الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الدين والمعتقد في المواثيق الدولية والقوانين العراقية

سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي

(Surd Mahmooed Shakir)

2017 / 5 / 18
حقوق الانسان


يقصد بالحق في حرية الدين أو المعتقد في إطار منظومة حقوق الإنسان حرية الفرد في اعتناق ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينية او تم تعريفه ""معتقدات في وجود اله، أو في عدم وجوده أو معتقدات ملحدة، بجانب الحق في عدم ممارسة أي دين أو معتقد"" (تعريف من قبل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عام 1993، وهي لجنة تقوم بالإشراف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).
إن الديانات والمعتقدات تجلب الطمأنينة إلى المليارات من الاشخاص ، ولها تأثير على المساهمة في تحقيق المصالحة والتعايش السلمي ومن جانب أخر كانت مصدرا للعنف والصراعات، بسبب التفاسير العديدة للنصوص الدينية .
اعترفت الأمم المتحدة بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 ، حيث تنص المادة 18 منه على أن :
((لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده)). وأقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
الذي اعتمد عتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر 1966 على الحق في حرية الدين أو المعتقد كما في المادة 18 ((1- لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.2-لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.3-لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
4- تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.))
من خلال ماذكرناه نرى ان حرية الدين او المعتقد تم الاشارة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ولم تخصص اتفاقية خاصة بهذا الشأن الى عام 1981حيث تم اصدار (إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب
والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد) والذي اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/55 المؤرخ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1981
وإن كان إعلان عام 1981 يفتقر إلى الطبيعة الإلزامية ولا يتضمن النص على آلية للإشراف على تنفيذه إلا أنه مازال يعتبر أهم تقنين معاصر لمبدأ حرية الديانة والمعتقد.
وقد تناول الاعلان والذي يتكون من 8 مواد و الديباجة التي اشارة الى (وإذ تضع في اعتبارها أن إهمال وانتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا سيما الحق في حرية التفكير أو الوجدان أو الدين أو المعتقد أيا كان، قد جلبا على البشرية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حروبا، وآلاما بالغة، خصوصا حيث يتخذان وسيلة للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وحيث يؤديان إلى إثارة الكراهية بين الشعوب والأمم) وتشير مواد الاعلان الى (لكل إنسان الحق في حرية التفكير والوجدان والدين - لا يحوز تعريض أحد لقسر يحد من حريته في أن يكون له دين أو معتقد من اختياره- لا يجوز إخضاع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا لما قد يفرضه القانون- لا يجوز تعريض أحد للتمييز من قبل أية دولة أو مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو شخص على أساس الدين أو غيره من المعتقدات -يشكل التمييز بين البشر على أساس الدين أو المعتقد إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة- تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع واستئصال أي تمييز، على أساس الدين أو المعتقد- تبذل جميع الدول كل ما في وسعها لسن التشريعات أو إلغائها حين يكون ذلك ضروريا للحؤول دون أي تمييز من هذا النوع- يتمتع والدا الطفل أو الأوصياء الشرعيون عليه، حسبما تكون الحالة، بحق تنظيم الحياة داخل الأسرة وفقا لدينهم أو معتقدهم- يجب أن يحمى الطفل من أي شكل من أشكال التمييز على أساس الدين أو المعتقد- حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد ما-حرية تعليم الدين أو المعتقد في أماكن مناسبة لهذه الأغراض- حرية مراعاة أيام الراحة والاحتفال بالأعياد وإقامة الشعائر وفقا لتعاليم دين الشخص أو معتقده....).
ان إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز على أساس الدين أو المعتقد لسنة 1981 بطبيعته غير ملزم، وبالطبع لم يتضمن نصه الإشارة إلى إنشاء آلية للإشراف على تنفيذه. وقد قامت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وفي محاولة منها لمعالجة ذلك القصور، بتعيين مقرر خاص خبير مستقل للإشراف على تنفيذ هذا الإعلان، وذلك ضمن الإجراءات التي تستند إلى نص ميثاق الأمم المتحدة وليس إلى نص وارد في معاهدة ما من معاهدات حقوق الإنسان. وعلى المقرر الخاص أن يقدم تقريراً سنوياً للجنة حقوق الإنسان بخصوص وضع حرية الدين أو المعتقد في العالم.أما بخصوص العراق حيث بين الدستور العراقي لسنة 2005 حرية الدين والمعتقد وكما في المادة (2) ثانياً :ـ(( يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، كالمسيحيين، والايزديين، والصابئة المندائيين.)) ، لكن المادة 3 من الدستور اكد بأن
(العراق بلدٌ متعدد القوميات والاديان والمذاهب)
ووفق هذه المادة صنف العراق الى تعددية قومية ودينية ومذهبية والمتعدد دينيا ومذهبيا مذكور في المادة 2 الانفة الذكر فقط .وأوضحت المادة 10 من الدستور كيفية الحفاظ على المقامات الدينية والعتبات المقدسة واعتبارها كيان ديني وحضاري والدولة مزلمة بالصيانة والحرمة وضمان ممارسة الشعائر
((العتبات المقدسة، والمقامات الدينية في العراق، كياناتٌ دينيةٌ وحضارية، وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها، وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها.المادة 10 )) ولم تقف الدستور العراقي في هذا الحد حيث اشارة في المادة 14 الى تعزيز حرية المعتقد (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب...... أو الدين أو المذهب أو المعتقد.....)، ولم تختلف المادة (15) من الدستور التي منحت كل عراقي(.. الحق في الحياة والأمن والحرية و لا يجوز الحرمان من هذه الحقوق وتقييدها إلا بنص القانون) . وهذه المادة داعم لحرية المعتقد الديني يضاف إلى أن المادة (17) أشارت إلى احترام الدستور لخصوصية الشخص والحق بحريته الشخصية على أن لا يتنافى ذلك مع حقوق الآخرين والآداب العامة، وكما اشارت المادة42 من الدستور الى
(لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة) والمادة 43 الى
(اولاً :ـ اتباع كل دينٍ او مذهبٍ احرارٌ في:
أ ـ ممارسة الشعائر الدينية، بما فيها الشعائر الحسينية).
الجدير بالذكر هنا ان قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 حدد المساس بالدين أو المعتقد واعتبرها من الجرائم التي تمس الشعور الديني حيث المادة 372 التي نصت على :
1- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على ثلثمائة دينار.
أ- من اعتدى باحدى طرق العلانية على معتقد لاحدى الطوائف الدينية او حقر من شعائرها.
ب- من تعمد التشويش على اقامة شعائر طائفية دينية او على حفل او اجتماع ديني او تعمد منع او تعطيل اقامة شيء من ذلك.
ج- من خرب او اتلف او شوه او دنس بناء معدا لاقامة شعائر طائفية دينية او رمزا او شيئا آخر له حرمة دينية.
د- من طبع ونشر كتابا مقتبسا عند طائفة دينية اذا حرف نصه عمدا تحريفا يغير من معناه او اذا استخف بحكم من احكامه او شيء من تعاليمه.
هـ- من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة دينية.
و- من قلد علنا ناسكاً او حفلا دينيا بقصد السخرية منه.
نستنتج مما سبق ان المجتمع الدولي اكدت على حرية الدين والمعتقد وتغيره كما وضع بعض القيود مثلا على ان لايخالف النظام والاداب العامة وحريات الاخرين ،كما ان الدستور العراقي وقانون العقوبات منح حرية الدين والمعتقد للعراقيين وجرم الافعال التي تمس المعتقد الديني او التشويش على اقامة الشعائر او التشويش وما شابه ذلك ، حيث فقط ما مذكور في المادة2 من الدستور العراقي أي (( المسلمين – المسيحيين-الايزديين-الصابئة المندائيين). ومن هنا يتضح ان الدستور لم يشير الى اديان ومعتقدات اخرى ان وجدت ولم تعلن الى الجمهور .
المصادر/
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966
- إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التعصب أو التمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد 1981
- الدستور العراقي النافذ 2005
- قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969
- مركز حقوق الإنسان -جامعة منيسوتا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ




.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال


.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب




.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب