الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزفزفة

محسن كفحالي

2017 / 7 / 12
الادب والفن


ذات خريف من سنوات الخريف ، كان يتدحرج في حارة مدينة شاطئية ، عرفت ببساطتها و طيبوبة سكانها ، عمي "جيلالي" صاحب دكان حلويات ، يحكى أنه كان بطلا من أبطال الوطن ، له بطولات تحكى عنها الأساطير و الحكايات ، صوته رعد و نظرته برق ، بطل قاهر للاستعمار الأجنبي في شمال الوطن ، في مهنته الجديدة يقدم معظم الحلويات هدية للأطفال الحارة .
مقابل دكان عمي "جيلالي" ، يوجد دكان عمي عبد الكريم صديق الطفولة ، شيخ يرتدي جلباب و عمامة ، و سلهام فاخر ، يتحدث في السياسية كثيرا ، يحب الشجاعة و الحماس ، يتأسف كثيرا على السنوات الخالية ، سنوات الشباب ، في معرض عرض ذاكرته السياسية قال :
نحن أبناء الوطن ، نحن ربيعه و أزهاره ، صديقي جيلالي ، و حمو رحمه الله ، كان الوطن يسكننا ، حبنا له كتبناه دماء ، تنهد أمطرت عيناه دمعا ،رسم على خده ابتسامة ،هادئة ، ماكرة .حكايات عمي عبد الكريم يعرفها الصغير قبل الكبير ، تتغنى بها العصافير ، تحكيها النساء لأطفالها ، يحكى أنه هزم الغزاة القدامى هزيمة قاسية ، و فضح الغزاة الجدد .
سيليا كبيرة أبناء الحارة ، رقيقة ، أنيقة ، جميلة ، زاد جمالها سمرة عينيها ، و صوتها الذهبي ، عشقت دور المدرسة ، علمت ، غنت للحب ، للحرية ، للأمل ،للسلمية ، للوطن ،اه كم نخاف عليك أيها الوطن ، عمر الخريف طويلا و هوت كل الأوراق ، الحب، العمر ، الأمل ، شاب الشعر ، و تلبدت المشاعر ، ذبلت الأشجار و سقطت أورقها ، ساد الصمت طويلا ، اختفت معالم الحياة ، أين سكان الحارة ، أين عمي الجيلالي أين عمي عبد الكريم أين و أين .....................
اتخذ أعلى قمة في المدينة ، من جهة تطل على دولة فرانكو ، قبل أن يصلها الربيع و تزدهر ، و من جهة تطل على الحارة ، ينظر إلى المدينة فيرى شوارعها ، مزدحمة بالأموات ، في شوارع المخيم أكفان بيضاء، تتهافت ، تتسابق ، أموات تناكحت ، تناسلت ، تكاثرت ..... ، أموات ، اغتصب ، سرقت ، نهبت ، عذبت .....
إجتمع مجلس الوجهاء ، للبث في قصية الأموات قال أحدهم ، لماذا لا نقتل الأموات ، و نستفيد من الهواء و الشمس و الماء ، قد يكسرون يوما قيودهم و يتخلصون من أكفانهم ....
و قال الثاني ، ما فائدة قتل الأموات ....
تكلم أعقلهم ،نستأ صل لبهم و نترك أعضائهم التناسلية ، للنساء النهديين و أبو بلعوم ، و للرجال الهرماق ، حتى يتكاثروا ، و يعملوا ، و لا يفكروا في الكرامة و الحرية ،و إذا ما ظهر الأحياء ، قالوا لا للفتنة نحن الضحية ، نعم للحكرة لا لزفزفية .
جلست جدته إلى جانبه ، وضعت كفها على وجنتيها ، حملقت فيه كثيرا ، و هي تنظر إلى أمواج البحر ، تارة و تارة أخرى إلى المدينة ، لم يكن الخريف دائما ، كان هناك الربيع ، و في عز الفرح ، فرح جني محصول الصيف ، خرج غزاة ، دخل غزاة ، أخذوا الأرزاق ، شردوا الأبطال ، سمموا الأطفال ، قتلوا الأمل ،قتلوا الشباب ، قتلوا الربيع ، لكن يوما سيعود الأمل ، سيعود الربيع ، مهما سجنوا اعتقلوا من زهور فالربيع زاحف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص