الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كوردستان والتجربة القطرية

حسين القطبي

2017 / 6 / 11
القضية الكردية


على خلفية اغلاق اجواء الخليج بوجه الملاحة القطرية، اشار الاستاذ زكي رضا، في مقاله الاخير "كوردستان العراق والتجربة القطرية" الى احتمال حدوث سيناريو مشابه من قبل الدول المحيطة بكوردستان في حالة قررت الاستقلال التام عن العراق.

اي ان تقوم الدول الاربعة المجاورة باغلاق مجالها الجوي بوجه الملاحة الكوردستانية، مما يترتب على ذلك حصار مطبق، وخنق لهذه الدولة القارية التي لا منافذ لها على المياه الدولية.

واذا عرفنا ان قطر ليست محاصرة كليا، وانما تطل على المياة الدولية بنسبة 90.4% من حدودها مقابل 9.6% فقط حدود برية، واذا قارنا ذلك مع كردستان، سيبدو لنا الحصار المحتمل وكأنه كابوس، يجعل من حلم بناء دولة كوردية امرا عسيرا، ومن الدعوة للاستفتاء مجرد مناورة تكاد تكون عبثية لا طائل منها.

بالمقابل هل يصلح هذا الحذر، اوهذا السيناريو التحذيري، كعذر مستساغ لكي يكف الكورد عن النظال في سبيل تحقيق الاستقلال عن العراق وبناء الدولة التي ظل يحلم بها الكرد منذ سقوط دولة مهاباد في العام 1946 الى هذه اللحظة؟

السؤال يقودنا الى البحث عن الخيارات الاخرى، المتاحة امام القيادة الكردستانية في حالة عدلت عن فكرة الاستقلال، فهل هناك حلول عملية لتحقيق طموحها بدون اللجوء للاستقلال الكامل؟

هل تستطيع كوردستان، في وضعها الحالي، ان تتغلب على مشاكل "الاقليم والمركز"، شبه المزمنة، خصوصا في ظل حكومات دينية تفتقد الى رؤيا واضحة في حل المشكلة الكردية من الاساس؟ وان تتعايش معها بشكل دائم يسمح بتشريع خطط اقتصادية قابلة للتنفيذ المستقبلي؟

والبحث عن "وضع دائم" يشير بوضوح الى ضرورة التغلب على العوائق الكثيرة التي تفصل بين اربيل وبغداد، حيث تعجز قيادة الاقليم، وتتقاعس قيادة المركز عن حلها.

ولعل اول العوائق، واخطرها هو قانون النفط والغاز.. كيف تستطيع الحكومة الكردستانية بناء قاعدة اقتصادية قوية بدون وضوح في الرؤيا حول حقوقها وواجباتها في السيطرة على الثروات الطبيعية في كردستان، كيف تستطيع ان تضع الخطط الاقتصادية في ظل عدم توفر قوانين شفافة وواضحة وملزمة في التصرف بهذه الثروات؟

حدود كردستان، هي الاخرى عنصر قلق وابهام، فلم تستطيع الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط النظام القومي في 2003 الى الان، من التوافق على حدود "فيدرالية" كوردستان، وكانت تضع كل القرارات التي يتم التوصل لها على الرف، منذ ذلك التاريخ الى اليوم. فكيف يتم التعامل بين المركز والاقليم بما يخص الثروات الطبيعية اذا كانت الحدود مبهمة وغير متفق عليها؟

فشل نظام المحاصصة الطائفية في كسب ثقة المواطن العراقي، والتهديد المستمر بانهيار العملية السياسية هو الاخر احد اهم معوقات الاندماج الكردستاني في جسد الدولة العراقية، فهاجس الاجتياح العسكري، وافشال التجربة الكردستانية، مازال يسيطر على عقلية النخب السياسية العراقية في بغداد والكردستانية في اربيل، فهل تستطيع القيادة الكردستانية الاستمرار في اجواء منزوعة الثقة، خصوصا ان التوقعات لمرحلة ما بعد داعش مفتوحة على كل الاحتمالات.

في هذا التجاذب، بين اصرار كوردي على اجراء الاستفتاء في ايلول القادم، وبين الاعتراضات والنصح الجدية المقدمة للقيادة الكردستانية نجد انفسنا على مفترق حقيقي..

من جهة، مواقف معارضة مثل الموقف التركي، حيث عبر عنه رئيس الوزراء بن علي يلدريم، ووصف فيه الدعوة لاستقلال كردستان بانها تضر بالشعب الكردي.. والموقف الايراني الذي صدر رسميا عن الناطق باسم الخارجية "بهرام قاسمي". مضافا لها التحذيرات من سيناريو الحصار الاقليمي واغلاق الاجواء بوجة الملاحة، لبلد قاري غير مطل على المياه الدولية.

ومن جهة اخرى، هناك اللاخيار الكردي، الباحث عن الاستقلال، كحل نهائي للتخلص من قيود المركز، والتواصل مع العالم الخارجي عبر علاقات اقتصادية غير متشنجة.

يدعم هذا التوجه حقيقة ان الدول المحيطة بكوردستان لن تستطيع ان تحقق اجماعا في الحصار الجوي بسبب الخلافات البينية، وبسبب المصالح التي تربطها بكردستان، خصوصا اذا عرفنا ان حجم التبادل التجاري بين تركيا وكردستان، على سبيل المثال، فاق في العام 2015 الـ 20 مليار دولار.

وسط هذا الشد يبدو ان لا التهديدات الاقليمية ولا سيناريو الحصار الجوي يمكن ان يقف عائقا امام القيادة الكردستانية في المضى بمشروعها نحو الاستفتاء، والذي يدعم بدورة طموحات الاستقلال عند الجماهير الكردستانية، سواء ملزما ام غير ملزم. وان سيناريو التجربة القطرية يعتبر بالنسبة للكرد مجرد "تجربة قطرية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة