الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علامات العقل والفكر... والوجاهة...

غسان صابور

2017 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


عـــلامـــات الــعــقــل والــفــكــر.. والــوجــاهــة...
سألتني صديقة قريبة, بيني وبينها سنوات طويلة من العمر.. وأطنان من التفاهم والقرب.. وهي تناديني دوما "عــمــو " رغم إصراري على أن تناديني باسمي " غــســان " فقط... سـالتني : ماذا تعني دوما بكلمة لاشـيء.. لاحضارة.. والتي تستعملها دوما بكتاباتك.. وقد وردت بعنوان مقالك السابق المنشور ببداية هذا الأسبوع.. حاملا كثيرا من العنف والتهجم والشراسة.. لـم أجب على سـؤالها.. ولكنها أعادت السؤال.. وقالت أليس لديك جواب.. وهنا أجبتها.. هذه الكلمات تمثل بــشــرا.. وليست كلمات فقط.. اللاشيء و اللاحضارة.. هم بشر أقابلهم دوما.. هم بشر... نعم هـم بــشــر... وخاصة من جالياتنا السورية بهذا البلد.. وعلى الأخص بالذات "الــحــيــاديــون" منهم!!!... حتى لو سـألتهم عن الطقس.. يجيبونك : لا أعرف.. لا أدري.. أنا لا أتابع الأخبار.. وخاصة النشرات الفرنسية المحلية... لأن تلفزيوناتهم مربوطة عبر عشرات الاشتراكات وألأنتينات الضخمة والأجهزة المستوردة من ألمانيا أو بلاد المغرب.. لمتابعة "الجزيرة" و "العربية" أو "الميادين" أو عشرات المحطات اللبنانية التي تبث إما أوقات الصلاة.. أو عشرات المسلسلات والمسابقات التافهة التي تغسل الدماغ كليا.. خلال أقل من عشرة دقائق من المشاهدة... هؤلاء هم بنظري اللاحضارة أو اللاشــيء... بالإضافة أنهم حياديون عاموديا وافقيا.. بكل ما في الحياد من خنوع وعبودية عاداتية سورية كاملة.. موروثة من أيام طفولتهم وفتوتهم وشبابهم... لأن الحياد التام.. ديانة.. مبدأ.. تربية... لاحــظــوا حتى تجمعاتهم وجمعياتهم وسهراتهم.. حيادية.. لا تلفظ فيها أية كلمة لها علاقة بالسياسة.. حتى لو اجتمع ثلاثة أشخاص مختلفي الرأي على أمر مــا... يتحدثون عن الطبخ والمسلسلات التي شاهدوها.. وعن العائلة وأخبار الخال والعمة.. ومرض فلان وفلانة هناك وهنا.. ويسود أثناء الأكل المشترك اتفاق على طيب هذه الأكلة أو تلك.. وعن صحة الجدة التي كانت طباخة رائعة... ولكن لا يطرح أبسط موضوع.. فيه أبسط بادرة خلاف...
كما يسمون هذا ببلاد الهجرة.. "جـمـع الـشـمـل"... جمع شمل الجالية الانطوائي على نفسه Communautarisme... لأنهم متفقون على ألا يبحثوا أي أمر جـدي.. سوى انطوائهم الإثني والعاداتي على بعضهم البعض.. رغم اختلافاتهم الجذورية المحمولة على ظهورهم ووجوههم.. ولكنها باطنية لا يطفي منها على السطح أية بادرة أو فاصلة أو كلمة خلاف... وهكذا تتابع أيامهم مع اللاشـيء.. وتأتي بعدها.. اللاحضارة... لأن الحضارة هي البحث والتحدث عنها وعن جذورها واكتشافاتها.. والنقاش بمواضيعها.. تحتوي على جدية وآراء... وتقابل الجدية والآراء.. بها وفيها مسؤوليات الكلمة.. ومسؤولية الكلمة.. سياسة.. وهم لا يهتمون بالسياسة.. مفضلين عنها التجارة... لأن مبدأ التجارة يعني ربحا ماديا.. بينما السياسة مسؤولية وهــم وقلق وخوف.. وتحمل أخطار... رغم أني اؤكد لهم كلما اجتمعت بهم وشرحت لهم.. أن هذا البلد الذي نعيش فيه يـؤمن حرية الفكر والتعبير والمعتقد والاجتماع وممارسة السياسة.. حتى لو كانت معارضة 380 درجة لسياسة الحكومة.. وأن المعارضة يمكنها أن تصل إلى السلطة.. بواسطة الانتخابات... ولكنهم يعتبرون كلماتي غالبا.. نوعا من الهلوسات الفكرية الانتقادية.. عائدة إلى ما عانيته أيام فتوتي وشبابي.. من حرماني من عديد مما يسمى " هــنــا " أبسط الحريات الطبيعية سنوات عديدة.. وأهمها حـريـة الفكر والتعبير... ولهذا السبب أكثر الحديث و الكتابة دوما عن الحريات الممنوعة... وعديد منهم يفكر أنني حاد وراديكالي القرار.. أتدخل كثيرا بما لا يعنيني.. ولهذا.. ما زلت وبعد أكثر من خمسين سنة لا أملك أبسط ثـروة... حيث أن الغنى المادي.. وامتلاك فيللا رائعة.. وسيارة حديثة فخمة.. هي أولى علامات النجاح الاجتماعي والركازة و العقل والوجاهة... بقاموسهم الذي لم يـتـغـيـر!!!...
ومع كل هذا... كلما نظرت بالمرآة كل صباح.. أرى بما عشته وتعلمته وواكبته من أحداث سياسية.. وما اكتسبته من ثقافات ولقاءات سياسية وأدبية وفنية واجتماعية.. وما غذيت بـه فكري وثقافتي ومعرفتي.. وحضارتي... أنني أغنى واحد منهم... لأنني لا أبدل هذا البلد الفرنسي الذي أعطاني كل شــيء.. لــقــاء الجنة!!!... وكنت أحلم دوما منذ بدأت حياتي الحقيقية بهذا البلد أن تتمكن "جاليتنا السورية" والتي تحمل من سنين أكبر عدد من الجامعيين و "المثقفين" بين الجاليات المستوردة.. والتي يحمل أفرادها جنسيات فرنسية مستقرة... كنت أحلم أن تنتج ممثلين بالمجالس المحلية والإدارية المحلية.. او النيابية.. وأكثر... كما فعلت غالب الجاليات التي أرادت أن تصبح جزءا ثابتا من هذا الوطن المفتوح الديمقراطي الجديد.... ولكن مبدأ الحياد الذي أصبح ديانة موروثة لديها... أبعد جميع إمكانيات هذا الأمل.. رغم كل جهودي الشخصية.. لدفعها ــ سنوات ــ باتجاه المشاركة اليومية بالحياة الاجتماعية والسياسية والحضارية الفرنسية.. بكل ما فيها من سلبيات وتناقضات وإيجابيات ومكاسب إنسانية... مع الأسـف.. رغم كل الجهود.. قوبلت دوما بتقوقعات وتحصينات عاداتية موروثة.. أفشلت كل هذه المساعي... وأصبحت قاعدة مركزة... حتى يومنا هذا... وآخرها الانتخابات الرئاسية الفرنسية.........
مـــلاحـــظـــة هامة حقيقية
ــ أرجو من أصدقائي وغير أصدقائي وبعض القراء المعتادين.. وخاصة الذين يختارون بعض المقاطع التي لا تعجبهم ولا ترضي عدم فهمهم لما أكتب, والذين سوف يتهافتون على تلفوناتهم المحمولة والثابتة.. لمناداة بعضهم البعض بعد منتصف الليل.. ليهمهموا بغضب قاتل.. هل قرأت ما كتب عنا "ايضا" غسان صابور... يجب أن نــجــد لـه حلا حتى يكف بــلاه عنا... يجب أن نتصل بأحبابه وأصدقائه القلة.. حتى نجبره على الصمت...
أقول لهم.. كما رددت لهم منذ سنوات.. بأنني أكتب حتى أنقذهم.. حتى أحرك مخابئ أفكارهم وعقولهم.. حتى يتغيروا.. ويتطوروا نحو الأفضل.. وأكون بهذا أديت واجبي نحوهم... لأنني قانع أنهم قابلين للتطور مع هذا البلد الذي يفتح لهم كل الإمكانيات الإيجابية.. وخاصة إمكانية التطور نحو الأفضل... وإني أحبهم.. نعم إني أحبهم... لأنهم أفضل مادة لكتاباتي منذ سنوات طويلة... لذلك أرجو منهم بكل صداقة ومحبة قراءة المقال بكامله.. وحتى إعادة قراءته مرة أخرى على مهل لتنفيس غضبهم.. وأنني أكتب بصراحة لتصحيح الخطأ... قدر المستطاع... وعلنا نتغير... ونـــتـــقـــدم... ونــعـــلـــو..........

***********
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ كـــومــا.. وبقايا جثث
بعد أيام قليلة من نتائج الانتخابات الفرنسية.. وفوز Emmanuel Macron وحتى قبل استلامه السلطة يوم الأحد 14 من أيار 2017... يتراكض عديد من المسؤولين السياسيين من اليسار واليمين والوسط.. للانبطاح حول مائدته.. بانتظار فتات ما يلتقط ويلحس من بقاياها... حتى أنه تمكن من رفض رؤساء وزراء سابقين.. عرضوا منبطحين الانضمام إليه...
يا لقذارة السياسة اليوم... يا لقذارة السياسة... بعدما كانت علم الأدب ومحادثة الشعب والتوجه إليه... أصبحت "شــرمــطــة" وعبودية واستزلام للحاكم الذي يوزع الأدوار.. ويكافئ الأنصار.. ويغير المصير والأقدار...
فــرنــســا التي علمت العالم كله حقيقة وصواب الإدارة والحريات والسياسة... ذابت كل أحزابها بعد هذه الانتخابات التي صنعتها بنوك ومؤسسات رأسمالية.. وصاغتها حسب حاجاتها ومافياتها وتجمعاتها وحلقاتها... وخلقت Robot آت من مخابرها من بدايات فتوته وشبابه.. وصنعته رئيسا للجمهورية.. برنامجه الميكانيكي الروبوتي إلغاء جميع القوانين والحقوق والمكاسب التي حاربت الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات أكثر من مائة عام.. حتى بنتها حجرة إثر حجرة... وهو يعلن أنه سوف يعكس اتجاه جميع البوصلات الحقوقية.. موجها البلد باتجاه البورصة العالمية... فقط لا غير... وحماية أصحاب الشركات المتعددة الجنسيات وضمان أرباحها.. على حساب الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة... معلنا أنها حقيقته.. ولا يخبئ منها أي شــيء...
كلي قناعة أن خمسة سنوات قاتمة جديدة.. قادمة.. وأن فقراء هذا البلد الذين تزايدوا يوميا بالآلاف.. منذ خمسة عشرة سنة حتى هذا اليوم... ســوف تضيق أيامهم وتتصاعد وتتفاقم همومهم أكثر وأكثر.. كما بالمقابل سوف تزداد الكروش البورجوازية انتفاخا ورغدا.. مثل أسهمهم بالبورصات العالمية...
ــ Michel ONFRAY
ميشيل أونفري.. آخر فيلسوف حقيقي فرنسي حـر ممن يدافعون عن الحقيقة الحقيقية الحرة.. معلقا على جميع الشخصيات السياسية التي تنبطح لحماية مصالحها الخاصة, بدلا من الدفاع عن الشعب الحقيقي.. عن العاطلين عن العمل.. عن المبعدين عن الثقافة.. عن الفقراء الذين يتزايدون بالآلاف يوميا.. بفرنسا.. فرنسا التي ما زالت من خمس أغنى دول العالم.. والتي تبقى ثرواتها بأيدي أشخاص وشركات متعددة الجنسيات...
يمكنكم مراجعة كل انتقاداته الواضحة الصريحة.. على اليوتوب YouTube.. ومن غوعل Google وويكيبيديا Wikipédia... قبل انتخاب Emmanuel Macron وبعد انتخابه... وكيف بدأت وسائل الإعلام بأجملها تتوظف وتتاجر بغسل الأدماغ.. بجميع الطرق المطرقية الجديدة.. لغسيل أدمغة الشعب الفرنسي.. والذي حاولت هذه الوسائل التجارية إقناعه أنه بلا ثقافة.. وأن الثقافة Culture لا وجود ولا فائدة لها... حتى وصلنا إلى "بالون مـــاكـــرون"...
هذا الإنسان Michel Onfray يستحق الاطلاع والمتابعة والقراءة خاصة.. وله مئات الكتب... لكل من يؤمن أن الثقافة هي بداية الاهتمام بالسياسة التي تحرر الإنسان... والاهتمام بتنظيفها وديمومتها...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم... هــنــاك و هــنــا... وبكل مكان بالعالم... وخاصة للنادر القليل من الأحرار الذين ما زالوا يقاومون ويناضلون ــ على حساب حياتهم وأمنهم ورزقهم ــ للدفاع عن الكلمة الحقيقية والحريات الإنسانية وحرية التفكير والتعبير.. والتآخي والسلام بين البشر وكرامة الإنسان.. وخاصة المظلومين والمحرومين من كل شيء.. وحقوق المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل.. دون أي استثناء.. وعن العلمانية الصحيحة الكاملة... لــهــن و لــهــم كل مودتي وصداقتي ومحبتي وتــأيــيــدي واحترامي ووفائي وولائي... وأصدق وأطيب تحية الرفاق المهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اقتحام قوات الاحتلال مخيم بلاطة في نابلس وسماع اشتباكات عنيف


.. ما دلالات توجه الشباب -إلى تطبيقات التعارف بحثا عن شريك؟




.. البيت الأبيض يدعو كيم كارداشيان لمناقشة إصلاح العدالة الجنائ


.. الجيش الإسرائيلي يقتل صيادا فلسطينيا في رفح




.. تقارير: إسرائيل تجهز -مستشفى كسفينة نوح- مقاوم للهجمات الكيم