الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على هامش كتاب - الدّين في حدود مُجرّد العقل (1)

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 5 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" إن الوهم والتعصّب الديني هو الموت الأخلاقي للعقل.."
كانط
بادئ ذي بدء ،لا بأس أن ننوه بأن الفيلسوف " إيمانويل كانط " يعتقد ان هناك دين واحد يستحق أن يُسمى ديناً ، وان كل ما عدا ذلك ما هي إلا تنويعات لمعتقدات وتشكيلات إيمانية ، يطلق عليها الناس مجازاً لفظ الدّين .
لكن ما هو هذا الدين الواحد الذي بشّر كانط بقدومه ، ورأى أنه سيوحّد الناس جميعاً عاجلاً أم آجلا. .؟!
و بماذا يختلف هذا الدين الجديد عن باقي الأديان الأخرى ، والتي بلغ تعدادها بحسب بعض الإحصائيات للأمم المتحدة حالياً أكثر من 4200 دينا أو مذهباً إيمانيا .. ؟! .
يستطيع كل من يقرأ كتاب " الدين في حدود مجرد العقل " قراءة متأنية ، أن يستنتج إجابات واضحة نوعاً ما ، عن رأي صاحب المذهب النقدي في الدين وفلسفته ، وقد يلمس القارئ الحصيف بوضوح ، كيف ميّز هذا الفيلسوف الألماني الشهير في القرن الثامن عشر بين نوعين رئيسيين من الدّين ..
1- النوع الأول هو السائد من الأديان الشائعة التي نقرأ لها أو نسمع عنها ، وقد أطلق عليها عدة أسماء مثل : أديان الطقوس والشعائر ومظاهر العبادات أو الشعائر المختلفة ، والتي قد نقول نحن عن بعضها ذات مصدر سماوي ، و بعضها الآخر ذات مصدر أرضي وضعي ..
ثمَّ بيّن لنا ، كيف أن هذا النوع من الأديان ، يعتمد على الروحانيات الفياضة و حماسة العاطفة و الإنفعالات العمياء ، والتصديق به بلا أيّة أدلة عقلية أو برهان عقلي حقيقي .. و كيف أن ديمومته تتغذى على نسج الأساطير وتكرار إنتاج الأحداث الغرائبية ، و تكاثر التفاسير و إجتراح المعجزات في الصورة أو الكلمة أو الموقف ..
و سمّى "كانط " الايمان في هذا النوع من الدّين ، بإيمان العبيد أو إيمان السخرة ، لأن عُبّاده يكونون في الغالب ، ممن يطلبون الأجر والثواب على كل طاعة أوعبادة أو شكر ..
ولهذا يصحُ تسميته بالدين التجاري الأناني ، لأنه يقوم على شُرعة الطقوس الشكلية والشعائر والعبادات فقط ، ولأن المؤمن به حين ينفذ من خلالها التعاليم والصلوات إنما يفعل ذلك ، لينال جزاءاً وفاقاً او مكافأة أو نعيماً أو حور عين أو رضى أو ..الخ .
كما وإنه دينٌ قطعي دوغمائي، ومتزمت في التأكيد على قطعية بعض أشكال العبادات وطرائق تنفيذها وإقامتها للأدعية والابتهالات والصلوات .. تجد فيه بعض الأشخاص المصطفين ممن يُسمّون بـ " رجال الدّين " ، وهم يتولون شؤون الناس و يرسمون لهم طرائق الإيمان ، ويفسرون للعامة أركانه ويسهرون على تنفيذ عباداته ، وعادة يكونون قليلو العدد ، لكنهم يمارسون دورهم في السيطرة على عقول الناس بسطوة ومهابة ، معتمدين على بعض الأمور منها : الموهبة في ترويج غموض الطقوس ، ورهبة الإيمان ، و سطوة اللغة ، وقدسية النص .. في حين يكون باقي الناس من العامة المُصدقين والمؤمنين بهم والمُنفذة لتعاليمهم هم الأكثرية المطيعة الخانعة بكل إخلاص وخضوع ..
لكن مع كل ذلك التوصيف ، فقد اعتقد " كانط " أن الأديان الطقوسية والشعائرية الشكلية ، ولكي يتقبلها الناس وتستمر ، لا بدَّ وأن يكون فيها شيئ ما من الفهم العقلي والفتات اليسير من القيم ، الذي تقدمهما لمُعتنقيها ، وبالطبع يستطيع فقط المُؤمن الحكيم أن يُدركهما فيها ويتبعهما دون تردد أو شك ..
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو