الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الأميين المصريين (1)

طلعت رضوان

2017 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثقافة الأميين المصريين (1)
طلعت رضوان
كنتُ مثل غيرى من ملايين شعبنا المصرى مع محوالأمية بتأثيرالثقافة السائدة، إلى أنْ جلستُ مع نفسى أتأمل وأرصد الواقع، فتوصلتُ إلى أنّ محوالأمية (وبالتالى الانطلاق إلى التعليم) مطلب بدهى، ولكن هذه البداهة تصطدم ب (فحوى) التعليم: هل هومع قيم المواطنة والحداثة والعقل الناقد والإيمان بالنسبى وقانون السببية، أم مع التمييزالدينى والمذهبى، ومع العقل السلبى (المتلقى) المؤمن بالمطلق والرافض لقانون السببية؟ هذا السؤال دفعنى لمراجعة مناهج التعليم وبرامج الإعلام، فاكتشفتُ التزويرالمؤدى إلى تدميرالعقل والوجدان المصرى، وصولا إلى وأد أية تنمية اقتصادية أونهضة روحية، وبالتالى تظل مصرفى طاحونة التخلف.
وعلى سبيل المثال يتعلم التلاميذ أنّ من مبطلات ((الصلاة فى المزبلة والكنيسة وهى من معبد النصارى)) ويتعلمون ((يـُـمنع الذمى من أخذ المعدن والركاز(=الموارد الطبيعية) كما يـُـمنع من الإحياء بها، لأنّ الدارللمسلمين وهودخيل فيها)) ويتعلمون أنّ الصدقة تكون للمجاهد ((فى سبيل الله وهوغازمتطوع بالجهاد فيعطى ولوغنيا إعانة له على الغزو)) (الصف الأول الثانوى- العام الدراسى2014/2015- ص232، 355، 364) وذكرد. كمال مغيث أنّ كتب اللغة العربية كأنها كتب إسلامية. يُجبرفيها التلاميذ المسيحيون على حفظ آيات القرآن، وهوأمريتعارض مع المواطنة. كما راحتْ آيات القرآن تتخلل دروس العلوم وغيرها من المواد الدراسية (الأهرام المسائى- 5/3/ 2010) وفى كتاب التاريخ المقررعلى تلاميذ المدرسة الدولية الذكية بطريق القاهرة الإسكندرية يتعلم التلميذ أنّ (اليهود هم بناة الأهرام وأنّ القدس عاصمة إسرائيل) (مجلة أحوال مصرية- عدد صيف 2008)
والتعليم يـُـدرّس لأولادنا: ماعقوبة الكافر، أما الأميون فقد تأسست ثقافتهم القومية على التعددية ونبذ الأحادية والاعتراف بالآخرالمختلف (تعدد الآلهة ثم تعدد القديسين والأولياء- نموذجًا) وبالتالى لم يعرفوا لغة التكفير، لكل ذلك (ولأسباب أخرى كثيرة) يذهب ظنى إلى أنّ الأمية المصرية أفضل من التعليم المصرى. وأود أنْ أوضح أنّ الأمية لاترادف (الجهل) الذى هوفقدان المعرفة فى فرع معين، فالطبيب (جاهل) بعلوم الهندسة، والمهندس (جاهل) بعلوم الطب..إلخ. كما أنّ الأمية لاتنفى وجود ثقافة قومية أبدعتها الشعوب عبرآلاف السنين. وهى الثقافة المُجسّدة فى مجموع أنساق القيم، مثل العادات والموروث الشعبى من أمثال ونكت (صحيحة لغويًا) ومواويل وحواديت إلخ. والأميون المصريون أبدعوا فى فنون العمارة والخزف والخيامية بل وفى صناعة البارود، مثلماحدث عندما زارعلماء الغزوالفرنسى مصنعًا للبارود فى الحوض المرصود ورأوا بندقية دقيقة التصويب. وسألوا عن الذين صنعوا البارود والبنادق، فعلموا أنهم من الأميين. وذكرد. عبدالحميد يونس ((إنّ بعض الأميين أوسع ثقافة من بعض المتعلمين، وأنّ القراءة والكتابة ليست هى الفيصل، لذلك تجد فلاحًا يُعبرعن وعى ثقافى أكبرمن إنسان حصل على شهادة من إنجلترا. وأنا أتكلم من واقع خبرة حية. وعند الفلاحين- وهذا مالاحظته كثيرًا- يكرهون القضاء الشرعى ويُفضلون حل مشاكلهم بأنفسهم)) (أبعاد الشخصية المصرية- هيئة الكتاب المصرية عام99 ص112) وفى الدراسة الميدانية التى أجراها د. أحمد زايد كتب ((كشفتْ البيانات عن أنّ غيرالمتعلمين أكثرمرونة فى قبول فكرة التعامل مع أفراد مختلفين عنهم فى الصفات من المتعلمين. بل لوحظ أنّ درجة المرونة تقل بإطراد مع ارتفاع المستويات التعليمية)) (المصرى المعاصر- مكتبة الأسرة عام 2005ص 61) وأوضحتْ الدراسة الميدانية أنّ ((مظاهرالتناقض والازدواجية تبدوأظهرعند الشرائح المتعلمة منها عند الأميين)) (ص 166) وفى دراسة للماجستيرأعدها أ. أحمد أنورذكرأنه أعدّ استمارات استبيان للرأى العام حول بعض الأمورالعامة وفى سؤال عن دورالدين فى أسباب هزيمة يونيو67وهل هى غضب من الله كما يقول البعض، كانت النتيجة أنّ 3, 7% من نسبة الأميين يرون أنّ سبب الهزيمة هو ((غضب ربنا علينا)) بينما النسبة عند ذوى التعليم المتوسط 2, 48% وعند ذوى التعليم العالى 6, 56% (مصباح قطب– صحيفة الأهالى 13/10/93) هذا المثال يُوضح أنه رغم اعتقال عقول شعبنا فى مبنى ماسبيرووفى مدارس وجامعات (مصر) فإنّ الأميين المصريين كانوا أكثروعيًا من المتعلمين بالأسباب الحقيقة لهزيمة يونيو، وأنهم لم يتأثروا بكلام المؤسسة الدينية عن أنّ الهزيمة سببها غضب من الله. وقال عبدالناصرفى اليوم الثانى للهزيمة فى برقية منه إلى الملك حسين ((إنها إرادة الله)) (صادق جلال العظم- نقد الفكرالدينى- دارالطليعة- بيروت- ط 6مارس 88 ص 7) وذكرالفيلسوف برتراند رسل أنّ التعليم الوطنى لابد أنْ يرفع من شأن البحث العلمى ويحض على حرية النقد، وأنه بدون البحث العلمى وحرية النقد ((يكون من الأفضل لنا أنْ نظل أميين)) (حكمة الغرب- ترجمة د فؤاد زكريا- سلسلة عالم المعرفة الكويتية- ج 2 ط 2 عام 2009 ص 24) كما أثبتتْ التجارب، أنّ أغلب أعضاء الجماعات الإسلامية الذين خططوا لأعمال العنف، كانوا من خريجى كليات القمة وليسوا من الأميين، وهل يتصورأحد أنْ يقول مصرى أمى ماقاله د. أحمد عمرهاشم ((الإسلام لايمنع التعامل مع غيرالمسلمين، ولكن يمنع المودة القلبية والموالاة لأنّ المودة القلبية لاتكون إلاّبين المسلم وأخيه المسلم))؟ (جريدة اللواء الإسلامى عدد153) لذلك أرى أنّ مصرلن تتقدم، ولن تُحقق نهضتها الروحية والمادية إلاّ إذا ارتقى التعليم الأحادى المتعصب، وارتفع إلى ثقافة الأميين المصريين الذين احترموا التعددية فى أنبل صورها: فى احترام معتقدات الآخرين، ونبذوا فكرالتكفير، والتعايش مع المختلف عنهم دينيًا ومذهبيًا.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشلل ثقافة المتعلمين
محمد البدري ( 2017 / 5 / 6 - 15:32 )
انها ثقافة الحكم العرب لمصر. ثقافة وضيعة بالمعني العلمي للوضاعة والانحطاط ولا تخلو ايضا من الانحطاط بالمعني الاخلاقي لها كونها ارتكزت علي الاسلام كمنظومة دينية وثقافية جذرها قائم في كون قبيلة عربية اصبحت خير امة اخرجت للناس بسبب هذا الدين وان لغتها رغم عدم وجود قواعد من صرف ونحو لها هي التي يعقل بها الناس الوجود والعالم وبها كلمات ربك المتقنات التي لا باطل فيها وتمنع التفكير في وقت واحد حيث يحذر نبيهم اهلها ان يخوضوا في حديث غير القرآن له انه اصبح موضع تساؤل سورة الانعام 68. كيف يكون لدي العرب كتاب به صفات لا تقل عن صفات الههم ومرسله ونبيه بمكارك اخلاقه ويصبح العرب بهذا الانحطاط الذي نشهده الان. ليس فقط العرب بل ومن اصيب بلوثة الثقافة العربية كمجميع بلاد الشرق
الاوسط؟ انه الدجل يا عزيزي الفاضل. تحياتي

اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة