الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما وراء ظهور وإعترافات عماد الطرابلسي الآن ؟

بشير الحامدي

2017 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ما وراء ظهور وإعترافات عماد الطرابلسي الآن ؟
ــــــــــــــــــــــــ
يوم 19 ماي 2017 على شاشة التلفزيون وقع تقديم الفاسد المجرم عماد الطرابلسي في هيئة الحمل الوديع ورغم أن الكاميرا كانت ثابتة فقد كان المشهد يراد به النفاذ إلى المشاعر لا غير. كان الهدف واضح جدا: غسل جرائم هذا الفاسد بالمفعول السحري "للاعتراف" اعتراف هو في حقيقة الأمر ليس سوى تلاعب بالحقيقة.
لم تكن الحقيقة هي التي تعني ولم تكن الجريمة هي التي تعني ولم يكن الضحايا هم الذين يعنون ولم تكن المصلحة العامة هي التي تعني.
لقد غاب كل هؤلاء وحضر فقط الفاسد المجرم ولكن في صورة الحمل الوديع يتحدث في أريحية تامة ويجيب عن أسئلة موجهة تتوسل أجوبة ملونة باردة أتقنت إخفاء جرائم عصابة لصوص ومصاصي دماء لأكثر من عقدين من الزمن.
في الحقيقة لا شيء يأتي صدفة فليس عماد الطرابلسي فقط من يراد له الخروج بصورة الحمل الوديع. المراد أن تخرج العصابة كلها بوجه الحمل الوديع.
المطلوب كان تمرير عملية واسعة تتظافر فيها كل أجهزة النظام لطمس معالم جريمة ضد عشرة ملايين امتدت لأكثر من عشريتين من الزمن...
والمطلوب كان أيضا الرضوخ لنفس العصابة مجددا .
الرضوخ لنفس العصابة مجددا عملية تشتغل عليها دوائر ذات نفوذ دوائر مشكلة في منظومة كاملة مترابطة مُطْبِقَة على كل الدواليب من الاقتصاد إلى السياسة إلى الإعلام إلى المخابرات و منظمة على طريقة المافيا.
الرضوخ لنفس العصابة عنوانه الكبير في هذا الطور من الانقلاب هو: المصالحة .
ليس مصادفة أن تمرر "شهادة" عماد الطرابلسي في هذا الوقت بالذات.
في منظور العدالة الانتقالية وفي منظور هيئة الحقيقة والكرامة تصبح الاعترافات شهادات
ويتحول المجرم إلى مجرد شاهد وراو وفي بعد آخر يصير ضحية.
إن المطلوب وبكل بساطة هو طمس الحقيقة أو حصرها في أمر مجانب لها تماما.
هذا هو المعنى الحقيقي للمصالحة التي تجتهد أجهزة الانتقال الديمقراطي في تمريرها.
إنها أعمق من مجرد مناكفة بين نداء تونس والنهضة في هذا الطور من الانتقال الديمقراطي و أبعد كثيرا من ذلك.
إنها أمر وقع إقراره من قبل العصابة منذ بعث هيئة الحقيقة والكرامة وربما حتى قبل ذلك بكثير. ربما يعود التاريخ تحديدا لزمن حكومة السبسي في 2011
منذ البداية لم يكن الهدف مما يسمى الانتقال الديمقراطي سوى: المصالحة مع الفاسدين
وقد كانت العصابة أول من يعرف أن الهيمنة السياسية لا تعني شيئا بعيدا عن النفوذ الاقتصادي
لقد كانت السلطة دائما بوجه اقتصادي مكشوف أو غير مكشوف ولقد غاب ذلك دائما عن أحزاب ومجموعات ـ الحريات السياسية مرحلة من مراحل الثورة... ـ
وها أننا نشهد وبالملموس أوهام مثل هذه المقولات البائسة وكيف يتحول هامش الحريات هذه مجالا لا يفتح سوى على مزيد هيمنة العصابة والاستبداد.
ليس غريبا أن يلعب المجرم الفاسد الأكبر بعد الديكتاتور بن علي عماد الطرابلسي الدور للتغطية على كل الفاسدين فلابد للمصالحة من رمز عبره تطوى كل الملفات وتقبر كل الحقائق وبنجاحه يخرج الجميع إلى العلن مطهرين من كل جريمة وفي لباس أبيض ناصع وتستمر اللعبة أشرس مما كانت .
ــــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
20 ماي 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار