الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروعية الإغتيال السياسي

راغب الركابي

2017 / 5 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في موضوعة - الإغتيال السياسي - التي يمارسها بعض أحزاب الإسلام السياسي ، و يتكأ القائلين بها على قصة إغتيال - كعب بن الأشرف - تلك القصة المثيرة للجدل والإشمئزاز والكذب والمراوغة ، والتي توحي الرواية ويكأن النبي محمد هو من أمر وخطط ودبر هذه القصة ، وأذن لجماعة من الناس ان تغتال من هو مخالف له في الفكر والتوجه ، ووجه الغرابة عندي إن هذا سلوكاً ديماغوجياً أحمقاً ومخالفاً لنصوص القرآن الواضحة ، والأصل الذي أحتمي به : - أن النبي يجب أن يكون أكثر الناس تمسكاً بهذه النصوص وممارستها - ، ففي سورة البقرة نقرأ القول التالي : - ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) - ، فالنص إنما يتحدث عن متلازمة في الفعل ورد الفعل ، والكلام فيه عن الإعتداء أو التعدي وهي صفة مضافة ، وليست صفة متعدية فهي متعلقة بطبيعة الإعتداء ، وليس هناك تفويضاً إلهياً يسمح بمتابعة المتعدي والغدر به وقتله غيلة ، هذا الأمر منهي عنه لأنه يجعل من الفعل ليس من سنخ العمل ، لهذا حدد النص للنبي ولمن معه من الجماعة المؤمنة أن لا تندفع في جزاء الفعل وتزيد بما ليس مطلوباً ، ثم إننا حين نقول ذلك نقوله من وحي معرفتنا بالنبي الذي لا يمكنه القيام بأية فعل يكون مخالفاً لنصوص كتاب الله ، وإذا كان هذا ظننا برسول الله إذن فكيف نقرأ ذلك الخبر الذي ورد في البخاري برواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري ؟ ، والذي يقول صراحةً إن النبي أمر وأقر مبدأ الإغتيال عبر الإذن والسماح لمحمد بن مسلمة بذلك كما في القول التالي : - - [ فقال : يا رسول الله أتحب أن أقتله ؟ وهو يعني كعب بن الأشرف ، قال : نعم فائذن لي ] ، إلى أخر الخبر .."
هذا الخبر وبصيغته وبسرديته يظهر لنا كيفية التآمر وطريقته ؟ ويظهر لنا كيف أن النبي محمد أجاز ذلك ؟!!!! ، صحيح أن هذا الخبر رواه البخاري في : كتاب المغازي ، باب قتل كعب بن الأشرف ، ورواه مسلم في كتاب الجهاد والسير باب قتل كعب بن الأشرف ، ورواه أبن أسحاق في سيرته ، وهو مروي لدى أكثر كتاب التاريخ والسير ، ولكن لهذا الخبر من الخطورة بمكان بحيث تجد فيه صورة التعدي والخيانة والتآمر واضحة وجلية ، وهذا يخالف ما نعلمه عن النبي ولهذا ولأول وهلة لا يمكن قبول هذا الخبر لا من جهة الدلالة والمضمون ولا من جهة رواة الخبر وأسانيده ، وبكلمة أدق : نجد إن هذا الخبر مغرض وله أهداف سيئة ، ذلك لأنه يشوه في مُخيلتنا وفي قلوبنا صورة النبي الجميلة ، إذ لا يمكننا أن نتصور أن يكون القرآن يدعوا لشيء ويقوم النبي بفعل مغايراً له ، فحين ينهى الله عن الخيانة وعن التآمر ويصف ذلك الفعل بغير المحبوب عند الله ، فيقيناً إن النبي لا يفعل ما يخالف ذلك الأمر ، قال : - ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) - الأنفال 58 ، ومفهوم - أنبذ إليهم - ينسجم مع معنى ناجزهم بالحرب هذا على رأي الطبري ، أعني لا تتم المناجزة بالغدر ولا بالتآمر ، ويعني ذلك إن القرآن إنما تبنى فكرة إحترام الآخر الآخر المختلف ، ولا يجوز بحال إتباع الهوى والمزاج في الكيد والثار منه بطريقة توحي بالغدر والخيانة ، والنص في صيغته المتقدمة لا يتحدث عن زمان ما أو مكان ما ، إنما يتحدث عن مطلق العلاقة بالغير في كل زمان وكل مكان ، جاعلاً وداعياً إلى حل المشكلات بالطرق الواضحة الغير ملتوية ، والمُخالف أو المروج للإشاعات أو المُتحامل ، لا يجب حجب صوته وحجب مخالفته بالإغتيال بحجة القضاء على الفتنة كما يزعمون ولا بتبرير قوله - إن الفتنة أشد من القتل – في تبرير دعائي و بدائي ، ذلك إن هناك ثمة قواعد يجب أن تحكم العمل ضد المخالف والمختلف ، إن لم يكن يحمل السلاح ولا يظلم الناس ولا يتعدى على القانون والنظام ، ومادامه في خلافه يستخدم الكلمة والرأي ، وفي هذه الحالة هناك يأتي الحوار والجدل بالحسنى بحسب مضمون النص الذي يتحدث عن جادلهم بالتي هي أحسن ، هذا عن المخالف بل عن العدو ، ولم يقل لك أن تغتاله أو أن تشوه صورته وتبث حوله الأكاذيب والدعايات التافهه ، لم يقل الله ذلك ولم يفعله النبي ولا الرسول ، إذن من أين وفدت هذه السيئة إلى تراث المسلمين المليء والممتلء ؟ بحسب القرائن والدلالات وبحسب ما نؤمن به ، فإن سيرة النبي وسنة الرسول فيها الكثير من التزييف والغش والخداع والكذب ، وقد تسلل هذا بفعل فاعل أراد تشويه تلك الصورة الجميلة التي يبثها الكتاب المجيد ، عن الإنسان وكيف يجب أن يتعامل مع الغير ؟ وكيف يجب أن يحل مشاكله معه ؟ ، لكن في ظل هذا التشويه ، هناك ثمة تاريخ صحيح يقترب من النصوص القرآنية ، وذلك وجدناه في الرواية التي تقول : - [ إن شريك بن الأعور دعا مسلم بن عقيل لقتل عبيد الله بن زياد حال عيادته له وزيارته له ] - فكان رد مسلم بن عقيل بالنفي قائلاً - ( نهى النبي عن القتل غيلة ً ) - ما يهمني هو مضمون الرد الذي يوحي إنه منسجم تماماً مع نصوص الكتاب ، ولو نظرنا إليه بحيادية قياساً لخبر البخاري ، فإننا سنجد إن مسلم بن عقيل أكمل رتبةً من النبي ، وهذا ما لا نقبله ولا نقول به ، ولكن هذا هو الظاهر من سياق الكلام ، نعم إن هذه الرواية تناقض ماورد في البخاري وغيره من كتب التراث ، وفي هذه المسالة و مع تطبيق القواعد في مثل تلك الحالات فيجب ترجيح قول مسلم بن عقيل على خبر البخاري ، لأنه قولا منسجما مع كتاب الله ، وإن كنت من جانب أشك إن هناك رجلاً يُدعى - شريك بن الأعور - ، وشكي هذا ينطلق من إعتبارية تقول في الإضطراب بما يوصف به الرجل ، فتارة يقولون عنه إنه كان من أصحاب الإمام عليا ، وأخرى يقولون عنه إنه كان من أصحاب عبيد الله بن زياد ، وحبان لا يجتمعان في قلب واحد ، أعني إن هذا لا ينسجم مع ذاك لا من جهة العمر ولا من جهة الفكر ولا من جهة القناعات ، وعلى كل حال فما يفيدنا هنا هو رد مسلم بن عقيل المنطقي ، وتهافت قول البخاري ، والضابط في هذا التهافت هو نصوص القرآن التي يجب أن تعرض عليها الأخبار للتأكد من صحتها وصلاحيتها ، وهناك ثمة شيء أود التنوية إليه هو عدم مشروعية الإغتيال السياسي تحت أية ذريعة وعنوان ، ومن باب أولى نفي ذلك الفعل أو نسبته إلى النبي أو إلى الرسول ، لمخالفته
للطبيعة والعقل والكتاب ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن


.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي