الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عزاء لي الا بنبش جثمان عمر مزي

عبد الحميد عبود

2017 / 7 / 15
حقوق الانسان


لا عزاء لي الا بنبش جثمان عمر مزي
مات المعارض التونسي عمر المزي في باريس ، وفجأة صار له عائلة واصدقاء ومريدون ، جائوا الى جنازته وصلوا عليه ولم يدعوني انا الذي كنت قد واظبت على زيارته اسبوعيا منذ عامين ونصف ، العائلة دائما مفاجئة وتأتي في اللحظة التي لا ننتظرها بها لتذكرنا ان الاخوة هم اصدقاء انفرضواعلينا فرضا، الغدر شيء تعوَّدت عليه انا المغيّب والمحذوف ، سكاكين كثيرة طعنتني بالخلف حتى تمسح جلدي، ليس الموت هو الغادر بل هي الحياة ، وكان بعضهم قد حذرني من زيارته بالمستشفى بحجة انه لوطي فقلت له ان بعض اللوطين الذين ينامو ن مع الرجال اشرف من كثير من اللوطين الذين ينامون مع النساء ، زوجته السرلنكية سعدية ورثت بيته ولم تعد تزوره، لا يمكن لومها فالفرض عنها ساقط بحكم انها ناقصة عقل، لا استطيع لوم لمياء بنت اخته فهي عانسة قبيحة ومكبوتة جنسيا ومصابة بنوبة عصبية او بعصبة نووية ، لكني ألوم بقية اصحاب العقول الوافرة وخاصة ذاك الحكواتي المصري الذي كان يرهقني بأرسال عشرات الايميلات للتعريف بمداخلاته المتلفزة ، مثقف بسكسوسة لينينية يضع كسكيست على راسه ويثرثر كثيرا في ميادين الاخلاق والالتزام ، حالة من الحالات وعالة من العالات، يعلف من كل المعالف من قناة الجزيرة ومن المنار وما بينهما ويعتاش من زكاة الضرائب الفرنسية ، ومن الخمخمة بالشوارع ، نسي هذه النسناس او تناسي ان يبلغني بموت عمر، كل من لا يجب ان يحضر حضر والتموا حول الجثمان كالغربان ،المرائون الذين يخلطون بين الخير والشفقة ، زمرة البوبليك ريليشن ، عشاق الأضواء والضوضاء ، الفلاسفة الميتافيزيقيين والصوفيين ، حفارو القبور وهواة اكل الكسكس في مواسم العزاء ، صلوا عليه وأبنوه وذرفوا عليه دموع تماسيح وحولوه الى مرابط مهم في موته ومهمل في حياته ،
لكن اين كان هؤلاء التافهون خلال عامين ونصف ؟، كانوا يزورونه لرفع العتب على طريقة زوروني كل سنة مرة ،هجروه لمرضه العضال لانه كان فقيرا معدما، كلهم كان يعرف رقم هاتفي ولم يهاتفوني قصدا وعن سابق تصميم كيلا يحرجهم ويجرحهم وجودي ، أفظاظ هؤلاء التوانسة وهم يحولون الموت الى قناع لتبييض الوجوه السوداء ، ومش صدفة ان البوعزيزي أحرق نفسه في تونس وليس في غيرها ، رفضوا حضوري بالاجماع لأني مختلف عنهم ولأنهم متشابهون، لكن كيف استطاعت عدة ذاكرات ان لا تتذكر الرجل الوحيد الذي لا يجب نسيانه في هذه اللحظة ؟ ان النسيان ليس نقيض الحسبان بل شكله الممسوخ ، وان التناسي مرض ميتافيزيقي، ان الخيانة يا سادة شرط التمكن ،وعلينا ان نتفادى الاساءة الى الخطأ كيلا نسيء للحقيقة ، من الافضل الا نفهم بعض النذالات فالجهل ايضا يمنحنا بعض الامتياز ، لكن هذا لا يعني البكم ، اننا نتكلم لأننا لا نستطيع الصمت،( البوعزيزي هو من علمنا هذه الحقيقة) لا عزاء لي، اذ انتزعتم مني حق العزاء فانكم قد اعطيتوني حقا اكبر، نبش الجثمان من قبره لادفنه وحدي واصلي عليه وحدي ، فانا وحدي كنت عائلة المرحوم وانا وحدي كنت صديقه الوحيد ، لتعرفوا يا ضباع ان المرحوم لم يكن بحاجة لدقيقة صمتكم بل لأن تخرسوا ، لتعرفوا ان غضبي ما هو نتيجة حضوركم في غيابه بل لأنكم كنتم دائما غائبين في حضوره ،
زبور امكم
عبد الحميد عبود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة