الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على من يحل غضب الله ؟

رفعت عوض الله

2017 / 9 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



علي من يحل غضب الله ؟
ضرب إعصار هارفي ولاية تكساس ، وخلف دمارا كبيرا ، وتهجيرا الناس من بيوتهم ، وإزهاق ارواح بشرية . وها هو إعصار إيرما يضرب ولاية فلوريدا بقسوة أشد وبالتالي خسائر اكبر
علي المستوي البشري والبيئي والحضاري .
هلل بعض العرب وبعض الاصوليين المسلمين ، ورأوا في كارثة الإعصار تعبيرا عن غضب الله علي الأمريكان الكفار المشركين ، الذين لا دين لهم ، ولا اخلاق لديهم ، فالله يعاقبهم لأنه ليس راضياعنهم . وكيف يرضي وهم يساوون المرأة بالرجل ؟ ويعيشون في جو من الحرية المنفلتة ؟،و يحترمون حقوق الإنسان حتي ان الفتاة الصغيرة في سن معين تستطيع ان تعيش بمفردها ،وبل مع من تحب .
انهم في أذهان العرب والاصوليين كفار وفجار لذا ينزل عليهم غضب الله في صورة أعصاير مدمرة مهلكة .
علي فرض ان هناك غضب إلهي فعلي من يحل غضب الله ؟ هل يحل غضب الله علي صناع الحضارة التي اكدت إنسانية الإنسان وتفوقه وسيادته علي الطبيعة ؟ هل يحل غضب الله علي الذين ا كتشفوا العلم وحولوه لتكنولوجيا بفضلها استطاع الإنسان ان يتحرر وان يعيش حياة مريحة ليس فيها شقاء ومعاناة ؟ هل يغضب الله علي من تعبوا وارهقوا عقولهم ليخترعوا ادوية وطرق علاجية تخلص الناس من الامراض القاتلة الفتاكة ؟
ينعم العرب والمسلمون الكسالي والبلداء بالسيارة وجهاز التكيف الذي يقيهم قيظ صحراءهم ،والموبايل وكافة ادوات الحضارة الحديثة والتي بدونها سوف يعيشون كما عاش اسلافهم يسكنون الخيام ويركبون الجمل ،ويغيرون علي القبائل الاخري لأخذ الغنائم والسبايا .
فكيف لهم ان يفرحوا ويهللوا حين تقع كوارث طبيعة في بلاد من انتج الحضارة ؟
منطقيا انهم يأسفون ويتمنون زوال تلك الكوارث المفجعة ، ويعلنون تضامنهم الإنساني مع من وقعت عليهم الكارثة ،لا لشيئ سوي المصلحة تقتضي ذلك . فنحن نعيش عالة عليهم ،ولا نستطيع كعرب ومسلمين ان نعيش بدون إنتاجهم الحضاري ! ، ولكنه الحقد والكراهية والعقد النفسية والشعور الحاد بالدونية .
هل يحل غضب الله علي من اكدوا إنسانية المرأة فساووها بالرجل ؟ هل يحل غضب الله علي من احترموا حقوق الإنسان في الحياة والعمل والعقيدة بغض النظر عن لونه وفقره او غناه وعرقه ودينه . هل يحل غضب الله علي من قالوا بان الدين علاقة خاصة بين الفرد وربه وليس للدولة والمجتمع شأن بها ؟ ! هل يحل غضب الله علي من احترموا حرية الإنسان وقرارته المصيرية ولم تحاسب الفرد علي معتقداته ،علي ايمانه او إلحاده ،علي كونه مسيحيا ام مسلما ام هندوسيا ،الكل سواء امام الدولة والقانون ؟
هل يحل غضب الله علي من سمحوا للمسلمين المهاجرين والهندوس المهاجرين في إطار حقوق الإنسان ان يبنوا مساجد ومعابد تجاور كنائسهم ؟
هل يحل غضب الله علي من استقبلوا المهاجرين العرب المسلمين الفارين من الحروب والاقتتال ووحشية داعش ؟ الم يكن حريا بدولة عربية مسلمة كالسعودية الغنية ان تفعل شيئا حيال المهاجرين العرب المساكين ولكنها اوصدت ابوابها في وجوههم ، والغرب الذي عليه غضب الله يفتح حدوده امامهم ويوفر لهم المسكن والملبس والطعام والرعاية الصحية .
هل يحل غضب الله علي الغرب وقد اكتوي بنار الارهاب الاصولي المسلم و تفجيرات ودهس وقتل وطعن في مدنه ، ومع ذلك لم يدن الإسلام الذي بإسمه يرتكب الإرهابيون كل هذه الجرائم البشعة .
اذا كان هناك غضب من الله فالمنطق والعقل يقولان بأنه يجب ان يقع علي العرب والاصوليين المسلمين ،الذين ولدوا القاعدة وداعش وبوكو حرام . تلك المنظمات الإرهابية الي ارتكبت وترتكب جرائم هي قمة الوحشية وللاسف باسم الدين .
واذا كان هناك حقا غضب من الله فحتما سوف ينزل علي العرب الكسالي البلداء الذين يلهثون وراء المتع الحسية .
واذا كان ثمة عقاب إلهي فسوف ينزل علي من ضيعوا معني الإنسانية ورقيها الحضاري ومسخوا انفسهم في مجرد مستهلكين لحضارة الغرب .
اذا كان هناك عقاب إالهي فالعرب والاصوليين المسلمين هم الجديرون به لأنهم منحازون لأنفسهم ،تتملكهم أنانية بغيضة ،وينظرون بإستعلاء عنصري لغيرهم ،بل وإحتقار لغيرهم من البشر .
في المساجد وعلي الفضائيات الشيوخ والدعاة لايكفون عن استمطار اللعنات علي الغرب المسيحي الكافر واليهود الذين يسمونهم أحفاد القردة والخنزير .
علي فرض ان هناك غضب من قبل الله علي البشر فالحري ان يكون ذلك الغضب علي العرب والدول الإسلامية . لانه لا يُسمح اطلاقا ببناء كنيسة او معبد في السعودية الوهابية رغم وجود ملايين الهندوس والبوذيين والمسيحيين ممن يعملون في السعودية ،في عصف زاعق لحق الإنسان في العبادة .
انظر لما يحدث في قري المنيا بمصر علي وجه التحديد . يحرم المسلمون المصريون السلفيون جيرانهم المصريين المسيحيين من بناء كنيسة فيها يمارسون حقهم الانساني والدستوري والمواطني في العبادة . وتتحالف معهم اجهزة الدولة التنفيذية والامنية في تفعيل هذا الحرمان ، بل وتترك المصريين المسيحيين لبطش وعدوان جيرانهم المسلمين بهم دون حماية او تطبيق للقانون .
منذ عقود خلت صرح الداعية الشهير محمد متولي الشعراوي بأن الله تعالي سخر الغرب الكافر ليعمل ويكد ويقدح ذهنه فينتج وسائل الحضارة الحديثة لينعم بها المسلمون .
يا للسخرية ، ويا للحماقة ، ويا للإستعلاء الاجوف .
اذا كان ثمة غضب إلهي فنحن الاحق به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24