الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان القادمة عامل لتحضر المنطقة

محمود عباس

2017 / 9 / 9
القضية الكردية


لا نحكم على معاملة الشعوب المجاورة، بل على سلطاتها المحتلة لكردستان، وعلى مواقف شرائح معينة تسود لأمر واقع، ولا نبتذل ثقافاتهم، بل نبحث عن البؤر الفاسدة الملائمة لنمو هذا الكم من التكفيريين والقوميين العنصريين والملغيين للأخر، وننقب عن شروخها التي تخلق البيئة الملائمة لصعود الأنظمة الإجرامية، والتي تعادي بعضها وشعوبها من جهة، وتدفع بمجتمعاتها على كراهية مطالب الشعب الكردي من جهة أخرى.
الثقافة التي يجب أن تعالج، لإيقاف نمو الأحقاد في بعض حقولها بأسرع من المبادئ الإنسانية، وخاصة الزوايا التي تستمد الأنظمة الإقليمية أفكارها لترسيخ الصور النمطية المعادية للكرد في أذهان شريحة واسعة من شعوبها، وتفرض عليهم نسيان القرون الطويلة من العيش المشترك!
نبحث، وبأمل في تنقيتها من المفاهيم التي فرضت بعضها بشكل أو آخر على شريحة من المجتمع الكردي، وجعلتهم لا يميزون بين الحرية والتبعية، بين النقد المستند على الفكر الحر، والتهجم تحت الإملاءات غير المباشرة، الشريحة التي تقدم حجج القوى الإقليمية المعادية للكرد كتأويلات ذاتية ليس فقط لا تخدم الوطنية، والشعب الكردي، بل تؤثر سلبا على قادم الشعوب المجاورة، وتخدم السلطات الإقليمية، المحتلة لكردستان والمستبدة على شعوبها.
كما ونتحدث عن البؤر الفاسدة التي تتشرب منها الحركات العنصرية الإقليمية، وتجدها من صلب ثقافتها، وهي التي رسخت فيها نزعة إلغاء الأخر، ومعادة الكرد، ومعارضة حقهم في تقرير مصيرهم، وتحفزهم ليقفوا اليوم ضد الاستفتاء القادم في الإقليم الكردستاني الجنوبي بتاريخ 25-9-2017م، ويعادون قيام نظام فيدرالي في سوريا القادمة، والفيدرالية الكردية في جنوب غربي كردستان.
لا علاقة لهؤلاء بالثقافة الوطنية، والتي يرفعونها كشعار لتمرير معاداتهم لمطالب الكرد، فالثقافة الوطنية هي التي يستفيد منها الشعوب قبل السلطات والأنظمة، وتساعد المجتمعات المظلومة، والثقافة الوطنية لا تعادي إرادة الشعب الكردي في بناء كيانه السياسي كما يريده، وهي الثقافة التي ستكون ركيزة كردستان القادمة، والمؤدية إلى خلق الحضارة في الشرق. فهي الثقافة التي دفعت بالاتحاد السوفيتي الاشتراكية والولايات المتحدة وبريطانيا الرأسماليتين بالاشتراك في الدفاع عن شعوبها أثناء الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية واليابان وإيطاليا. هذه الثقافة ليست لها وجود في واقع سلطات الشرق الأوسط الحالية، الفارسية والتركية والعربية، لأن جدلية مفاهيمهم تستند على الفساد والشرور، تضر شعوبها قبل الشعوب المحتلة كالكرد والأمازيغ والقبط في الشرق. هذه الأنظمة المحتلة لكردستان وفي أقصى درجات صراعاتهم المذهبية والقومية، لا ينسون كردستان، ولا تغيب عنهم كوابيسها، تعكس حقول ثقافاتهم التي نتحدث عنها، حيث منابع الأحقاد والكراهية، والتي تفرز بين فينة وأخرى سلطات وأحزاب ومنظمات تكفيرية عنصرية أبشع من سابقاتها.
رغم أن المكتسبات الكردية الحالية، ومطالب حركتهم السياسية والثقافية للمستقبل، ومن خلال أدبياتهم تتبين بأنها ليست محصورة بالكرد ومنطقتهم بل تهم جميع شعوب المنطقة، وتشمل كل الأطراف، وهي ستجلب الفائدة والأمان للشرق الأوسط، وصعود الكرد بحد ذاته عامل فعال لإزالة الهوة بين القوى الإقليمية السنية والشيعية، وتخفيف الضغينة بينهم. والتاريخ يشهد للكرد خدماتهم الجليلة لشعوب المنطقة، بدءً من تحريرهم لأرض الشرق من الاجتياحات الأوروبية، وصونهم لكرامة المسلمين، إلى اليوم وهم يتبوؤون جبهات الصراع ضد الإرهاب، وحروبهم ضد داعش خير مثال. مع ذلك فالسلطات الإقليمية بأنظمتها الشمولية الاستبدادية، تقف بالضد من الصعود الكردي، وهي بالتالي ضد نهضة شعوبها، وعليه تبقى على عاتق الحركة الكردستانية، والحركات الوطنية للشعوب الأخرى تنقية الثقافة السائدة من البؤر الفاسدة التي تتغذى منها هذه الأنظمة، ولا بد من العمل معا على إسقاطها، ومساعدة الشعب الكردي في حقه بتقرير مصيره.
كما كان للكرد دورهم الإيجابي في المجالات الإنسانية بين شعوب المنطقة، كتشذيب الأحقاد بين الفرق والملل الإسلامية، والوقوف في وجه المارقة منها في الماضي، ومحاربتها حاضراً، كان لهم الريادة بل الوحيدون الذين رفعوا شعار الإخوة بينهم وبين شعوب المنطقة، في الفترة التي كانت السلطات الإقليمية المحتلة لكردستان تقوم بأبشع الجرائم بحقهم. وللعلم، فالمناداة بالإخوة لم تكن من رهبة، فقد رفعوها في قمة مراحل الصراع والحروب ضد الأنظمة الاستبدادية، ولم يتخلوا عنها في فترات السلام، وعلى مدى نصف القرن الماضي، رغم مناهج الكراهية لمعظم الأحزاب العنصرية، كحزب الشعب والبعث والناصرية والأحزاب القومية التركية، وحزب أئمة ولاية الفقيه، والإخوان المسلمين وغيرهم والمنظمات التكفيرية وسلطاتهم! لأن السلام، وقبول الأخر، جزء رئيس من بنيان ثقافة الكرد، وعليه واستناد على معطيات عديدة لا يستبعد أن تقود كردستان القادمة شعوب المنطقة إلى الحضارة، وعلى الأغلب ستلعب دورا رياديا في خلق سلام دائم في المنطقة.
مع ذلك ويظل السؤال التالي فارضا ذاته: هل على الكرد أن يبحثوا مثلهم عن مصطلحات للكراهية والعداوة ليفرض احترامه عليهم، ويغير من الصور النمطية المشوهة في أذهانهم عن الكرد وقضيته؟ وهل العلة في الكرد، أم في الأنظمة السائدة؟
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
10/10/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب فلسطين بالأمم المتحدة رياض منصور يتلقى تهاني الأعضاء ب


.. مقابلة خاصة مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرس




.. الأمم المتحدة تعلن بأغلبية كبيرة تأييد طلب الفلسطينيين الانض


.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة بعد تصويت بالأغلبية ل




.. عاجل.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا تاريخيا بأحق