الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير تحليلي -- حراك الريف يعري هشاشة الانفتاح الديمقراطي المزعوم

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2017 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



لم يشهد تاريخ الاحتقان الاجتماعي بالمغرب حراكا مُتجذّرا مثل حراك الريف ، سواء من حيث طول مدته التي لا تزال متواصلة ومستمرة ، او من حيث الشعارات الراديكالية التي رفعها الريفيون إزاء الدولة ، وإزاء الإثنية ، وإزاء الوحدة الترابية للمغرب . فرغم محاولة الظهور بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة ، فان رفع شعارات ، وإلقاء خطابات عنصرية تخدم التفرقة ، من قبيل " الاستعمار العروبي " ، ومقارنته بالاستعمار الاسباني الذي اعتبروه ألطف ، ورفع رايات الجمهورية الريفية للمجاهد عبدالكريم الخطابي ، وتبخيس الراية المغربية التي رفعها المجاهدون المغاربة ، وجيش التحرير المغربي عند طردهم للاحتلال الفرنسي و عند مواجهتهم الاحتلال الاسباني ، وراية التمايز الإثني ، جعل الحراك يأخذ مناحي أخرى ، لم تعد تكتفي بالملف ألمطلبي المشروع ، بل أضحت تهدد كيان المغرب بالانفصال ، وبضرب الوحدة الجماهيرية التي صنعها الدم المغربي المشترك عبر التاريخ ، وهو ما جعل العديد من الملاحظين والمتتبعين للشأن العام المغربي ، يتوجسون الخوف ، ويدقون ناقوس الخطر ، ويحذرون من الويل الذي ينتظر المغرب ، وشعبه ، وترابه ، ووحدته . فاعتبار العلم المغربي بعلم اليوطي ، لهو تحقير للعلم كرمز وطني ، وتنكرا للأجيال التي خاضت النضال ضد الاحتلال الكلونيالي منذ بداية القرن العشرين ، وبالضبط منذ دخول فرنسا الى المغرب في سنة 1912 .
لكن ورغم ان هذا التهديد قد شكل لأول مرة منعطفا حاسما وخطيرا في تاريخ المنطقة الشمالية خاصة ، والمغرب عامة ، فانه رغم محدودية الحراك جغرافيا ( الحسيمة والنواحي ) ، فقد كانت له أهميته القصوى على الصعيد الوطني ، حيث أجّج الحماس الوطني الشعبي الجماهيري ، الذي حرك في الوجدان المغربي هبّة حركة 20 فبراير ، وأتاح الفرصة للشرفاء والأحرار ، للتحرك في عموم المغرب ، رغم ان حجم التحرك لم يصل الى مستوى حراك الحسيمة ، ولم يصل الى حشد حركة 20 فبراير .
ورغم الطابع العفوي للحراك ، لأنه اعتمد على الساكنة ، ولم يعتمد على الأحزاب الثورية الغائبة والمغيبة من الساحة ، وأمام غياب التأطير الإيديولوجي الثوري ، ورغم محدودية الجغرافية ، فانه كان تدشينا لتطور جديد ، لنضال الجماهير الشعبية التي عرت هشاشة " الانفتاح الديمقراطي " المخزني المزعوم ، وطابعه النخبوي العنصري الضيق الخافق من جهة ، وإدانة الجماهير الشعبية لهذا الانفتاح المهزوز ، ولنتائجه العملية المفلسة ، كما فجر الإجماع المزيف المفروض من فوق ، وبشكل كاريكاتوري هزلي ، وعرى حقيقة الديمقراطية المحمدية ، الامتداد الطبيعي والبيولوجي للديمقراطية الحسنية المزعومة من جهة ثانية .
لكن طابع الحراك العفوي ( غياب التنظيمات الثورية ) ، واستمرار الهيمنة الإصلاحية ( الملك ما عارف والو – الملك زْوين والمحيط خايبْ ) ، وأحيانا المغامراتية برفع شعارات أقوى من حجم أصحابها ( الاستعمار العروبي – التأكيد على الانفصال برفع جمهورية الريف ، رغم ان المطالب من المفروض
ان تكون اجتماعية واقتصادية ) ، واستمرار الهيمنة التحريفية على مواقع التقرير والتعبير ، والقيادة والتوجيه داخل الاتجاهات الموجهة للحراك ( ربط الحراك بالدين الإسلامي وليس بالصراع الطبقي ) ، وظهور بعض التراجعات والارتدادات من خلال تصريحات بعض زعماء الحراك ( أبغينا الملك أيْحُلْ لنا مشاكلنا . ثقتنا في والملك لا في غيره ) ، والسرعة باتخاذ خطوات ، او بالإعلان عن إجراءات حتى قبل الإجماع عليها ، وتحديد موعدها بانفراد ، ودون الرجوع الى الجميع ، بل وإخبار السلطات من خلال البيانات ، بالقادم من أوجه النضال والمعارك ، حيث تسبق هذه الزمن ، عند اتخاذها الإجراءات المضادة لتحرك الحراك القادم ، وحتى قبل وقوعه بأيام ... الخ ، كل هذا وغيره كثير ، لم يكن يسمح بتطوير الحراك نحو الأمام ، وبتجذير نفَسِه النضالي ، بما يليق والمرحلة التي يمر بها الحراك ، إضافة الى تسلل المخزنيين الى قلب الحراك ، وتصدرهم لمسيراته مثل مسيرة الرباط ، واعني هنا المحامي زيان ، وحزب الأصالة والمعاصرة وآخرون . .
لكن رغم كل ذلك فان الحراك نجح في وضع النظام ، أمام أزمته الدائمة ، التي هي الحنين للعهود والممارسات القروسطوية الفاشية ، التي بلغت حدها في عهد السلطان اسماعيل العلوي والحسن الثاني ، والانقلاب على شعارات الديمقراطية المزيفة ، وكشف وجهه البوليسي القمعي الفاشي المعادي للديمقراطية .
ولمحاولة النظام إخراج نفسه من هذه الورطة ، لم يكن له من سبيل آخر غير نهج سياسة الهروب إلى الأمام ، وهي السياسية المُتخصِّصُ فيها ، ويتقنها بإتقان كل ما قَرُب حبل المشنقة من عنقه ، وتتجسد :
1 ) إقدام النظام لإظهار حقيقة وجهه الحقيقية ، على إصدار بلاغ حكومي يتيم وضعيف ، يُخوّن فيه الريفيين أجمعين ، وكأنهم جسم واحد متفق على الانفصال ، مع استعمال لغة التهديد والوعيد ، التي لم تعد تنفع شيئا أمام تحدي الجماهير ، وإصرارها على حقوقها وعلى العيش الكريم .
2 ) استغلال النظام البوليسي لهفوة و خطأ سقط فيه الزفزافي في واقعة المسجد ، ليسرع في الانقلاب على الريفيين من خلال الهجوم على قادتهم ، ويقْلِبُ الطاولة على الجميع ، حين وجه لهم تُهم تتعلق بالجرم العام المنصوص عليه في القانون الجنائي الخاص ، وحتى يحرمهم من صفة معتقل سياسي ، او حقوقي ، او معتقل رأي . هكذا شرعت الآلة الجهنمية البوليسية في اختطاف الرؤوس البارزة ، وتم نقلهم بالطوّافات إلى الدارالبيضاء ، وجرى مسح بوليسي بالحسيمة والنواحي ، شمل كل المناضلين النشيطين ، كإجراء يفصل به أيّة علاقة ورابط بين القياديين والمناضلين ، وبقية الريفيين الذين يشاركون في المظاهرات والمسيرات .
3 ) خروج الملك كطرف ( محايد ) ، مطالبا بفتح تحقيق نزيه في حالات التعذيب التي تعرض لها المختطفون ، وخرجة الملك هذه تذكرنا بخرجته التي تساءل فيها عن( أين الثروة ) ، وخرجته التي قال فيها ( كل ما يسعدكم يسعدني ، كل ما يقلكم يقلقني ) ... وهنا لنا ان نتساءل . هل الملك كمسئول أول ، والرئيس الأول للأجهزة البوليسية القمعية ، يجهل ما يجري في الأقبية البوليسية ، وما جرى للمختطفين بالحسيمة والدرالبيضاء ، وبكل التراب الوطني . وإذا أراد الملك فتح تحقيق نزيه كما يقول ، فانه سيفتحه مع منْ . هل سيفتحه مع نفسه ، لأنه هو الرئيس الفعلي للأجهزة البوليسية القمعية ، و هو الرئيس الفعلي للجهاز التنفيذي . ام سيفتحه ضد صديقه و ( مستشاره ) اللِّي أخْرجْ أعْليهْ ، فؤاد الهمة المسئول الأول الفعلي ، وقبل الملك عن الإدارة الترابية السياسية ، والإدارة البوليسية ، حيث التقارير التي تصله ، لا تصل الى غيره من المستشارين ، ولا تصل الى رئيس الحكومة . ام ان الملك ( ما شفْشي حاجة او ما في خبْروش ) ، هو وصديقه المحبوب فؤاد الهمة المحجوبان من اية مساءلة جنائية ، سيوجهان الاتهام والبحث ضد جلاد المملكة ، ذراع صديقه الهمة المدعو عبداللطيف الحموشي ، المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والمديرية العامة للأمن الوطني ، وهذا يبقى أمر مستحيل ، لان المدعو عبداللطيف الحموشي عند محمد السادس ، مثل إدريس البصري عند الحسن الثاني أضحى من المقدسات . ام ان التحقيق سيقتصر فقط على الجلادين الأمنيين المجرمين ، الذين مارسوا الجلد وتعذيب المختطفين المُجَرّمِ بمقتضى القانون الدولي ؟
ان خرجت الملك لا تعدو ان تكون غير أقراص مُنوّمة وُمسكنّة من جهة ، وجرعة للأحزاب الملكية حتى لا تفقد الثقة ، في إكمال لعب ادوار المسرحية المُعدة من فوق ، وخلط للأوراق لتضبيب المشهد ، وإخفاء الحقيقية التي لا يتناطح فيها معزان ، ومن جهة فهي نأيٌ بالنفس ، عمّا قد يحصل إذا تطور الوضع في اتجاه التصعيد سياسيا ، وليس فقط اجتماعيا واقتصاديا . ان الخطورة فيما حصل ويحصل ، هو الاتجاه الى التدويل عند تأزم الوضع ، وخروجه عن السيطرة ، ووضع محل التساؤل رأس الحكم ، وليس فقط ضفافه . ان دعوة الملك الى فتح تحقيق نزيه في موضوع التعذيب الذي تعرض له المعتقلون ، هو اعتراف صريح من الملك ، من انه على علم تام بكل ما يجري ويحصل ليس فقط في الريف ، بل في كل المغرب .
4 ) فشل النظام في انتزاع المبادرة من الشارع ، رغم جميع المحاولات المتعددة لنسف الحراك وضرب عمقه . وقد ظهر هذا الفشل في المسيرة التي نظمت بالرباط ، تضامنا مع الريف ، وتمسكا بوحدة الأرض ، ووحدة الشعب ، ووحدة المغرب ألْفَوْق الجميع ، وإدانة للنظام المتخصص في الافتراس ، والنهب ، وتبذير أموال الشعب ، وتهريبها خارج المغرب .
كل هذه المحاور وغيرها كثير ، وإذا لم يتم تدارك الخطر في إبانه ووقته ، تبقى عاجزة كل العجز عن حل مشاكل النظام المستفحلة ، وعاجزة عن انقاد وضعه الذي قد يقترب من التهديد بالسقوط بشكل حاسم ونهائي ، إذا تأزم الوضع بشكل خطير . كما تُبيّن ان النظام المتعجرف ، يعيش الآن على الحلول الظرفية القائمة على ربح الوقت الضائع واجتراره .
ان النظام لواعي كل الوعي لقصر عمر هذه الحلول ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الجد متأزم .
ان ما يهم النظام من خلال دهاقنته البوليسية ( فؤاد الهمة ، والمدعو عبداللطيف الحموشي ، والمدعو الشرقي ضريس ، ولفتيت ، والجماعة البوليسية التي تشكل دولة داخل الدولة ) ، هو كبث النقمة الشعبية ، وإبعاد شبح الانقلاب ، اي انقاد النظام ،لانقاد مصالحهم المتداخلة معه ، من السقوط الحتمي ما دامت هناك حركة جماهيرية مناضلة مستمرة ، وما دام الشعب قد وعى حجم التناقض الذي يفرق بينه وبين النظام ، وما دام الغليان أصبح يعُمّ كل المغرب ، وليس فقط الريف والصحراء ، وما دامت الشروط العامة والخاصة لثورة شعبية ، متوافرة ومتوفرة الآن ، أكثر من اي وقت مضى .
ان سياسة انقاد النظام ، وضمان استمراره القروسطوي ، الفيودالي ، الاثوقراطي المزيف ، أضحى هاجسه اليومي ، ومحور سياسته الترقيعية الظرفية ، ولا يهم بعد ذلك ان يتحول المغرب الى محمية امبريالية ، او يتحول الى أنقاض وخراب داعيشية ، مثل ما هو حاصل اليوم بدول الشرق الأوسط .
ان سياسة الهروب الى الإمام هذه ، و ان كانت تترك للنظام ، التحكم شيئا ما في عنصر المفاجأة ، وتسمح له بتغيير مواقفه و مواقعه الحربائية ، والميكيافيلية المغامرة ، والمخاطرة ، لسبق الأحداث ، فان هذه السياسة لا تخلو من مخاطرة كذلك ، سترتد عليه آجلا ام عاجلا . ان سياسة من هذا القبيل ، تستلزم بالضرورة حصر دائرة القرار ، وتطبيقها ، وتشخيص القرار نفسه ، وبالتالي هذا يُحْرم النظام المفترس الاوليغارشي القروسطوي من دعم فعال ، ومستمر من جانب نخبته السياسية الانتهازية و التحريفية ، و التي تجد نفسها في ظل غياب الرؤية حتى على المدى القصير ، في حالة تردد وقلق دائمين . وهذا يجعل خطة النظام مهيأة لان تنقلب عليه في اي وقت وحين ، خاصة وانه موضع تساؤل اليوم ، من قبل القوى الامبريالية الغير مستعدة للتنازل والتخلي عن المغرب كوقع ، لا كنظام تعرض ويتعرض للإهانات المختلفة من قبل الغرب ، وكانت آخر إهانة له من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، مما ينبئ في حالة استمرار طول الحراك وتعميمه على كل المغرب ، وخاصة بالأقاليم الجنوبية ، باحتمال المغامرة ، رغم المكانة الخاصة التي يحظى بها ضباط الجيش الكبار ، والامتيازات الكثيرة الممنوحة لهم دون غيرهم من القطاعات الأخرى في الدولة ( ترقيات منتظمة وسريعة ، أجور جد مرتفعة ، امتيازات مثل الرخص المختلفة ، والفيلات ، والأراضي ، والحسابات البنكية ..... الخ ) .
لقد فشل النظام سياسيا واقتصاديا ، و ما الحالة النكداء التي يوجد عليها المغرب اليوم ، حيث القمع بمختلف أوجهه القبيحة ، وحيث العدوانية والاعتداء على الناس بإدخالهم السجن بملفات مزورة ، ومحاضر مطبوخة ومفبركة ، بل لم يكفيهم إدخال الناس ظلما الى السجون ، بل حرضوا المجرمين داخل السجون للاعتداء على المسجونين المظلومين ، كما حصل لي بفندق ( سجن الملك ) ، بل إنهم بجريمتهم هذه ارهبوا أسرتي الصغيرة وأرعبوا عائلتي يالهم من جبناء مجرمين ، وحيث تمت تعرية ديمقراطيته التي استنفدت كل شروطها ، وإمكانياتها التي أضحت غير مقبولة إطلاقا ، وحيث الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة ، والفوارق الطبقية البغيضة ... الخ ، كل هذا وغيره كثير ، غيّر الصورة التي كانت للنظام وللملك شخصيا غداة توليه الحكم ، فانقلبت الصورة الى عكسها ، حيث ، بينما كانت أغلبية الشباب معه ، ووصلت نسبة التأييد له الى 90 في المائة ، تدحرجت اليوم الى اقل من 10 في المائة ، وهذا ليس بسبب ان الشعب الذي ثاق في الملك ، هو الذي انقلب عليه ، بل ان الملك الذي حضي بثقة الشعب ، هو الذي انقلب على الشعب ، وليس الشعب من انقلب على الملك . هكذا فبعد ان كان الملك في بداية حكمه متخندقا مع الشعب ، ستأتي تفجيرات 16 مايو 2003 ، ليتحول تموقع الملك ، من متموقع مع الشعب ، الى ملك متوقع مع أعداء الشعب ، برئاسة صديقه فؤاد الهمة ، وجلاد المملكة عبداللطيف الحموشي ، والمدعو الشرقي ضريس ، والجلاد نور الدين بن ابراهيم و الآن لفتيت ... الخ . اي أصنام الدولة البوليسية السرية ، داخل الدولة العادية المتعارف عليها دوليا .
وهنا فإننا نعتبر أن ما حصل في 16 مايو 2003 كان انقلابا على الملك لسرقته من صفوف الشعب الذي رامَهُ في بداية حكمه ، وانقلابا على الشعب لتسويد صورة الملك لدا الشعب ، وتخويف الملك من الشعب ، اي خلق فوبيا الشعب لدا الملك ، بحيث تحول الملك من ملك إجماع وأغلبية ، الى ملك أقلية للفئات التي تستفيد من الوضع ، ومن هشاشة النظام الذي دخل النفق المسدود . لقد صدر قانون الإرهاب السيئ الذكر الذي أطلق يد الزمرة البوليسية في الفتك بالناس ، وفي تحريف الحقائق ، وطبخ المحاضر ، كما غاب المفهوم الجديد للسلطة ، وتوسعت قاعدة المطالبين بالانفصال في الصحراء ، واندلعت حركات شعبية على طول وامتداد المغرب ، وفي حين غرّةٍ سنجد ان حليمة عادت الى عادتها القديمة ، لكن العودة هذه المرة كانت أبشع وأكرف .
ان ما يمر به الريف اليوم من حراك شعبي ، وما يجري من احتجاجات ولو محدودة بكل المغرب ، لهو تحصيل حاصل للنفق المسدود الذي وجد فيه النظام نفسه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا . فهل أصبحت الأزمة ورما خبيثا ، وهل عنوان المرحلة ، الفشل ؟ وإن كان كل شيء قد فشل ، فما العمل ؟ .
أولا ) الأزمة السياسية : في هذا المحور فان نهج النظام الواضح اليوم ، هو استمرار التجميد ، والحضر الفعلي والعملي على كل نشاط ديمقراطي حقيقي ، مقابل انفتاح ضيق على قوى الاحتراف والارتزاق السياسي ، من خلال حكومات هشة بدون مسؤولية ، وتفتقر أحزابها الى البرنامج الحزبي الحكومي ، وتحولت الى معاول لتنفيذ برنامج الحكومة العميقة ، برئاسة فؤاد الهمة ، والفئات المرتبطة بهم .
ان التعديل الذي أُدخل على الدستور الممنوح في 2011 ، ركز على مشروعية النظام ، وليس على مشروعية الشعب . كما ركز على نظام الحكم الفردي الاثوقراطي ، على حساب مبدأ الفصل بين السلط الحقيقي . كما ان الممثل الوحيد والاسمى للأمة ، يبقى هو رئيس الدولة كأمير للمؤمنين ، وليس البرلمان المفروض فيه انه منتخب من قبل الشعب ، و الذي يستعمل ككمبراس لتكوين هيئات ، هي هيئات الملك ، وليست أصلا بهيئات الشعب ( البرلمان ) ( الحكومة ) .
لقد أصبح البرلمان في ظل الدستور الممنوح الجديد ، غرفة وظيفتها التشريع لصالح الملك ، ولصالح الفئات الاجتماعية المرتبطة به ، والمستفيدة من الوضع ، وفي المقابل التشريع ضد مصالح الشعب ، عند ضرب المكتسبات التي حققها الشعب والفئات المقهورة بنضالها المستميت طيلة أكثر من خمسين سنة من النضال والمواجهة ، والتضحيات الجسام . ( صندوق التقاعد والصناديق الفارغة ، صدوق المقاصة ، الارتفاع المهول في الأسعار ، انعدام جودة التعليم بضرب التعليم العمومي ، انعدام التطبيب والمستشفيات ، انتشار البطالة وسط المثقفين وحملة الشواهد الجامعية كمثال ) .
امّا الحكومة فمثل الحكومات السابقة التي عرفها المغرب في تاريخه ، فهي غرفة عمليات للتصديق على كل الاقتراحات والقرارات الواردة من القصر . لقد أكد هذه الحقيقة عبدالاله بنكيران عندما صرح وأمام الملأ ، انه لا يحكم ، وان الملك هو الذي يحكم . فوجود بعض الأشخاص مثل بنكيران ، والعثماني ، واليوسفي من قبل ، في حكومة تُكونها أحزاب ملكية معروفة ، هو محاولة مفضوحة لإعطاء بعض المصداقية للنظام ، أمام الدول المانحة ، لخلق نوع من الثقة ، ولو كانت مغشوشة ، لإعطاء الانطباع للخارج بمصداقية ديمقراطية النظام الفريدة من نوعها في العالم .
ان كل هذه الإجراءات والألاعيب المفضوحة تجري دائما تحت غطاء ( الإجماع ) المزيف ، إجماع النظام بصدفيات فارغة ضد الشعب لا مع الشعب ، كما تجري ضمن سياسة ( الجبهة ) الداخلية المكونة من خارج الشعب ، وليس مع الشعب .
ان تمرير هذا المخطط الذي فضحه الحراك الذي يجري اليوم بالريف وبعموم المغرب ، وهو مخطط فاشل ، لأن لا أرضية شعبية له ، ولا قواعد ، ولا كثافة انتخابية له ، ولا تأطير سياسي .... ، يستلزم بالضرورة لحْم وتلْحيم الساحة السياسية الداخلية الضيقة أمنيا ، من خلال تصعيد القمع والاضطهاد ، ضد الطاقات النضالية للجماهير الشعبية ، وضد القوى الحية بالمغرب .
ثانيا ) ان المحددات والثوابت التي تعرضنا لها بإيجاز ، والتي تتحكم في سياسة النظام وتكتيكاته من جهة ، وتبلور وتُعمّق تناقضه الأساسي مع الشعب ، هي التي تطرح أمامنا ليس التنبؤ او التخمين ، بل التأكيد على الحقائق والاحتمالات التالية :
1 ) ان الأسباب الهيكلية ، والدوافع الموضوعية / الاقتصادية الاجتماعية منها والسياسية ، التي أدت الى سخط ، وتفجر الشعب ، وتدمره ، وإقباله على الانتفاضات والاحتجاجات ، والدفاع عن لقمة العيش الكريم والكرامة ، لا تزال قائمة وحاضرة اليوم بقوة ، وأكثر من اي وقت مضى ، وهو ما يستشرف هزات اجتماعية عنيفة أكثر من مستوى حراك الريف ، والتي قد تتطور الى 23 مارس 1965 ، و يونيو 1981 ، و يناير 1984 ، وفاس 1990 ، و 20 فبراير 2011 . فان عمّ حراك الريف كل المغرب ، وبنفس الحجم والقوة ، او أكثر ، فالله وحده يعلم مآل النظام الذي انقلب على الشعب وتخندق مع أعداء الشعب . في هذا الحال فان النظام لا ، ولن ستطيع إطلاق ولو رصاصة واحدة على الشعب . وان فعلها وبدأ الشهداء يتساقطون ، فستكون حتمية الخاتمة ، جماهيريا ، وشعبيا ، ودوليا ، وسنسقط حتما لا محالة في التدويل الذي سيُسرِّع انفصال الصحراء عن المغرب ، وحينها سيعم الدمار وستحل الكارثة ، لان ذهاب الصحراء سيكون القشة التي ستقسم ظهر البعير .
وبما ان النظام عاجز هيكليا عن إيجاد حل للازمة البنيوية المستشرية التي تسبب فيها ، لا آنيا ولا مستقبليا ، او في الأفق المنظور ، فان دوافع السخط ، والاحتجاج ، والنقمة الجماهيرية تظل قائمة ، وسترتفع وتيرتها ، وبالتالي فان شروط انتفاضة شعبية تبقى قائمة ، ومستمرة ، وقد تتحول الى ثورة شعبية بشعارات إسلامية راديكالية ، وهو احتمال يبقى واردا على غرار الثورة الإسلامية الإيرانية .
أمام وضع مأزوم كهذا ، لم يبق للنظام سوى حل واحد لا اثنان ، هو الاستمرار في الاعتماد على القمع والإرهاب وحتى القتل ( خمسة شبان تم إحراقهم ، وتم رميهم بوكالة بنكية بالحسيمة -- تحريض المجرمين على المناضلين ، قد يفكر المعتوهون في التسبب في حوادث السير ، دس أشياء في الأكل للمناضل حتى يفقد عقله ويرمى به في مستشفيات الإمراض العقلية ، ومثل هذه الأشياء برع فيها إدريس البصري ، والعشعاشي ، وعلابوش .. الخ ، وطبخ المحاضر البوليسية المزورة ، لرمي أحرار وشرفاء الشعب المغربي في السجون .... الخ كسياسة ومنهجية في الحكم .
ومع انفضاح وتعرية ( الإجماع ) المزعوم الذي هو إجماع ضد الشعب ، وفشل المسلسل الانتخابي الذي قاطعته أكثر من 70 في المائة من الشعب الذي حكم عليه بالإفلاس ، فان النظام سيزيد من تشدده في قمع الحريات الديمقراطية ، وتضييق الخناق على المنظمات الجماهيرية ذات المصداقية الحقيقية وسط الجماهير والشعب ، هذا دون ان ننسى ان ما يسمى بمسلسل التحرير ، سيتأزم كثيرا من جراء هذه السياسة التي ينهج النظام ضد الشعب ، وهو ما يعني المزيد من الاستنزاف بالأقاليم الجنوبية من المغرب ، وانتظار تطورات قد تكون خطيرة على وحدة المغرب أرضا وشعبا ومستقبلا .
ان ما سببته الجماعة البوليسية برئاسة فؤاد الهمة ، والجلاد عبدالطيف الحموشي والمدعو الشرقي ضريس ، والآن لفتيت ..... الخ للناس من مظالم ، وما سببته من هزات شملت كل التراب الوطني من الصحراء الى الريف ، حيث تستغل النظام لخدمة مصالحها الضيقة والخاصة ، وعلى حساب الاستقرار العام ، لن يمر مرور الكرام هذه المرة . انها تتصرف كصاحب الضيعة ، وتبرر جرائمها وعدوانيتها باسم الملك الذي سمح لها بالتمادي في اعتداءاتها الظالمة على الناس ، ودون ان تطالها المحاسبة القانونية ، فاستعمال اسم الملك هو الذي يوفر لها الحماية اللاّقانونية للاستمرار في نزواتها المريضة .
لكن رغم ان القمع المنهجي والعدوانية المسلطة على الناس ، قد تسمح للنظام بالاستمرارية في التحكم في الأوضاع ، المهيأة للانفجار العام والخروج عن السيطرة ، فان قمع الدول البوليسية يبقى في ناهية المطاف سلاح دو حدين ، لأنه من جهة يبرز طبيعة الدولة البوليسية الفاشية والمطلقة داخل الدولة العادية ، ومن جهة تسبب الدولة البوليسية في المزيد من كره الشعب للنظام ، كما تعمق عزلته كنظام يعيش التناقضات على المستوى الوطني والمستوى الدولي ، وتسبب في ضرب مصداقيته الشعبية المهزوزة سلفا عند المانحين الدوليين . ان تصرفات الدولة البوليسية العدوانية المتحللة من اي أخلاق قانونية ، ترفع من درجة التناقض الأساسي بين النظام والشعب الى مستويات أعلى ، الأمر الذي سيزيد من ضعف الحكم ، رغم مظاهر القوة المغشوشة ، ورغم العجرفة التي يحاول النظام التغطية بها على ضعفه البيّن ، وهو ما يعني توافر شروط وسهولة إسقاطه ، لمجرد حدوث خلل طارئ خرج عن حسابات المجموعة البوليسية الفاشية .
ثالثا ) ان مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس ، والدور الذي كان يلعبه على الصعيد الدولي ، فقده اليوم لاعتبارات كثيرة ليس هنا مجال بحثها . فلأول مرة يتعرض رأس النظام لإهانات متعددة ومقصودة ، وهي إهانات جاءت من طرف الأمين العام للأمم المتحدة السابق بانكيمون ، عندما رفض استقبال الملك بمناسبة الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومن طرف اوباما ، كما جاءت من طرف فرانسوا هولند ، ومن سفير فرنسا بالأمم المتحدة ، ومن الحرس الاسباني الذي أوقف اليخت الملكي ، او من طرف الرئيس الأمريكي دولند ترامب . كما ان دور المغرب في حضور المؤتمرات الدولية أصبح معدوما ، وآخرها غياب المغرب الكلي عن حضور مؤتمر القمة العربية الأخير ، وغيابه عن حضور المؤتمر او اللقاء العربي الإسلامي الأمريكي بالسعودية . بل ان التضامن والاحترام الذي كان بين النظام ، وبين الخليج أصبح مهزوزا . فبعد طائرات المساعدات التي وجهتها الرباط الى قطر ، لم تتردد فضائية تابعة للإمارات العربية المتحدة ، من عرض خريطة المغرب مبتورة من صحراءه ، كما لم تتردد فضائية سعودية من اعتبار الوضع بالصحراء بالاحتلال ، والتذكير بشيء اسمه الجمهورية العربية الصحراوية . هذا ناهيك عن لجنة القدس التي ماتت بموت صاحبها الحسن الثاني .
هكذا تحول المغرب من دور مؤثر في السياسة الدولية ، وفي التوازن الدولي ، الى دور اقل من ثانوي بالمقارنة مع الدور الذي تلعبه الجزائر اليوم ، بالاتحاد الإفريقي ، وبأوربة ، وبأروقة الأمم المتحدة .
والخلاصة ان الغرب المتعجرف إذا كان لا يحترم رأس النظام ، فكيف له ان يحترم المغرب والمغاربة . ان المغرب يوجد الآن في وضع صعب وخطير ، ومن ثم فان اي خطأ يقوم به النظام في تقدير الحسابات ، ويؤدي الى تصدع الداخل ، ستكون نتائجه جد مكلفة الثمن على صعيد وحدة الأرض ، ووحدة الشعب .
ان هذا التحول الذي طرأ على العلاقة بين النظام وبين الغرب ، أعطى مؤشرات خطيرة ، منها ان الغرب ، وبالأخص واشنطن ولندن ، أعط للنظام فرصة ذهبية وسانحة ، للقيام بالإصلاحات الديمقراطية الحقيقية ، بما يضمن الاستقرار ، ويضمن المصالح ، وحتى يتمكن من الوقوف على رجليه، ويجعل من المغرب مثالا يحتدا به في الديمقراطية ، بالوطن العربي وبإفريقيا . لكن عوض ان يفهم النظام الرسالة ويستوعبها ويُعْتبرُ ( اخذ العبرة ) من تاريخ الشعوب ، والأمم ، والدول ، فانه تمادى في غيِّه ، وأغمض عينيه حتى لا يبصر الحقيقة ، فعجز عن بناء ديمقراطية حقيقية ، وانغمس في التقاليد البالية التي هي قاعدته الأساسية في تسيير الدولة بطرق أركاييكية ، لا علاقة لها بمواصفات الدولة العصرية الحديثة . بل الخطورة الكبرى هي تجاوز النظام المؤسسات ، ورهن مصير المغرب والمغاربة بيد صديقه فؤاد الهمة والشلة البوليسية المرتبطة به .
ان الغرب الخائف على مصالحه ، والعارف بخطورة الوضع بسبب الفساد الذي عمّ الأرض والبحر ، من تهريب الأموال ، الى تهريب الذهب بالأطنان ، لن يتردد في استعمال الانقلاب العسكري كما حدث في سنة 1971 و 1972 ، يقوده ضباط وطنيون برجوازيون صغار ، في حالة انفلات الوضع من يد عملاءه المحليين الذين انتهى دورهم ، رغم أهانته لهم في أكثر من مرة ، وفي جولات متعددة ، وتململ ميزان القوى لصالح الشعب ، وقواه الثورية المتصادمة مع القيم الغربية الصهيونية ، وذلك لاستدراك الوضع ، والعمل ما أمكن لإجهاض الثورة الوطنية والديمقراطية ، وقطع الطريق على اي تطور جدري يفلت زمام التّحكُّم والمراقبة من يده .
وجدير بالذكر ان البرجوازية الكمبرادورية ، وخوفا على مصالحها ، وحاضرها ، ومستقبلها ، وفي غياب مخارج سياسية بديلة ، قد تخرج بسهولة من كنف النظام ، لتشكل القاعدة الاجتماعية لأي مشروع امبريالي / انقلابي ، خاصة وأنها مهيأة أكثر من غيرها لضمان مصالح الامبرياليين ، وصيانتها بحكم ارتباطها المصيري بهذه المصالح .
ان اشتداد الحراك في الريف ، وبكل التراب الوطني ، لمن شأنه ان يعجل بهذا المشروع الذي يهدف الى تغيير نظام بنظام ، داخل نفس الدولة . لقد كان ما يجري اليوم خلاصة تنظير أمير الكامون الملقب بالأحمر ، الذي يحظى بإجماع الغرب ، بسبب تعلقه بالثقافة الغربية ، والليبرالية ، وبفلاسفة الحرية المختلفين ، وباستعداده للانخراط في قيم حقوق الإنسان الكونية ، التي تتجاوز التاريخ الفيودالي للدولة بالمغرب ، والى الاعتراف بحق تقرير المصير في الصحراء . كما يحظى بإجماع داخلي من دعاة الدولة الديمقراطية على الطريقة الغربية التي تمثل الملكية البرلمانية إحدى أهم تجلياتها الكونية .
ان المسيرة التي نظمت مؤخرا بالرباط ، ومن خلال الفعاليات الأساسية التي شاركت فيها ، كانت تنديدا بالدولة المخزنية ، وكانت احتجاجا على رأسها ، وكانت مسيرة التحام الشعب والأرض ، وكانت إدانة لكل محاولات الانفصال . لكن الرسالة الأساسية ، ان المسيرة كانت نصرة لمنظر ثورة الكامون ..
رابعا ) ولنا ان نتساءل أمام هذا الوضع الذي يغلي ، والذي من الممكن ان يتطور بشكل دراماتيكي ومأساوي . أليس التربة مهيأة اليوم ، بسبب اليأس والسخط ، الى المغامرة المسلحة باسم المقاومة في الشمال ، وبالأخص في أقاليمنا الجنوبية ؟ .
خامسا ) ما العمل ؟ لقد اصبح العنصر الخارجي حاضرا ولو من بعيد في كل التململ الذي يعرفه المغرب اليوم ، ورغم محاولة الظهور باللامبالاة وبالحياد في الصراع الذي يدور ، فان للامبريالية دور خطير في النفخ في ما يجري ، وعيونها لا تقف في حدود التفاعل والاحتكاك الشعبي هنا وهناك ، بل ان الخطر اضحى على الابواب وهو يهدد الوحدة الترابية والشعبية والجماهيرية للمغرب . ان المخطط الذي يحضر اليوم للمنطقة ، ليس وليد اليوم ، بل يعود الى فترة حكم بوش الاب ، وتعمّق كثيرا في فترة حكم بوش الابن . فما كانت تبشر به كوندوليسا راييس في تدخلاتها المبطنة أمام مجلس الأمن ، او أمام الجمعية العامة ، او تصريحاتها المختلفة أثناء التحضير لغزو العراق ، لم يكن يخفي المشروع التجزيئي والانفصالي الذي كان سيشمل بعد العراق مباشرة سورية .
لقد أصبح العنصر الخارجي متجسدا في الامبريالية بتواجدها العسكري ، وهيمنتها السياسية ، والاقتصادية ، والإيديولوجية ، عنصرا مؤثرا في الصراع ، وقد يكون حاسما اذا بلغ الاحتكاك الشعبي درجات متقدمة من الصراع يندر بالثورة الشعبية العارمة . ان المنعطف التاريخي الذي سجلته انتفاضة الريف في تاريخ المغرب وتاريخ المنطقة ، من حيث طول مدة الحراك ، ونوع الشعارات المرفوعة ، والتركيز على التمايز الاثني والعرقي ، والتلويح بالجمهورية الريفية ، هو نفس المنعطف سار عليه الحراك السوري في بداية انطلاقته الأولى ، واستغلته الامبريالية بذكاء ، لتوجهه لخدمة مشروعها العام الذي يدور على التجزئة والانفصال ، فتحولت سورية كما ليبيا والعراق ، من دول واحدة قوية ، الى كانتونات ودويلات ، تحكمها المليشيات الإرهابية التي تخدم المخططات الامبريالية الصهيونية . فضرب الدولة لصالح الدويلات والكانتونات ، هو ما ينتظر المغرب ، وينتظر الجزائر التي دورها قد يكون اقرب من دور المغرب .
ان الغرب المدرك بحقيقة الأوضاع ، يلعب لعبته التي تمليها عليه ظروفه ، وظروف المنطقة ، والظروف الدولية . فهو لا يتحرك بالوجدان ، او بالأخلاق السياسية ، بل انه يتحرك بالحسابات الدقيقة ، وبما يجعل المخطط المتحكم فيه ، يقارب بالنجاح مائة بالمائة . وهذا يلاحظ في طبيعة ، و تناقض القرارات التي يتخذها مجلس الأمن ، كل شهر ابريل من كل سنة بخصوص الصحراء ، كما يظهر في السياسات البراغماتية للغرب ، التي تركز على المصلحة ، وليس على الصداقة الم ينقلب الغرب على محمد السادس في قضية الصحراء ؟ الم يتعرض الملك لإهانات متعددة ، وآخرها اهانة دونالد ترامب .
وإذا كانت قبيلة آل سعود التي كانت مهددة من قبل دونالد ترامب قد اشترت بقاءها في العرش ب 460 مليار دولار ، فكيف سيكون الحال بالنسبة للنظام المغربي ، إذا استمر الحراك بالريف وبكل المغرب ، وأصبح يقترب من الثورة الشعبية التي ستكون مهددة للمصالح الغربية ؟
ان التدخل الغربي المباشر وارد ، وستكون قنطرته ، التطورات اللاحقة والقادمة بالصحراء المغربية ، خاصة إذا حصل الانفصال المدعوم من الغرب ، ونزل الشعب الى الشارع ، كما ستكون الاحتداد الذي سيبلغه الحراك بالريف من حيث القوة ، وإذا تمدد الحراك وبنفس القوة الى كل المغرب ، مع الانتقال من المطالب الاجتماعية والاقتصادية ، الى المطالب السياسية .
ومرة أخرى . فالرسالة الموجهة من المسيرة الشعبية بالرباط مؤخرا ، كانت تنديدا بالنظام ، ودعوة الى الوحدة الشعبية ووحدة الأرض ، ومن خلال الهيئات المؤطرة لها ، والشعارات التي تم رفعها ، كانت تأييدا لمنظر ثورة الكامون الذي يحظى بدعم غربي وسعودي ، والمقبول من دعاة الملكية البرلمانية التي يشجعها الغرب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وإذا كانت الأنظمة الدكتاتورية بالشرق الأوسط ،سبب الانتفاضات الشعبية التي انتهت بتحويل الدول ، الى دويلات ، وكانتونات ، فان بناء الديمقراطية الحقيقية الكونية ، وليس الخصوصية من حسنية ومحمدية ، سيكون صمام أمان لكل مشاريع التآمر ضد الوحدة الشعبية ووحدة الأرض .
الخطر أصبح على الأبواب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ