الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتصاب الهيمنه للحضارات الشرقية

لاوند ميركو

2017 / 5 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يقول الروائي الأمريكي « دان براون » في مقدمة روايته الرمز المفقود المعنونة بالتعاليم السرية لجميع العصور ..إن العيش من دون إدراك معنى العالم هو أشبه بالتجول في مكتبة عظيمه من دون لمس الكتب..وهو مايعني أن تناول تاريخ الهيمنات فقط كتاريخ بشري ليس كاملا مالم يتم تناول تاريخ الهيمنة وما قبل الهيمنة لفهم وادراك المعنى الحقيقي للتطور البشري تاريخيا حيث ينقل إلينا التاريخ صفحات لاتحصى من شتى أنواع الحضارات وأشكالها عبر العصور البشرية السحيقة وما رافقها من أحداث وتطورات مفصلية وهامة لعبت يوما ما دورا معينا في مجرى تطور العلاقات المجتمعية والأحداث المرافقة في غابر الأزمان سواء وصلت إلينا من خلال الميثولوجيات القديمة أو من خلال الإرث الثقافي الموروث من الحضارات القديمة والتي عثر عليها نتيجة البحث والتنقيب من قبل علماء الآركيولوجيا والمستشرقين على حد سواء في اللقى الأثرية والألواح المنقوشه بعد فك شيفرتها سواء المسمارية منها في الهلال الذهبي أو الهيروغليفية في وادي النيل والتي أماطت اللثام عن الغموض الذي رافق تلك المراحل قبل القرن العشرين.
الحديث هنا لابد وأن يتمحور على الألفية الرابعة قبل الميلاد أي الفترة الزمنية ماقبل ظهور الفراعنه في بلاد النيل وما قبل ظهور السومريين في ميزوبوتاميا أو بلاد الرافدين حيث وعلى سبيل المثال ترجح الدكتورة « كولييت شيلان » الفرنسية في مقدمة كتابها عن الفلسفة الأيونيه أن تطور المجتمع اليوناني والمصري جاء على أنقاض حضارة وفلسفة ميزوبوتاميا التي شكلت أساسا متينا لقيام الحضارتين العريقتين ، ولكن محاكاة بسيطة ضمن العقل والمنطق واستنادا إلى الكثير من الآثار المستخرجة في المنطقة قد يدحض هذا التوجه لاسيما إذا استطعنا تسليط الضوء على تطور شعوب « النقاده » في جنوب مصر الحالية وحضارة «البداري » في دلتا النيل وشمال مصر .
القصد من هذا الكلام وبشكل منطقي لايقبل الشك من أن هيمنة سارغون الأكادي كانت لن تكون لو لم يسبقها تاريخ لمجتمعات متطورة تمأسست عليها هيمنة سارغون وفي مصر فإن مينا الفرعون الأول في الأسرة الأولى لم يكن بإمكانه توحيد حضارات النيل في شكل مترابط لو لم تكن شعوب النقاده على مستوى رفيع من التطور حيث تفيد المكتشفات الأثرية أنهم أسسوا للرموز الهيروغليفية التي تجوزت ال ٥٠٠ رمز وشكل ومارسوا أشكالا مطورة من الزراعة والصناعه تأسست عليها بالمجمل حضارة الفراعنة وهي ماتسمى بمصر القديمة قبل أكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد.
وعندما نقول شعوب النقادة فإننا نتحدث بصيغة الجمع أي مجموعه من الشعوب المتعددة الأعراق والآلهات أو المجتمعات الوثنية وفيها بذور للديمقراطية الطبيعية التي طورتها الفلسفة اليونانية فيما بعد ونسبتها لنفسها وانتقلت منها إلى روما في عصور لاحقه أما العرب فقد دخلوا تاريخ الحضارات متأخرين وبشكل خاص بعد الدعوة المحمدية / الإسلام / في مكة المكرمة.
مايثير الإنتباه هنا أن جميع المجتمعات المتعددة القديمة بشكل خاص قد طورت أنظمتها الإدارية بشكل مشترك سماها كارل ماركس بالمشاعية البدائية حيث غطاها بطابع همجي متخلف رغم أنها تكاد تكون عكس ذلك تماما فيها توازن بالأدوار بين عناصر المجتمع / الذكر _ الأنثى/ حتى وصول مراحل الهيمنة والتي طغت فيها العقلية الذكورية وقمعت فيها العقلية الأنثوية ليتم اضطهاد المرأة حتى يومنا هذا.
وقد جاء في تعاليم بتاح حتب عام ٢٤١٤ ق م في الصفحة ١٠٧ أن المرأة ذات القلب السعيد تجلب التوازن ...ما يؤكد الخلل الذي أحدثته سيطرة الذهنيات الذكورية على المجتمعات جالبة معها حروب دموية مدمرة نشهدها حتى يومنا الحالي بحيث محال أن تبني العقليه الأحادية حضارة بشرية لوحدها .
فمصر للمصريين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم، وسوريا للسوريين بتعدديتهم المجتمعيه ، والعراق للعراقيين بنفس القياس وهكذ..
البحث في التاريخ يؤكد أن الإقصاء والتهميش والنزعه الفردية في مجتمع ما يؤدي إلى خلل في بنية ذلك المجتمع وتركيبته النزعة القوموية مثلا أو عدم قبول الآخر عقائديا بمعنى التمييز بين البشر حسب العرق واللون واللغة والإنتماء وما شابه من ما سمي بعوامل تشكل الأمم .
العودة إلى الجذور يصحح مسار الفروع ويبني حضارة الإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب


.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة




.. محل نقاش | دبلوماسي إيراني سابق: كل أحزاب الحركة الوطنية الل


.. شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا




.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف