الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقدمات والنتائج

صافي الياسري

2017 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


المقدمات تؤشر النتائج
صافي الياسري
هذه المقولة اثبتت صحتها على امتداد تاريخ البشرية ،ومن لم يقرأ المقدمات على الارض كامنة او مكشوفة فوجيء بالنتائج الصادمة التي لم يتوقعها ولم يحسب حسابها ،هكذا حصل مع الباكستانيين فالاسس التي قامت عليها دولة باكستان والانفصال عن الهند هي ذاتها الاسس التي قامت عليها دولة البنغال والانفصال عن باكستان – المقدمات ذاتها في متغيرات القارة الهندية والنتائج ذاتها التي لم يحسب حسابها الباكستانيون لكنهم تجرعوها مرغمين ،ولن اورد الكثير من الامثال بشان هذه المقولة التي نبعت من فلسفة التاريخ ،وكان ابن خلدون في مقدمته واحدا ممن انتبهوا ونبهوا لها استباقا في مقدمته ولم يعرها العرب والمسلمون انتباها فطردوا من الاندلس ،والان يعيشها الاتحاد الاوربي في تفككه لان التفكير الاني لتاسيس الاتحاد الاوربي قام على المنافع وحسب وعلى وفق هذا التفكير سيتفتت الاتحاد الاوربي ، اي على اسس تقاطع مصالح البلدان المنضوية تحت الاتحاد وميزان منافعها وبالتالي وضع سياستها على اساس الربح والخسارة الانية ايضا دون وضع اسس لديمومة الاتحاد عبر استشراف المنافع المستقبلية وهو السبب الاساس والجدي والواقعي لانفصال انكلترا عن الاتحاد وتفكير دول اخرى في سلوك طريق بريطانيا ،والمقدمة تؤشر النتيجة ،وكلنا يتذكر كيف تفتت الاتحاد السوفيتي فمقدمات بنائه والاسس التي قام عليها كانت تشي بنهايته نتيجة ،لا اريد ان اضرب الكثير من الامثلة على فاعلية وديناميكية هذه المقولة كقانون تاريخي يجب اخذه بالاعتبار لكنني اريد قراءة مقدمات تاسيس الكيان العراقي والنتائج التي تؤشرها .
حين اسست بريطانيا الدولة العراقية بعد الحرب العالمية الاولى واحتلالها العراق ،قامت بتشكيل دولة غير متجانسة من خليط عرقي وديني ومذهبي وطائفي متقاطع لا يجمع بينه جامع الوطنية وهو ما اشره الملك فيصل الاول في رسالته التاريخية المعروفة بشان اللملوم الذي شكل منه العراق ،وبريطانيا لم تكن مهملة في قراءة المقدمات التي وضعتها حين اسست العراق وهي ايضا ليست ساهية عن نتائج هذه المقدمات فاعدت عدتها لها ،هكذا ثار الاشوريون والاكراد على وضعهم في سلة العراق البريطاني وقمعتهم بريطانيا بالنار والحديد ،وهكذا نقرأ مقدمات ضم الاكراد خديعة وقسرا الى الكيان العراقي وثوراتهم المستمرة عليه وقمعهم المستمر من قبل الحكومات العراقية حتى حصلوا على العطف الاميركي والغربي لتاسيس ملاذ امن لهم من قمع حكومة صدام ،وتطور هذا الملاذ ليبني استقلالا عن العراق واسسا لقيام دولة ،الامر ذاته يحصل الان مع السنة والشيعة وبقية المكونات التي ما زالت مندمجة في الكيان العراقي لكنها في ذات الوقت تعمل وتسعى جهدها لتاسيس كيانات مستقلة على غرار اقليم كردستان مستفيدة من اجانيد دول الجوار التي وضعت مداميك تفتيت العراق وبخاصة ايران التي قطعت شوطا جديا ومهما في هذا التفتيت باستحواذها على القرار السياسي العراقي وتغلغلها عسكريا وفي كافة مضامير الحياة العراقية الاقتصادية والتجارية والمجتمعية .
هذا التغلل يمكن معرفة تفاصيله في المثل الاكثر وضوحا بعد وضع الجيش العراقي على الرف واستبداله بالميليشيات ذات الهوية الطائفية والتبعية الايرانية والتي اسست على غرار الحرس الثوري الايراني وايديولوجيته ومهامه ،وايجاد التشريع القانوني لوجود هذه الميليشيات تحت تسمية الحشد الشعبي الذي دعمته فتوى السيد السيستاني ،وتاسيس الحشد الشعبي واحدة من مقدمات تفتيت العراق على اساس طائفي تمهيدا لمقدمات اخرى تثبت الاستحواذ الايراني على العراق عبر فصل مدنه على هيأة اقاليم والعمل على ضمها بطرية اوتوماتيكية للدوران في فلك ولاية الفقيه وبطرق لا يجري في تاسيسها تحري مصلحة العراق والعراقيين وانما مصلحة دولة الملالي ،وبمسالك اقل ما يمكن وصفها به انها قذرة.
عام 2006 كانت ملامح توغل الملالي في البصرة قد اتضحت بعد ان فتح الاميركان عام 2003 لهم الحدود الجنوبية للعراق ،فانتشروا في البصرة يشترون العقارات ويضخون في المحافظة عناصر ايرانية تتقن العربية لتاسيس بنية ديموغرافية فاعلة ولاؤه لايران ، وذات ولاء مطلق لولاية الفقيه،كذلك نشطت فرقهم لتجنيد العديد من شيوخ ووجهاء البصرة واتمتهم بالاموال والسلاح والحماية ،ليكونوا في خدمة الاجانيد الايرانية التي لم تتورع حتى عن سفك الدماء ،ويومها كتبت تقريرا نبهت فيه الى مقدمات الاستعمار الايراني للعراق ،وكان بعنوان ( البصرة جسر الخليج الذي تحتله ايران ) ونبهت فيه الى ان مقدمات هذا الاستعمار تؤشر حتميته وتقود اليه ،وناشدت العرب وبخاصة دول الخليج الانتباه لما يراد بهم من خلال احتلال البصرة هامة الخليج ودوله ونشرت التقرير في صحيفة الوطن البحرينية ،لكن احدا لا من العراقيين ولا من الخليجيين ولا من العرب اهتم للصرخة التي اطلقتها .
لا اريد الاطالة وان كان الموضوع يحتمل المزيد بل الكثير من التفاصيل والوقائع ،لكني اقو ل ان المقدمات التي ذكرتها عام 2006 تؤشر النتائج التي بدأت تبرز على الارض الان على يد ميليشيات ايران وقائدها قاسم سليماني وبخاصة بعد استغلال ظهور داعش والتظاهر بمحاربتها والاندفاع في الموصل وغربها لانشاء طريق بري سالك يربط طهران بدمشق وبيروت ،وهذا هو السر الذي دفع اردوغان لتهديد العراق اذا ما اندفعت ميليشيات ايران في تلعفر،ليتحول العراق كما هو الحال في سوريا الى ساحةصراع اقليمي مدمر ابسط نتائجه التفتيت والحر تكفيه الاشارة حول ما سيصيب العراقيين من قتل وتهجير وسرقة موارد البلد وتدمير بناه التحتية والفتك بسيادته ،هكذا نرى ان ايران بعد ان وضعت البصرة في جيبها تتمدد نحو الموصل مرورا بكركوك وتكريت وديالى والحدود الشرقية بعامة امتدادا من محافظات العراق الشرقية ، ديالى وتكريت وكركوك وصولا الى الحدود الايرانية حيث تم تطهير مساحات بالاف الكيلومترات حتى من وجود رمزي للجيش العراقي بذريعة تامين الحدود الايرانية من هجمات داعش.
وهنا اذكراكذوبة ابدعتها الاقلام الماجورة مفادها ان داعش اسست كتيبة تدعى ( الفارسي ) ستنهض بمهمة محاربة ايران في مساحات شرقية العراق ،واقول اكذوبة لان داعش لم يفكر يوما في مهاجمة ايران ، والمستفيد من هذه الاكذوبة هو ايران الملالي اذ ستكون ذريعة لمزيد من التوغل في الاراضي العراقية احتلالا وتواجدا عسكريا علنيا ووقائع هذا التغلغل معروفة لدى اهل ديالى وكركوك وتكريت ،اما في الغربية فابدأ من جرف الصخر واصعد على خط واحد نحو النخيب وتخوم البادية التي يتجاور فيها العراق والسعودية والاردن وسوريا ،لتعرف اي مخطط ينفذه الملالي وعملاؤهم في العراق – وللحديث صله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ