الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الدولة عند أنطونيو غرامشي، من خلال كتابه (رسائل السجن)

محمد بقوح

2017 / 6 / 4
أوراق كتبت في وعن السجن


إن المجتمع المدني حسب غرامشي هو الوجه الآخر للدولة، وبالتالي، فهما يمثلان شيئا واحدا، كما قال. أي أن الدولة، افتراضا، بهذا المعنى، تشكل التحقق الفعلي والعملي للتوازن الصّحّي بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني.
غير أن غرامشي سيعود ليطرح سؤال العلاقة الملتبسة بين الحزب والنقابة، في سياق حديثه عن واقع السلطة السياسية للدولة والسلطة الرمزية للمجتمع المدني، كما عاش تفاصيل ذلك الواقع في لحظته التاريخية. بمعنى أنه يتساءل هنا عمّن يتحكم في الآخر، هل الحزب السياسي هو الذي يتحكم في النقابة، أم العكس هو الصحيح؟ النقابة هي المتحكمة بطريقتها في الحزب السياسي ..
بالنسبة لغرامشي، يرى، افتراضا للحرص على منهجية الحياد الموضوعي، ضرورة الفصل القطعي بين المسألة الحزبية والمسألة النقابية، باعتبارهما حقلين مجتمعيين مختلفين، حفاظا على استقلالية مهامهما القانونية والحضارية في تأطير المواطن والمجتمع، وتأكيدا أيضا على اختلاف آليات اشتغالهما، ودور كل منهما على حدة في العمل النقابي والحزبي، على اعتبار أن الحزب السياسي ملتزم بأدواره السياسية الكاملة، خدمة للشأن العام الاجتماعي والوطني وعلاقاتهما المتفاعلة. في المقابل، تلتزم النقابة، كإطار اجتماعي ومؤسسة حقوقية مدنية، بقضايا العمال والدفاع عن الحق المهني لطبقة المأجورين.
إلا أنه، إضافة إلى ذلك، يمكن للمؤسسة النقابية، وفق منظور غرامشي، أن تختار لإطارها النقابي عضوا سياسيا نشيطا يكون بمثابة رئيس النقابة وزعيمها المباشر، بشرط أن يعي ويعرف هذا العضو السياسي كيف يحترم الحياد الموضوعي للوضعية المدنية المطروحة، ويلتزم فيها بروح ما هو حزبي دون السقوط الطوعي أو الاجباري في شرك الخلط بينه وبين ما هو نقابي صرف. لأن الوقوع في تلك الوضعية المشبوهة هو الذي جعل غرامشي يصف العلاقة بين النقابة والحزب بالطابع الغامض والملتبس غير المبرر. بحيث تسيّس في نظره النقابة، وتضيع معه الحقوق الاجتماعية والانسانية للطبقة العاملة والمأجورة، ليستفيد الحزب السياسي الواحد والمهيمن من هذا الوضع العام، بسبب توظيفه للبعد السياسي في ما هو نقابي، وبالتالي، يتمّ هنا تمييع وإفساد العمل النقابي، ويعمل على إفراغ السلوك السياسي نفسه من محتواه الوطني والديمقراطي الإيجابي، ليكون هنا المستفيد الأكبر هو الدولة المهيمنة والطاغية غير الديمقراطية. فيتحول النقابيون وكذلك الحزبيون السياسيون إلى مجرد دمى وأبواق وأقنعة تحركها أصابع ما يسميه غرامشي بالدولة العميقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ


.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال




.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح