الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريح مدهش لشيخ الازهر

محمود يوسف بكير

2017 / 5 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أيام قليلة أنهى البابا فرانسيس بابا الفاتيكان زيارته لمصر وأثناء الزيارة صرح دكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بما معناه أن الإسلام يحترم حرية الاعتقاد وإنه لا يمكن إجبار اي إنسان على اتباع ملة معينة.
وشيخ الأزهر بهذا التصريح يخالف صحيح الإسلام وماتواضع عليه علماؤه بأن من يرتد في الإسلام يستتاب أولا ثم يقتل بأن يدق عنقه إذا ما صمم على الارتداد.
وخطورة تصريح شيخ الأزهر تتمثل في إنها تنسف مفهوم وكل احكام الارتداد في الإسلام، فهل يعني شيخ الأزهر بالفعل مايقوله؟
نحن العلمانيون نرحب بالطبع بتصريح الشيخ لإننا ضد التدخل في المعتقدات الخاصة بالناس أيا كانت. وقد قلنا في مقالات سابقة لنا أننا بتخويف وإجبار الناس على البقاء في أي دين لا نزيد في الحقيقة عدد المؤمنين بهذا الدين، بل أننا نزيد عدد المنافقين، لأن هؤلاء بحكم الخوف من الموت أو العقاب لن يظهروا أبدا مايبطنون، فهل هذا هو ما يريده بالفعل رجال الدين؟
هناك آيات صريحة في القرآن تدعو إلى حرية الاعتقاد مثل " لا إجبار في الدين قد تبين الرشد من الغي" وهناك آيات موجهة للنبي يقول فيها الله " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين "
وهي آية قوية وتحمل توبيخا للنبي لمحاولته إجبار بعض الناس على البقاء في الإسلام. وحتى نكون منصفين فإن الآيات السابقة يمكن أن تفسر أيضًا على أنها تحرم إجبار غير المسلمين تحت حد السيف على اعتناق الإسلام. والمهم هو أن الاجبار كمبدأ غير منطقي وغير مستحب في الإسلام حسب هذه الآيات.
ونعتقد أن شيخ الازهر وهو يطلق تصريحه هذا -ربما لإبهار بابا الفاتيكان-استند إلى المنطق وليس إلى الموروث الديني البائس. ولأن شيخنا مكث في باريس لبعض الوقت أثناء دراسته العليا فأن شيئا من التنوير الفرنسي لابد ان أصاب عقله وأثر في تفكيره.
وهنا نود أن نطرح قضية هامة وهي طريقة اشتغال العقل الديني وأنه ليس كل العقل كما نتصور، وقد سبق أن مس المفكر الكبير الراحل محمد أركون هذه المسألة عندما قال ما معناه إن للعقل صيغ كثيرة وأن العقل الديني ليس إلا أحد هذه الصيغ. وقد فهمت من كلام أركون أنه يعني أن العقل الديني ليس إلا قسما من منظومة العقل الكلي لدى الإنسان وأنه ليس كل العقل.
ولا أعرف ما إذا كنت دقيقا في تفسير كلام المفكر الكبير ولكنني لاحظت من خلال ترحالي حول العالم أن المتدينين بمختلف ألوانهم ليسوا دائما غير عقلانيين كما يتصور الكثير من العلمانيين. فلي أصدقاء متدينون من مختلف الملل والجنسيات يمارسون عملهم الأكاديمي والمهني في الاقتصاد والطب والهندسة وخلافه بتمكن وحرفية عالية، ولكن عندما يبدأ بيننا أي حوار ديني فإن المكون المنطقي في عقلهم يتوقف عن العمل ويطغى قسم العقل الديني على قسم العقل المنطقي والعلمي وعندها يتقلص هذا الأكاديمي أو الطبيب أو المهندس إلى مجرد إنسان بسيط يردد أفكار بالية وغير منطقية مثله مثل أي إنسان لم ينل حظه من التعليم.
والسبب بالطبع هو الخوف لأنه يشعر وكأنك تدفع به إلى خارج منطقة الأمان داخل عقله "comfort zone “ .واشعر بالفعل أن محدثي غير مرتاح ولا يرغب في استكمال الحديث في هذا الموضوع الديني ويرغب في العودة السريعة إلى حوارنا العلمي أو أي حوار آخر حيث يستطيع أن يتكلم فيه بحرية وعقلانية دون خوف من العواقب.
وقد أثبتت دراسات العقل الديني أنه يعمل بشكل مختلف تماما عن العقل العلمي من حيث أنه عقل غير ناقد أو محلل. ومن ثم فإنه يتلقى كل المعارف الدينية جاهزة ومعلبة ويحرم عليه أعمال العقل بها. إنه عقل ناقل وتابع وليس عقلا مستقلا أو ممحصا. وعكس هذا تماما يقوم العقل العلمي على النقد والتجريب والرغبة في التطوير والإبداع ويمكن تلخيص الفارق بين العقلين في الحديث المشهور في الاسلام " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار "
إنه عقل يبحث عن السلامة الشخصية ولا مكان فيه للإبداع.
والمهم في هذا ان العقل الديني ليس هو كل العقل وإنه غير أبدي وفي هذا قال محمد أركون في كتابه " نحو تقييم واستلهام جديدين للفكر الإسلامي" قال إن العقل الإسلامي عقل تاريخي يمكن أن يتطور بتغيرات البيئات الثقافية والايدويولوجية والمجتمعية.
وهذا ما حدث بالضبط على ما نعتقد مع شيخ الأزهر عندما ذهب إلى باريس حيث لم يلغي عقله الديني عقله المنطقي بالكامل ولذلك أطلق تصريحه المنطقي والحضاري رغم كل المحاذير وركام إرث ديني ثقيل تركه المفسرون القدماء منذ مئات السنين إكتسب خلالها نوعا من القداسة بحكم الزمن والقدم ليس إلا. إنه قبل كل شيء كلام بشر، وفي هذا قال أحد المفكرين عن هؤلاء المفسرين "كانوا رجالا نحن رجال ". بمعنى إننا أيضا قادرون على تفسير القرآن والأحاديث بما يتوافق مع عقولنا وظروف عصرنا خاصة وأن الغالبية العظمى من آيات القرأن آيات متشابهات وليست محكمات، بمعنى انها تحمل أكثر من معنى وتفسير ولذلك فإن المفسرين القدماء أنفسهم كانت لهم تفسيرات مختلفة ومتعارضة.
والسؤال هل يستطيع شيخ الأزهر أن يسهب في معنى تصريحه وهل هو بالفعل يعني ما يقول؟ وما هو رأيه في منطق الردة وأحكامه؟
المدهش أن تصريح شيخ الأزهر مر بهدوء غريب رغم أهميته، ربما ﻷن صاحبه هو رئيس أعلى سلطة دينية في مصر وهي نفس السلطة التي تتبع كل من يخالفها الرأي. ماذا لو آن د. نصر حامد أبوزيد هو من أطلق هذا التصريح؟ وهو الاستاذ الذي أتهمه الأزهر بالارتداد وفرق بينه وبين زوجته فما كان منهما إلا الفرار لهولندا.
الخلاصة أن النصر سيكون في النهاية للعلم والمنطق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الردة والانشقاق
ابراهيم الثلجي ( 2017 / 5 / 4 - 22:08 )
ساعلق بنقاط للاختصار
اولا في التشريع لك حق الاختيار ان تعتنق الاسلام او تدفع الجزية لتنخرط في المجتمع المتعايش الواحد في البلاد التي يفتحها الاسلام، والفتج بما يعنيه من قتال وسيف لبسط النفوذ وسيطرة دولة
جديدة على الجغرافيا الا ان الاعتقاد بقي حرا والدليل تشريع الجزية وهي معادلة لما يدفعه المسلم من زكاة، يعني في الحالتين الدفع نفسه كي لا ياتينا مغفل ويقول هذه اتاوة بل مساهمة لمجتمع التعايش المتساوي في الحقوق والواجبات
اما الردة التي تستعمل فيها القوة هي الردة الجماعية لانها تدخل ضمن نظرية المؤامرة او ما يسمى سياسيا الانشقاق والانفصال الذي يقمع بالقوة مثل الحرب التي شنها لونكولن ضد الانفصاليين الجنوبيين ومثل الحرب الانجليزية الطاحنة ضد الانقصاليين الايرلنديين واهل اقليم الباسك وتلك الحروب مشرعنة دوليا ضد الفعل الانفصالي، ولم يكن حادث واحد لقتل مرتد قبل حروب الردة،ولكن التاريخ الحديث يشهد بالتطهير العرقي اللانساني للمنشقين في اسمى الديمقراطيات الحديثة
اقضية ردة المسلم تعني انتقاله لمعسكر نقيض واصطف مع الاعداء
واستتابته تعني فحص صدق ميوله الفكرية التي لا تسمو على الاسلام باي شكل


2 - لكم دينكم ولى دين
وليد عطعوط ( 2017 / 5 / 5 - 01:57 )
حرية الاعتقاد لمن ينتهج نهج غير الاسلام وارده ولا دخل للاسلام والمسلمين بها كل ما على المسلم الدعوة الى الله لاتباع دين الحق دون اكراه
اما احكام التشريع الاسلامى لمن دخل الاسلام او لمن كان مسلما فلها احكام تختلف عن اى ملة او اى دين مبتدع فكل انسان حر فى معتقده
ولكن للاسلام شرعه فمن ارتضى الاسلام دينا ودخل فيه فله احكام تخصه ان فكر فى الخروج منه
ورحمة الاسلام وعدله انه يأتى بمن اراد الردة للاستتابة وتذكيره بكل شروط العقيدة والشرع الاسلامى فان تاب وعاد فاهلا به وان اكد ردته يقتل كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه
فشيخ الازهر قال على حرية الاعتقاد لمن هو خارج دين الاسلام والله اعلم


3 - مع الاحترام
ابراهيم الثلجي ( 2017 / 5 / 5 - 07:46 )
سيد يوسف بما انك وضعت كلمات الايات بين اقواس اقتضى التنويه للنص الاصلي بالرغم من
انني افهم ما تريد قوله والهدف التنوية وليس اصطياد اخطاء نقل
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ-;- قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ-;- فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ-;- لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ-;- وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
مقابل لا (إجبار) في الدين قد تبين الرشد من الغي-
اما عن التوبيخ فلا يوجد اي توبيخ وانما ينفعل الانبياء مع مهمتهم والانفعال بمثابة شعور عاطفي فيتدخل ويستدرك عليهم صاحب الرسالة والنص للالتزام بما انزل عليه تماما دون ان يحدث او يجدد
حاول عدل او حدث على اي ويندوز عندك من برمجة ميكروسوفت فهل تستطيع؟؟ فنيا او قانونيا؟
مؤلف قصة عادية يكتب لك حقوق الطبع محفوظة؟
التحديث والابداع هو منج جديد باسم صاحبه وهذا ما حصل مع الكتب السابقة من تحريف وتبديل
يخلط الناس احيانا بين التشريع لاصول السلوك وبين تشريعات الاداء المعملي بضوء النهار
اخترع وجدد وحدث فهذا شغلك كانسان وهذه من اهداف الخلق والحياة وضمن اصول ثابتة تمنع التصادم وهو موعظة الله القران


4 - هذا هو امام الدعاة
محمد البدري ( 2017 / 5 / 5 - 10:11 )
https://www.youtube.com/watch?v=hEtaa-k937M
هذا هو الذي جعلته الدولة الفاشلة اماما للدعاة. القتل في عرف هذا الاداعية الاسلامي امر واجب حتي علي المسلم لو فعل شيئا لا يرضي هو عنه فما بالنا ومن يكفر بالدين امثالي انا


5 - التقيه
على سالم ( 2017 / 5 / 5 - 15:49 )
الاستاذ محمود بكير , قبل كل شئ اود ان اوضح ان شيخ الازهر لم ولن يتأثر بالحضاره الغربيه الانسانيه , شيخ الازهر وكل الشيوخ ارهابيين وكذبه ومنافقين ومجرمين ويستخدموا التقيه الاسلاميه فى نشر الفكر الارهابى المتطرف الدموى فى كل مكان , كل مناهج الازهر الدراسيه شاذه ودمويه وعنيفه ولايريد شيخ الازهر تغييرها ابدا بل ويصر على عدم تغييرها وتعليم الطلبه منهج داعش الاجرامى , من ضمن هذه المناهج تعليم الطلبه قتل المرتد واكل لحمه نئ ؟؟ لماذ شيخ الازهر لم يغير هذه التعاليم ؟ شيخ الازهر المجرم له خطابين , خطاب داخل مصر يوضح بدون تقيه تعاليم الشريعه الاجراميه الارهابيه , ايضا له خطاب خارج مصر حيث ينفى الخطاب المتشدد الدموى الاسلامى ويعمل تجميل وتزويق وماكياج لتعاليم الاسلام البشعه, شيخ الازهر يمارس التقيه الاسلاميه ويمارس الكذب الفاضح المقزز , بدون شك انه رجل ارهابى وكاذب


6 - إيه حكاية باريس وفرنسا؟
معلق قديم ( 2017 / 5 / 5 - 18:02 )

سيدنا الشيخ أمضى بضع سنوات في فرنسا وكل يوم يذكّروننا بها...فهل ننتظر أن يكون عقله استنار وقلبه نظف؟

أبدا...

فغيره يولد في بلد النور والحرية ويتعلم في مدارسها ويعيش بين أهلها عشرين وثلاثين وخمسين سنة وبالرغم من ذلك يظل عقله خربا ويتحول إلى ارهابي في أول فرصة.لماذا يا ترى؟

إنه سرطان الاسلام يا سيدي وهو صعب الاستئصال بعد أن يكون قد سرى واستفحل


7 - أستاذ إبراهيم الثلجي
محمود يوسف بكير ( 2017 / 5 / 5 - 18:34 )
شكرا على تعليقك ولكنك تحدثت فقط عن الردة الجماعية ولكن ماذا عن الردة الفردية؟ أليس حكم الفرد المرتد هو القتل أن لم يتب عن كفره؟ وهل أنت متفق مع تصريح شيخ الأزهر ؟ أنه كان يتكلم عن عدم جواز إجبار الفرد على البقاء في ملة معينه.

مع تحياتي


8 - أستاذ وليد عطعوط
محمود يوسف بكير ( 2017 / 5 / 5 - 18:46 )
شكرا على تعليقك
ولكن ما معني أن تجبر إنسان على البقاء على معتقد معين إذا ما تغيرت قناعاته لاحقا؟

تحياتي


9 - الاستاذ محمد البدري
محمود يوسف بكير ( 2017 / 5 / 5 - 18:56 )
فعلا هذه مصيبة أن ينكر على إنسان حقه الاصيل في الحياة امجرد عدم قناعته بمبدأ أو معتقد معينة ولهذا سنظل نتنازع في عالمنا العربي علي من سجونه أكبر ومن يقتل أكبر عدد من مواطنيه

مع تحياتي


10 - الاستاذ محمد البدري
محمود يوسف بكير ( 2017 / 5 / 5 - 18:58 )
فعلا هذه مصيبة أن ينكر على إنسان حقه الاصيل في الحياة امجرد عدم قناعته بمبدأ أو معتقد معينة ولهذا سنظل نتنازع في عالمنا العربي علي من سجونه أكبر ومن يقتل أكبر عدد من مواطنيه

مع تحياتي


11 - الاستاذ علي سالم
محمود يوسف بكير ( 2017 / 5 / 5 - 19:09 )
شكرا على مداخلتك القوية كالعادة
معك حق حيث أنني ألاحظ أنه عندما يأتي إلينا خارج مصر أي شيخ فإنه يبدو في غاية السماحة والرفق ولكن أليست شيمتنا النفاق ؟

مع مودتي

اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر