الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شحرور يحيي القرآن في العقول..

محمد عبعوب

2017 / 6 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يثير الدكتور محمد شحرور في كتابه "الكتاب والقرآن قراءة معاصرة" الصادر عن دار الأهالي السورية بداية تسعينات القرن الماضي، ثورة جديدة في مجال قراءة القرآن تتجاوز في تحليلها للغة التي نزل بها الكتاب وتناغمه مع ما حققه الإنسان من تطور في التفكير، ما طرحه عديد المفكرين المعاصرين من قراءات للإسلام والقرآن منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم، والمثير في هذه القراءة أنها تضع بين يدي القارئ حقائق ورُأى واضحة وغير ملتبسة، تغيب عن وعي القارئ العادي إلى أن باغتنا بها هذا الباحث الذي قضى أكثر من عقدين في جمعها وتمحيصها حسب ما ذكر في الكتاب.. وقد عبرت صديقة قرأت الكتاب مؤخرا في تغريدة لها على الفيس بوك عن استغرابها لعدم توصلها إلى هذه الحقائق التي توصل لها د. شحرور رغم أنها بكل تأكيد قرأت القرآن مرارا وتكرارا ودرست فقه اللغة وهو ما كان يجب أن يؤهلها لاستنتاج بعض هذه الصور والحقائق بكل سهولة..

ما يغيب عن هذه القارئة وعن الكثير منا، أننا والغالبية العظمى من المسلمين اليوم نردد القرآن ولا نقرأه ، وأننا إن قرأناه فإننا ننطلق في فهمنا له من أحكام مسبقة رسختها في عقولنا قراءات أصولية اجتهد علماء مسلمون في وضعها قبل ألف سنة مضت، أي أننا أيضا نردد ما قاله هؤلاء الصالحون المجتهدون كما نردد القرآن، ولا نكلف عقولنا عناء البحث وقراءة القرآن قراءة معاصرة واستخراج جواهره بما يجيب على تساؤلات عصرنا ومتطلبات حياتنا التي تختلف كثيرا في سياقاتها وصورها عما كان سائدا في عصر السلف..

اعتقد أن شحرور؛ ورغم ما أجده من غرابة في بعض تفسيراته لآيات القرآن وما توصل له من صور و حقائق تنسف وفي أحسن الحالات تعدل ما كنا نراه حقائق وأحكام مطلقة ينص عليها الكتاب ، إلا إنه يكفيه بكتابه هذا أنه أعاد إحياء القرآن الكريم من جديد في العقول، بعد أن ظل دفينا ومحنطا في رؤى وتفسيرات وقراءات وضعها علماء مسلمون منذ ألف سنة مضت لم تعد تقدم الإجابة القاطعة والصحيحة على تساؤلات عصرنا، حتى كاد يصبح الإسلام كدين مجرد تراث قديم يُستدعى من باب التباهي به وإبرازه كأثر وتراث ، لا كدين صالح للحياة عبر كل العصور يقدم إجابات شافية وقاطعة على تساؤلات الإنسان ما دامت هناك حياة على الكرة الأرضية، شريطة أن يقرأه هذا الإنسان لا أن يكتفي بترديده كما نفعل نحن اليوم وكان يفعله أجدادنا قبل قرون..

حظي هذا الكتاب بردود كثيرة و مطولة ، وبعد أن خلصت من قراءته ، وعلى أثر ما أوقده في عقلي من أسئلة مُلحَّة، رأيت أن استنجد بهذه الردود علها تساعدني على فهم ما استعصى على فهمي البسيط.. إلا أن ما انتهيت إليه من قراءة هذه الردود والتي أراد بها أصحابها دحض ما طرحه د. شحرور من أراء، بحجج واهية سطحية تناور بين ثقافة وميادين دراسة المؤلف وبين قناعاته السياسية و لا يقترب إلا النادر منها مما يثيره المؤلف من أفكار وأحكام ، هو أن هذا المؤلف وبكل ما أجده فيه من بعض الآراء والأفكار والتفسيرات صعبة الاستيعاب، إنما يفتح للقارئ بابا ظل مقفلا لقرون، ويشرعه اليوم هو بكل جرأة وإتقان أمام القُرّاء للتوصل لفهم واستيعاب حقيقي للقرآن يتجاوز كل تلك القراءات التراثية الجامدة التي لا زلنا أسرى لها نجترها ونرددها كما نردد القرآن دونما تفكير وتدبر متجاهلين ما أمرنا به الله في الخصوص.. يكفي هذا المؤلف هنا أنه يفجر بكتابه هذا في عقل القارئ المسلم ثورة حقيقية تدفعه الى قراءة القرآن وتدبر ما يزخر به من حقائق وعلوم متجددة، والكف عن ظاهرة ترديده واجتراره كما هو جار اليوم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة