الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة المتألقة والصوت الواحد في رواية -وداع مع الأصيل- فتحية محمود الباتع

رائد الحواري

2017 / 8 / 30
الادب والفن


اللغة المتألقة والصوت الواحد في رواية
"وداع مع الأصيل"
فتحية محمود الباتع
اعتقد أن هذه الرواية تعد من بدايات الانتاج الروائي النسائي العربي، وذلك اعتمادا على ووجد تناقض بين لغتها الأدبية المتألقة وبين صوت شخصياتها الواحد، فالمتلقي يهيم في اللغة الجميلة التي اتحفتنا بها "فتحية محمود الباتع" لكنها تزعجنا عندما جعلت كافة شخوص الرواية والسارد للأحداث يتكلمون بلغة واحدة، بحيث لا نستطيع التفرقة بين أيا منهم.
يمكننا ايعاز ذلك إلى حالة الاندفاع والانفعال من جهة، وإيمان الكاتبة بعدالة القضية الفلسطينية من جهة أخرى، فهي قضية إنسانية بالإضافة إلى كونها قضية قومية وقضية وطنية، لهذا وجدنها تستخدم لغة راقية لتؤكد من خلالها أن من يكتب بمثل هذه اللغة لا يمكن إن يكون إنسان متحضر وراق، من هنا يجب الوقوف إلى جانية ومساندته، أعتقد من خلال هذا التفسير يمكننا أن نعز الخلل الفني الذي حدث في الرواية، فاللغة الموجودة في الرواية تؤكد قدرة الكاتبة على الصياغة وسرد الأحداث بشكل متسلسل وسلس، وكان يمكنها أن تكون من افضل ما انتج من ادب روائي على مستوى الوطن العربي وليس فلسطينيا فحسب، لكن هذا ما كان، وعلينا التعاطي معه حسب الظرف والزمان والمكان الذي كتبت فيه الراوية.
ولكي نوضح أكثر هذه العلاقة غير المتجانسة بين اللغة الواحد والشخصيات نقتبس شيء مما جاء في الرواية، "قالت بعد لحظة صمت: "تلك قصة مصورة لا اظنها تروقك يا سيدي"
فأثار جوابها فضوله وقال: "ولم لا؟" واستطرد: "أكون شاكرا لو تفضلت وشرحت لي طرفا من تلك القصة" ص27، فهنا الراوي والفتاة "سلمى" والشاب "وليد" يتكلمون بعين اللغة، بحيث لا نستطيع أن تفرق بين لغة أيا منهما.
وإذا ما عرفنا أن هذه الشخصيات فلسطينية يمكننا أن نجد مبررا ما للكاتبة يعذرها من هذا الأمر، لكن عندما تستخدم هذه اللغة شخصيات يهودية، غريبة عن اللغة العربية، فهل يمكننا أن نبرر لها هذه الهفوة؟: "فأشار هذا على الجند بالتريث والتفت إليها قائلا: "هل قررت الافضاء لنا بمكان زوجك، أم رضيت بيع شرفك؟" ...قالت بإعياء شديد وهي تترنح برأسها إلى الجدار: "دع عني مثل هذا الكلام؟" قال: "متى ذكرت لنا مقره فسأمضي إليه في الحال مع بعض رجالنا ثم أعود عاجلا فأطلق سراحك، لن يطول بك الانتظار هنا أكثر من نصف ساعة، وأقسم على ذلك بديني وتوراتي وحبي لولدي وأخي" قالت وقد خنقتها العبرات: "أتريد أن تمضي ورجالك إلى حيث مكمن زوجي لتفتكوا به غيلة، ثم تعود إلي لتطلق سراحي ويداك مخضبة بدمه؟" قال: "لا تسألي كثيرا يا بنية ولا تطيلي الشرح، وقد يخوننا الوقت فلا يرضي الآخرون بالرفق، فيها أذكري لنا المكان الذي يقاتل منه زوجك وإلا كان شرفك ثمنا لتعودي من حيث أتيت بسلام" ص146 و147، يمكننا أن نستوعب/نبرر توحيد لغة الشخصيات الفلسطينية لكن أن يتحدث المحتل بذات اللغة فهذا شيء صعب القبول به.
شخصيات الرواية
إذا ما توقفنا عند شخصيات الرواية سنجدها على طرفي نقيض، الشخصيات الشابة "وليد" الشاب المناضل والطبيب الذي يواجه والده "شكري" سمسار الأراضي والمتعاون مع قوات الاحتلال الانجليزي، حتى انه يعتقل بسبب الوشاية التي قدمها والده للإنجليز لكي يبعده عن اعاقة صفقة بيع الأراضي للصهاينة. والشابة "سلمى" الفتاة المناضلة المكافحة والفنانة التي تخوض حرب على عدة جبهات، جبهة اقتصادية لتعيل والدتها ولتجنبها المعونة من أيا كان، وجبهة النضال ضد الانجليز والصهاينة والمتعاونين معهم، وجبهة الاعتناء باسرتها بعد زواجها من "وليد"، وإذا ما توقفنا عن شخصية "سلمى" سنجد أن الكاتبة "فتحية محمود الباتع" في العقل الباطن تنحاز إليه أكثر من أي شخصية أخرى، وكأنه تكتب عن نفسها، أو تكتب عن شخصية تحب أن تكون بمستواها أو مثيلة لها، لهذا نجدها تتحدث عنها وتخرجها من مأزق الأسر بطريقة تكاد أن تكون كتلك التي تقدمها هوليود في الافلام.
وفي المقابل نجد شخصية الشيوخ، "شكري بيك" وزوجته هدى" اللذان يمثلان جيل الهزيمة والخنوع والتآمر، ونجد شخصية "حامد/شمعون" اليهودي المتخفي بالثوب الفلسطيني والذي يقدم خدمات جلية للصهاينة قبيل حرب 1948، وهذا يؤكد أن الكاتبة في العقل الباطن تهاجم القيادة الهرمة العاجزة التي ساهمت بضياع الوطن الفلسطيني.
الفكرة الأنثوي واضح في الرواية من خلال الاحداث التي قدمتها لنا "فتحية محمود الباتع" فنجد موت "شكري بك" وهو مشرد ومحروم من ثروته التي وضعها في البنوك هاربا من المجاهدين، ونجد زوجته التي تأخذ في التسول بعد العز والجاهة والثروة التي كانت تملكها، فكان توبتها واقتناعها بأن سلوكها السابق كان خطأ يصب في خانة تعاطف الكاتبة مع المرأة بشكل عام، وإذا ما أضفنا شخصية "سعاد" التي تسهم بطريقة فاعلية في الأحدث يتأكد لنا انحياز الكاتبة إلى المرأة والعنصر النسائي أكثر من عنصر الرجال.
صورة اليهودي
تقدم لنا الكاتبة صورة اليهودي القاتل المجرم الذي يمارس الذبح والقتل دون وجود أي نوازع إنسانية، "... وما أن شاهدت المرأة العجوز مذبح ابنتها الشابة على مرأى منها والجنين يطل من أحشائها مخضبا بدمه، حتى سقطت مغشيا عليها، وربما لفظت آخر أنفاسها في سقطتها هذه" ص204، "...إلا أن الوحش سرعان ما ركل الأم بعيدا وهي تحاول تخليص ولدها من بين يده، وقطع على الطفل صوته بضربة قاسية من حد سكينه هوى بها في وحشية ونذالة فوق عنقه الصغير فصرخ صرخة ألم سال دمه، ثم عالجه بضربة أخرى أشد وأقسى أخمد بها أنفاسه، وتدحرج لها رأسه الجميل تحت قدمي أمه" ص207، هذه المشاهد تبين وحشية المحتل والكيفية التي تعامل بها مع الفلسطيني، وإذا ما أضفنا إليها صورة اليهودي "شمعون" الذي كان يسمى "حامد" والطريقة الخبيثة التي تعامل بها مع جارته "سلمى" نكون أمام صور الإرهاب اليهودي الذي مورس بحق الفلسطيني بكل جلاء.
الرواية من منشورات المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، الطبعة الثالثة 1990








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع