الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي الديني والوعي الفلسفي

محمد بقوح

2017 / 7 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قد يكون الوعي الديني السائد دواء ناجعا للوعي الشقي المفترض أن يكون. هذا ما يبدو على مستوى النظر السطحي لواقع الحال. في حين، إذا تأملنا جيدا عمق الإشكال المطروح للتفكير عندنا وجدناه أبعد بكثير في حقيقته من مجرد وعي ثابت بمعناه الديني أو الشقي الفلسفي.
يجب هنا استحضار تحاليل فرويد النفسية، وخاصة نظريته في التعويض النفسي التي استلهمها حتى الأدباء والفنانون في ممارساتهم الكتابية والجمالية الخالدة. أي حين يتقمص لاوعي الشخص، دون أن يدري، وقد يدرك طبعا، شخصية الفقيه الأنيق، والنبي الراقي هروبا من "مدنس" الواقع الاجتماعي الكائن، ووجع سؤال المثقف النقدي والفيلسوف، تحقيقا للسعادة المريحة المفترضة في العالم المُفارق الممكن أو المتخيل. في الواقع، يوجد فرق كبير، كالفرق بين السماء والأرض، إذا كان هذا الفرق واقعا أم وهما، بين من يُحكّم وعيه أو لا وعيه في تفسير الظواهر الطبيعية، كتجارب الشعوب الغابرة، أو الظواهر الاجتماعية القائمة كالمعتقد الديني، والممارسة التربوية، والسلوك السياسي. لكن، يبقى الرهان الأساس في كيفية عيش الحياة لدى الجانبين، بحيث تعتمد الذات المسلحة بالوعي الشقي، كإحدى مظاهر الوعي الفلسفي، على مصفاة الوعي الاجتماعي النقدي الذي لا يتردد في إخضاع جميع الظواهر والممارسات والسلوكيات البشرية مهما كانت مصادرها لمنطق العقل المفكر والنظر العقلاني العلمي، الشيء الذي يفسر ارتباطها بما يسمى بالوعي الشقي، وهو نوع من التفكير النقدي البشري القادر على تحصيل فعل المساءلة، وتعرية السائد، وفضح المختل الفاسد، وكذلك القادر، في الوقت ذاته، على التأسيس النظري والعملي لصرح المعرفة الممنوعة اجتماعيا. في المقابل، تكتفي الذات المنشطرة، دون أن تدري، إلى ذاتين معاكستين، بترديد تعاويذ النظر الماضوي في كل حين، وحسب درجة منسوب حاجتها المادية والاجتماعية إليه، بحيث تجدها ذاتا حالمة تحتفي في شكلها وصورتها بالحس الأسطوري البطولي، وفي عمقها الحقيقي تعيش واقعا تراجيديا فريدا من نوعه، لتعتمد كذات مزدوجة الشخصية، مسلحة هنا بوعيها الديني المفرط إلى درجة قداسة الذات نفسها، على مصفاة الوعي الاجتماعي الشفوي التقليدي الذي يسلّم بقدسية الأمور والظواهر كما لو كانت واقعا مفروضا عليه أن يتواطأ مع هذا الإنسان المختل، والحامل في داخله الواسع البريء، بالرغم من تلميعات خارجه، بكل أنماط وأنواع موروث الكذب والأمراض الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل