الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كن نقي النفس ، أو الجم لسانك .

يوسف حمك

2017 / 8 / 26
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


امرأةٌ زانيةٌ أرادوا رجمها .
قال السيد المسيح : من كان منكم بلا خطيئةٍ فليرجمها بحجرٍ .
خرج الخاطئون واحداً تلو الآخر حتى بقيت وحيدةً مع السيد .
قال لها : أما آذاك أحدٌ ؟!
قالت : لا يا سيد . فقال : و أنا لن أدينك . انطلقي بسلامٍ ، و لا تعيدي الخطيئة .

نقطةٌ مضيئةٌ في تاريخ البشرية ، و قيمةٌ رفيعةٌ يستدعي الوقوف معها .
على اعتبار أن كشف المستور يغير مجرى حياة المرتكب حسب تعاطي المجتمع مع قضيته ، و تحديد نوع العقوبة .

( العدل و الظلم ، الحسن و القبيح ، الفضيلة و الرذيلة ..... ) ثنائياتٌ متعاكسة ، و مفاهيم يراها مجتمعٌ ما فضيحةً ، و يرها مجتمعٌ آخر أمراً بسيطاً .
العدل في الشرق قد يكون في الغرب ظلماً ، و الفضيلة في الغرب قد تكون في الشرق رذيلةً .....
و على المقاس نفسه تهضم القيم ، و تبتلع المبادئ ، و تسن القوانين .

دولٌ تتغذى على أفكار القرون الوسطى ، و تمارس أشد أنواع القهر الصارم ضد مواطنيها ، بصياغة قوانين إجراميةٍ دمويةٍ ، مع أنها لا تتكلم إلا بالديموقراطية أو الاجترار بحقوق الإنسان .
و الأنكى أنها تفتخر بالقتل ، و ترفع هاماتها في الأعالي تمجيداً بلطخ أياديها بالدماء على غير وجه حقٍ .

و أخرى تهتدي بما يفرضه العقل المستنير ، و على ضوئه الساطع تصاغ قوانينها . خارج سيطرة المبادئ المتعفنة التي تبكي العدل ، و تقهقر الذهن .
إلا أن القانون قد يكون عادلاً في فترةٍ ، ثم يمسي ظالماً في فترةٍ أخرى .
و ذلك حسب مقتضيات التطور . كما في المجتمعات المتحضرة التي
أغلقت أبوابها أمام العقول المتكلسة ، و الأذهان العاقرة .

الفيلسوف سقراط تجرع السم امتثالاً لقوانين بلاده الظالمة .
مع أنه كان واقفاً في صف العدل و الصدق و انفتاح الفكر ، ضد الكذب و الفساد و الإجرام .
قوانين محتواها ما كان عادلاً ، و ما كان يستسقى من القيم الإبداعية .
لكون أن الأقوياء و الحكام هم الذين صاغوها حسبما اقتضت مصالحهم .

فهذا إفلاطون تلميذ أرسطو يتحامل على تلك القوانين و واضعيها انتقاماً لمعلمه قائلاً : ( لو أردنا تغيير الحياة الأخلاقية للناس ، يجب البدء بإصلاح الدولة أولاً ...)

لكن دول الشرق التعيسة معظمها لا يعنيها الإصلاح ، و آخر همها التطور و التغيير الإيجابي .
و حكوماتها لا تصلح إلا للطغيان ، و استخدام القوة المفرطة في وجه الحرية بغية هضم حقوق مواطنيها .
من خلال محاكمها الجائرة فظاعةً و جوراً ، و مقصلة فناء النفوس الراقية .

أما القوانين التي تصاغ بما يخص الشرف فظالمةٌ دمويةٌ ، تحرض الناس على القتل و سفك الدماء .
و لا تدين القاتل إلا بسجنه لمدةٍ قصيرةٍ .
ففي بعض البلدان لا تتجاوز شهرين فقط . و قصر هذه المدة تشجيعٌ لجريمة قتل النفس البديلة لأساليب أخرى .
و ناهيك عن أن القاتل نفسه ، أو الذين يسارعون في تداول الفضائح الجنسية هم أكثر المتورطين بارتكابها ، و تلويثاً لشرف الآخرين – إذا اعتبرنا أن الشرف محصور بين فخذي المرأة –
و ما إقدامه على قتل الزاني إلا بقصد غسل العار عنه . كما هو دارجٌ في أكثر المجتمعات تخلفاً و جهلاً .
علماً أنه يفعل الشيء نفسه ، و يسمح لنفسه أن يلحق العار بغيره – إن صح التعبير – لكنه يحرم على غيره أن يلحق به الشيء ذاته
فليعاقب نفسه أولاً ، ثم يقدم على معاقبة غيره .

ما أريد القول هو : تسليط الضوء على قول السيد المسيح : من كان بلا خطيئةٍ فليرجم ... و ليجلد ...و ليقتل . ....
و من كان بلا خطيئةٍ فليضع القوانين ، و ليمارس مهنة القضاء .
و من لم يكن طاغياً فليتكلم عن الديموقراطية .
و من لم يكن مستبداً فليتكلم عن حقوق الإنسان .
و من يساوم على بيع الأوطان فلا يتكلم عن الوطنية .
و من لم يكن عفيفاً فلا يتكلم عن الشرف .
و من كان فاسداً سيئ السمعة لا يحق له قذف الآخرين و التشهير بسمعتهم .
اصلح نفسك أولاً ، و أحسن أخلاقك و سيرتك قبل لسانك .

مجتمعٌ في الجهل غارقٌ ، و في عالم المتسلٍّط ذائبٌ .
و لقيم النظام معتنقٌ . و باقتداء الحكام مولعٌ .
العقل فيه أمام فتاوى خفافيش الظلام غائبٌ .
و الخروج عن الرؤية التقليدية للمؤسسات الدينية و السياسية كفرٌ و خيانةٌ . و صدق من قال : ( إنما الناس على دين ملوكهم ، و إنهم بأمرائهم أشبه منهم بآبائهم ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء صحفي يتناول موضوع المتاجرة بالنساء المغربيات إعلامياً


.. الناشطة الإعلامية والسياسية والنقابية والحقوقية أسماء المران




.. الكاتبة حنان رحاب


.. شهادات لأسرى محررين تعكس سوء الأوضاع في السجون والمعتقلات ال




.. الإعلامية دانيا جمال