الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل إحتل العراق الأكراد كما يدعي دعاة الدولة الكردية

جعفر المظفر

2017 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



نحن بلا شك في مواجهة نمط خطير من الشيطنة يجري إشهاره في وجه كل من يختلف مع صعود الموجة الكردية المطالبة بالإستقلال عن العراق, وغالبا ما يجري تسويق هذه الشيطنة تحت عناوين قومية أهمها معاداة الطموحات القومية المشروعة للأكراد.
إن الأمر يبدو مشابها تماما للحملة التي إستثمرتها الصهيونية يوم إتهمت جميع خصومها بمعاداة السامية مضيقة الخناق على كل رأي قد يكون معارضا لها من دون ان يكون معارضا لحق اليهودي في حياة حرة كريمة شأنه في ذلك شأن الآخرين من الأديان الآخرى.
وهاهم الآن قد جعلوا كل معارض لقيام الدولة الكردية يبدو وكأنه عنصريا ليس إلا. وهل سيكون سهلا بعد هذا النمط من التدليس الأخلاقي أن نسأل : لماذا لا نفترض أن يكون العكس هو الصحيح.
إن الذي يعيد قراءة دستور الدولة الملكية الذي تم وضعه في اثناء حكم الملك فيصل الأول سوف لن يعثر فيه على اي فقرة تؤكد على وجود عائدية قومية لتلك الدولة, رغم أن العرب كانوا شكلوا أغلبيتها الكبيرة. وفيما بعد لعب الأكراد أنفسهم دورا مهما على صعيد بناء هذه الدولة إذ كان لهم رجالاتهم البارزين على كافة الأصعدة السياسية العسكرية صعودا إلى رئاسة الوزراء ومنصب رئاسة الأركان أو قيادة الجيش.
إن هذا المشهد المفصلي من تاريخ الدولة العراقية الحديثة يتناقض بشكل جوهري مع خطاب المظلومية السياسية الذي يعتمده الإنفصاليون من الكرد, فالعراق بوضعه الحالي لم يكن مشروعا عربيا حتى يقال أن الكرد, ومن خلال مشروع تلك الدولة, كانوا قد وقعوا تحت إحتلال عربي أو عراقي, فلا العراق بشكله الحالي كان قائما حتى يقال أنه كان إستعمر غيره, ولا الأكراد أنفسهم كانوا قبل تأسيسه يملكون دولة سابقة لقيام الدولة العراقية حتى يقال أن هذه الأخيرة كانت ألغت سابقتها وإحتلت أراضيها.
ولم يذكر عن جمهورية عبدالكريم قاسم الوطنية الإتجاه أنها وضعت دستورا يؤكد على الصفة القومية لها بل كان مشهودا عنها خصوصيتها الوطنية المتخاصمة مع التيارات القومية التي أطاحت بعبدالكريم قاسم نفسه ومعه حشد من الزعامات العسكرية والمدنية ذات الإتجاه العراقي البحت.
ولنتذكر أن الثورة الكردية التي كان قادها الملا مصطفى البارزاني كانت قامت في الأصل ضد أنظمة عراقية لها خصومتها المعروفة مع التيار القومي, فهي وضعت نفسها في البداية ضد الحكم الملكي الذي كان رأس الحربة في الحرب ضد المد العروبي الناصري والبعثي, ثم وضعت نفسها ضد حكم الزعيم قاسم الذي كان خصما للتيار القومي في العراق.
وفيما بعد, حينما ذهب البعثيون في عام 1963 للتباحث مع عبدالناصر بشأن قيام الدولة الإتحادية الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا, فقدد حرصواعلى أن يضم الوفد العراقي شخصيات كردية كان في مقدمتها السيد جلال الطالباني من أجل تطمين الأكراد إلى أن الدولة الإتحادية المقترحة لن تأتي على حساب حقوقهم في العراق.
ولنتذكر أن الأكراد كانوا قد حصلوا على حكمهم الذاتي في زمن صدام حسين, وإن كل ما يدرج في باب المظلومية الكردية في عهده يجب ان يدرج في خانة توصيف ذلك النظام كنظام فردي دكتاتوري وليس كنظام عرقي.
إن كل ذلك لا يلغي المشكلات التي رافقت قيام الدولة العراقية الحديثة التي ضمت العرب مثلما ضمت الأكراد وغيرهم من القوميات المختلفة كالتركمان والكلدوآشوريين, غير أن الفرق الكبير يبقى في طريقة تخريج طبيعة تلك المشاكل وفي تحديد سبل حلها.
على طريقة الإسلام السياسي الشيعي بإمكان الأكراد الإدعاء بوجود مظلوميتهم العرقية, وبإمكان التركمان أن يطورا خطابا تفصيليا بالمظالم أيضا وكذلك الكلدوآشوريين, أما على صعيد الأديان والطوائف فالحديث يطول, غير أن لا أحد من أصحاب تلك المظلوميات يملك حق برمجة نضاله ضمن مشروع إنفصالي عن العراق.
ولنعترف أن ما تأسس على خطأ لن يكون بإمكانه سوى إنتاج الأخطاء, وإن ما لدينا من أوضاع يجب أن تتغير بإتجاه إعادة بناء العراق العلماني الديمقراطي الواحد والخالي من الطائفية والفساد أو الفدراليات القومية والطائفية.
ولا يغرنكم الحديث عن الديمقراطية إن تعارضت مع وحدة الوطن, فالديمقراطية هي نظام بناء وليست نظام تفليش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سبقتني و فيك فيض
عبد الرضا حمد جاسم ( 2017 / 9 / 18 - 22:03 )
المظفر جعفر الاستاذ المحترم
تقدمتَ الجميع بهذا الطرح المتسلسل الحكيم الموَّثق الغائب عنا جميعاً ...فأبليت و لك الشكر الجزيل في ذلك
كنتَ لها بدقة و حرفنة و اسلوب و تسلسل و علم و منطق
فقلتَ قولتك العراقية الوطنية الصحيحة الدقيقة...فشكرا
التقطتها متأخراً لآسباب فالمعذرة
دمتم بتمام العافية


2 - تحياتي وتقديري وإمتناني
جعفر المظفر ( 2017 / 9 / 19 - 10:21 )
أسعدني توقفك النبيل ومداخلتك التي تؤكد على صواب الرأي وتزيد من مناعته, وذلك لأنك مفكر
أعتز كثيرا بآرائه

اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم