الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشروع العثماني الى السقوط وروسيا تبيع تركيا منظومة S-400

جورج حداد

2017 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


خلال الاسبوع المنصرم نشرت بعض الاوساط الصحفية اللبنانية (وكالة "ليبانون ديبايت" الالكترونية) انه قبل يوم الجمعة 21 تموز الحالي اي يوم بدء عملية المقاومة لتطهير جرود عرسال الحدودية من العصابات الارهابية التكفيرية لجبهة النصرة، بالتعاون مع الجيش اللبناني في الجانب اللبناني من الحدود، ومع الجيش السوري في الجانب السوري، كانت تجري مفاوضات وساطة مع "امير" جبهة النصرة الارهابي المدعو ابو مالك التلي لاخلاء المنطقة بدون قتال من اجل تجنب اراقة الدماء، وكان احد الوسطاء نائب رئيس بلدية عرسال السابق المرحوم احمد فليطي، وقد طالب التلي بنقله مع عناصره وعشرات ملايين الدولارات التي كانت بحوزته الى تركيا، بدون المرور في الاراضي السورية، ولكن الوساطة فشلت، مما دفع عناصر النصرة الى قصف سيارة الوسيط احمد فليطي بصاروخ مما ادى الى مقتله. والسبب الرئيسي لفشل الوساطة ان تركيا رفضت استقبال التلي وعناصره، المتهمين بمهاجمة وخطف وقتل وذبح وتفجير الجنود والمواطنين اللبنانيين، وسبق لهم ان هاجموا مدينة معلولا العريقة في سوريا وحطموا ودنسوا الاديرة والكنائس التاريخية فيها، وقتلوا من قتلوا وخطفوا الراهبات وساوموا عليهن للحصول على ملايين الدولارات. ومعلوم ان جبهة النصرة، التي هي اسم محلي لتنظيم القاعدة الاساسي، كانت ـ ولا زالت ! ـ تحظى بدعم تركيا وقطر، ماليا وسياسيا وعسكريا. فماذا عدا مما بدا حتى تتخلى تركيا عن صنائعها وعملائها؟
يرى بعض المحللين الموضوعيين ان تعقيدات المعركة الدائرة في الشرق الاوسط الكبير، والتي اتخذت طابع معركة دولية كبرى تشارك فيها، بمختلف الطرق، اميركا والناتو والاتحاد الاوروبي وروسيا والصين، ـ هذه التعقيدات تدفع تركيا الى الشروع، على طريقة "مرغم اخاك لا بطل" في تغيير سياستها لانقاذ جلدها وحماية نفسها. وقد تبدى ذلك في الخطوط الجوهرية التالية:
ـ1ـ ان الذي بيته من زجاج لا يرمي الاخرين بالحجارة. وقد برهنت التجربة ان الدعم الذي قدمته تركيا (الاردوغانية) للمنظمات والعمليات الارهابية ضد البلدان العربية وضد روسيا، يمكن ان ينقلب عليها، سواء من قبل المنظمات الارهابية ذاتها التي تقوم على تكفير الجميع وتتصارع حتى فيما بينها للاستحواز على الاسلحة والاموال والمساعدات، او من قبل اي عدو لها، اي لتركيا. وفعلا فقد شهدنا موجة العمليات الارهابية تقتحم ايضا المدن التركية، بما في ذلك انقرة واسطنبول.
ـ2ـ ان دعم تركيا لتقسيم ليبيا ومصر والعراق وخصوصا سوريا ولبنان، على اساس قبلي وديني ومذهبي واتني، يشرعن الدعوة والعمل لاجل تقسيم تركيا ذاتها، وهو ما لم يجر في الحرب العالمية الاولى لدى سقوط الدولة العثمانية. والواقع انه لا شمال قبرص وحسب، هو ارض يحتلها الاتراك، بل كل الجزء الاوروبي من تركيا واسطنبول وكيليكيا وانطاكيا ولواء الاسكندرون وازمير وشرق تركيا وما كان يسمى اسيا الصغرى، كلها اراض غير تركية، احتلها الاتراك اثناء صعود الدولة العثمانية، ولا تزال الشعوب صاحبة هذه الاراضي موجودة وتريد استعادة اراضيها، اليوم او غدا، سلما او حربا. فإذا اعيدت هذه الاراضي الى اصحابها، واخذ الكردي والارمني واليوناني والبلغاري والمسيحي والاشوري و"السرياني" و"السوري" و"العربي" ما لهم، لن يبقى منصب خيمة لاردوغان، وسيتفكك الشعب التركي الحالي من جديد الى اصوله الدينية والقومية غير الطورانية، ويعود بقايا الطورانيين الى منغوليا وحدود الصين يقيمون المناحات على جنكيز خان و"الاورطة الذهبية" وجدهم طوران بيه. لذلك من صالح تركيا اولا ليس تخريب الستاتيكو الدولي الحالي بل المحافظة عليه بالمصالحة وعلاقات حسن الجوار مع جميع الشعوب والبلدان والدول المحيطة بها، القريبة منها والبعيدة عنها، وعلى رأسها روسيا.
ـ3ـ ان مسبحة اردوغان ليست بوصلة معتمدة من قبل الاسلامويين التكفيرييين. وقد نجح اردوغان في تحويل تركيا الى جمهورية رئاسية، ولكن هذا لا يرضي الاسلامويين التكفيريين الذين يرونه يجلس في مكتبه تحت صورة كبيرة لكمال اتاتورك الذي قضى على "الخلافة" والسلطنة العثمانية. لقد رفضت اميركا ان تسلم الى تركيا الشيخ عبدالله غولن المتهم بأنه يقف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة قبل اكثر من سنة في تركيا. ومن يدري ان لا تكون اميركا تحضر الان لانقلاب اسلاموي جديد في تركيا يشارك فيه الجيش بقوة اكبر هذه المرة.
ـ4ـ ان العثمنة او العثمانية ليست عنصر جذب في المنطقة العربية الاسلامية وفي البلقان، واردوغان يطمح ولكنه لا يستطيع التحول الى سلطان عثماني جديد، ولو كان يسمي حزبه حزب العدالة و"التنمية". فحينما كانت السلطنة العثمانية تحتل مناطق واسعة في البلدان العربية والبلقانية كانت من اكبر واقوى دول العالم، وكانت لها صلات واسعة مع دول اوروبا الغربية. ومع ذلك فإنها لم تستطع ان تجاري النهضة الاوروبية والثورة الصناعية، بل على العكس كانت تجر الشعوب التي كانت تحكمها الى التخلف والفقر والانحطاط الحضاري. ولا تزال هذه البلدان الى اليوم من افقر شعوب العالم بالرغم من مرور اكثر من قرن على انهيار السلطنة العثمانية.
ولكننا لا ننكر ان الاتراك "طوروا" اكثر من 60 وجبة لذيذة من الخروف، كما انهم "طوروا" بشكل فذ الرقص الشرقي لهز البطن والارداف وتحويله الى "تحفة" في الاثارة الجنسية والمجون الجماعي المرافق للسكر والعربدة. ولكن اهم "اكتشاف علمي" للعثمانيين فكان الخازوق، الذي كان يتم به اعدام عدد من المغضوب عليهم. والحضارة العالمية هي مدينة للعثمانيين في اكتشاف الخازوق. وبالمختصر المفيد: لقد كانت "الخلافة ـ السلطنة" العثمانية لطخة عار في تاريخ البشرية. وروسيا وايران والشعوب العربية والبلقانية ستدفن في المهد مشروع السلطنة العثمانية الجديدة لاردوغان والنصرة و"الاخوان المسلمين" والمعارضة السورية العميلة.
ـ5ـ حينما عمدت المخابرات التركية بالتعاون مع "القاعدة" (النصرة) الى اسقاط الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء وهي تنقل سياحا روسا عائدين الى بلادهم من البحر الاحمر، وذلك قبل اكثر من سنة. وبعد ذلك حينما اقدمت تركيا على الغدر بطائرة حربية روسية وهي تطارد الارهابيين في منطقة اللاذقية، ثم قام عملاؤها بقتل الطيار الروسي الاسير بعد ان وصل الى الارض بالباراشوت سالما، قال الرئيس بوتين "ان هذه طعنة في الظهر". وحينذاك هددت روسيا تركيا بعواقب وخيمة اذا تكررت مثل هذه الحوادث. ومعلوم ان تركيا هي من اقدم واهم اعضاء الناتو وكانت تتوقع ان الناتو سيحميها من روسيا. وطرح اردوغان المسألة امام الناتو. وجاءه الجواب: ان الناتو لا يستطيع حماية تركيا، ولا يستطيع مواجهة الاسلحة الروسية لا في جورجيا ولا في اوكرانيا ولا في سوريا ولا في اي مكان اخر. واكتشف اردوغان وحكومته ان تركيا هي عمليا "مكشوفة"، وانها مهددة في امنها القومي من قبل اي دولة صغيرة او كبيرة تمتلك اسلحة متطورة قد تصطدم بها تركيا. كما ان حكومة اردوغان مهددة جديا بانقلاب اسلاموي - عسكري جديد تديره اميركا ويضطلع فيه الطيران بدور حاسم. وبعد ان ضربت تركيا اخماسا بأسداس وجدت انه لا مناص لها من اللجوء الى روسيا بالذات لتأمين امنها القومي. وبالمقابل فإن روسيا، انطلاقا من مبادئ الستراتيجية الاوراسية التي تؤمن بها القيادة الروسية، وجدت ان افضل طريقة لعدم التورط مع تركيا هو التعامل معها كدولة جارة وصديقة وخصوصا انها دولة كبيرة، اسلامية، شرقأوسطية وبلقانية.
ـ6ـ وفي هذا السياق يأتي ما اعلن عنه مؤخرا الرئيس التركي من ان موسكو وانقرة وقعتا مؤخرا، من ضمن اتفاقات اخرى، اتفاقا يقضي بأن تقوم روسيا ببيع تركيا منظومة S-400 للدفاع الجوي الصاروخي، وهي نسخة مطورة عن منظومة S-300 التي سبق لروسيا ان باعتها لايران. وتقول جريدة "روسييسكايا غازيتا" الالكترونية ان مستشار بوتين في مسائل التكنولوجيا العسكرية فلاديمير كوجين قد اكد هذا النبأ. ولكن وكالة تاس تقول ان الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتريي بسكوف علق على النبأ بالقول "لا تعليق".
اما اميركا فقد عبرت عن القلق حيال قيام تركيا بشراء هذه المنظومة الروسية. واعرب رجب طيب اردوغان عن استغرابه للقلق الاميركي من شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس