الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-حتى لا تفقد الأمة روحها !-

أحمد عصيد

2017 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


هكذا تحدث الزعماء السياسيون الفرنسيون، ضدّ صعود اليمين المتطرف، كانوا صفا واحدا ضدّ الفاشية ومن أجل الوطن، حتى لا تفقد الأمة الفرنسية روحها التي تم إرساؤها ـ بتضحيات جسيمة ـ على قيم الحرية والمساواة والأخوة.
يحدث هذا في شمال المتوسط، ولا يعتبر التكتل ضدّ حزب سياسي غير ديمقراطي أمرا مضادا للديمقراطية، كما لا يعتبر حزب اليمين المتطرف حزبا ديمقراطيا فقط لأنه يقبل بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وبالمشاركة في الانتخابات، بل ينظر الناس إلى الحزب من حيث مشروعه المجتمعي وخطابه وأهدافه، لأنها هي التي تحدّد إن كان فعلا حزبا ديمقراطيا أم لا. إذ يمكن لحزب ما أن يكتسح الانتخابات دون أن يعتبر حزبا ديمقراطيا كما هو الشأن بالنسبة للحزب النازي في ألمانيا أو الحزب الفاشي في إيطاليا في منتصف القرن العشرين، أو حزب أردوغان في تركيا حاليا.
في جنوب المتوسط وشرقه، تمثل الأحزاب الإسلامية اليمين المتطرف لمجتمعات شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إنها تحمل نفس خصائصه العامة، وتسعى مثله تماما إلى استغلال صناديق الاقتراع لإدخال البلد في مسلسل العد العكسي التنازلي عن الديمقراطية، التي هي قبل كل شيء قيم الحرية والمساواة والعدل على أساس المواطنة الجامعة، كما يلتقي اليمين المتطرف الإسلامي واليمين المتطرف في أوروبا في كراهية الأجانب وكراهية الاختلاف والرغبة في التنميط، الأوائل على أساس عرقي والأواخر من منطلق عقدي ديني.
لكن خلافا لشمال المتوسط، لا نلمس تكتلا حزبيا مناهضا للفاشية الدينية في بلدنا المغرب، بل إننا يمكن أن نجد حزبا يساريا ناضل طوال تاريخه ضدّ "الرجعية" يسعى جاهدا لعرض خدماته على الحزب الإسلامي في الحكومة، وليس لهذا معنى آخر غير أن الديمقراطية في بلدنا في غاية الهشاشة، ما دامت لا تتوفر على التكتل الحزبي الذي باستطاعته حمايتها من الإيديولوجيات الهدامة.
طبعا في غياب التكتل الحزبي الشبيه بتكتل الأحزاب الفرنسية ضدّ حزب الجبهة الوطنية، اضطر النظام السياسي المغربي إلى استعمال آليات غير ديمقراطية ـ ولو كانت دستورية ـ لحماية الدولة من غلو الإسلاميين، وهو ما جعل هؤلاء يعتبرون أنفسهم في موقع الضحية، في الوقت الذي كانوا يسعون فيه إلى جعل الجميع ضحايا لهم.
يطرح علينا ما يجري سؤالا جوهريا: كيف يمكن توفير الآليات الديمقراطية الضرورية لحماية المكتسبات الديمقراطية ببلادنا من الإيديولوجيات الشمولية، والتي أصبحت مصدر تهديد لاستقرار بلدنا وتطوره ؟
يبدو أنه لا يوجد حلّ آخر غير تشكيل جبهة ديمقراطية متراصة، تستطيع بقواها الحية والفاعلة أن تعمل في الوقت المناسب على وقف أي زحف للتطرف أيا كان مذهبه وعقيدته. وسيكون على هذه الجبهة أن تمتد من النخب السياسية إلى المدنية، وأن تخترق مختلف فئات المجتمع، ويربط بينها خيط رفيع هو الدفاع عن القيم التي تسمح بالانتقال من الوضع الحالي إلى الترسيخ الديمقراطي المأمول.
لقد رأينا في مصر كيف خرجت الملايين إلى الشارع لتسقط حكم الإخوان، بعد أن تفطن الناس إلى مآربهم، كما رأينا كيف حدث نفس الشيء في تونس وأدى إلى إسقاط حكومة النهضة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية. لكن التجربتين معها لم تفضيا رغم ذلك إلى الترسيخ الديمقراطي المطلوب في البلدين معا، حيث عاد الجيش إلى الاستيلاء على الحكم في مصر، وعاد أعوان النظام السابق إلى كراسي الترأس والتدبير في تونس. وهو ليس بالحلّ الذي تبتغيه القوى الديمقراطية، لكنها على ما يبدو فضلت "ديمقراطية أخف الضررين" كما أسميناها، على حكم الإخوان الذي يقوم بتدمير بنيات الوعي الديمقراطي وقيمه في المجتمع، كما يقوم بتخريب المؤسسات الحديثة لتيسير استعادة الدولة الدينية، مما يؤدي رأسا إلى الزج بالبلد في أتون الحروب والفتن.
كل هذا يدل على مقدار الحاجة إلى التعاقد الاجتماعي الحاسم الذي يحمي الجميع من الجميع، كما يوفر الضمانات الضرورية لعدم العودة إلى الوراء، ويمكن من تشكيل التكتل الديمقراطي المطلوب لحماية مسلسل الانتقال نحو الديمقراطية، وتحصينه من الإيديولوجيات الهدامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التغيير مطلوب
على سالم ( 2017 / 5 / 3 - 02:12 )
حقيقه انا لااحب النظام الملكى فى المغرب او اى بلد عربى خصوصا السعوديه المجرمه الفاسده , هذا نظام ظالم ومجرم وسارق وعربيد, لن تستطيع المغرب ان ترى النور والديمقراطيه والعدل والمساواه تحت ظل هذا النظام العفن المستبد , المغرب يحتاج الى ثوره عارمه لكى يسقط هذا النظام الغير شرعى وتتحرر العقول من الخوف ومن عباده الملك وتقبيل يده النجسه, بعد ذلك تأتى الخطوات التصحيحيه من ارساء الديمقراطيه والحريه وفضح حزب الاخوان الارهابى والتخلص منه ومن شروره


2 - مقارنة غير صحيحة
nasha ( 2017 / 5 / 3 - 06:43 )
اليمين الفرنسي رد فعل سياسي بحت لمقاومة تجريف القيم الوطنية الاصلية وقطع الطريق على من يستغل الديمقراطية لهدم الديمقراطية نفسها والحيلولة دون خطف الوطن بالتغيير الديموغرافي.
اما اليمين الاسلامي فهو حركة فاشية عنصرية توسعية دينية لا تقيم وزن للقيم الوطنية ولا تؤمن بالديمقراطية وتستغل الديمقرطية لفرض نفسها بطريقة تبدو شرعية .
تحياتي


3 - الفارق كما هو
محمد البدري ( 2017 / 5 / 3 - 07:20 )
انتهي الحال بالمغرب بل والجزائر والشمال الافريقي كله بقبول العروبة والاسلام وهما وافدين اليهما من شرق البحر الاحمر اي من قارة أخري. وهو ذاته حال فرنسا عندا وفدت اليها المسيحية وهي ايضا من شرق البحر الابيض والاحمر معا. الفارق بينهما هو رفض المسيحية وعزلها عن السياسة والحكم وقيام العلمانية بديلا أما في المغرب وشمال افريقيا فلازال العقل متمسك بالتخلف والجاهلية اي بالعروبة والاسلام. ولازال الحاكم يقبل تقبيل الايادي وبناء اعلي مئذنة او اكبر جامع - حسب معلوماتي المتواضعة - في بلد لا حاجة لشعبه لمثل هذا الدجل والكذب الاتي اليه من مملكة الشر السعودية. تحياتي


4 - نشرت تعليقا وحذف حتى دون الاشارة اليه
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 3 - 14:15 )

المرجو اعادة نشره


5 - نشرت تعليقا وحذف حتى دون الاشارة اليه
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 3 - 14:18 )

المرجو اعادة نشره


6 - الأرواح جنود مجندة
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 3 - 18:15 )

في الحديث الشريف

الأرواح جنود مجندة
ماتعارف منها ائتلف
وماتناكر منها اختلف

الأمة ليست على روح واحدة - لاتتفق أمتي على ضلال
روح المسلم المؤمن ليست هي روح الجاحد المعتد بعقله
روح جل الناس مع الهوية الاسلامية لذلك ترى مظاهر التدين في كل شيئ بل في الاختيار السياسي بدلالة نجاح أهل الله مرتين بثقة المصوتين وذلك رائز ديمقراطي ومقياس لايدفع
ج8 وهو ثمانية أحزاب لمحاصرة العدالة والتنمية فدحرهم في الانتخابات السابقة ثم ظهر حزب الأصالة والمعاصرة فتفوق عليه ثم ظهر الأحرار مع توابعه وتجاوزهم واستطاعوا النيل من زعيم الحزب لكن لم يستطيعوا تجاوز الحزب نفسه
مايقترحه الأستاذ عصيد سبق في جمعية لكل الديمقراطيين وفشلت حتى العلمانيين والحداثيين
واليساريين يستحيل أن يتفقوا والتجارب العربية عبر التاريخ تبين ذلك بأسهم بينهم شديد
التجربة المصرية نجحت في الانقلاب على الشرعية وهاهي في عنق الزجاجة وعلى صفيح ساخن وينتظر قريبا سقوطها وكذلك التجربة التونسية حيث تعرضت حركة النهضة لتهمة المسؤلية عن الارهاب والتواطئ معه وضحت بمركزها لكن حزب فلول بنعلي انقسم وصار في المركز 2 بعد النهضة اما تجربة اردوغان فهي ناجحة

اخر الافلام

.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |


.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي




.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة


.. الشرطة تعتقل طالبا مقعدا في المظاهرات الداعمة لفلسطين في جام




.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال