الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمن قربانك اليوم يا سيد عمرو؟!

محمد السعدنى

2017 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لايمكن لى أو لغيرى أن يحاسب السيد عمرو موسى على إعتداده بنفسه واحترامه لذاته، فهو دون شك صاحب كاريزما لها مايبررها من قدرات وكفاءة، ونحن لاننكر عليه ذلك، غاية الأمر أننا نتوقف عند إغراقه فى حالة نرجسية تنكر على كل من تقاطع معه فى عمل إمكانية التفرد أو التفوق أو حتى الإجادة، ومن قبيل ذلك أنه فى مذكراته "كتابيه" حكمته عقدة التفوق أو الـ Superiority Complex فراح يمارسها مع الجميع، حتى مع جمال عبد الناصر، فكانت المفارقة والمجازفة والورطة.
وقد وصل الاستخفاف بموسى فى نقده للمشروع الناصرى ليقول: التصنيع «من الإبرة للصاروخ»، ولم نسأل أنفسنا ماذا نعنى بالإبرة والصاروخ؟.. خصوصا أن الأبرة لم تكن مصنوعة بشكل جيد، والصابون لم يكن يحدث رغوة، ولا «البشاكير» تجفف كما يجب!. ويالها من سذاجة دفعه إليها إغراض الباحث عن نقيصة والمترصد لاصطناع الخطأ. فهل كان السيد عمرو لايعرف أن التصنيع بما فيه التصنيع الثقيل والذى ترجم فى خطط خمسية ناجحة، كان واحداً من عناصر الاستقلال الوطنى؟. ولا يختلف هنا المشروع الناصرى عما فعله قبله المهاتما غاندى فى محاولة الاستقلال عن الاستعمار البريطانى بأن يحرق الملابس الإنجليزية، وأن يعلم الهنود كيف يغزلون ملابسهم. هل كانت هذه الملابس تضاهى ماتنتجه مصانع يوركشاير وهامبشير فى بريطانيا؟ أم كانت الفكرة أن ينتجوا مايحتاجونه ليصبحوا أسياد قرارهم؟ بالقطع موسى يعرف ذلك لكنه حاول المراوغة، فراح يعاير الورد بأنه أحمر الخدين.
وعندما يتهم عبد الناصر بأنه اهتم بنفسه ومجده على حساب مصر واعتمد على أهل الثقة لا الخبرة، وهى تهمة مغرضة روج لها الوفد والإخوان باعتبارهم أعداء تقليديين للمشروع الناصرى، فمن أتى بعزيز صدقى، ومصطفى خليل "فى نسخته قبل التطبيع" وحسن عباس زكى، والعطيفى وهيكل واسماعيل صبرى عبد الله، وفؤاد محيى الدين وإبراهيم شكرى، وفؤاد مرسى، وعبد المنعم القيسونى وكمال رمزى استينو، ود. محمود فوزى وأحمد حسن الزيات وبطرس غالى وعبد المنعم رياض، والفريق فوزى، وأمين هويدى ونور الدين طراف وصدقى سليمان، ود. حلمى مراد، ود. مصطفى الحفناوى، ومحمود يونس و حكمت أبوزيد، وعبد العظيم أبو العطا وثروت عكاشة، ود. سليمان حزين ود. محمد عوض، وعبد المحسن أبو النور وكمال رفعت، وغيرهم، وهم من المتخصصين والأكفاء بدليل ماحققوه كل فى مناط مسئوليته.
ثم يتباهى موسى بأنه صاحب فكرة التفاوض المباشر مع إسرائيل، الفكرة المصيبة التى بها هزمت السياسةُ المتخاذلة السلاحَ المنتصر فى أكتوبر بمحادثات الكيلو 101 واتفاقية كامب ديفيد وخروج مصر من محيطها العربى والتسليم بالحقبة الإسرائيلية، ويالها من مراوغة يا سيد عمرو! إذ تجرد الجميع من أدوارهم حتى الخاطئة وتحسبها مكرمة لذاتك المتضخمة، فتتلبس دور الضمير الذى يرى ويكشف الخلل، كما كتب الدكتور محمد الباز، لكنه هذه المرة ضمير مطاط أكثر منه برجماتياً، لكأنك تحاول استباق الأحداث فيما تراه من تحولات السياسة فى منطقتنا والتى رأيت فيها حقبة إسرائيلية جديدة ومفاوضات صفقة القرن، فرحت تقدم لهم قربانك عراباً للمرحلة، وأوراق اعتمادك دبلوماسياً مخضرماً ربما تحصل على دور مماثل لما حصل عليه مراوغ آخر على غرار تونى بلير الذى احترق قربانه وذبلت أوراقه. ذلك يتماشى مع طبيعتك التى لاتطيق انحسار الضوء عنك حتى بعد أن وصلت من العمر أرزله.
ولأن آفة الرجال الهوى، فقد هويت من حالق مع هواك، ورحت تضرب يمنة ويسرى، تحاول إهالة التراب على عبد الناصر ومشروعه الوطنى التاريخى الوحيد الذى قاوم المشروع الصهيونى، ليخلو الفراغ السياسى فى المنطقة لنتنياهو وأعوانه فى الحلف الصهيوأمريكى. ولعلها حيلة استعمارية قديمة، تنزع لضرب الفكرة الوطنية المجردة والتى تلتف حولها شعوب المنطقة بتجسيدها فى شخص البطل، تم تمارس الضرب تحت الحزام فى الصورة الذهنية للبطل باعتباره بشر يخطئ ويصيب، حينها يسهل ضرب الفكرة الوطنية واغتيال عناصرها وتفكيك محتواها والتخلص من مشروعها القومى للمقاومة.
إذن قربانك للصهاينة ياسيد عمرو، وللغرب الذى مازالت تزعجه سيرة عبد الناصر، وليس من حليف قريب لهم وعدو لناصر مثل الإخوان الذين راحوا يمجدوا فى مذكراتك اللغز والفضيحة، وهانحن الآن نفك شفرة "كتابيه" الذى غازلت به مشروع الإسلام السياسى المتعثر وحاولت إعطائه قبلة الحياة، فلويت عنق النص القرآنى وطوعته لأهداف سياسية ظننت أنها خافية، واعتبرت أنك تمسك كتابك بيمينك تباهى "هاؤم اقرءوا كتابيه" باعتبار أن الله سيحاسبك على مذكراتك لا أعمالك التى تحسب أنك بها تحسن صنعاً، وياله من خسران.
وحيث لم تفارق مذكراتك روح الفكاهة والاستظراف فاعتبرت أغنية "اللى شبكنا يخلصنا" تلسين على ناصر والنكسة، ولأنك بكيت فى غير موضع من مذكراتك، فأغنية بأغنية أهديك "ماأهون الدمع الجسور إذا جرى من عين كاذبة فأنكَر وادّعى".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات