الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية الحنين إلى المستقبل

مهند الصباح

2017 / 5 / 16
الادب والفن


مهند الصباح:
قراءة في رواية الحنين إلى المستقبل للكاتب عادل سالم.
كاتب الرواية ولد وعاش شبابه في القدس وتحديدا في البلدة القديمة، ممّا أثرى عمله الأدبي في رواية " الحنين إلى المستقبل" حيث وظّف أسماء الأحياء بشكل يوحي للقارئ مدى درايته بجغرافيا المكان.
الحنين إلى مستقبل دافئ بين أحضان الوطن والأسرة وبهذه الجملة نلخص الرسالة الكامنة من وراء الرواية. في البداية غادر بطل الرواية نعيم إلى أمريكا طلبا للعلم وهناك تعرف على صديقه الصدوق حمدان، الذي كان بمثابة وطن لنعيم في غربتهما. ففي الغربة يرتبط الإنسان بكل شيء قد يذكّره بأصله، ويُخفف عنه وعثاء السفر وسوء المنقلب، وفقدان الأهل والأحباب. إلا أنّ الغربة إغتراب وعذاب واستنزاف للطاقة الكامنة بالنفس البشريّة الساعيّة نحو تحقيق ذاتها بعد فقدانها في بلد نشأتها الأول. فمنهم من ينجح مقابل التنازل عن بعض المسلمات الثقافيّة لديه ويفوز بعد التقليل من حجم الخسارة المتوقعة، فيما لو تشبث بكل شيء حمله معه إلى غربته، ومنهم من يخسر لأنه فشل في الاندماج والمواكبة ولم يستطع التأقلم مع المتغيرات الجديدة الدائمة.
"أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا" – محمود درويش-.
الجنّة التي حَلُمَ بها نعيم تحوّلت إلى جحيم بعد انتهاء شهر العسل. الحلم الأمريكي ابتلع نعيم، حاله حال الكثير من الشباب العربي الباحثين عن حياة كريمة في أرض الأحلام الأمريكية، والأفق فيها يختلف تماما عن الأفق المتوفّر في بلدانهم الأصليّة حيث البطالة وانحدار قيم الإنسانيّة فيها، وهنا في فلسطين لا يختلف الأمر كثيرا عن محيطه العربي، وربما يكون أصعب بوجود الاحتلال الذي يمنع انبعاث شعاع الأمل لدى شعبنا، وهو الذي يحاصره حتى في أحلامه!
تتعرض الرواية للطرق التي يسلكها الشباب المغترب في أمريكا؛ كي يثبتوا أقدامهم فيها؛ فيجدون أنفسهم مجبرين من الزواج بالفتيات الأمريكيات، كي يحصلوا على الجنسيّة الأمريكيّة؛ لكي يفتح لهم المستقبل أبوابه على مصراعيه، إلا أنّ طريق جهنّم معبد بالنوايا الحسنة. يقع المغترب في حيرة من أمره فيصبح في نزاع بين التأقلم وقبول قيم الحضارة الغربية، وبين التمسك بموروثه الحضاري القابع في اللا وعي عنده، يسترجعه كلما مرّ بحادثة مناقضة لمبادئ نشأ عليها، إن رفض خسر ماله وأطفاله، وإن قبل خسر نفسه وتقديره لها.
تعقد الرواية مقارنة بين حال أسرانا في سجون الاحتلال، وبين السجناء في الدول المتقدمة، من حيث توافر مستلزمات الكرامة الإنسانيّة لكل إنسان، بغض النظر عن مكان تواجده أو ظروف اقامته. بالرغم من إشارة الراوي إلى أنّ السجان هو السجان، وإن أختلف المكان في صفحة رقم 18 . خاصة في أيامنا هذه حيث يخوض الأسرى الفلسطينيون اضرابهم عن الطعام من أجل تحسين ظروف اعتقالهم التي هي مكفولة أصلا باتفاقية جنيف لعام 1949، وفي نص البروتوكول الاضافي الأول لعام 1977. وفي هذا السياق يقارن الراوي بين الحالة النفسيّة لأي شخص يُسجن دفاعا عن معتقده ووطنه، وبين من يُسجن جرّاء مخالفة قانونيّة. وإن كان السجن حسب الراوي هو " الانقطاع عن الأهل والأحباب، وليس البقاء محاطا داخل أسوار ". ممّا يدلل على أنّ جميع المغتربين البعيدين عن ذويهم وأحبتهم هم حقيقة موجودين في سجن، سجن اغترابي ثقافي قاس، الأمر الذي سينسحب حتما على حالتهم النفسيّة من احباط أو اكتئاب وندم حين لا ينفع الندم، وأحيانا النكران وعدم الاعتراف بزيف الحلم الأمريكي حين يكتشفون حقيقته المرعبة وكابوسيته، مما يدفعهم للمكابرة على الجرح وبالتالي المزيد من الخسارة!
حنين المستقبل هو حنين العودة إلى أرض الأحلام الحقيقية، وهي أرض آبائه وأجداده مهما كانت ظروفها، وهي لا يعرف خفاياها ولا تفاصيلها حين يعود إليها زائرا فلا يرى فيها إلا كل جميل. وبالمقابل توجّه الرواية دعوة لنا بعدم كره بعض الشعوب الغربيّة بسبب عدم إلمامها بالقضايا والجغرافيا العالميّة، وذلك في صفحة رقم (191.192) حين قيل للبطل " أنتم في باكستان تجيدون فن الترهبيب. أنا من فلسطين، لا يهم كلكم من نفس المنطقة" وهذه دعوة صادقة وبمكانها خاصة إذا علمنا أنّ 30 بالمائة فقط من الشعب الأمريكي البالغ أكثر من 320 مليون نسمة يملكون جواز سفر! وتلك مُهمة ملقاة على أبناء الجاليات الفلسطينية في كلّ العالم بالتعريف بقضية شعبهم الواقع تحت الاحتلال.
اعتمدت الرواية على الأسلوب السردي والقليل من الحوار بين الشخوص. رواية مهمّة وإن خلت في كثير من الأحيان من العنصر التشويقي الجاذب للقارئ.
تساؤل: كيف لسلطة المطار عدم السماح له بدخول البلاد إن كانت جميع أوراقه سليمة؟ عدم السماح لأي سائح بالدخول إلى البلاد فقط في حال كان تواجده فيها يهدد أمن الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا