الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرّقابة الشّعبية على الفكر العلماني مستبدّة أيضاً

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 6 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أسأل نفسي أحياناً: أيهما أشدّ. قمع السلطة، أم القمع الديني والشعبي؟
عندما تقوم الثورات بشكل عفوي يكون لها مطالب مشروعة، فالثورة الفرنسية والروسية لم تكن ثورة على الدكتاتورية فقط بل ثورة على الفقر، وفيما بعد أقرّت حقوق كبيرة للنساء، والعمال وأثّرت الثورتان على العالم أجمع، رسّخت مبادئ الحقوق والحريّة في أوروبا على الأقل. لم تمرّ الثورتان دون قتل بل إنّ الثورة الفرنسية استمرت ما يقارب مئة عام، والثورة الروسية لم تكن قيادتها شيوعية في البدء، ولم تكن حاضرة إلا بعد الثورة، كان أغلبهم يعيش في أوروبا حياة مرفّهة، عادوا بعد الثورة وربما نالوا مكاسبها، أو كانوا سبب فشلها، لكن الثورتان ساهمتا في تغيير العالم.
ثورات الربيع العربي تشبه تلك الثورات التي قامت فالدكتاتورية العربية ليست أقوى من القيصر على سبيل المثال. الفرق هو في الثقافة الشعبية، فعندما خرجت النساء في مظاهرات في بطرسبرغ من أجل إنهاء الحرب، والخبز. ثم تبعتها في أوروبا ففي السويد كانت تحت اسم حليب الأطفال لم يكن الدّين حاضراً. كانوا يريدون مصلحة حياتيّة معيّنة، بينما ثورات الربيع العربي هتفت للحريّة والكرامة وكلاهما مفهومان ربما كانا غامضين، فالبعض اعتبر أن الحرية والكرامة هي إعادة الدين إلى عهد الخلافة، والمفارقة أنّ أغلب الذين يتركون أوطانهم يقولون كنا أغنياء وثرنا من أجل الكرامة. هل المجتمع المستبد هو مجتمع غنّي؟
ثورات الربيع العربي شارك فيها حتى العلمانيون والقوميون من كلّ الطوائف، لكنّ نسبتهم أمام باقي المنتفضين كانت قليلة.
المؤامرة دائماً موجودة، وفي جميع الثورات، لكنّها ليست بطريقة الثورات العربية، حيث يعزي جميع من اعتلوها الفشل لإسرائيل والغرب والعرب، وهو كلام في ظاهره حق، لكن كلّ الذين يقودون العمل السياسي تابعون لتلك الجهات.
نحن اليوم أمام ظاهرة جديدة قد يكون للحكام دور فيها، ونحن لسنا بريئين منها. ظاهرة الإسلام المتطرف والمعتدل التي هي وصفة سحرية لتخريب الفكر، ولماذا يكون إسلاماً معتدلاً أو متطرفاً. لو شرّع المستبد قانوناً يقول بمدنية الدولة وضرورة الحصول على ترخيص لممارسة الشعائر لأصبح الدين يمارس بطريقة طبيعيّة، والمستبدّ يستطيع فعل ذلك، لكن ليس من مصلحته.
المستبدون العرب يجلسون اليوم على كراسيهم، وقد استطاعوا جعل شعوبهم تتحارب، وكلما زادت مدة الحرب زاد الفقر والجهل والتخلّف.
مقص الرّقيب على الإنسان لم يعد عنصر الأمن بل عنصر قومي أو دينيّ يرسل رسائله بتعليقاته على فكر البشر على سبيل التهديد الخفيف، وكلما زادت حدة التهديد كلما حاول الإنسان أن ينسحب من السّاحة فالحياة ثمينة، والتضحية بها ضرب من الجنون، وهذه الرقابة الدينية والقومية مدعومة برقابة شعبية تشنّ هجوماً على كل فكر تنويري.
بعد هدوء عاصفة ثورات الربيع العربي. زاد عدد المتطوعين لحماية عرش الإله ، وأصبحوا يسعون من أجله فيجزون الرؤوس، وباعتبار الحاكم العربي هو ولي أمر فإنّ الدفاع عن الإله هو دفاع عن أولياء الأمور الذين تضاعف عددهم بمتوالية هندسية، وأغلبهم يدافع عن حق الإله المقدّس.
كلّ ما يؤمن به المستبد نؤمن به، فالشعراء والفنانون، والإعلاميون ، والسّياسيون الذين كانوا مصدر تسليته. هم فنانو، وسياسيو الثورات أنفسهم، والشيوخ الذين أصبحوا علمانيين لأسباب ماديّة يفتون لصالح مجموعة محاربة.
فشلت ثورات الربيع العربي مرحليّاً، وقد تعود جذوتها بعد زمن، ونجح الدّين في فرض سلطته على المجتمع، وأقصد بالدين الإسلام، فبقيّة الفئات لا تأثير لهم. ربما يكره المسيحيون الإسلام واليهود لأسباب دينيّة، وكذلك هم المسلمون.
لم يكتف الإسلاميون بقمع الفكر بل قمعوا المرأة، وهي غير قادرة على الحصول حتى على الحقوق وفق الشريعة الإسلامية ، ومهما كانت مطالب الثورات عادلة إن لم تكن المرأة حاضرة
بقوة فيها، ولها مطالب محدّدة. لن تنجح تلك الثورات، فقد خرجت النساء السوريات من الثورة السورية بأسماء حزينة. أم شهيد، مغتصبة، ضحيّة، والفكر الشّعبي لا يمجد إلا النّساء القويّات أي ذات المنصب ،أو المال.
وهنا السّؤال يطرح نفسه: هل يعود العلمانيون إلى دعم الدكتاتورية كي لا ينجح الفكر الديني؟
في الحقيقة هم لم يغادروا دعمها تحت تلك الحجة، وقولهم أنّهم ضد الثورة لأنّها خرجت من الجامع، لا يعني أن عليهم أن يباركوا محرقة السّنة على سبيل المثال. ، وهذا ما جرى أثناء محارق اليهود من قبل النّازية، فحتى الناس العاديين كانوا ضد اليهود بسبب الفكر الاستبدادي الذي كانوا يعتنقونه.
وهنا لا بدّ أن نتوقف عند ظاهرة تطور الفكر، فمع ظهور العنف وداعش وأخواتها سواء كانت مصنوعة، أم لا، فإنّ جيلاً من الشباب، وربما نسبتهم قليلة حتى الآن ، لكنها آخذه بالتزايد.هؤلاء الشّباب لا يثقون برجال الدّين، ولا بالسّياسيين. الشباب من الجنسين قد يكونا أملاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس