الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل شيء للعمال ٬ لا شيء للدولة

ﺇهود عين جيل

2017 / 8 / 24
الحركة العمالية والنقابية


‒ بقلم ﺇهود عين جيل

10/02/1977



شهدت الأشهر الأخيرة العديد من النضالات العمالية . وأدت السياسة الاقتصادية "الجديدة" للحكومة الى تخفيض مستوى معيشة العمال وأغلبية الموظفين . ولم تستطع المعاشات مباراة غلاء الأسعار الفاحش ٬ كما أن علاوة الغلاء لا تغطى الغلاء الذي طرأ قبل ستة أشهر ٬ ولا عجب اذا ان هنالك عشرات الألوف من العمال الذين اشتركوا في نزاعات عمل مختلفة .

وخلال الأسبوعين في الفترة بين 20 آب و3 ايلول نشرت "معريب" عن خلافات عمل ٬ صرف عمال اضرابات وتعطيلات عمل في أماكن العمل التالية : كاتسا (أنبوب النفط ايلات ‒ عسقلان) ٬ ضريبة الدخل ٬ الأسطول التجاري ٬ "يخين" ٬ "الكو" ٬ "نجيف كيرميكا" (في يروحام) ٬ "هميغدر" (في قريات جات وحولون) ٬ ميناء حيفا ٬ "شمشون" ٬ المستشفيات ٬ مصلحة الاذاعة ٬ مصنع النسيج في بيسان ٬ "يوفل جاد" ٬ "ريخيف أشدود" ٬ مصنع الورق في الخضيرة ٬ "مباط" (في سدروت) ٬ ميناء ايلات ومطار اللد . وكثير غيرها من نزاعات العمل التي لم تنشر عنها الصحف شيئا .

ومنذ مطلع السنة الحالية تم صرف مئات العمال وخاصة عمال الصناعة . ويجري ذلك بالذات في السنة التي يتكلم فيها الجميع عن ضرورة زيادة الانتاج وتحويل العمال من قسم الخدمات الى الصناعة . ان الحقائق تثير الدهشة . ولكن ما يجري هنا أحدث السمات المميزة للأسلوب الرأسمالي .

* * *

لنفحص ذلك حسب عينة لمصنع واحد . فعندما يكون السوق المحلي والعالمي في وضع جيد يكون ثمة طلب لانتاج المصنع ويكون من مصلحة صاحب المصنع تشغيل عمال اضافيين لزيادة الانتاج . وهذا يؤدي الى زيادة انتاج المصنع (ليس هنالك من دافع لتشغيل عمال اضافيين أو لزيادة الانتاج سوى زيادة الأرباح) ٬ وفترة ازدهار كهذه تكون لصالح العمال أيضا : صاحب العمل في حاجة اليهم . وعندما تنهال الأرباح على صاحب المصنع فان أهم شيء لديه استمرار العمل المنتظم في المصنع ٬ ويكون مستعدا للاستجابة لمطالب الأجور التي يرفعها العمال . المهم لديه ألا يباشروا اضرابا وألا يتوقف العمل ٬ ألا يتوقف سيل الأرباح .

وفي فترة الركود (في الأسلوب الرأسمالي توجد فترات ركود اقتصادي مثلما هنالك فترات ازدهار) ٬ لا يستطيع صاحب المصنع بيع جميع الانتاج بأسعار مربحة ٬ فيأخذ الانتاج في التراكم في المستودعات دونما طلب عليها ٬ بينما يستمر العمال في الانتاج ويستمر الانتاج في التراكم . وعندها يصبح تشغيل العمال (الاضافيين) غير مربح لصاحب المصنع لأنه اذا استمر في تشغيلهم سيضطر الى دفع أجورهم مما اكتنزه من أرباح ٬ وبما انه لا يريد ان يفعل ذلك فان العمال هم الذين يضطرون الى دفع ثمن الركود .

ويكون صرف العمال هو الحل "السهل" . وعادة لا يكون هذا الحل معقدا ٬ اذ يمكن الاعتماد على الممثل الرسمي للعمال ‒ الهستدروت ٬ فهي لا تقف في طليعة نضالات العمال ضد صرفهم ٬ بل تهتم بألا ينتفض العمال عن طريق قطع الوعود لهم بايجاد عمل بديل أو بالضغط على الحكومة لمساعدة صاحب المصنع "المسكين" لكي يستمر في دفع الأجور للعمال وألا يقوم بصرفهم وبذلك لا يخسر صاحب العمل شيئا .

وأحيانا يكون الوضع أكثر تعقيدا فعندما تتواجد لجنة عمال مناضلة لا تقبل هيمنة الهستدروت فانها تقود العمال الى نضال مكشوف ضد صرفهم . ولكن في حالة ركود اقتصادي فان صاحب المصنع لا يخشي اضرابا بالعكس ٬ الاضراب يتيح له فرصة لايقاف الانتاج وعدم دفع الأجور للعمال معتمدا في ذلك على محاكم العمل التي تتهم العمال بالاضراب وعندها يكون صاحب المصنع في حل من دفع الأجور للعمال لقاء أيام الاضراب .

ويتضح أحيانا ان الاضراب قد يخدم مصالح صاحب المصنع ٬ وفي ظروف صعبة يبحث عن وسائل لوقف الانتاج والتخلص من العمال . وفي مثل هذا الوضع فان الاضراب لا يشكل ضغطا عليه . فيدرك العمال ان "الاضراب الذي هو السلاح الأخير للعامل" أصبح سلاحا غير ناجع وان عليهم ايجاد وسائل ضغط جديدة . ووسائل كهذه متوفرة ٬ ولكن استخدامها يضع العمال في مواجهة جميع مسلمات المجتمع القائم :

الاستيلاء على المصنع ؟ عدم تمكين صاحب العمل من بيع الانتاج ؟ ان يبيع العمال الانتاج بأنفسهم بأسعار رخيصة ويحصلون على أجورهم ؟ للقيام بكل ذلك على العمال ان يدركوا ان من حقهم القيام بذلك . واما جميع أجهزة المجتمع فتسمى ذلك "سطوا" ٬ "سرقة" و"مسا بالملكية الخاصة" ألخ . والحكومة ٬ الشرطة ٬ الهستدروت ٬ الصحف ٬ الراديو ٬ التلفزيون ٬ الكنيست ٬ أساتذة الجامعات ٬ المعلمون ٬ الطلاب ٬ أصحاب الصناعة ٬ التجار ٬ المحامون ٬ رجال الدين وحتى كثير من العمال ينددون بهذه الأعمال "كأعمال تخريبية وخيانة الدولة الموجودة في وضع أمني صعب" . وامام العمال طريقين : فاما القيام بنضال عديم الجدوى يخدم أحيانا أصحاب المصانع ومن يقف ورائهم ٬ نضال يؤدي الى الاستسلام والهزيمة ٬ واما تجاهل الأفكار السائدة وشن نضال لا هوادة فيه ضد ائتلاف أعداء العمال وتحدي النهج القائم ‒ مصالح العمال قبل مصالح أرباب المصانع ومؤسسات الدولة التي تخدمهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا


.. الحق قدم.. 3408 فرصة عمل جديدة في 16 محافظة.. اعرف التفاصيل




.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا