الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال كوردستان ووحدة العراق المتباكي عليها

كوهر يوحنان عوديش

2017 / 8 / 16
القضية الكردية



رغم التطور الحاصل في العقل البشري ونمط الحياة الاجتماعية الا ان هناك مجتمعات كثيرة ظلت اسيرة العادات والتقاليد الفانية التي اكل عليها وشرب تمنع وتحرم الافراد من مواكبة التقدم والتطور الحاصل في مجال حقوق الانسان وحرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي، ويكون هذا المنع والتحريم عن طريق استغلال الانتماء الديني والمذهبي والطائفي من قبل رجال الدين تارة او عن طريق استغلال الانتماء القومي والحزبي من قبل الساسة والقادة القوميين تارة اخرى، فلا زالت الكثير من المجتمعات في الشرق الاوسط والدول النامية تسلب الفرد حرية تعبيره واختياره وذلك باستغلال ضعفه او جهله او انتمائه الديني والقومي والطائفي، وخير مثال على سلب ارادة وحرية الفرد هو الزواج القسري ( الزواج بالاكراه ) حيث غالبا ما تجبر الفتاة على الزواج من شاب لا تحبه ولا تكن له اية مشاعر، وفي حالات نادرة يكون العكس اي يجبر الشاب على الزواج من فتاة لا يحبها، ونتيجة هذا النوع من الزواج معروفة وليست الى بحاجة الى شرح او تفسير.
علاقة اقليم كوردستان العراق مع حكومة بغداد المركزية تشبه كثيرا علاقة زوجين تزوجا قسرا ارضاءا للوالدين او خوفا منهما، لذلك نلاحظ ان نتائج الوحدة القسرية ( او الزواج القسري) بين اقليم كوردستان والحكومة المركزية كانت كارثية منذ البداية دفع ثمنها العراقيين اموالا وارواحا لا تحصى ولا تقدر، والسبب في ذلك كان التعجرف والتكبر الذي يصاحب اصحاب السلطة في الحكومة المركزية عند التعامل مع القضية الكوردية، بالاضافة الى اللجوء الى القوة لاسكات اي صوت كوردي مطالب بالحقوق والمساواة في التعامل على اساس الانتماء الوطني، لذلك نلاحظ ان الحرب الاستنزافية كانت قائمة بين الشعب الكوردستاني والحكومة المركزية منذ القديم ونتيجتها كانت تدمير العراق شعبا ووطنا.
كان يمكن للعراق الجديد ( عراق ما بعد 2003 ) ان يصبح نموذجا للديمقراطية والتعايش الاخوي المشترك لو شعر قادته ومسؤوليه الجدد ورجال دينه الاكارم بقليل من الالم الذي يعتصر قلوب ملايين العراقيين جراء السياسة العوجاء التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية، لكن بدلا من زرع روح التسامح وتقوية اواصر المحبة بين اطيافه المتعددة وانماء الحس الوطني وطي صفحة الماضي بكل ما فيها من ايجابيات وسلبيات، عمد هؤلاء الى نشر الفوضى في البلد لتشتيت الانتباه عن ما ينهب من ثروات العراق، فانتشرت الميليشيات المسلحة التابعة لاشخاص السلطة باسطة سلطتها بعيدا عن القانون وبخلافه، فتقتل وتسلب وتهجر المواطنين علانية دون محاسبة او حتى تحقيق او متابعة قضائية، واشعلوا الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة التي ذهب ضحيتها ملايين الابرياء، وهجروا الاقليات الدينية من العراق ( عدا اقليم كوردستان الذي احتضنهم وقدم لهم كل انواع المساعدات ) قسرا دون سبب سوى كونهم مختلفين دينيا عن اصحاب السلطة الموقرين!، باختصار حولوا العراق الى غابة تحكمها العصابات بعيدا عن كل القيم والقوانين والمواثيق الدولية العصرية والمدنية.
في خضم هذه الفوضى التي تعم البلاد وكثرة المشاكل التي تعصف به وبدلا من ايجاد الحلول المناسبة لاعادة الامور الى نصابها واسترجاع الثقة المفقودة بالحياة لدى المواطن العراقي، عمد مسؤولي العراق الجديد الى توسيع الهوة بين اطياف ومكونات الشعب لتحقيق مكاسب ومنافع شخصية بالضد من مصلحة الشعب والوطن، ولاستغفال الشعب عزف هؤلاء على وتر الطائفية وبكوا على وحدة العراق الوهمية لاطالة امد الوضع الراهن الذي اكسبهم مئات المليارات من الدولارات.
منذ 2003 ولحد يومنا هذا لم يترك قادتنا الجدد مناسبة، او حتى دون مناسبة، الا وذرفوا الدموع فيها على وحدة العراق العظيم! ( المنتهية صلاحيتها مسبقا ) وسلامة اراضيه اضافة الى التباهي بامن الوطن المفقود اصلا، وبهذا ارادوا اخفاء وحجب اخفاقاتهم في ادارة الدولة، فالوحدة التي يريدونها كانت وحدة قسرية ذو ادارة وسلطة احادية، فاذا كانوا صدقا يبكون على وحدة العراق ومصرين على صيانتها وديمومتها لما قاموا بافراغ العراق من المسيحيين والاقليات الدينية الاخرى، وما قاموا باشعال الفتن بين الطوائف والمذاهب، وان كانت غير معلنة لكنها قائمة فعلا، وما قاموا بقطع قوت الشعب الكوردستاني بسبب خلافات سياسية ) اليس شعب كوردستان جزءا من الشعب العراقي؟ )، وما قاموا بتأسيس دولة طائفية تخصص فيها كل المناصب المهمة في ادارة الدولة لطائفة معينة، وما كان هناك ملايين من المهجرين العراقيين بسبب الفلتان الامني والتناحر الطائفي مذلين في دول الجوار، وما كان هناك اشخاص في اعلى مراتب ومراكز السلطة ولائهم لدول اخرى وليس للوطن الذي يحكمونه ويتاجرون بثرواته وبدماء ابنائه! وما ... وما .....، بل بالعكس من ذلك كانوا يسعون الى اقامة دولة مدنية ديمقراطية تحفظ للمواطن العراقي حقوقه وحرياته وتصون كرامته وحياته وتضمن رفاهية عيشه.
استقلال كوردستان لن يكون سببا في تفكيك العراق واضعافه كما يروج له، بل بالعكس من ذلك تماما ان استقلال كوردستان يكون عاملا في تقوية العراق وانمائه لان ذلك سيمنع الدول الاقليمية من استغلال التناحر والصراع القائم بين اقليم كوردستان والسلطة المركزية لصالحها، ويحول دون اراقة المزيد من الدماء هدرا وتبديد المزيد من الثروات هباءا على قتال وصراع داخلي لن يكون فيه منتصر ومهزوم ولا رابح وخسران لان الكل يكون مهزوم وخسران.

همسة:- اوقفوا المتجارة بوحدة الوطن!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي


.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس




.. Amnesty International explainer on our global crisis respons


.. فيديو يظهر اعتقال شابين فلسطينيين بعد الزعم بتسللهما إلى إحد




.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي