الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية بين الكفر والإيمان

مجدي علي السماك

2017 / 6 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يصر رجال الدين في عالمنا العربي على تشويه صورة العلمانية وشيطنتها في عيون ونظر البسطاء من الناس.. من خلال وصمها بالكفر والإلحاد.. كأن العلمانية دين مضاد لدين الإسلام. وهم يفعلون ذلك كي يحافظوا على مكانتهم المميزة في عيون وقلوب بسطاء الناس.. وكي يفكروا نيابة عن الناس.. فيضمنوا مريدين لهم ومؤيدين.. فترتفع مكانة رجل الدين وتزداد حظوته عند الحاكم الطاغية الذي فقد شرعيته.. فيعمل رجل الدين هذا على إعطاء الشرعية للحاكم المستبد الظالم.. الخارج عن كل معايير الدين والوطن والإنسانية والأخلاق. فالعلمانية هي الكفيلة بإزاحة كليهما عن سدة الحكم.. إزاحة الحاكم.. وازاحة رجل الدين.. فالعلمانية نقيض الإثنين.. نقيض القمع.. نقيض الظلم.. نقيض الاستبداد.. نقيض التبعية العمياء.. نقيض الجهل والتخلف.. نقيض الانحطاط والتردي.
يدعي رجال الدين أن العلمانية لا تحكم بما أنزل الله.. ومع ذلك فإنهم يؤيدون الحاكم الذي يمارس الظلم على خلاف ما أنزل الله.. ويدعمون الحاكم الفاسد الذي ينهب أموال الشعب ومقدرات الأمة على خلاف ما أنزل الله.. ويساندون الحاكم الذي لا يتبع الشورى ثم يمارس كل ما في الدنيا من موبقات وشهوات على خلاف ما انزل الله. إذن ليس الموضوع هو اتباع ما انزله الله والذي خرج عنه الحكام بكل صراحة ووضوح في رابعة النهار وإناء الليل.. إنما الموضوع هو مصلحة ومكانة وهوى ورغبات وشهوات رجال الدين ورجال الحكم الذي يتحقق بقمع الشعب وتأبيد الحكم المستبد.
ورجل الدين الذي يشيطن العلمانية.. يعلم تمام العلم أن كلام الله نزل بلا تفسير.. ويعلم أن لكلام الله الكثير من التفاسير.. وهي كلها اجتهادات بشرية.. يعني كلها كلام بشر.. وفهم علماء الدين هو أيضا فهم بشري وكلام بشر.. وفقه الفقهاء هو أيضا تصورات وفهم بشري. إذن رجل الدين هنا يتبع كلام بشر وليس كلام الله. والفارق هو في اختياره للبشر الذين يريد وينادي باتباعهم.. كي ينسب كلامهم إلى الله ويضفي عليه صفة ربانية مقدسة لا يأتيها الباطل.. مقابل نوع آخر من البشر يطالب بما هو في مصلحة الشعب والأمة.. وبما ينافي ويضاد مصلحة الحاكم ومصلحة رجل الدين.
العلمانية ليست دينا.. بل هي طريقة حكم مستخلصة من تجارب البشر.. فالعلماني قد يكون مؤمنا وقد يكون كافرا.. مثلما هو عالم الفيزياء قد يكون مؤمنا وقد يكون كافرا.. ولاعب كرة القدم قد يكون مؤمنا وقد يكون كافرا.. والسياسي ورجل الحكم قد يكون مؤمنا وقد يكون كافرا.. وكذلك عالم الاجتماع وعازف الموسيقى والرسام وراقص الباليه ومستخدمي الفيس بوك والمقاول ومربي الخيول ونقابة المهندسين.. الخ.
وهل تطبيق الشرع كما يفهمه رجال الدين.. يضمن لنا الوحدة والعدل والسلام والرقي بعيدا عن الطائفية المقيتة المهلكة والحروب المدمرة. هل تحقق هذا في عهد معاوية بن أبي سفيان أو في عهد أبي عبدالله السفاح.. أو خلال تاريخنا وتراثنا المليء بالظلم والقهر والفساد والطائفية.. أو الآن في ظل الطغيان و التناحر والموت اليومي لمكونات الشعب الواحد.. ونسيج الأمة الواحدة.
أقولها على الملأ.. في هذا الوطن العربي الذي تترامى أطراف مساحاته وتتوزع في قارتين.. إما أن تختار هذه الأمة العلمانية بما تعنيه من ازدهار ورفاه وتسامح ورقي ونهضة.. وإما أن تختار حكم الاستبداد المدمر المهلك المفت لعضد الأمة بما يكفل انحطاطها وتخلفها وتشرذمها وترديها. فإما العلمانية والبقاء.. وإما الدمار والضياع.
مجدي السماك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل