الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوات سوريا الديمقراطية والازمة التركية في الازمة السورية

زياد عبد الفتاح الاسدي

2017 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتمكن أردوغان المُحبط والغاضب أحياناً , والغارق أحياناً أخرى بأحلام السلطنة والعظمة في تركيا وطموحات السيطرة على سوريا والمنطقة العربية , من التأقلم على ما يبدو مع تطور الاحداث التي شهدتها تركيا والمنطقة في السنوات الاخيرة .. من انهيار لحكم الاخوان في مصر وتراجع لدورهم في تونس وفشلهم عسكرياً في سوريا ... والازمات الداخلية في تركيا بما في ذلك الاحداث العسكرية الدامية مع أكراد تركيا .... والاهم من كل ذلك ما شهده الصراع الدائر في سوريا والعراق من مُتغيرات لا تصب في صالح أردوغان وأحلامه في التمدد الاقليمي , من حيث التدخل العسكري الروسي في الازمة السورية ..والظهور المُتنامي لقوات الحشد الشعبي في العراق الرافضة للتآمر الطائفي التركي تحت ذريعة "حماية السنة " وتركمان العراق ومحاربة داعش ... وأخيراً القلق التركي الشديد الذي عبر عنه أردوغان مُؤخراً من الدور الامريكي الداعم لوحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري التي تنامت في في حجمها وقوتها وتسليحها بما لا يروق لاردوغان ويزيد من غضب القيادة التركية وأزماتها في سوريا ...... فقد كان أردوغان في السنوات الاولى للازمة السورية مرتاحاً نوعاً ما الى الدور الذي لعبته ادارة أوباما في دعم المعارضة السورية وما يُعرف بالجيش الحر والجماعات المُسلحة الاخرى , وما يُعرف بمسرحية الحرب على الارهاب وتنظيم داعش … كما لم ينزعج كثيراً من الدور الروسي الذي اقتصر عندها على الدعم السياسي لسوريا في مجلس الامن وتزويدها بالأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي المُتطورة .
ولكن رياح التغيير بدأت تهب منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر 2015 بما لا تشتهي سفن أردوغان وسياسة الاجرام واللصوصية والدمار التي انتهجها بالاشتراك مع السعودية وقطر باستخدام الجماعات الاخوانية والتكفيرية المُتطرفة بمُسمياتها المختلفة ... فالقيادة التركية التي انتهجت منذ اندلاع الازمة السورية سياسة همجية ومغامرة ومدمرة, لم تُرقها هذه التبدلات .. وأخذت تتخبط في سلوكها وسياستها تجاه الازمة السورية بعد أن انهارت أحلامها في اسقاط النظام السوري بالاعتماد على الجماعات التكفيرية المُسلحة, في الوقت الذي لم يتوقع فيه أردوغان مدى الحزم والجدية البالغة للتدخل العسكري الروسي في مواجهة هذه الجماعات ,التي تحوي بين صفوفها عشرات الالوف من الجماعات الاسلامية المُتطرفة القادمة من خارج سوريا والمعادية بشدة لروسيا, كالمقاتلين السعوديين والشيشان والتركمان والافغان والطاجيك والاوزبك والتركستان (الايغور في غرب الصين )…. وغيرهم . وهذا أمر يعلم الروس جيداً ومن ورائهم الصين أنه يُشكل خطورة بالغة جداً على الامن القومي لروسيا والصين .… ومن هنا فالروس وبتأييد صيني حازم لن يترددوا في مُتابعة تدخلهم العسكري في سوريا حتى يتم القضاء التام على هذه الجماعات التكفيرية .... كما أن أردوغان لم يُدرك على ما يبدو أن الروس يعلمون جيداً أن الدور التركي في الازمة السورية لن ينتهي ضمن حدود سوريا, بل قد يتعداه الى أبعد من ذلك بكثير.. وتحديداً في إمكانية التواطؤ التركي مع الناتو وتحالف الغرب وتهديد أمنها القومي بشتى الوسائل بما في ذلك محاولة حصار روسيا عسكريا واللعب بباحتها الخلفية ولا سيما في مياه البحر الاسود وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم .
هذا من جهة .. أما من جهة أخرى فإن وحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في نشاطاتها العسكرية والقتالية منذ اندلاع الازمة السورية ضد الجماعات التكفيرية في الشمال السوري , شكلت قلقاً عظيماً لأردوغان والقيادة التركية, ليس فقط لكونها تُشكل تهديداً للامن القومي التركي , بل أيضاً لكونها تُشكل عائقاً كبيراً في في وجه الجهود التي تبذلها القيادة التركية لتحقيق أهدافها الاجرامية وتمددها العسكري في سوريا في وقت تصُر فيه الولايات المُتحدة على مُشاركة قوات سوريا الديمقراطية في تحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش بالرغم من الرفض التركي الشديد لهذه المُشاركة, الذي ترافق من حين الى آخر مع القصف الجوي والمدفعي والاعتداء على المواقع العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية... فيما لاتزال فيه هذه القوات تُنسق وتتعاون عسكرياً مع التحالف الغربي بقيادة الولايات المُتحدة ... وهو تعاون بدأ على نحوٍ محدود خلال المعارك الطويلة والضارية التي خاضها ألاكراد السوريون في عين العرب (كوباني) في مواجهة تنظيم داعش عام 2014 .. وتزايد فيما بعد ليتحول الى شبه تحالف عسكري (قد يكون مرحلياً) على قاعدة المصلحة المُشتركة بين الطرفين .. في ظل العداء التركي الشديد لاكراد سوريا وطموح الولايات المُتحدة وتحالف الغرب لتقسم سوريا الى كينات عرقية وطائفية ... فقوات سوريا الديمقراطية التي تُعتبر فصيل وطني سوري معارض تتشكل في أغلبيتها من أكراد سوريا ويُشارك فيها أقلية من العرب والآشوريين والكلد ن والتركمان .. وغيرهم تحت قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي .. وهو حزب سياسي يساري يُمثل بشكلٍ أو بآخر الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي التركي ... وتسعى قوات سوريا الديمقراطية بشكلٍ رئيسي من خلال التنسيق والتعاون مع قوات التحالف الغربي الحصول على الدعم اللوجستي والميداني والغطاء الجوي لتحاف الغرب في مواجهة العدوين التركي والداعشي ... والاهم من ذلك ضمان الحصول على الاسلحة من مدفعية ومدرعات وحاملات جنود وراجمات صواريخ ومضادات دفاع جوي ...الخ وغيرها من المعدات العسكرية التي يًصعب الحصول عليها عبر محيط أقليمي معادي في غالبيته لهذه القوات ... ولا سيما من جهة تركيا وأقليم كردستان العراق الذي يتميز بعلاقات تحالف متينة مع أردوغان والقيادة التركية .... مع العلم أن وحدات الحماية الكردية التي تُشكل البنية الاساسية لهذه القوات كانت تنسق عسكرياً مع الجيش السوري خلال السنوات الاربعة الاولى من الازمة السورية في قتالها لمختلف الجماعات التكفيرية المُسلحة التي تستهدف التجمعات السورية الكردية في الشمال ... وقوات سوريا الديمقراطية لم تنخرط على أية حال في أي صدام عسكري مع الجيش السوري خلال السنوات السابقة , باستثناء مواجهات عسكرية محدودة جرت في آب أغسطس عام 2016 في مدينة الحسكة السورية سرعان ما تم تداركها بوساطة روسية .. فيما تُحافظ هذه القوات بنفس الوقت على تواصل وتنسيق وتعاون مع الجانب الروسي ... وهذا يظهر بوضوح من خلال التنسيق العالي بين هذه القوات والجانب الروسي الذي يتواجد عسكرياً في معسكر كفر جنة في منطقة عفرين الكردية في الشمال السوري المُتاخم لادلب .... بينما نجد من جهة أخرى أن الولايات المُتحدة التي ساهمت بتسليح قوات سوريا الديمقراطية كانت تقوم بنفس الوقت بتسليح جماعات مُتطرفة من المعارضة السورية معادية بشدة لقوات سوريا الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية التي خاضت منذ السنوات الاولى للازمة السورية معارك شرسة وضارية في مواجهة الجماعات التكفيرية, ولا سيما في مناطق حلب وأريافها الشمالية والشرقية .
ومع ازدياد قلق أردوغان والقيادة التركية من التطورات العسكرية الجارية في سوريا وتنامي الدور الذي تلعبه قوات سوريا الديمقراطية التي بدأت تُنسق عسكريا حتى مع الجانب الروسي في ريف عفرين شمال محافظة أدلب التي تُعتبر المعقل الرئيسي للجماعات المُسلحة الموالية لتركيا ... ومع التقدم والانجازات العسكرية للجيش السوري في ريف حماة الشمالي المتاخم لمحافظة ادلب من الجنوب.. بدأت تركيا بعد الاخفاقات العديدة لعملية درع الفرات في أواخر صيف 2016 , تُحضر من جديد لعملية عسكرية واسعة لدخول محافظة أدلب من الحدود التركية بمرافقة وحدات مُسلحة تم تدعيمها من بقايا الجيش السوري الحر وتدريبها في معسكرات تركية تحت ما يُسمي بالجيش الوطني .... ومن الواضح أن ما تريده تركيا من وراء هذه العملية العسكرية المُرتقبة الدفاع عن معاقل الجماعات المسلحة الموالية لها في ادلب في مواجهة الجيش السوري وحلفائه من الجنوب والجماعات الكردية المُسلحة في عفرين من الشمال ... كما تسعى هذه العملية الواسعة الى التوحيد القسري لهذه الجماعات المُسلحة ودمجها بالكامل (بما في ذلك جبهة النصرة) ضمن ما يُسمى بالجيش الوطني السوري .... فهل يا تُرى سيتمكن أردوغان من تحقيق أهدافه من خلال هذه العملية العسكرية المُرتقبة , بعد كل هذه الاحباطات والاخفاقات والازمات التي التي واجهت ولم تزل تواجه تركيا منذ التورط المُتهور والاجرامي لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الاخواني في الازمة السورية ...؟؟؟؟
من المُستبعد أن تنجح الجهود التركية في هذه العملية ولا سيما في الدمج القسري لمختلف الجماعات المُسلحة في بوتقة ما أسمته تركيا " بالجيش الوطني " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة