الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنويعات سياسية!

محمد مسافير

2017 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


1
قلت له وهو في أواخر الخمسين:
لماذا أنت صابر على كل هذا الذل وهذه المهانة، لماذا تختار الصمت عندما يمسحون بكرامتك أرضا، هل تخشى رب عملك إلى هذا الحد؟
قال لي بكلمات هادئة: قبل أن أشتغل في هذه المدرسة الخصوصية، كنت عاملا بأحد المصانع، وكان مكتوبا فوق باب المدير بالفرنسية "المدير دائما على حق"، في هذه البيئة المهنية ترعرعت، فما دام يوفر لي لقمة العيش، فمن حقه أن يفعل أي شيء... إن لي ثلاثة أولاد، وأمي مريضة بالسرطان، أعينها ببعض ما أستطيع، دون احتساب مصاريف الكراء والكهرباء والماء... إن الذي يتحدث عن الكرامة والحرية والديمقراطية، هو إنسان تجاوز إشكالية الضروريات، أما أنا... فإن فكرت في التمرد، فإني أحكم على أسرة بكاملها بالتشرد والضياع، وأحكم على أمي بالوفاة... لذا فإني راض على حالي كل الرضى، وأعتبر نفسي مناضلا بجد حين أجلب لقمة العيش لأبنائي!

2
- يا سيدي، لي ثلاثة أبناء، وأكتري شقة مشتركة، ولا أجد ما أعيل به أبنائي أو ما أدفع به تكاليف الكراء، أريد عملا، أريد دخلا قارا...
- أصمت يا كلب يا انفصالي يا متآمر...
- ابني يعاني من الربو، وزوجتي تموت في دهاليز المستشفى يا سيدي، لم تجد سريرا ولا ممرضة ولا حتى ابتسامة، أليس من حقنا أيضا أن نتداوى يا سيدي الكريم!
- أصمت يا كلب يا انفصالي يا متآمر...
- سيدي الكريم، ابني لم يجد كرسيا في المدرسة المكتظة عن آخرها، وذاك الأستاذ المسكين، يتحمل وحيدا عناء تدريس مئات التلاميذ، فكثيرا ما يمرض ويعجز عن التدريس، نريد مدرسة وأساتذة إضافيين لو تكرمت!
- أصمت يا كلب يا انفصالي يا متآمر...
- أما أنا... فلا أجد مسكنا ولا أكلا ولا تطبيبا ولا تعليما، ورغم ذلك فأنا راض بقدري، عاش الملك، عاش الملك، والصحراء مغربية، والموت للخونة المتآمرين!
- نِعم المواطن أنت، وطوبى لمملكتنا الشريفة بأمثالك، فاقتدوا به جميعا يا رعايا جلالة الملك!

3
حينما كنت صغيرا، كنت أحب الجنود، بل ربما كنت أحلم أن أكون يوما بينهم لأدافع عن وطني ضد مؤامرات الأعداء، ضد أمريكا وإسرائيل وبوليزاريو، كنت أعتقد أن الدولة تجندهم لأجل ذلك، ولم أعرف وقتها أن التجنيد والتسليح كانا يستهدفاننا نحن الشعب، والعدو الخارجي ليس إلا وهما لتبرير التجنيد والتسليح..

4
قلت له مازحا وأنا أدرك نفاقه:
- لماذا عفوت عن لحيتك؟ ألا تخشى أن تداهمك الداخلية بزبانيتها؟
رد بحنكة وتبصر:
- إنك تأخذ بالحسبان هجوم الدولة فقط، وفي الحقيقة إن أمرها يسير، لأن بإمكاني أن أحلق لحيتي في خمسة دقائق... لكن ماذا أنت فاعل إن باغثك الإخوان بهجوم كاسح، كم من الوقت يكفيك لتربي لحية تقيك شر سيوفهم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل