الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمرو المقصوص اوراق في زوايا تاريخٍ محرمٍ

ظافر اكرم قدوري

2017 / 6 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عمرو المقصوص اوراق في زوايا تاريخٍ محرمٍ
جهد البلاء عالم يجري عليه حكم جاهل ( ثمامة بن اشرس)
وعمرو هذا هو معلم ومؤدب معاوية بن يزيد بن معاوية بي ابي سفيان ثالث خلفاء الامويين ,والمعلومات حول المقصوص قليلة شحيحة يبدو ان السبب في ذلك ناقلي الروايات والاخبار كانوا قد دونوا اخبار السلطة في الغالب , والسبب الاخر يعود الى ان معاوية بن يزيد ثالث خلفاء الامويين لم يستمر طويلا في الخلافة حيث بقي اياما وتنازل عنها وهو كارهاٌ لها وكان قبل ذلك ان بدأت قصة المقصوص الذي اختير ليكون مؤدبا لمعاوية ايام خلافة ابيه يزيد وهي اشارة ربما تكفي للتنويه لمكانة المقصوص من الناحية الدينية والعلمية ومكانته الاجتماعية , ثم تكتفي الروايات بهذا الخبر ويختفي المقصوص عن المشهد سوى خبر الاختيار المشار اليه , ويعود ظهوره الى وفاة يزيد بن معاوية ثاني خلفاء الامويين , فالوارث والمرشح للخلافة ابنه البكر معاوية , والرجل بحسب الروايات كان زاهداً في هذا الامر غير راغب فيه فما ان مرض يزيد حتى عهد بالخلافة له وهو على فراش المرض فتمارض معاوية , كرهاً منه لأمر الخلافة وما هي الا ايام حتى توفي يزيد فاصبح لزاما على ولده معاوية ان يتسلم الخلافة فاعتكف اياماً عدة وفي هذا الاعتكاف عاد اسم معلمه عمرو المقصوص يتردد من جديد ولكن هذه المرة في المشاركة بالمشورة وصنع القرار فقد استشار معاوية معلمه حول مسالة الخلافة وتقلده اياها فكان جواب المقصوص ( اما ان تعدل واما ان تعتزل) وللرواية رغم قصرها دلالات فهي توضح التأثير في الاحداث والمكانة التي وصلها المقصوص عند معاوية , الامر الاخر هو تبني المقصوص لمسالة القدر بخلاف عقيدة الجبر التي اشاعها الامويون لتبرير بقائهم في السلطة او الاعمال التي تصدر عنهم او عن ولاتهم , وقد لمح لاعتناق المقصوص فكرة القدر او القدرية ( اختيار الانسان لأفعاله) المؤرخ ابن العبري صاحب كتاب تاريخ الزمان وانه هومن نقلها الى تلميذه معاوية بن يزيد , وان صحت هذه الرواية فهي السبب الذي دفع بالأخير الى التنازل عن الخلافة ويبدوان تأثير المقصوص في معاوية تجاوز هذه المسالة الى شعور معاوية بالذنب تجاه الاحداث التي وقعت في زمن جده معاوية بن ابي سفيان وابيه يزيد , وتتضح اكثر صورة ذلك الندم من خلال الخطبة التي صدرت عن معاوية والتي قال فيها ( ان جدي معاوية نازع الامر من كان اولى به واحق . ثم تقلده ابي .ولقد كان غير خليق به .ولا احب ان القى الله عزوجل بتبعاتكم فشانكم وامركم ولوه من شئتم . فوالله لئن كانت الدنيا مغنما فقد نلنا منها حظنا , ولئن كانت شرا كفى ذرية ابي سفيان ما اصابوا منها ) والخطبة رغم الاختلاف البسيط للروايات في نقل عباراتها لكنها بمعنى واحد وهي تصب في ظهور تفكير جديد يخالف عقيدة الجبر التي اشاعتها السلطة كما ذكرنا , وهي بذور التفكير المناهض الذي تبنته المعتزلة فيما بعد عند ظهورها وتبلور افكارها , وقد اشار المؤرخ المقدسي صاحب كتاب البدء والتاريخ الى تبني معاوية فكرة القدر خلافا للجبر بالقول ان معاوية ( كان قدريا لأنه اشخص عمراً المقصوص فعلمه ذلك فدان به وتحققه) لم يرق ذلك للأمويين فالسلطة مغرية ولا يمكن خسارتها بحسب تفكير اصحابها للقناعات بأفكار معينة فقد مات الخليفة المعتزل مسموما بيد اقاربه ولم ينتهي الامر عند هذا الحد حيث توجهوا الى مؤدبه المقصوص الذي لم يجدي هروبه عن اعينهم فوقع بأيديهم فقالوا له (انت افسدته وعلمته ثم دفنوه حيا حتى مات )
دفن المقصوص حيا لأفكاره التي لم يواريها التراب اما سبب تسميته بالمقصوص فلا نعلم عنها سوى روايات تشير الى قطع لسانه وبها اطلق عليه المقصوص , لكن الاهم هو جذور الاعتزال (المعتزلة فيما بعد) ومناقشتهم لمسالة حرية الارادة والتفكير , وفي كيفية تفسير النصوص بطريقة عقلية او حتى في تفسير الموروث في ان يكون الانسان حرا مختارا لأفعاله , ولهذا التفكير وتفسير الامور بمسبباتها الحقيقية سيكون من بعد المقصوص تاريخٌ مليء بالدماء والتضحيات ذهب فيه الكثير من العقول ضحية للتفكير الحر صراع بين السلطة والمعارضين الذين لم يحملوا الا مدد الاقلام وسيكون الصراع على سوح الفكر لأولئك القائلين بالحرية في ان يفكر الانسان بالطريقة التي تخضع للعقل وحتى يتخلص الانسان مما علق به من اوجاع التفكير بالعقل الجمعي , وقد انعكس ذلك كله على بيئة المعتزلة والاماكن التي نشطوا فيها فازهرت افكار المعتزلة فكرا بعيدا عن الخرافة فكرا واقعيا يفكر بالأشياء بصورة اكثر عقلانية وهو ما اقتراب من وصفه ولو بصورة اقرب للفكاهة المؤرخ التنوخي(ت384 هجرية) صاحب كتاب نشوان المحاضرة واخبار المذاكرة للقول بحق صبيان المعتزلة (من بركة المعتزلة ان صبيانهم لا يخافون الجن ) وهي اشارة تكفي من مؤرخ بحجم التنوخي لذلك الوعي بالحقائق تركته طريقة التفكير عند المعتزلة وابنائهم على صغر سنهم بحسب الرواية .ويستمر القتل من المقصوص الى يومنا هذا بذات الاسباب رغم ما بيننا وبين قتلة المقصوص من الدهر الدهير ,فالدماء لا قيمة لها عند وضعها في موازه مع ما يحدث في دهاليز السياسة , هذا ما قتل لأجله المقصوص والسيف, اصدق انباء من الكتب عند امة السيف فقط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة