الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة الكترونية من صديقي الميت

حسنين السراج

2017 / 8 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما هي فائدة ذكريات الصداقة الجميلة اذا تحول اصدقاءنا الذين تجمعنا بهم تلك الذكريات الى اشخاص مجهولين لا يربطنا بهم الا السلام ؟؟ يا للألم ..

طباع الناس تختلف .. هناك اشخاص يتعلقون بالماضي ويحنون اليه بشدة بغض النظر عن وضعهم فيه (سعداء او تعساء) وهناك اشخاص لا يكترثون للماضي البتة .. من سوء حظي (او حسن حظي لا اعلم) اني من النوع الاول .

الحنين للماضي شعور مؤلم .. شعور خانق .. قد يكون مصدره الاقتراب من الموت يوما بعد يوم .. او قد يكون مصدره الطبيعة الشخصية .. لا ادري ..

الاشتياق .. الحياة عبارة لحظات متراكمة يتخللها احداث .. الاشتياق للماضي ولاشخاص كانت تربطنا بهم روابط انسانية لا يعني بالضرورة ان الماضي افضل من الحاضر .. لو امعنا النظر جيدا بدون عاطفة سنجد اننا كنا نعاني في الماضي ايضا كما في الحاضر لكن الشعور بالمعاناة انتهى ولم يبقى الا الذكريات ويبدو اننا نفضل تذكر الاشياء الجميلة ونفصل عنها لحظات الالم .

اكثر من مرة قمت بزيارة صديق قديم يشدني الحنين اليه بقوة .. لكن لم اجد الا اطلال ذلك الصديق .. شيئا منه فقط .. تراكمت عليه اللحظات فلم يعد هو واستحال الى شخص اخر .. يا للوجع .. احاول يائسا ان احننه لايام الماضي فأجده يجاملني بأبتسامة دبلوماسية بائسة .. فينتابني شعور غريب ان كلمة (مشتاقلك) التي قالها لي تبدو وكأنها (شجابك؟)

فعليا من اتحدث معه ليس صديقي .. بل شخص اخر تماما فيه جزء من صديقي .. شخص اخر يخزن (ذكرياتنا القديمة معا) لكنه يحاول حجبها عن وعيه لانها لم تعد تعنيه بشيء .

لا انسى هذا الصديق الذي ربطتني به رابطة عميقة ولنا معا مواقف لا تنسى لكن صديقي لم يعد هو .. اصبح مجرد رقم هاتف ورسائل منسوخة ميتة لا معنى لها .. مجرد شخص يرسل رسائل جاهزة .. بلا روح بلا تفاعل بلا حنو بلا معنى بلا داعي .. صديقي ميت سريريا في ذهن الشخص الجديد الذي استوطن جسده .

الحنين للماضي يتحول الى مرض احيانا خصوصا تلك اللحظات التي اعود فيها لمقالات قديمة كتبتها قبل سنوات فقط لاعيد قراءة بعض الردود لاشتياقي لمن كتبوها مع اني لا اعرفهم ولا تربطني بهم اي صلة لا في الواقع ولا في الانترنت ..
الحنين للماضي يجعلني احن حتى للجلاد .. يجعلني اتوحد مع الجلاد في بعض اللحظات ..

كثيرا ما افكر حين اتذكر زميل قديم في الدراسة او شخص تربطني به صلة في السبيل للتواصل معه .. لا بد ان عنده حساب في موقع تواصل اجتماعي كيف ساصل اليه ؟؟ لكن المشكلة الحقيقية ليست في الوصول الى من يشدنا الحنين اليهم .. المشكلة هل لا زالوا هم انفسهم ؟؟ هل تنتابهم نفس مشاعر الحنين للماضي ؟؟

اشتاق للاموات .. جدتي .. خالي .. صديقي .. لكن الشوق لهم حزن يغلفه الجمال .. فهم باقين كما هم في خيالي لم يتغيروا .. اما الاموات الاحياء الذين تحولوا الى رسائل خرساء .. بلا مشاعر .. بلا جمال .. بلا طعم .. بلا جدوى .. فشوقي لهم حزن يغلفه الالم .. احبكم واشتاق اليكم .. واراكم بعيني لكن لا اشعر بكم .. اين انتم .. هل انقطع السبيل لعودتكم مرة اخرى؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة