الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة كردستان وورقة الاستفتاء!

نادية محمود

2017 / 6 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اعلن البارزاني عن اجراء استفتاء لاقليم كردستان في الخامس والعشرين من شهر ايلول القادم. يقول هوشيار زيباري، كما قال من قبله نيجرفان برزاني، في معرض شرحه للقرار بإن "التصويت المتوقع بنعم في الاستفتاء على استقلال الكرد سيعزز موقف إقليم كردستان العراق في المفاوضات مع بغداد لكنه لن يؤدي إلى انفصال عن العراق بشكل تلقائي"!! ويقول قوباد الطالباني في مقابلة مع الـ"بي بي سي" الانكليزية بان الاستفتاء هو "وسيلة للتعبير عن ارادة الناس"!!!! ثم يتذكر فجأة بان "الاستفتاء يكلف اموالا، ونحن في كردستان نمر بمرحلة مالية واقتصادية لم نشهد مثيلا في سوءها في الاقليم"، ((المذيع يبادره وكيف ستقوم بتأسيس دولة ان لم يكن لديك القدرة على اجراء استفتاء؟))..
هل الامر كله اذن مزحة؟ لعبة؟ ام بالونات اختبار؟.
الحديث عن الاستفتاء في كردستان لمعرفة رأي الجماهير برغبتهم بالبقاء ضمن الدولة في العراق او استقلالها عنها مسألة ليست جديدة. فالدعوة الى استفتاء رأي جماهير كردستان بدأت منذ حزيران 1995، حين كان النظام السائد في العراق قوميا عربيا يعامل المواطنين الاكراد على اساس مواطنين من الدرجة الثانية وارتكب بحقهم ابشع الجرائم ليس مأساة حلبجة والانفال الا بعضا منها. طرح الحزب الشيوعي العمالي العراقي انذاك مشروع استفتاء كردستان، حيث ان هنالك حكومة مركزية تمارس التمييز القومي وانطلاقا من مصالح الجماهير في كردستان وطبقتها العاملة. وشرحنا ذلك الامر مفصلا. ثم بدأت اوساط قريبة من الحزب حملة وحركة جماهيرية داعية لاجراء الاستفتاء.
بعد سقوط النظام وفي الشهر الاول من عام 2005 جرى استفتاء غير رسمي، وعرفت النتائج انذاك بان 98% من الشعب في كردستان يرغبون بالانفصال. ثم مرة اخرى، توعد البارزاني بانه سيبدأ مشروع الاستفتاء عام 2014 قبل الشروع بالانتخابات الامريكية، ولم يحصل طبعا، ثم ارجأ الامر كله الى مرحلة ما بعد داعش.
ان هذا التصعيد والحديث يدعو الى توضيح كنهه ومحتواه.
من المؤكد ان الاستفتاء بشكل عام وفي كل مكان في العالم لا يحمل صفة الزامية للحكومات بتنفيذ نتائجه. فوظيفة الاستفتاء هي تشاورية لمعرفة الاراء، ولا يعني بالضرورة ان تقوم الحكومات بتنفيذ ما رغبت به الاكثرية.
على النقيض مما يقوله قوباد الطالبني ان طرح الاستفتاء الان، لا هو تعبيرا عن "ارادة" الناس ولا من اجل تحقيق مصلحة جماهير كردستان، ولا لسعيها لحل المسألة الكردية، ولا للخلاص من الظلم القومي، كما كانت تعيش جماهير كردستان بطش النظام السابق وارهابه، بل هذه الدعوات -ان صدقت وان كانت جدية، وليست لعبة جديدة- فهي في افضل الاحوال تقدم خدمة لمصالح الاحزاب الكردية، وبعيدا كل البعد عن "ارادة" ومطالب كردستان في هذه المرحلة.
ان "ارادة" الجماهير في كردستان عبرت عن نفسها بتنظيم عشرات التظاهرات في الشوارع ليس اي منها متعلق بـ "الاستفتاء. فواقع الحال ان كردستان شبه مستقلة، لها برلمان وحكومة وعلم ووزارات وقوانين. ان "ارادة" جماهير كردستان كانت متعلقة بلقمة عيشها، برواتبها، واوضاعها الاقتصادية التي عادت القهقرى الى الوراء لتشبه اوضاع الجماهير الناطقة بالكردية اضافة الى مئات الاف من النازحين من المناطق الناطقة بالعربية في العراق وسوريا الى اعوام الـ 1991 - 2003، حين كانت الجماهير في كردستان تعيش الفاقة وتعيش في ظل حصارين، الحصار الدولي وحصار الحكومة المركزية.
ان ما تريده الجماهير في كردستان هو الخلاص من الفقر، وعلى حكومة كردستان سواء كانت بوضعها الحالي، كدولة فيدرالية، او في طور الاستفتاء ان تلتفت الى اوضاع الفقر المدقع الذي تعيشه الجماهير هناك. فحين تظاهر عشرات الالاف من موظفي ومعلمي كردستان، لم يتظاهروا ضد الحكومة المركزية، بل ضد حكومة الاقليم، التي كان قد رشحت نفسها للانتخابات وقدمت نفسها على انها ستكون مسؤولة عن ادارة شؤون المجتمع. ان ما ينقص الجماهير في كردستان ليس استقلالها او استفتاءها من عدمه، بل ان ما يعنيها ان تجد مصادر لتديم فيها حياتها، ان تجد فرصة عمل، وان تحصل على اجورها في نهاية الشهر.
لا يشكل الاستفتاء الان معضلة لجماهير كردستان بل انه مشروع وتاكتيك سياسي للاحزاب القومية الكردية وعلى راسها البارزاني الذي انتهت فترة ولايته رسميا منذ اب 2015، فبالاضافة الى تقوية موقعهم التفاوضي مع حكومة المركز كما عبر عنها علنا زيباري في مرحلة ما بعد داعش للضغط على الحكومة العراقية، تجاه القضايا المختلف عليها، برفع كارت نتائج الاستفتاء التي لا بد وان تسفر على نتيجة الـ"نعم" بنسبة الـ"99%" اياه! دون ان يحدث لا الاستقلال ولا الانفصال علي ايدي البارزاني في ظل البيئة السياسية الحالية التي تتحرك فيها الاحزاب القومية الكردية. حتى وان صوتت الجماهير بنعم اذا ما جرى استفتاء ارادتهم فانها لا تملك اية قيمة، ولا تساوي اي شيء! اذا ما عجزت الاحزاب القومية الكردية عن مقاومة الضغوطات السياسية من الدول الاقليمية والعالمية.
لقد هددت ايران حكومة اقليم كردستان بعدم اللجوء الى الاستفتاء والتي عبر عنها سليماني بلقاءاته بالمسؤوليين في اربيل والسليمانية، بدعوى محافظتها على "وحدة الاراضي العراقية". وتركيا تهدد بقطع علاقاتها مع اربيل، ومنع تصدير النفط الذي يمر عبر الاراضي التركية كما عبر عنها وزير خارجية تركيا. ان تركيا تطالب بانزال العلم الكردستاني من مباني كركوك، لان كركوك ليست كردية، كما يقولون! المانيا، التي تقدم مايساوي مليون دولار الى كردستان معونات عسكرية لمواجهة داعش، عبرت عن رفضها لـ "استفتاء من طرف واحد"، والولايات المتحدة الأمريكية عبرت عن "تفهمها" لشرعية المطلب. فهل امام هذه الاعتراضات الاقليمية والدولية وبعدم وجود موارد مالية فهل يعقل ان يقوم البارزاني بالاستفتاء اصلا؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيدة نادية محمود
صباح ابراهيم ( 2017 / 6 / 13 - 17:03 )
مسعور البارزاني ثعلب مراوغ ، يريد ان يلعب على ورقة الاستفتاء للضغط على بغداد للحصول على المزيد من المكاسب ونهب ميزانية الدولة وتحويلها الى حساباته الخاصة في الخارج بحجة الدفاع عن كردستان واستقلالها .

انهم يعرفون جيدا انهم لن ينجحوا في تأسيس دولة كردية منفصلة من ارض العراق ، والدول المجاورة لهم رافضة لوجود دولة كردية مستقلة تحرض الكرد الاخرين على الانفصال ،
وليس لديهم موارد كافية لانشاء دولة مستقلة عدا موارد لبن اربيل وكباب السليمانية ، وما يسرقونه من نفط العراق

اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة