الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية!

محمد مسافير

2017 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


سنقوم هنا بجرد سريع لأبرز محطات الحركة الطلابية التونسية، لأنها كثيفة الأحداث والمتغيرات، لكن هدفنا المباشر من دراستها، هو تبيان مدى تأثيرها وتأثرها بالواقع السياسي العام، بما أنها جزء لا يتجزأ من الحركة الاحتجاجية بصفة عامة، ويدخل في ترابط جدلي لا تنفصم عراه مع واقع الأحزاب والمعارضات الناشطة في الساحة السياسية.
تشكل التنظيم النقابي الطلابي سنة 1952، باسم "الاتحاد العام لطلبة تونس"، وظهرت بوادره الأولى في الوسط التلاميذي. عقد مؤتمره التأسيسي في باريس خلال يوليوز 1953. أثناء المؤتمر الخامس المنعقد صيف 1957 تبنت المنظمة الطلابية ميثاق طلابي ينزع إلى الاستقلالية عن الأحزاب السياسية، وكان الميثاق في حقيقته يهدف إلى التحرر من سلطة الحزب الحاكم، غدت مسألة الاستقلالية بعد ذلك محور صراع تجاذب بين المعارضين اليساريين وأنصار الحزب الحاكم الذين تمكنوا من الهيمنة المطلقة على المنظمة خلال المؤتمر التاسع المنعقد في صيف 1961 بقرطاج، ليتفوق اليسار في السنة الموالية، وشكل هذا الصراع عاملا أساسيا في اتساع الهوة بين القواعد الطلابية والقيادات.
وضعية الحركة الطلابية بعد فترة الاستقلال الشكلي، لم تكن على شكل متميز عن وضعية النقابات ووضع الشارع السياسي العام، فقد دخلت في هدنة سياسية مع الدولة، بل أكثر من ذلك ظلت متشبثة بأمل التغيير الذي قد يخلفه رئيس تونسي بعد رحيل المستعمِر الذي لم يكن شغله الشاغل تدريس التونسيين وتمتيعهم بأبسط الحقوق، هكذا كانت آمال السواد الأعظم من الطلاب. وما ساهم كذلك من الركود السياسي للحركة الطلابية هو سيادة الحزب الدستوري الحاكم على النقابة الطلابية "الاتحاد العام لطلبة تونس" في المراحل الأولى من التأسيس.
لكن بداية السبعينات كان لها رأي آخر، فقد كان للطلبة الشيوعيين أثر كبير في العداء المتفشي في أوساط الجامعات ضد أعضاء الحزب الحاكم، حيث كانوا منبوذين ومطاردين من قبل معظم الطلاب، إلى حد أنهم كانوا عاجزين عن الإعلان عن هويتهم، عداء رافقه مد نضالي بلغ أوجه يومي الاثنين 31 يناير والثلاثاء 1 فبراير من سنة 1972، حيث تم تنظيم إضراب عام في كافة المؤسسات الجامعية، مد نضالي خلف اعتقال أحمد بن عثمان، وكان هذا الاعتقال سببا كافيا ليحتشد الطلاب يوم محاكمته أمام قصر العدالة إلى شارع بورقيبة، مجسدين وحدتهم بشكل أربك حسابات السلطات.
قبل ذلك، انعقد المؤتمر الثامن عشر للإتحاد العام لطلبة تونس بالضبط في الفترة المتراوحة ما بين 12 و20 غشت 1971. كان المؤتمر مبرمجا لأن يدوم أربعة أيّام، ولكن نتيجة للجدل القوي حول البرامج وخاصة في لجنة السياسة العامة حول استقلالية الاتحاد وآليات تكريس ذلك، امتد لأكثر من ذلك.
أفرز المؤتمر 18 مجموعة من اللجان، كانت أبرزها اللجنة السياسية العامة، والتي التحق بها أكثر من ألف طالب، أفضت أشغالها إلى إقرار مبادئ أساسية وجيهة كانت على الشكل التالي:
ــ النضال من أجل اتحاد عام لطلبة تونس ديمقراطي وجماهيري ومستقـل.
ــ النضال من أجل ثقافة وطنية وتعـليم ديمقراطي وجامعة شعـبية.
ــ اعـتبار الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من الجماهير الشعـبية.
ــ مساندة حركة الكفاح الوطني العـربية والعالمية.
استمرّت أشغال المؤتمر يوم الجمعة 4 فبراير 1972. وفي يوم السبت 5 فبراير 1972، قامت ميليشيات الحزب الحاكم في اليوم التاسع من المؤتمر بإلغاء اللائحة السياسية العامة ووضع حد لأشغال المؤتمر وتنصيب قيادة صورية قابلة للانصياع لإرادة الحزب الحاكم. خلف هذا التدخل مواجهات دامية بين الطلاب والميليشيات وإيقاف أكثر من 900 قيادي.
تمخض عن هذا الحدث ظهور "حركة فبراير" أو كما يطلق عليها من جانب التونسيين "حركة فيفري"، إذ أعادت طرح قضية الشرعية، وتعتبر هذه المسألة جوهر العمل السياسي والنقابي. وشكلت هذه الحركة منعطفا تاريخيا في مسار الحركة الطلابية. كما شكلت حافزا لرفض الطلاب كافة أشكال الوصاية ورفض تنصيب هيئة إدارية موالية من طرف السلطة.
ودفع هذا المد النضالي السلطات إلى اتخاذ إجراءات تعسفية في حق الطلاب، فقامت بإغلاق مجموعة من الكليات، ونظمت تجمعا حاشدا يوم الجمعة 11 فبراير 1972، بقصر الرياضة، شاركت فيها مجموعة من المنظمات والأحزاب الموالية للنظام الحاكم فضلا عن حضور الحزب الحاكم، حيث تدخل الحبيب عاشور، الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل فصرح قائلا "إننا نقول للرئيس بورقيبة وللشعـب التونسي من جديد، بأنّ البلدان الأجنبية الشيوعـية أو التي تنتسب إلى الشيوعـية لها حرس أحمر يسمّى في الصين الحرس الأحمر الماوي وفي روسيا الحرس الأحمر اللينيني وفي كوبا الحرس الأحمر الكوبي، ونحن في تونس الحرس الرسمي لبورقيبة وللنظام التونسي، ونقول له إنّ العـمال اليوم معـك أكثر من أيّ وقت مضى حتى تضع حدّا لجرائم أعـداء الشعـب، وتخدم وطننا حتى يكون وطنا عـصريا ينعـم بالحرية والاستقرار”. ( جريدة الشعـب التونسية ــ العـدد 190
سنة 1978، بدأت تحاك خيوط مؤامرة جديدة معروفة في أوساط الحركة الطلابية ب “مؤامرة بن ضياء”، والتي دعـت إلى حـلّ مشاكـل الطلبة النقابية عـبر مجالس الكليات. ولما اكتشف النظام فشل مثل هذه القنوات في تمرير سياسته رجع إلى الاستعـمال المكثف للعـنف، من خلال الزج بالعـديد من الطلبة في المعـسكرات.
وصلت نضالات الحركة الطلابية الحضيض مع بدايات الثمانينيات بعد دخول تيار الإخوان المسلمين إلى الجامعة، وفرض على التيارات التقدمية وجهة جديدة للصراع، خاصة بعد أن رفع الإخوان المسلمون شعار "حرية الكلمة حقّ لكلّ طالب، ومن لم يفهمه اختيارا يفهمه اضطرارا" وشعار "أسلمة الجامعة".
لقد لعب تيار الإخوان المسلمون أدوارا جليلة للنظام الحاكم، بإفراغه الحركة الطلابية من كل مضمونها، وكان شوكة لليسار المناضل داخل الجامعات، فطوى بذلك صفحة صراع مرير للحركة الطلابية مع السلطات، لكن عواصف الرجعية عصفت بالحركة الطلابية، وأدخلتها في دوامة محاولات لإرجاع أمجاد "حركة فيفري"، ومحاولات إبطال مفعول الرجعيين في أوساط الطلاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل


.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ




.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا


.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - وفد من حماس يصل إلى القاهرة لاستكم