الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة جزء من الأزمة الراهنة

أمينة النقاش

2017 / 7 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ضد التيار: حركة النهضة جزء من الأزمة الراهنة


ليس عصيًا على الفهم أن يسعى راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة الإخوانية فى تونس إلى القيام بوساطة لحل الأزمة بين الدول الخليجية وقطر، فقد توجه الغنوشى بنداء إلى العاهل السعودى الملك سلمان متمنيًا عليه “أن يجمع كل أبنائه مجددًا على طريق واحدة..كلهم إخواننا ونأمل أن يعدوا إلى وحدة الصف ووحدة القلب، وإلى التعاون “. وعلى طريقة تقسيم الأدوار اعتبر الغنوشى السعودية ” مركز وقبلة كل المسلمين ” وأوحى بأنه يتبنى الموقف الرسمى التونسى الذى يقف على مسافة واحدة من كل أطراف الأزمة، ليقنع المملكة بقبوله وسيطا، فى الوقت نفسه الذى شن أعضاء حركته وأسرته هجومًا كاسحًا على المقاطعة الخليجية لقطر. ففى أعقاب ثورات الربيع العربى، لعبت قطر دور الداعم الإقليمى لجماعة الإخوان فى المنطقة. وكما حدث فى مصر، دخلت قطر بقوتها المالية عبر حركة النهضة وغيرها من التيارات الإسلامية إلى الساحة التونسية، واتخذت من الدعم السخى للجمعيات الخيرية غطاء لنشاطها الذى دعمته حركة النهضة وهى تقود الحكم،بتدريب آلاف من الشباب التونسى للالتحاق بالمنظمات الدينية المسلحة فى سوريا وليبيا، كما لعب عزمى بشارة دورًا فى تجنيد عدد من المثقفين التونسسيين، فى أنشطة بحثية تروج للدور القطرى، ولتيارات الإسلام السياسي وفى القلب منها جماعة الإخوان، وحركة النهضة باعتبارها النموذج الذي ينبغى أن يسود دول المنطقة.

تتحسس حركة النهضة رأسها، لأنه لم يعد مستبعدًا أن يتم إدراج أنشطتها فى قوائم المنظمات التى اعتبرتها الدول الخليجية إرهابية، وهى تسعى للوساطة من أجل نفسها من جانب، ودفاعًا عن ممولها وحاميها القطرى من جانب آخر،بينما هى جزء من الأزمة، والمتابع للوضع التونسى يدرك بسهولة أنها تعرقل التطور السلمى الديمقراطى فى البلاد، و تعمق الانقسام، وتشيع التطرف والتشدد الدينى الذى يمد شريان الحياة لداعش وجبهة النصرة والقاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية التى تحيا على أنقاض دول المنطقة!

قبل نحو عام وعلى ضوء الزلزال المصري الذى أطاح بحكم جماعة الإخوان أعلن راشد الغنوشى عن تقسيم حركة النهضة إلى قسمين، أحدهما دعوى والآخر سياسى،فى مسعى منه للزعم بأن حركة النهضة الإسلامية باتت حزبًا سياسيًا مدنيًا،كما هو الحال فى الأحزاب الديمقراطية المسيحية فى الدول الأوروبية. وفى سياق تأكيد زعمه قال إن مصطلح الإسلام السياسى فضفاض ولا قيمة له،وأن حزبه اختار أن يعمل للمستقبل الذى لايمكن الخلط فيه بين السياسة والدين.و فى غمرة تلاعبه بالمصطلحات، نسى الغنوشى أن حلفاءه فى جماعة الإخوان بمصر قالوا مايشبه ذلك، وأنشأوا حزب الحرية والعدالة، وحين تولوا السلطة، أقصى مكتب الإرشاد الحزب والرئيس والوزارة والشعب وركنهم على الرف، وبات يتحكم فى كل صغيرة وكبيرة فى البلاد. وهو نفس ما فعله حليفه التركى رجب طيب أردوغان الذى كان يتباهى بعلمانية حزبه الحاكم العدالة والتنمية وهو يمحو على المستوى التشريعى والمجتمعى والدستورى، الهوية الثقافية والوطنية التركية التى سادت منذ عام 1924، لينصب نفسه ديكتاتورًا.

لقد حكم الغنوشى ووزراء حزبه تونس على امتداد عامين ضمن ائتلاف حاكم، فى أعقاب سقوط “بن على “فشكل حكمهم أرضية خصبة لتصاعد التطرف الدينى والعنف والإرهاب، بعدما استولوا على المنابر الإعلامية والثقافية والتعليمية، وفتحوا الحدود لتدفق الأسلحة والإرهابيين من وإلى ليبيا بدعم قطرى، وإقامة معسكرات تدريب للتجنيد لداعش، لتصبح تونس أكبر دولة فى المنطقة تمد هذا التنظيم الإرهابى بشباب تم التغرير بهم بزعم الجهاد فى سبيل الله. كما انتشرت فى كل مكان المليشيات المسلحة خارج إطار الدولة والقانون،و تصاعدت أثناء العامين حوداث الاغتيال السياسى التى طالت قادة أحزاب معارضين لحكم النهضة وسياساتها، ومسئولين عسكريين وأمنيين، وحوادث قتل غامضة لنساء وفتيات،فضلا عن التفجيرات التى عطلت النشاط السياحى ، ورفعت من نسبة العاطلين عن العمل..

وفضلا عن العقلية البرجماتية للإخوان،فإن عرض وساطة الغنوشى هو مسعى جديد لتفادى أن تقتلعه العاصفة العاتية.ففى الداخل تخسر حركة النهضة لغالبيتها فى الانتخابات الأخيرة، وتتزايد أصوات المعارضة المدنية الرافضة للأحزاب الدينية،التى يحظرنشاطها الدستور، ولتيار الإسلام السياسى الذى فشل بكل فصائله فى تقديم نموذج حكم واحد رشيد، لا يخاصم فيه الدين الأسس العصرية لبناء المجتمعات الحديثة و وأخيرًا الهبة الخليجية لمحاصرة الدول الداعمة للإرهاب ولمصادر تمويله، والدعم الدولى المرافق لذلك.

حزب النهضة ليس وسيطا بل هو جزء أصيل من الأزمة القائمة الآن مع إمارة قطر، التى اختارات أن توظف أموال الشعب القطرى فى دعم وتمويل المنظمات الإرهابية، ثم تغدو وسيطا بين تلك المنظمات و دول الإقليم كى تصطنع دورًا لنفسها، وهو دور لا تقوم به دول، بل تلعبه فقط عصابات المافيا الدولية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السيدة الفاضلة أمينة النقاش
فاخر فاخر ( 2017 / 7 / 4 - 07:42 )
نحن نوافقك على كل ما كتبت أعلاه لكن موقف الحكومة المصرية والقوى التقدمية في مصر من انتفاضة الشعب السوري سيظل نقطة سوداء في تاريخ مصر وتاريخكما
الإخوان المسلمون في سوريا يختلفون كثيراً عنهم في مصر بل من يصنفون باليساريين هم الغالبون في قيادة الانتفاضة وعلى رأسهم رياض حجاب البعثي سابقاً وجورج صبرا وميشيل كيلو الشيوعيان

لا يمكن تبرير موقف مصر من الانتفاضة السورية بحال من الأحوال
يرجى من مثقفي مصر عقد مؤتمر واسع لهم لبحث هذه المسألة الحدية
مع خالص تقديري


2 - أنتم الأزمة نفسها
عبد الله اغونان ( 2017 / 7 / 4 - 11:09 )

تدعون الى الديمقراطية ولاتؤمنون بنتائجها

الاسلاميون هم الديمقراطيون المحيدون في العالم العربي

ابقوا تحت جزمة العسكر

اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل