الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصائد ومقالات قاتلة (الحلقة الثانية)

عيد الماجد
كاتب وشاعر

(Aid Motreb)

2017 / 9 / 1
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مشينا قرابة الساعتين باتجاه الحدود المقدونية وكانت سيارات الشرطة اليونانية تنظم سيرنا الى ان دخلنا في المنطقة الفاصله حيث قابلتنا عصابات من اللصوص لكنهم هربوا عندما وجدوا ان اعدادنا كبيرة ,وعندما وصلنا اجبرتنا الشرطة المقدونية على الجلوس والانتظار الى الصباح حتى تسمح لنا باجتياز الحدود ومواصلة رحلتنا .
اشرقت شمس الصباح معلنة يوما جديدا من المعاناة هو الخامس في هذه الرحلة المضنية والشاقة والتي لانعرف متى وكيف ستنتهي ,عندما سمحت لنا الشرطة المقدونية بدخول مقدونيا اتجهنا الي محطة القطار الحدودية المهجورة تقريبا واستقلينا ذلك القطار المتهالك الذي لايصلح حتى لشحن البضائع في رحله استمرت لمدة 4 ساعات تقريبا الى الحدود الصربية ,حين وصلنا الى هناك كالعادة كانت الشرطة الصربية بأنتظارنا حيث ارشدونا الى مكان التجمع ثم الى مركز الشرطه لنكمل اوراقنا حتى نواصل الرحلة .
كانت المكان يعج بالاجئين المتزاحمين على باب المركز بأنتظار ان تقوم السلطات بأصدار تلك الورقة العديمة الفائدة المسماة بعرف الاجئين خارطية ,ومثل بقية الاجئين حاولنا الحصول على تلك الورقة فلم نستطع من شدة الازدحام وفجأة اكتشفنا ان بعض الاجئين اصبحوا يتسلقون الجهة الخلفية للمبنى ويدخلوا للساح الخاصة بالمركز فأشار لي صديقي ان نفعل الشئ نفسه حتى حتى نكسب الوقت ونتجاوز الازدحام ذهبنا الى الجهة الخلفية وكانت الساعة التاسعه ليلا والمبنى شبه مهجور فتسلقنا السور ومشينا بين الغرف المظلمة حتى وصلنا الى الساحه وكانت الساحة مليئة بالناس فانتظرنا الى ان وصلنا الدور واستلمنا تلك الورقة التعيسة وانطلقنا الى موقف الباصات المتجهة الى بلغراد العاصمة الصربية .
انطلقت الحافلة بنا في تمام العاشرة والنصف تقريبا الى العاصمة ولم نجد افضل من تلك الفرصه لنحظى بوقت ننام فيه قليلا بعد يوم من التعب والمشقة ولم نستيقظ الا في الصباح عندما اخبرنا السائق اننا وصلنا ويجب علينا النزول ,عند النزول جلسنا قليلا في عند احد المحلات لنرتب افكارنا الى اين سنتجه وكان معنا عنوان جلبناه معنا من لاجئين سبقونا لفندق شعبي يبعد تقريبا 20 كيلو عن العاصمة فاستأجرنا سيارة وذهبنا الى هناك وكان المكان مزدحما كالعادة فأخذنا غرفه صغيرة وبدأنا بالتجهيز لاصعب مرحلة وهي اجتياز الحدود الهنغارية المرعبة ذات السمعة السيئة , و بعد تفكير وتفكير اصبت بصدمة ان اجتياز الحدود بحاجه لمهرب يعرف الطريق حتى لا تنتهي رحلتنا مبكرا بالبصمة الهنغارية وكان المال الذي بقي معي لايكفي الا لشخص واحد وكنا شخصين فماذا نفعل حاولت ان اقترض من الاجئين الذين معي فلم يساعدني احد وانا في قمة احتياجي ويأسي نزلت الى بهو الفندق فسمعت اثنين من الاجئين العراقيين يتباحثون حول اجتياز الحدود بدون مهرب ولم اكن اعلم ان الكثير من الناس يغامرون ويخاطرون بحياتهم ويعبرون مشيا على الاقدام فجلست معهم واتفقنا بعد ان اقنعوني ان كثيرا من الناس سوف اجدهم امامي هناك ولن نكون وحدنا على الحدود فلننطلق مثل غيرنا ونعتمد على انفسنا بدل ان يأخذ اموالنا المهربين .
في الصباح ذهبنا الى محطة الباصات الرئيسة لنحجز الى منطقة الحدود الصربية الهنغارية كنجازي ولكن للاسف كانت التذاكر قد نفذت ولم يكن لنا خيار الا الانتظار الى الغد وبينما نحن يائسين نفكر بماذا نفعل اذا باحد الاشخاص يعرض علينا ان نشتري تذاكره لانه قرر ان يؤجل رحلته وعلى الفور اشترينا منه التذاكر وكانت الرحله ستنطلق عصرا ففضلنا ان نجلس في المحطة من الصباح وحتى المساء بدل ان ندفع المزيد من المال للعودة للفندق للاستراحه ومضى الوقت ثقيلا الى ان حان الوقت للانطلاق .
سارت بنا الحافلة في رحلة جديدة تكاد تكون الاصعب بسبب سمعة هنغاريا السيئة وسجلها المخيف في التعامل مع الاجئين وبعد جهد جهيد وصلنا الى منطقة كنجازي الصربية الحدودية وعند نزولنا كان الساعه الثانية عشر ليلا تقريبا ومن حسن حظنا وجدنا احد الصحفيين الاجانب ينظم رحلات بالباصات الى اقرب نقطه للحدود الهنغارية التي تبعد عنا قرابة العشرين كيلو وبعد معاناة استطعنا ان نستقل احد الباصات وانطلقنا الى هناك ثم اجتمع بنا الصحفي محذرا ايانا من المخاطر التي سوف تواجهنا ويجب ان نتحمل المسؤولية ولكننا لم نهتم كثيرا لتلك التحذيرات لاننا كنا يائسين من كل شئ ولانشعر بفرق كبير بين الحياة والموت بعد كل تلك المعاناة وليس هناك من حل اخر فيجب علينا مواجهة الموت ولن نخاف منه ابدا .
مشينا في عتمة الليل دون هدى ولا دليل غير السكة الحديدية التي ذكرولنا الكثير ممن سبقونا عنها ستكون بمثابة الخريطة التي توجهنا الى الطريق ,كان الناس كثيرون وقد انقسموا الى جماعات كل جماعة سارت بأتجاه فانضممنا نحن الى الكتلة الاكبر وسرنا حتى وصلنا الى حقل من حقول الذرة وكان هذا الحقل يبعد قرابة المئة متر عن السلك الشائك الذي يلف الحدود الهنغارية ويفصلها عن الصربية وعندما اجتزناة سمعنا اطلاق النار وصافرات الشرطة فركضنا من شدة الخوف حتى وصلنا الى موقف التكسي الحدودي القريب وكان العديد من الاشخاص خلفنا قد تم القبض عليهم ,بحثنا عن تكسي لتنقلنا الى العاصمة بودابست وكانت المنافسة شديده وكلما تتفق مع سائق يغضب السائق الاخر ويهددك بالشرطه فتضطر للنزول مرة اخرى كان الامر مرعبا جدا وكان السائقون يستخدمون صافرات واضواء مثل تلك التي تستخدمها الشرطة لاخافة الاجئين واجبارهم على دفع مبلغ كبير دون مناقشة ,واخيرا وفقنا باستجار تكسي بقيمة 600 يورو الى بودابست فانطلقنا الى هناك وبعد 3 ساعات وصلنا لنجد انفسنا ضائعين لا نعرف اين نذهب فلم نجد حل الا استئجار تكسي ليذهب بنا الى احد الفنادق لنرتاح قليلا وكان سائق التكسي يعرف جيدا اننا لاجئين فذهب بنا الى فندق مخصص للتهريب وكان اشبه بوكر لعصابة حيث يوجد في الخلف موقف انتظار للسيارات التي تأخذ الاجئين الى النمسا والمانيا وباقي دول اوروبا وفي داخلة تجد الكثيرون ينامون في الممرات وعند دخولك يجب ان تدفع 15 يورو ثم يلف المسؤول يدك بسوار بلاستيكي كدليل على الدفع جلسنا هناك الى شروق الشمس حيث اتت السيارات فاستقلينا احداها المتجهه الى النمسا وكانت الاجرة 400 يورو للشخص في رحلة مليئة بالرعب من ان يتم توقيفنا قبل الوصول .
مضى الوقت ثقيلا ايضا وكنا 5 اشخاص في تلك السيارة الصغيرة واخيرا وصلنا الى العاصمة فيينا في الساعه الثالثة عصرا تقريبا وكان يجب ان نقرر الى اين نتجه واي دوله سوف نحصل فيها على اللجوء ,كنا بحاجة الى شبكة الانترنت للتواصل مع الاصدقاء والاهل للاطمئنان ولأخذ المزيد من المعلومات حول مابقي من الطريق وفي احد المطاعم وجدنا شبكة انترنت مجانية فاستخدمناها للتواصل فنصحنا بعض الاصدقاء بالتوجه الى المانيا وعلى الفور اتجهنا لمحطة القطار في العاصمة النمساوية وحجزنا التذاكر الى ميونخ .
في محطة القطار تناولنا الغداء في احد المطاعم بعد ايام من المعاناة والتعب لم نأكل فيها غير البسكويت والماء كانت تلك الوجبة من اشهى والذ الوجبات في حياتنا ,وصل القطار المتجه الى ميونخ وقبل الصعود حذرنا مفتش التذاكر من الشرطه ولكننا لم نهتم كثيرا له فركبنا القطار وانطلق الى مدينة ميونخ الالمانية.....يتبع في الحلقة المقبلة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أدب التشرد
ماجدة منصور ( 2017 / 9 / 2 - 19:30 )
يوجد في قاموسنا: أدب المهجر...أدب السجون...والآن حان الوقت كي نًدخل فرعا أدبيا جديدا و ليكن إسمه...أدب التشرد0
احترامي

اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة