الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجالس بلدية أم حركة مواطنون أحرار متضامنون من أجل الحكم المحلي

بشير الحامدي

2017 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ورقة للنقاش
مجالس بلدية أم حركة ـ مواطنون أحرار متضامنون ـ من أجل الحكم المحلي
لا أحد يمكن أن ينكر عمق الأزمة التي تردّت إليها أوضاع أغلبية التونسيين في الست سنوات الأخيرة من جراء السياسات التي تمعن قوى الانقلاب على مسار 17 ديسمبر في مواصلتها. ففي الوقت الذي كانت تأمل فيه جماهير الأغلبية في تغيير الأوضاع لصالحها بعد 17 ديسمبر 2010 والقطع مع هيمنة طبقة الأقلية الفاسدة المرتبطة التي احتكرت السلطة والثروة عقودا تجد الأغلبية نفسها من جديد في قبضة نفس العصابة مجردة من كل قرار على كل المستويات.
لقد نجحت قوى الانقلاب على مسار 17 ديسمبر ممثلة في مراكز النفوذ المالية التقليدية التي كانت دعامة نظام بن علي بمعية بعض القوى المتنفذة من بيروقراطيات العسكر والبوليس والمخابرات إضافة إلى بيروقراطيات حزبية ونقابية متحالفة كلها مع القوى الاستعمارية المهيمنة إقليميا على وقف مسار 17 ديسمبر وعلى إضعاف الحركة الجماهيرية التي ظلت تقاوم بشكل متقطع وبكثير من العفوية دون التمكن من تخطي صعفها ووعي مهامها التاريخية وهو ما سمح بنجاح استراتيجيات قوى الانقلاب في إضعافها وتشتيتها وصولا إلى تجريم كل نضال اجتماعي.
في مارس 2011 طلقت عمليا أغلب القوى التي كانت تنسب نفسها للثورة وللمسار الثوري عمليا كل إمكانية لمواصلة تنفيذ المهام الثورية وفرض التغيير الجذري بالتحاقها بالهيئة المسماة بالـ " الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي " وهي الهيئة التي شرعت لما يسمى بمسار الانتقال الديمقراطي وسياسات الانتقال الديمقراطي والتي أتت بحكومة الترويكا للسلطة بقيادة حزب حركة النهضة وبمنصف المرزوقي للرئاسة في انتخابات أكتوبر 2011 وبتحالف نداء تونس حزب حركة النهضة وبالباجي قايد السبسي رئيسا للجمهورية في انتخابات 2014.
عمليا كان مسار الانتقال الديمقراطي استراتيجية قوى الانقلاب لوقف مسار 17 ديسمبر الثوري ولوقف كل إمكانية لاستقلال الحركة الجماهيرية عنها ولقد وفّْقَتْ هذه القوى في تنفيذ استراتيجيتها هذه حيث وقع الالتفاف على مطالب الجماهير والحركة الثورية بفرض دستور لا يرتقي لمطامح الأغلبية في حكم لامركزي وديمقراطية قاعدية تشاركية وسيادة فعلية على القرار وعلى ثروات البلاد ومواردها كما تحولت مهمة كشف ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين إلى مصالحة مع الفساد والفاسدين وواصلت قوى الانقلاب سياسة الاقتراض و رهن البلاد للبنوك والدوائر المالية الأجنبية وانقلبت على مهمة وقف التداين وعدم خلاص مديونية نظام بن علي ورُفض مطلب دسترة تجريم التطبيع ومقاطعة الصهيونية وعادت آلة القمع القديمة للعمل عبر الإيقافات العشوائية وقمع الاحتجاجات والمظاهرات المحاكمات وتجريم النضال الاجتماعي.
إن نجاح قوى الانقلاب على مسار 17 ديسمبر في فرض سياسات "الانتقال الديمقراطي" منذ 2011 يعود في الأساس إلى أن الأغلبية لم تتمكن من مواصلة المقاومة مُستقِلَة وهو وضع مكّن القوى المضادة من الهيمنة برغم وجود أكثر من 200 حزب و 15000 جمعية ونقابة تقول عن نفسها أنها تنظم صلبها مليون خدام وموظف.
الاستقلال التنظيمي والسياسي للأغلبية التي لا تملك هذا هو ما يخيف قوى الانقلاب و لأنها تعرف القوة التي يمكن أن تصبح عليها الأغلبية ـ أي أكثر من أربعة أخماس السكان ـ حين تفرض استقلالها التنظيمي وسياساتها المستقلة وتقاوم من موقع طبقي فقد قامت بكل ما في وسعها لكسر هذا المسار و إخفاقه واستعملت كل أساليب المناورة والقمع للنجاح في ذلك وهو ما ولّد وضع انخرام في موازين القوى بين القوى المنقلبة التي بيدها كل السلط والحركة الجماهيرية.
وضع انخرام ميزان القوى هذا لم يأت من فراغ بل إنه كان نتيجة العجز الذي بانت عليه حركة جماهيرية لم تتمكن من التطور في اتجاه تحقيق استقلالها التنظيمي والسياسي عن النظام و أجهزته.
التحالف الحاكم يدرك جيدا هذه الحقيقة ولذلك نراه يعمل على استثمار وضع ضعف الحركة إلى أقصى حد لتمرير ما يريد تمريره من سياسات وقوانين ومساومات وفي هذا الاطار كان إقرار ـ قانون الانتخابات البلدية ومنح رجال البوليس والعسكريين الحق في الانتخاب ـ وتمرير قانون المصالحة الاقتصادية ـ 2017 كما تمرير ما يسمى بقانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة وقانون القانون الأساسي للجماعات المحلية.
ولاشك أن الانتخابات البلدية التي بدأ التحضير و الإعداد لها ستكون فرصة أخرى لقوى الانقلاب على مسار 17 ديسمبر لمواصلة فرض سياسات الانقلاب والتضييق على حركة النضال الاجتماعي فما هو المطلوب الآن لمواجهة استراتيجيات الانقلاب هذه وتحديدا في مسألة الانتخابات البلدية.
استنتاجات
أولا: في وضع الأغلبية فيه فاقدة للسيادة على القرار وعلى الثروة والموارد والتخطيط ومبعدة عن السياسة لا تكون الانتخابات البلدية إلا لمزيد إضفاء شرعية زائفة لقوى الانقلاب ومراكز النفوذ المالي والسياسي القديمة والجديدة لمواصلة الهيمنة على كل مقاليد الشأن المحلي و احتكار تدبيره
ثانيا: لقد جَرَّتْ قوى الانقلاب الأغلبية في مناسبتين كبيرتين باسم الديمقراطية وباسم سيادة للشعب وباسم الحريات سنة 2011 وسنة 2014 لانتخابات وضعتهم ووضعت أحزابهم وممثليهم في السلطة ولم تجن الأغلبية منها سوى مزيد الاستغلال والتفقير والبؤس والقمع و الإبعاد.
ثالثا: الانتخابات البلدية في وضع الوهن الحالي الذي عليه الحركة الجماهيرية لن تغير شيئا في الأوضاع بل ستكون فقط لمزيد بسط وتوسيع نفوذ وحكم أقوى البيروقراطيات الحزبية المرتبطة بمافيا المال والسلاح والإعلام وبالقوى الاستعمارية بعد ست سنوات من ديسمبر 2010.
رابعا: ليس من مصلحة الأغلبية أن تكون مجرد شماعة لتمرير سياسات قوى الانقلاب فالجماهير في مدننا وبلداتنا يعنيها انتظامها المستقل وتنظيم إدارة شؤونها بنفسها وليس تسليمها لأحزاب النظام في الحكومة أو في المعارضة . إن استقلال الحركة السياسي والتنظيمي هو المهمة الملحة اليوم
مقترح
أولا: البدء فورا بتأسيس مجالس مواطنية محلية وجهوية تنبثق عنها حركة ـ مواطنون أحرار متضامنون ـ حركة مستقلة موحدة في كامل أنحاء البلاد.
ثانيا: تحديد موعد لاجتماع تمهيدي لهذه المجالس لمناقشة المهام المطروحة عليها تنظيميا وسياسيا.
ــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
24 جويلية 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا