الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب السياسية قبل يوليو1952 (3)

طلعت رضوان

2017 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الأحزاب السياسية قبل يوليو1952 (3)
طلعت رضوان
من بين الأحزاب التى نشأتْ قبل يوليو1952 (حزب الإصلاح على المبادىء الدستورية) وتولى رئاسته الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد فى ديسمبر1907، وكان من أتباع الخديوعباس حلمى الثانى.
ومن الملفت للنظرأنّ الشيخ على يوسف رغم نزعته الأصولية نحوالدين الإسلامى، لدرجة التطرف بل والتعصب، فإنّ المادة الثالثة من برنامج الحزب نصّـتْ على أنه لايجوزخلط الدين بالسياسة. ولكن فى عام1911 عقد مؤتمرًا قال فيه إنّ دين الأمة المصرية هوالإسلام وحده، لأنه دين الحكومة ودين الأغلبية. وهكذا أسفرعن وجهه الأصولى، كما أنه مزج الإسلام بالعروبة، واعتبرهما مثل الصورة الواحدة ذات الوجهيْن، ولذلك فتح صحيفة الحزب للمثقفين الشوام الذين دافعوا عن (القومية العربية) ولكنهم- فى سبيل رفضهم لفكرة الخلافة الإسلامية، كتبوا عن (الخلافة العربية) كبديل للخلافة الإسلامية. وكان على يوسف مع فكرة (الخلافة العربية) فكان يرى أنّ العرب كأمة مسلمين ومسيحيين تربطهم عوامل أخرى، أهمها المصلحة المشتركة من التخلص من الأتراك رغم أنّ الأتراك (مسلمون) ويرى صابرنايل أنّ صحيفة المؤيد ((كانت أولى المنابرالتى دعتْ إلى فكرة القومية العربية، وفى ذات الوقت كان المسيحيون العرب وخاصة فى الشام يلعبون دورًا قويـًـا فى نشرفكرة العروبة، فى مواجهة الجامعة الإسلامية)) (التجربة الليبرالية والعلمانية- هيئة قصورالثقافة- عام2010- ص70)
كان دافع المسيحيين الشوام فى الترويج لفكرة (الخلافة العربية) هوأنّ المُـطالبين بفكرة الجامعة الإسلامية كانوا يرون أنها جامعة للمسلمين فقط.
وأعتقد أنه إذا كان السبب حقيقة لايمكن إنكارها، فإنّ مسيحيىّ الشام وقعوا فى (الفخ) الكارثى عندما تجاهلوا أنّ العروبة والإسلام وجهان لعملة واحدة، من حيث التوجه والفكر والأيديولوجيا بصفة عامة، وبالتالى لاتوجد فروق جوهرية بين العروبة الإسلام.
ولعلّ ما حدث مع الشيخ على يوسف وقصة زواجه من صفية (بنت الشيخ السادات) يؤكد صحة كلامى عن أهمية الربط بين العروبة والإسلام، وملخص القصة أنّ والد الفتاة رفض- منذ البداية- زواج ابنته من على يوسف، والسبب أنّ الأب من (الأشراف) أى من سلالة رسول الله ومن آل البيت. ومع ملاحظة أنّ هذا الانتساب المزعوم لايوجد أى دليل مادى عليه، خاصة أنّ الفرق بين زمن الرسول وزمن الشيخ السادات يتجاوزثلاثة عشرقرنــًـا. فمن أين جاء (اليقين) للأشراف الذين أنشأوا (نقابة لهم) بصحة (شجرة العائلة) التى نشروها وروّجوا لها؟
وعلى الجانب الآخركان الزوج (على يوسف) من المصريين ومن قرية (بلصفورة) بمديرية جرجا وعائلته من الفلاحين الذين يمتهنون (الزراعة) وهى مهنة (حقيرة) فى العـُـرف العربى والبنية العقلية العربية، ولذلك قال العرب فى أمثالهم المشهورة عن رفض تزويح بناتهم لغير العرب ((يأكلها التمساح.. ولايأخذها الفلاح))
والقصة فيها دراما مُـشوّقة (يتغافل عنها المبدعون المصريون) حيث أنّ الشيخ الشرقاوى تعاطف مع على يوسف ومع الفتاة صفية، فأخذهما فى بيته وأحضرالمأذون والشهود وعقد على الحبيبيْن وربطهما برباط الزوجية (الإسلامى الشرعى) فهل استسلم الشيخ السادات (والد الفتاة) لا. لم يستسلم ورفع دعوى أمام (القضاء الشرعى) طالب فيها بفسخ عقد الزواج وفصل الزوج عن زوجته، واشترك مع المحامى فى كتابة عريضة الدعوى التى جاء بها أنّ فسخ عقد الزواج يستند إلى عدم التكافؤ بين أسرة الأب وأسرة الزوج، فالأول من (الأشراف) بينما الثانى من الفلاحين الذين يشتغلون بالزراعة وهو مهنة (حقيرة) كما أنه يمتهن مهنة حقيرة أخرى هى (الصحافة)
وقد تعدّدتْ فصول تلك القصة الواقعية، وكتب المؤرخون أنّ الشيخ السادات (بعد وساطات عديدة من كبارالأعيان والمسئولين) وافق على زواج ابنته من على يوسف. أما مشهد الختام فكان فى المعاملة الفظة والغيرإنسانية من الزوجة لزوجها، رغم الوهم الذى عاشا فيه عن (الحب) وفى تلك الدراما الإنسانية انكشف وجه مصطفى كامل الأصولى على حقيقته، حيث وقف مع الشيخ السادات فى رفض الزواج، وانتقد على يوسف لأنه تجرّأ وساوى نفسه ب (الأشراف) فلماذا يتجاهل المبدعون تلك القصة الواقية؟ هل لأنهم بدون موهبة إبداعية؟ أمّ يكمن السبب فى أنّ إيمانهم بالعروبة والإسلام هزم قدرتهم على اقتحام المناطق (المسكوت عنها)؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24