الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ثنايا هوامش كتاب - العراق- حنا بطاطو (2)

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2017 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


كانت السنة الدراسية على وشك الإنتهاء عندما سألنا الأستاذ المشرف على مجموعتنا، حيث بقينا 12 طالبامن مجموع ثلاثين عند بدأت مجموعتنا بالدراسة قبل خمسة أعوام دراسية من ذلك اليوم:
س: ما الذي حاولنا تعليمكم من جانبنا خلال الخمسة سنوات التي قضيتموها في هذه المؤسسة العلمية وماذا يعتقد كل منكم بأنه قد تعلم منا خلال هذه الفترة؟
كان الاستاذ يؤشر للطلاب، حيث لم تكن بيننا طالبات، واحدا بعد اخر ويدون الأجوبة. بنفسه على اللوحة الخضراء بشكل عمودي بعد تنسيقها حسب تقارب المواضيع ، وكانت الآجوبة: كيف نُصمم أجزاء المكائن، معلومات كثيرة عن السوائل والموائع أثناء جريانها في الآنابيب المغلقة والقنوات المفتوحة، كيفية إنتقال الحرارة وكمياتها خلال الجدران الفاصلة بين الفضاءات المختلفة من حيث درجات الحرارة، الاهتزازات، علم المعادن ، الرسم الهندسي، ادارة العمل، علم النفس الصناعي، التبريد والتكيف......الخ.
بعد أن خَلَتْ جُعَب الطلاب من الأجوبة قال الأستاذ إليكم جوابي للسؤال وكتب: كل ماورد من الآجوبة وغيرها لم تكن إلا وسائل لتحقيق عدد من الآهداف المركزية وأهمها تنمية قدراتكم الذاتية للتعلم والمثابرة الى الحدود الممكنة وتوسيع مَدَيات التخيل والتصور عند كل فرد منكم، أنتم اليوم على المقعد الدراسة، مهندسون في مواقع العمل الجاد بكل تشعباتها وتعقيداتها غداً .
كان تَذَكُري لما حدث قبل ثمانٍ وأربعون عاماً، حصل في الوقت الذي كنت عند مرحلة الإعداد الفكري لكتابة هذا المقال، ابعدني، لبعض الوقت، عن ماكنت مصمما على إكماله بأسرع ما يمكن.
كان السبب الكامن وراء تغيير مسار تفكيري، المفاجيء، باتجاه غير الاتجاه الذي كنت مصمماً على تكملة السير فيه غير إرادي و غير معلوم، ولكنني أستطيع أن أخمن، بعد إجراء ما هو معروف بعملية ال(feed back)، بأن ماجاء في مقال حسونة المصباحي، الذي نُشر في مدونة ايلاف الالكترونية يوم الاثنين المصادف 17يوليو 2017، تحت عنوان " ماذا قال سارتر في آخر حوار معه" دورا ما في تحفيز أجزاء من الدماغ للتذكر، حيث ورد في المقال اسم "برغسون" الذي يُذّكِرُ المرء بتصوره حول "ماهية العلاقة بين الذاكرة والوعي" ومن الحوار يتبين بأن " بحث المعطيات المباشرة للوعي" لهذا الفيلسوف هو الذي ولد الرغبة عند سارتر في دراسة الفلسفة بشكل جدي وعن هذا النص قال سارتر في الحوار المذكور:”ما أدهشني هي المعطيات المباشرة للوعي. وقبل ذلك، وتحديدا عندما كنت في الصف الأول، كان هناك استاذ جيّد جدا دفعني الى حّد ما باتجاه دراسة الذات. ومنذ ذلك الحين أصبحت مهتما بمعطيات الوعي، وبدراسة ما يحدث في الرأس، وبالطريقة التي تتشكل من خلالها الأفكار، وكيف تتجّلى العواطف، وكيف تختفي الخ...عند برغسون ، وجدتّ أفكارا عن الزمان ،وعن الوعي، وعن الشيء الذي هو في حالة وعي. ومن المؤكد أن كل هذا أثّر فيّ كثيرا".
كما وينقل حسونة المصباحي، في نفس المقال، حديث سارتر عن الاسلوب:”الأسلوب هو قبل كل شيء الاقتصاد. ويعني ذلك أن نكتب جملا حيث تتعايش معان متعددة مع بعضها البعض، وحيث الكلمات تؤخذ بالأحرى كتلميحات، كأشياء، وليس كمفاهيم. في الفلسفة، كّل كلمة لا بدّ أن تعني مفهوما. هذا فقط لاغير. الاسلوب هو الذي يحيل الى معنى. معنى باستطاعتنا نحن الحصول عليه بمجرد تعداد بسيط للكلمات".
لقد ساعدني المقطع الأخير لكلام سارتر، كثيراً، للتعبير عن وجهة نظري حول الأسلوب والمنهج اللذان اعتمد عليهما حنا بطاطو عند كتابته عن الحزب الشيوعي العراقي في كتابه الموسوم "العراق".
في البداية كنت أقلب صفحات كتاب حنا بطاطو الموسوم " العراق" كأي كتاب بدون الغور كثيراً في الجداول والهوامش التي كنت لا أرى ، في باديء الأمر، أية ضرورة للعديد منها ولأرقام ملفات الشرطة كذلك.
رغم ذلك كانت العديد من الملاحظات الأولية كانت تتشكل، عندي، كلما كنت أتقدم في القراءة، الى أن وصلت الى الفصل الحادي والعشرون من الكتاب الثاني المعنون "تطرف أكثر وأكثر وعقلانية أقل وأقل" الذي لا تتجاوز عدد الصفحات المخصصة لهذا الفصل أربعة صفحات لو تركنا الجداول والهوامش جانباً، سأعيد نشره في مقال خاص في اقرب فرصة.
هذا القراءة التأملية لهذا الفصل أعادني مجددا الى مقدمة الكتاب (تصدير) المنشور في الكتاب الأول لأقف طويلا عند المقطع الآتي منها:
"وإني إذ استعيد ذكرى هذه الحادثة هنا لأشدد على وجهة النظر التي كتب بموجبها هذا المؤلف، اذ لم يكن في نيتي أن أجعل من نفسي نصيراً إلى طرف أو أقدم مساهمة مثيرة للجدل، أو أن أضيف إلى الخلافات التي تعذب العراق. وربما استحالت كتابة تأريخ حزب شيوعي ما من دون أن يكون المكتوب إما موالياً للشيوعية أو معادياً لها. ولكن هذا ما حاولت أن أفعل على كل حال. وكان هذا هو خطي الموجَّه في ما يتعلق بالقوى السياسية والاجتماعية الأخرى. طبعاً، هذا لا يعني أن طريقتي في النظر الى الأمور ليست موجودة في هذه الصفحات. فهنالك التأريخ في أي عمل تأريخي يقوم به كائنا من كان، ولكن هنالك أيضا شيء من ذات المؤلف في هذا العمل دوماً. وهو أمر لايمكن تجنبه. والإنسان يكشف، وإن غير قصد ، ضيق خبرة الانسان وعدم اكتماله الفكري والطبيعي."
وبعد الإمعان في قراءة هذا المقطع من المقدمة شعرت بالحاجة، لكي استوعب ما أراد حنا بطاطو أن يقوله: عن طريق اللجوء الى التورية، أو فيما بين السطور لربما ذكر بعض استنتاجاته بطريقة سرياليه في ثنايا(هديته الى الشعب العراقي) أن أضع منهجاً دقيقا لغرض الوصول الى افكار حنا بطاطو المخبأة بين الأسطر وفي اعمدةالجداول والهوامش التي يَعُجُ بها الكتاب.
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع