤمن به ويدخل الجنة ويقتل الكافرين لإعلاء كلمة الله على الارض الخراب وأشلاء الضحايا الجاهلين بحكمة الله الخالق الرحيم العليم غير المُدركَة من هذه الأهوال.
المرض واضح في بنغلادش التي أعلن احد المسؤولين فيها أن الحكومة تخطط لبناء 560 مسجدا بمعدل واحد فى كل بلدة، فى ظل مساعى تودد "الإدارة العلمانية" في البلاد إلى "الجماعات الإسلامية" قبل الانتخابات، وأن رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد حصلت على التمويل السعودى خلال زيارتها إلى المملكة العام الماضى. المساجد ستجهز بمرافق للبحث في علوم القرآن ومكتبات ومراكز دينية، وستكون "نموذجا" للمساجد الاخرى فى البلد، الذى تدين غالبية سكانه بالاسلام، لتعريف الناس بالاسلام.
هذه المساجد ستُبنى ليتعرف المسلمون على الاسلام، و"نشر المعرفة الحقيقية بالإسلام". نشر "الحقيقة" لم تهضمه الأثنيات التي تخشى من تحوّل المساجد الممولة سعودياً إلى مراكز لنشر الكراهية والتنديد بالدولة التي تأوي الجميع، تماما كما يحدث في دول كثيرة علمانية وغير علمانية في العالم، بينما تشهد بنغلادش تزايدا فى التطرف فى السنوات الاخيرة والميل نحو السلفية الإسلامية بعد أن كانت الوسطية تسود فى البلاد لعقود.
السلفية والتزمت التي تحارب التيارات الاسلامية الاخرى وقتلت فرهاد حسين تشودري، أحد زعماء التيارات الصوفية ومرافقه حين أطلق متزمتون عليهما الرصاص وتشفوا من كفرهما بتمزيق جسديهما بالرصاص في منزل تشودري بمنطقة ديناجبور الشمالية .
نهجان مختلفان
تولت مصر منذ عصر محمد علي حتى سنة 1967 نشر تعاليم الدين الاسلامي في دول آسيا ببعثات أزهرية كانت تُعلم في المدارس المحلية. لم تبن مدارس خاصة بها، ولم يُلاحظ في تلك الفترة صعود أي تيارات عنيفة، لكن في السبعينات بدات الامور تتغير ونشطت السعودية في المجال نفسه وبدأت التيارات العنيفة في الظهور، خصوصا بعد دخول الاتحاد السوفياتي إلى أفغانستان وتولي استخبارات الغرب قتاله بتدريب وتفعيل وحماية وتنمية السكان المتشددين الذين أطلقوا عليهم "المقاتلون من أجل الحرية"، الذين إنقلبوا على حلفائهم "الكفار" في نهاية المطاف، وإنتشرت منهم خلايا سرطانية بدأت تنهش دول العالم.
تُعد دولة بنغلاديش الدولة السابعة في العالم من حيث التعداد السكاني، وتدخل أيضًا ضمن الدول شديدة الكثافة السكانية التي ترتفع بها معدلات الفقر والامية ونسبة العاطلين عن العمل، إضافة إلى التيارات السلفية غير المنتجة، والعنيفة التي تنشر سموم أفكارها في مستنقع الجهلة وتجند الصعاليك والموتورين والعاطلين عن العمل، وكان الاجدى لمستقبل بنغلادش في عالم يتطور كل يوم الاتفاق مع المملكة لبناء 560 مدرسة حديثة مجهزة بأفضل الوسائل لنشر "المعرفة الحقيقية بالعصر" وكيفية التفاعل مع الآخر. هذه المدارس لن يتخرج فيها أيمن ظواهري آخر أو خليفة مثل أبو بكر بغدادي.
التلقين المُرعب
تحولت معظم مساجد العالم من نشر الايمان إلى حشد الشارع ضد الانظمة، بالتخويف من بطش الله لمن لا يطيعه (يطيع صاحب السلطة في الواقع) والترهيب بناره. تلقين مرعب جعل الناس بعد عقود من إنتشاره يميلون إلى الخضوع التام للمستفيدين من الاسلام سياسيا بدون أدنى تفكير في ما يقال، ما جعل على سبيل المثال داعشيا يقول لإيزيدية مسكينة قتلوا زوجها واولادها امام عينيها ووهبوها له ليغتصبها، إنه يفعل بها ما يفعله تقربا إلى الله، وجعل جيهان صفوت زوجة الرئيس السادات تقبل من محمد مرسي المتخرج في المدرسة التي إغتالت زوجها امام عينيها شهادة تقدير للسادات. والأدهى ان السيدة التي كانت عناصر المدرسة نفسها تقول عنها في بيوت الله على منابر الجمعة انها "سيئة مصر الاولى"، صرحت بعد ذلك ان السادات لم يُكرم في عهد حسني مبارك كما كُرم في عهد محمد مرسي.
بشكل عام لم يخرج من المتطرفين في الادبيات الابراهيمية كافة أي مخترع أو مصلح اجتماعي أو قائد أعاد بناء امته على اسس علمية لا غيبية، وكل المتنورين الذين خرجوا من هذه الادبيات كانوا دائما بعيدين عن تأثير غيبياتها غير المقبولة لأي صاحب عقل غير مُغيّب. كانوا علمانيين غير مبالين بما وراء القبر ومشاريع الله لنشر الايمان به بالدم والموت واستباحة ما يملكه الآخر واغتصاب نساءه والتهديد بنار لا تُطفىء، بل بالحياة والبشر بدون تمييز وتحسين وسائل العيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24