الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباكون و المتباكون على وحدة تراب العراق ..

رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)

2017 / 6 / 2
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


عبر كل ذاكرة تأريخ المنطقة التي اطلق عليها اسم العراق ، تؤكد كل الاحداث و قصص الصراعات و الحروب فيها ان هذه الرقعة الجغرافية من الشرق الأوسط لم تكن موحدة و لم تمتلك مقومات التوحيد ابدا، و لم تتمكن صراعات و منازعات القوى و العوامل المحلية و لا الخارجية بما فيها الهجرات اليها او الغزوات الدينية و لا عنجهية و بطش حكامها و ولاتها من غرس فكرة البلد الموحد كثقافة او كعقيدة راسخة في ذهنيات وعقول سكانها بسبب اختلاف انتمائاتهم القومية و الدينية و بيئاتهم الطبيعية و الاجتماعية ..
هكذا كان الحال دائما من أيام سومر و آكد و آشور و بابل و نينوى و من بعدها الاحتلال الفارسي و المقدوني ثم الغزو الاسلامي و قيام الامبراطوريات الاسلامية الأموية و العباسية و العثمانية و الى سقوط الامبراطورية العثمانية و الهيمنة البريطانية كنتيجة من نتائج الحرب العالمية الاولى على الولايات العثمانية الثلاث ( الموصل و بغداد و البصرة ) و التي كانت مستقلة عن بعضها البعض سياسيا و اداريا و اقتصاديا ، يحكم كل ولاية منها والي يرتبط مباشرة بالسلطان العثماني .. و وفق اتفاقية ( سايكس –بيكو ) و قعت هذه الولايات الثلات ضمن الحصة البريطانية التي اسست عليها ما عرف بـ ( المملكة العراقية ) و نصبت عليها ملكا من غير أهلها ..!
تمكنت ( بريطانيا العظمى ) - بفضل ارتياح غالبية الأهالي من تحررهم من الهيمنة العثمانية المستبدة ، و أيضا بفضل قواتها العسكرية المنتصرة في الحرب و خبراتها السياسية و التنظيمية في ادارة شؤون المستعمرات و الحكومات - تمكنت من لم الأهالي من قوميات و اديان و مذاهب و ثقافات مختلفة في اطار ما سمي بالمملكة العراقية ، لكنها لم تستطع ابدا من غرس ثقافة و عقيدة المواطنة و الأنتماء لوطن واحد في عقول من شكّل منهم الشعب العراقي ..و هكذا ومنذ تأسيس دولة العراق ( الفاشلة ) في عشرينات القرن الماضي و قبولها عضوة في ( عصبة الأمم ) الفاشلة بدورها ، لم يستقر الحال و لم يهدأ في هذا البلد المضطرب دائما ، بل تصاعدت فيها حدة الخلافات و المنازعات القومية و المذهبية و التي كانت كلما تقمع بقسوة كانت تعود فتندلع بصورة أشد و بخلافات أعمق و أكثر تعقيدا ، كل هذا في إطار دولة تم تفصيلها حسب مقاسات المحتل و ليس حسب حاجات مواطنيها .
وهنا ( كوجهة نظر شخصية ) أتساءل .. أما كان من الأفضل لسلطات الأحتلال البريطاني و بعد هيمنتها على الولايات العثمانية الثلاث ( البصرة و بغداد و الموصل )والتي لم يأتي تشكيلها في العهد العثماني من فراغ ؛ أما كان من الأفضل لها و لسكان الولايات الثلاث من تأسيس ثلاث دول على انقاض تلك الولايات بدلا من دولة واحدة ، خصوصا ان اتفاقية سايكس – بيكو بخرائطها التفصيلية الأولى كانت لا تتعارض مع هكذا أمر حتى و ان جاء مع بعض التعديلات هنا و هناك ، و كان كاجراء لا يقلل أو يضعف من من قدرات الهيمنة البريطانية و لا يلحق الضرر بمصالحها ، و بالطبع فان تأسيس ثلاث دول كان سيكون أفضل بكثير من سياسات فرق تسد في اطار الدولة الواحدة التي حتى و ان كانت ذات فائدة للمحتل الا انها في نفس الوقت خلقت لها الكثير من الاعداء و المعارضين الناقمين و الساخطين عليها ..
ان تأسيس ثلاث دول بهيمنة بريطانية محل الولايات العثمانية الثلاث كان و بكل تأكيد سيكون امرا مقبولا لدى جميع الاطراف العراقية و كان سيخفف من وطأة و ثقل كلمة ( الاحتلال الأجنبي ) و يتفق كل الاتفاق مع اعلان الحلفاء ( أثناء الحرب العظمى ) الذي وعد و أكد على تحرير شعوب المنطقة من الاحتلال و الاستبداد العثماني و ضمان حقوقها في تقرير مصائرها بنفسها .. و من غرائب سياسات الهيمنة البريطانية في تلك الفترة انها طبقت عكس هذا الامر على الساحل الغربي للخليج العربي – الفارسي ، حيث أسست بأمتدادهذا الساحل نحو (13) امارة و دويلة صغيرة برغم ان الأنتماء القومي و الديني و البيئي و اللغوي لجميع سكان مناطق ساحل الخليج الغربي كان واحدا موحدا بالأساس كقبائل رحل لا يفصل بينها اي مانع او حدود ، و كما نرى اليوم فأن هذا التقسيم جلب الكثير من الرخاء و التقدم و الازدهار على سكان المنطقة و اخرون غيرهم ..
ونعود الى العراق و نقول ان تأسيس ثلاث دول على ترابها ( المتباين في تركيبه السكاني وانتمائاتهم القومية والمذهبية ، و المختلف في التضاريس و البيئة و المناخ ) بدلا من دولة واحدة غير متجانسة التركيب في كل شيء كان سيجنب الجميع بكل تأكيد أغلب ان لم يكن كل الصراعات و الحروب التي جرت على كل الاطراف الكوارث و الويلات والكثير من الخسائر و الضحايا وتورط فيها اخرون من الجوار و الابعدمن الجوار ، و منعت التطور الايجابي و التقدم الحضاري في كل مناح الحياة ، تأسيس ثلاث دول بدل دولة واحدة فاشلة كانت ستكون حالة جيوبولوتيكية داعمة للاستقرار و النماء يجني من فوائدها الجميع الشيء الكثير ..
بمعنى اخر فان توحيد الاراضي و السكان متعددي الاعراق و المذاهب قسرا لتأسيس الدولة العراقية جلب البلاء على الجميع و صارت هذه الدولة بؤرة للازمات و الصراعات المزمنة التي لم و لن تهدأ طالما بقت جغرافية مايسمى بدولة العراق على ماهي عليه كدولة ثبت فشلها عشرات المرات عبر عشرات الانقلابات و التصفيات الدموية التي شهدتها هذه البلاد ، و مع استمرار هذه الدولة كيانا و حكومة فان كل الصراعات و المنازعات العلنية و الكامنة ستزداد حدة وتعقيدا ، وهنا لايجب تحميل الشعوب العراقية بمختلف انتمائاتها القومية والمذهبية المسؤولية على ما ال اليه احوالهم و احوال البلاد و على كل المأسي و الويلات و كل هدا التخلف و العجز عن التقدم الحضاري ، بل ان المسؤولية يجب أن تلقى بالكامل على ( التأسيس الخاطيء ) للدولة العراقية ، الأمر الذي يجب ان يصحح محليا و دوليا فيما اذا اريد للمنطقة وشعوبها الاستقرار و السلام و بالتالي النهوض و التقدم نحو النماء و الازدهار خصوصا انها تملك من الثروات ما يعينها على ذلك..
وعليه فأن الطموح الكوردي الى تأسيس دولته ، طموح عادل ومشروع وخطوة رشيدة نحوبناء الاستقرار و بالتالي السلام في المنطقة . فمن حق الكوردي كحق انساني واسوة بغيره ان ينعم بدولته و حكومته على ارضه و موطنه التاريخي ، و استنادا الى ماعاناه هذا الشعب من ظلم وتجاوزات على حقوقه الانسانية و ما تعرض له من مجازر وحملات ابادة ، فان دولة كوردستان ستكون الضمان الوحيد الذي يطمئن الكورد من المستقبل وعدم تكرار جائم الابادة والتطهير العرقي بحقهم ، و كسلوك حضاري وانساني راق على البعيد والقريب احترام رأي شعب كوردستان في اي استفتاء يجرى بهذا الخصوص .. وان مسألة الاعلان عن دولة كوردستان وكما تؤكد بعض المصادر الاستخبارية والسياسية العالمية امر مفروغ منه وما تبقى هو موعد الاعلان عن ذلك ، و كلما كان الموعد اقرب كلما كان الامر أفضل للجميع ..
و اليوم و بعد افتضاح فشل الدولة العراقية علنا بسبب الاسس الهشة التي بنيت عليها و السياسات الرعناء و الحمقاء لحكامها و حكوماتها المتعاقبة و استحالة تحقيق العدل والمساواة بين مواطنيها و عدم امتلاك روح الانتماء لوطن مشترك ، فأن كفة تقسيم مايعرف بالعراق على خارطة الشرق الاوسط هو الارجح من كفة كيان دولة وحكم نخر فيها سوس الفساد بمختلف اشكاله وتفشى فيه التخلف و مسببات التراجع الحضاري و صارت السياسة فيها مجردمواقف تعصب والغاء لحقوق الاخر و حماقات و فهلوات غالبية ساستها و حكامها وبرغم هذا الحال الذي آل اليه حال العراق وافلاسها من كل مقومات الدولة الحضارية الرشيدة ، لا يزال البعض من تجار شعارات الوطنية المستهلكة من ساسة فاشلين ومنبوذين يفتقرون لابسط مقومات المواطنة و الوطنية يتباكون على وحدة التراب العراقي و منهم ( نوري المالكي ) نموذجا ، الذي ( تكرّم ) أبان فترة رئاسته للوزارة العراقية بتقديم أكثر من ثلث مساحة الأراضي العراقية و معها 3/4 السلاح والعدد والاليات الحربية من تجهيزات الجيش العراقي هبة و على طبق من ذهب الى عصابات داعش الارهابية التي ركزت حملاتها و نشاطاتها الاجرامية بعد هذه ( المكرمة المالكية ) على اقليم كوردستان العراق ..!!
ما فعله المالكي أمر يعتبر ( من دون نقاش ) في قوانين كل دولة تحترم شخصيتها و وجودها وتكوينها وسيادتها الوطنية ( خيانة عظمى )، لكنه و برغم فعله الشنيع هذا و بدلا من ان يعتذر للجميع ويعتزل السياسة و ينزوي في ركن بعيد ، نراه بين حين و اخر يلوح بسيفه الخشبي مهددا كوردستان و شعب كوردستان و كل المناصرين لقضيتهم العادلة بالويل والثبور و اخرها كانت تهديداته الرافضة لحق شعب كوردستان في اجراء استفتاء قانوني وشعبي بخصوص الأعلان عن دولة كوردستان .. و حقيقة الامر فإن الباعث الذي يحرك المالكي و امثاله المتعصبين ( عروبيا ومذهبيا ) ليس وطنيا و لا حرصا على سلامة و وحدة ما يعرف بالتراب العراقي ، فالدولة العراقية مفتتة بالاصل وهو من اول العارفين بهذا الامر ، لكنه يتجاهل انه من حق كل طرف أن يؤمن و يضمن مستقبله من دون تجاوز على حقوق الاخرين ..
وطنية المالكي المزيفةالتي يستعرض و يتظاهر بها هي محاولة اخرى من محاولاته الملتوية للعودة الى اضواء الصفوف الاولى في الحكم تليها خطوات ودسائس لازاحة الاخرين من اعوان ومنافسين نحو الانفراد بالحكم ..!!
ولا جديد في مواقف المالكي و امثاله فمواقفهم السلبية و العدائية من اقليم كوردستان متوقعة ومعلومة و هم لايملكون الا اجترار اللحن النشاز لأسطوانة قديمة مشروخة ، كررها كل من سبقوهم من حكام و حكومات فاشلة ، قادت العراق من فشل الى اخر ..
وهكذا المالكي و امثاله و كما تعودوا فهم لايبكون على وحدة التراب العراقي بل يتباكون و بروح عنصرية عروبية مريضة ، و عصبية مذهبية مقيتة بالوطنية العراقية يتاجرون ..
وختاما ..
اوجه هذا السؤال للجميع بمن فيهم من باكون ومتباكون على وحدة التراب العراقي :
( ماذا تحقق و ماذا أنجزمن تقدم و رفاه حضاري منذ تأسيس الدولة العراقية و الى يومنا هذا ؟ .. ماهي الفوائد و المكاسب التي جناها الاقوام العراقية من تأسيس كيان الدولة الكسيح هذا حتى الان ؟ .. ماهي خطط و مشاريع حكام هذا الكيان المريض المتداعي لتحقيق سعادة و رفاه و أمان المواطنين جميعا من دون تميز و بكل عدل و انصاف و مساواة ؟ ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عراق الوهم
طارق ( 2017 / 6 / 2 - 06:49 )
لماذا لم يستطع الحزب الشيوعي العراقي طرح أو تبني هكذا تحليل صائب منطقي لتجنيب الشعب العراقي ويلات الحروب ووقف نهر الدم

اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس