الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفويون الجدد...والعثمانيون الجدد!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


قد تكون واحدة من مهازل التاريخ الكبرى أن يكون العراق بلد أولى الحضارات والحضارات المتتالية ـ كانت آخرها الحضارة العربية الإسلامية ــ هو الصيد الثمين والجائزة الكبرى التي يتصارع عليها الصفويون والعثمانيون ، منذ أواخر العصور الوسطى وإلى اليوم .
ولأجل الفوز بهذه الجائزة الكبرى ، فقد غير كل من (إسماعيل الصفوي وسليم الأول) عقيدته ومذهبه الديني، وخاضا على أرض العراق ـ منذ سقوط الدولة العباسية إلى اليوم ـ حروباً دامية وصراعات مدمرة ألبسوها ثياباً دينية ومذهبية ، ودفع لها العراقيون أثماناً باهظة من دمائهم وحياة أبنائهم ومستقبل أجيالهم في الماضي البعيد والحاضر القريب ، وربما ستمتد ذيول هذه الحروب إلى المستقبل مرتدية نفس الثياب الطائفية المزيفة .
وحكاية العائلتين والدولتين (الصفوية والعثمانية) فيها الكثير من الغرائب والعجائب والعبر والتناقضات.. ففي حين كانت إيران دولة عريقة قامت ــ بحكم جوارها للعراق بلد الحضارات ــ على أرضها حضارات كثيرة ودول عظمى ، بينما كان الترك العثمانيون عبارة عن (قبيلة مغولية بدوية) هربت من بطش جنكيز خان في بدايات القرن 13 ولجأت إلى السلاجقة ــ وهم أتراك أيضاً ــ فاقطعوها أرضاً في الأناضول.. فأقامت هذه القبيلة عليها إمارة تولاها (عثمان بن أرطغل) واشتقت أسمها من أسمه ، وأيضاً أسم الدولة العثمانية الكبيرة التي أنشأتها فيما بعد !.
والترك أمة حديثة تقارب نشأتها التاريخية نشأة الأمم الأوربية الحديثة ، كبريطانيا وألمانيا وروسيا وغيرها من الأمم الأوربية الحديثة.. أما الصفويون فينتسبون إلى الشيخ (صفي الدين الأردبيلي) وهو جد (إسماعيل شاه الصفوي) مؤسس الدولة الصفوية!.
ومن المفارقات والتناقضات الصارخة بين العائلتين (وإن كان يؤلمنا ذكر هذه المسميات الطائفية) ما يلي :
(1 إن العائلتين الصفوية والعثمانية كانتا (تركمانيتان وسنيتان المذهب) وتتبعان طريقة صوفية واحدة هي الطريقة البكتاشية!.
2) إن العائلتين قد غيرتا مذهبهما السني الصوفي لأسباب سياسية في طليعتها: الفوز بحكم العراق لقيمته الروحية وموقعه الإستراتيجي ، باعتباره بلد الحضارة والعتبات المقدسة والمذاهب الإسلامية جميعها وبلد كبار علماء المسلمين ، كي يتسنى لهاتين العائلتين والدولتين حكم العالم الإسلامي بنفس الاعتبارات الدينية التي حكمه بها العراق في الماضي ، متكئين على إرث العراق الديني والحضاري الكبير!.
3) لقد نشأ كل من إسماعيل شاه مؤسس الدولة الصفوية ، والسلطان سليم الأول العثماني على [الطريقة الصوفية البكتاشية] نفسها ، ثم غير كل منهما عقيدته الدينية لأسباب دنيوية وسياسية بالدرجة الأولى ، وليس لقناعات دينية راسخة بأفضلية هذا المذهب أو ذك على غيره من المذاهب الإسلامية الأخرى!.
4) لقد تبنى إسماعيل شاه الصفوي المذهب الجعفري عام 1502وترك مذهبه السني وطريقته الصوفية البكتاشية ، بينما تبنى العثمانيون المذهب الحنفي في وقت مقارب ، وتحديداً في عام 1516 تمهيداً لإقامة الخلافة الإسلامية . أي أن ، الطرفان قد غيرا مذهبيهما الدينيين لأسباب سياسية !!
5) بعد اعتناق إسماعيل الصفوي للمذهب الجعفري نسب نفسه للإمام موسى الكاظم , بينما نسب العثمانيون أنفسهم ـ بعد تبنيهم للمذهب الحنفي ـ إلى الخليفة عثمان بن عفان أحياناً ، ولغيره من الصحابة في أحياناً أخرى .
6) اعتنق إسماعيل شاه (المذهب الجعفري) ليس لقناعة دينية ، بل لكي يحتل العراق ويفوز بحكمه بذريعة حماية العتبات المقدسة.. بينما أعتنق العثمانيون (المذهب الحنفي) ليس لأفضلية فيه على غيره من المذاهب ، بل لأنه المذهب الإسلامي الوحيد الذي يجوز تولي غير العرب خلافة المسلمين . بينما المذاهب الأخرى لا تجوز هذا وتستند في هذا لأحاديث نبوية كثيرة أهمها الحديث الشريف "الأئمة من قريش" .. بينما يعتقد الشيعة بخلافة آل بيت النبوة حصراً!.
7) أــ ((عام 1502 أقام إسماعيل الصفوي دولته في (إيران السنية) وأعلن انتسابه لـ (المذهب الجعفري) وللإمام موسى الكاظم ، ثم فرض (التشيع) على الإيرانيين بالقوة وسفك الدماء!.
ب ــ (( عام 1508 غزا العراق)) (1) متسلحاً بذريعة (حماية العتبات المقدسة)!.

8) أ- عام 1516 ((أعلن العثمانيون تبني (المذهب الحنفي) وبعدها أعلنوا خلافتهم على المسلمين!.
ب ـ عام 1534 احتل سليمان القانوني العراق (2) بذريعة أخرى ، واستمر هذا الاحتلال لمدة أربعة قرون متتالية .
****
هكذا كانت اللعبة الصفوية العثمانية ، وهكذا كانت مهازل التاريخ وذرائعه دائماً .. وهكذا دفعنا نحن العراقيون ثمن هذه اللعبة القذرة بالأمس وندفعها اليوم بالطريقة نفسها ، وتكاد بلادنا أن تذهب ثمناً لهذه اللعبة السياسية الطائفية القذرة ، رغم أنها لعبة معروفة ومكشوفة وموروثة تاريخياً عن الصفويين والعثمانيين!.
لكن مع الأسف أن هذه اللعبة المعروفة والمكشوفة والمورثة قد نجحت ، وسحبت إلى ساحاتها ليس العراقيين وحدهم ولا العرب وحدهم ، إنما عموم المسلمين وجعلت منهم حصص يتوزعها (المعممون) والإقليميون والدوليون!.
فمنهم من يريدهم حصة للصفويين الجدد!!.. ومنهم من يريدهم حصة للعثمانيين الجدد!!.. وبعضهم يريدهم حصة للأمريكيين والغربيين ، وحتى حصة للصهاينة المغتصبين.. والثمن يدفعه دائماً فقراء العراق وفقراء العرب وفقراء المسلمين.. يدفعونه من دماء أبنائهم ومستقبل أجيالهم واستقلال بلادهم !!
لكن أبناء العراق الغيارى ـ وكما علمتنا تجارب التاريخ الكثيرة ـ وكذلك باق العرب والمسلمين ، لن يسمحوا باستمرار هذه اللعبة القذرة إلى الأبد!.
فأغلبية هئولاء العراقيين والعرب والمسلمين من حصة العراق وحده ومن حصة بلدانهم وحدها.. وبوعيهم سيصححون أخطاء التاريخ وأخطاء السياسة ، وحتى أخطاء الجغرافية.. طال الزمن أو قصر!! .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير