الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الجبن والخور- في مفهوم مسكويه الحكيم

داود السلمان

2017 / 6 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب بن مسكويه (932-1030)، الفيلسوف، المؤرخ، والطبيب، والاديب من بلاد فارس. وعرف عنه أنه فيلسوف اخلاق، تأثر بأفلاطون وارسطو، اسمه بالفارسية (مشكويه) وتعريبه (مسكويه) والاسم مأخوذ من اسم تابع من توابع الري، إلا أن هناك خلطاً في اسم ابيه، فهو نفسه يقول في بعض كتبه انه (أحمد بن محمد مسكويه)، كما يذكر بعض المؤرخين، ومرة اخرى يقول (احمد بن يعقوب مسكويه)، وقد ادى هذا الى عدم تثبت المؤرخين المحدثين، بل والمعاصرين له فسموه (ابن مسكويه) معتبرين مسكويه اسم ابيه او جده. ومنهم الشيخ عباس القمي في "الكنى والالقاب ج1 ص408".
فالجبن معروف، والخور يعني الانكسار والتضعضع بالنسبة للرجل، فيعتقد مسكويه بأن الجبن والخور، "وتتبعهما إهانة النفس وسوء العيش وطمع طبقات الأنذال وغيرهم من الأهل والأولاد والمعاملين، وقلة الثبات والصبر في المواطن (المواقف)التي يجب فيها الثبات وهما أيضا سبب الكسل ومحبة الراحة اللذين هما سببا كل رذيلة ومن لواحقهما الإستحذاء لكل أحد والرضى بكل رذيلة وضيم".
ويضيف امور مثل: "الدخول تحت كل فضيحة في النفس والأهل والمال وسماع كل قبيحة فاحشة من الشتم والقذف وإحتمال كل ظلم من كل معامل وقلة الأنفة مما يأنف منه الناس".
فيرى مسكويه أن هذه الامور القبيحة التي يتعرض لها الانسان، والتي يأتي بها هو نسفه ويلصقها به، وهي من العار بمكان، ويفترض بالإنسان العاقل السوي أن تجنبها اكراما لنفسه، ولكي يجنبها سوء العاقبة وتردي الحال. واذا ما تعرض لها أي انسان، فأن لها ثمة اسباب لمعالجتها، ويرى مسكويه، أن علاج مثل هذه الاسباب يكون بأضدادها. مثل أن يعالج الجبن بالشجاعة، والبخل بالسخاء، والتسرًع بالتأني، وغير ذلك.
ويتم" ذلك بأن توقظ النفس التي تمرض هذا المرض بالهز والتحريك". ويعني بتعبيرنا اليوم: هو أن يصعقها بصعقة كهربائية حتى تصحو من نومها أو من غفلتها، فتنتبه الى ما يجري من حولها من امور تعتبر مرفوضة برأي المجتمع.
واما لماذا نفعل بالنفس ما يجب أن نفعل، فيعود ذلك كون الانسان يحمل بداخله حالة من الغضب، وهذه طبيعة متأصلة، "فإن الإنسان لا يخلو من القوة الغضبية رأسا حتى تجلب إليه من مكان آخر. ولكنها تكون ناقصة عن الواجب، فهي بمنزلة النار الخامدة التي فيها بقية لقبول الترويح والنفخ فهي تتحرك لا محالة إذا حركت بما يلائمها وتبعث ما في طبيعتها من التوقد والتلهب".
ثم يسرد لنا مسكويه حكاية تخص بما اسماهم ببعض المتفلسفين، مفادها أن هناك رجل: " كان يتعمد مواطن الخوف فيقف فيها ويحمل نفسه على المخاطرات العظيمة بالتعرض لها ويركب البحر عند اضطرابه وهيجانه ليعوّد نفسه الثبات في المخاوف ويحرك منها القوة التي تسكن عند الحاجة إلى حركتها ويخرجها عن رذيلة الكسل ولواحقه".
ويعلق مسكويه على هذه الحكاية بقوله: "ولا يكره لمثل صاحب هذا المرض بعض المراء والتعرض للملاحاة وخصومة من يأمن غائلته حتى يقرب من الفضيلة التي هي وسط بين الرذيلتين" ويقصد بها "الشجاعة التي هي صحة النفس المطلوبة، فإذا وجدها وأحس بها من نفسه كف ووقف ولم يتجاوزها حذرا من الوقوع في الجانب الآخر"
وهذه حالة من الحالات المذمومة والتي عالجها فيلسوف الاخلاق مسكويه في كتابه" تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق". عالجها معالجة موضوعية اخلاقية، و هي اليوم لها صدى واضح في مجتمعنا الذي نعيشه الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض