الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عُمرِ سلمى عن مانشيستر

إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ

2017 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في عُمرِ سلمى
عن مانشيستر

استيقظت اليوم الثلاثاء مبكراً.
أكثر من العادة.
نحو الرابعة والنصف صباحاً.
دائما ما يكون نومي قلقاً قبل سفري في رحلة عمل.
هذه المرة إلى فيينا للمشاركة في فعالية على هامش مؤتمر “منع ومكافحة التطرف العنيف الذي يقود إلى الإرهاب”.
تنظمه منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

حقيبتي معدة من الأمس. كل ما علي فعله ان اخذ دشَ الصباح وانطلق.
فتحت هاتفي كي ارى الايميلات التي وصلتني.
هكذا استطيع الرد عليها بهدوء قبل أن يبتلعني عمل اليوم والغد.
ارتطمت عيناي بخبر عاجل. إنفجار في أستاد يعج بالمراهقين والمراهقات. في مانشيستر. عدد القتلى حينها ١٩ شخص. والجرحى بالعشرات.
إنفجار بعد حفلة موسيقية.
ذهبوا وذَهبّن في آمان الله لسماع الموسيقى، فَفجرَ إرهابي نفسه فيهم/ن.

حدث هذا يوم أمس. في المساء. بعد أن خلدت إلى النوم.

ابتلعت الخبر بصمت.
وبدأت أُعد لليوم.
السابعة صباحاً كنت في طريقي إلى المحطة ومنها إلى المطار.
في الطريق قرأت ملف المؤتمر.
ثم قرأت من جديد ما سأقوله.
ثم بدأت أقرأ الأخبار في مواقع مختلفة.
انظر إلى الصور.
أنظر إلى الوجوه.

وصلت إلى المطار.
وجدت نفسي أتصل بسلمى. إبنتي.
لم تَرد طبعاً. كنت أعرف أنها لن تستطيع الرد.
هي في المدرسة. ولن تتمكن من الرد على أمها حتى لو أرادت، طالما هي في فصلها الدراسي.
أردت فقط أن أسمع صوتها في الرسالة المسجلة على بَريدها الصوتي.
أسمع صوتها.
سمعته.
ثم تركت لها رسالة صوتية: “أحببت ان أسمع صوتك. اراك غداً مساءاً”.
أحسست بغصة. فاتصلت بتوماس، زوجي.
رد علي قلقاً: هل تأخرتِ على المطار؟
“لا”. سمعت صوتي مخنوقاً.
“لكني افكر في ضحايا مانشيستر. هم في عُمر سلمى. في سِن سلمى”.
فهمني.
لم يحتاج إلى أكثر من هذه العبارة.
“هن في سِن سلمى”.
فأبنتنا تذهب هي الأخرى إلى حفلات موسيقية كصبايا مانشيستر. وتفرح بالموسيقى. وتغني مع من يغني، آمنة.
وابنتنا تسافر أيضا. عودناها على السفر معنا ثم وحدها كي تتعرف على الإنسان أينما كان، وتحترمه أيَّن كان.
وكان يمكن أن تكون في هذه الحفلة.
مع صبايا مانشتستر.
مع شباب مانشستر.
بناتنا، وأولادنا.
كانوا وكُن المستهدفين.
الا يحق لي أن أتألم مع ذويهم/ن؟
فمن مات وجُرح يمكن أن يكون فلذة كبدي.

الكلُ مستهدف بالإرهاب.
الكل.
هنا أو هناك.
في مصر، في اليمن، في أفغانستان، في نيجيريا، كما في مانشيستر.
الكلُ مستهدف.

هو لايميز.
بين طفل، امرأة، شيخ، إنسان.
لايميز.
حاقد.
كاره.
يريد أن يُروع. وينفث السم، سُمه.

إستاد مانشيستر كان يجمع بين كل أطياف المجتمع البريطاني المتعدد.
مجتمعٌ يحترم الإنسان.
بكل الوانه. بكل اديانه. بكل أعراقه.
و معظمهن كن مراهقات. معظمهم كانوا مراهقين.

ونحن كالعادة سندين الإرهاب.
وكالعادة سنقول إن الإسلام بريء منه.
وأنا كالعادة سأصر على أن مواجهة الإرهاب العنيف تستلزم منا مواجهة الفكر الإسلاموي السياسي والخطاب الديني والتفسير السائد لدينا.
من نخدع هنا؟
العالم أم أنفسنا؟
فمن الغريب أن ندين فعل الإرهاب، ونصمت عن الفكر الذي يقُسم العالم إلى معسكرين، مؤمن وكافر، ويسمي العنف جهاداً، ثم يصر على المسلم أن يكره المختلف عنه في قلبه قبل فعله، ويزيد بأن يلعن كل من يختلف عنه بعد كل صلاة.
هذا من ذاك.
ذاك الفكر، هذا الخطاب، معاً، يُعبدان الطريق إلى فعل العنف الذي ندينه.
وكي نكون مُتسقين فكرياً سيكون علينا أن ندين الإثنان.
ونتَخذ موقفاً واضحاً منهما.

ولن أزيد عن ما قلته.
لأني الآن محبطة.
حزينة.
أغُص بحرقة أهالي مَن قُتلوا غدراً في حفلٍ موسيقي.
صبايا وشباب.
في سن إبنتي.
في عمر ابنتك. إبنك.
ولذا فتحت كمبيوتري.
وبدأت المقال في المطار، واكملته في الطائرة.
دونت هذه الكلمات.
أسطُر الغصة.
كي لا اختنق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تديني قط الارهاب الصهيوني والروسي والأمريكي
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 23 - 15:26 )

الارهاب واحد

وكله مدان

لكن لماذا تسكتون عن ارهاب وتدينون ارهابا

ارهاب الأفراد والجماعات ارهاب مدان

لكن ارهاب دول هو الأشد


2 - تحريم الغناء والموسيقى في الإسلام
شاكر شكور ( 2017 / 5 / 23 - 18:22 )
من الأفضل استاذة إلهام عدم تشجيع الأولاد والبنات على ارتياد الأماكن العامة لسماع الغناء والموسيقى من آلات الملاهي المعازف ، فمثل هذه الفنون تعتبر إثم ومعصية الله في نظر الإسلاميين استادا الى سورة لقمان 5 التي تقول (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) ، ولهو الحديث هو الغناء ، ومحمد نفسه حرّم المعازف بقوله (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) ، والذي فجّر نفسه يحتمل انه استند على الحديث (من رآى منكم منكرا فليغيره بيده) ، على كل حال لن ينتهي مسلسل تفجير الإسلاميين انفسهم طمعا بالحوريات والولدان المخلدون المحّلون بالأقراط والأساور فهذا جزء من العبادة والتدين وبرنامج معد بدقة من قبل الشيطان الرجيم ، تحياتي استاذة إلهام


3 - ترامب الداء والدواء
البابلي ( 2017 / 5 / 24 - 04:44 )
صليل السيوف والقلائد الذهبية ،وألق الزمرد واللالئ تسكر الراهب المتعبد فما بالك بمصاص الدماء الأمريكي ،هو بائع وبين البائع والمشتري يفتح ألله ، والثمن غالي ،الثمن دول تباع ،دول تطفو على كنوز وحضارات سلمت باليد ،من يد سلمان ليد الداهية لابس الطاقية الصهيونية ترامب ودون خجل أو إحراج من أي زلمة عربي بكصته تلك الركعة القذرة من كثرة السجود ، تعالوا انا وإلهام نبيعكم السلاح الفتاك الذي سيقضي على داعش وكل صنوفه ،ودون إراقة قطرة دم واحد ،كتاب واحد يكشف اثام القرآن واله الإسلام المتوحش ونبيه المتعطش أبدا للدماء والذي هو صنع نفسه وقبيله كما عظم صدام والقذافي ب أنفسهم ونفخوا وارهبوا الناس ، وها نحن نترحم عليهم ونتحسر وبنفس الطريقة كان محمد صنع إله وكتب السيناريو وعمل جيشا آكلا للحوم البشر وساد أرض العباد ، ليأتي من بعده رعاة الإبل حفاة آل سعود ليصنعوا منه نجما ولا نجوم هوليود ولا أوضح من ذلك في فيلم الرسالة ، تأكدوا كتاب واحد ضد هذا الدين المأفون سيتم السلام الى الابد وهذا هو الحل

اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني