الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((الحرب الباردة)).. تعود إلى مسرح السياسة الدولية من جديد!! (3 والأخير) قوى عربية مؤهلة من خارج النظام الرسمي العربي!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


في نظام القطبين :
الذي كان سائداً منذ الحرب (الأوربية)/العالمية الثانية حتى نهايات ثمانينات القرن الماضي كان الاستقطاب كبيراً بينهما، وبين شروخه الكثيرة كانت توجد هوامش متعددة، تُمَكِنْ الدول المستقلة وقوى التحرر الوطني من المناورة النضالية والسياسية، وحتى العسكرية بين المعسكرين الكبيرين!.
وبفضل هذا الاستقطاب الحاد، استطاعت النظم التقدمية والتحررية و "حركات التحرر الوطني" العالمية والعربية، من إحراز انتصارات كبرى على القوى الاستعمارية والرجعيات المحلية في مختلف بلدان العالم الثالث، وصلت إلى حدها الأقصى بتصفية الاستعمار القديم بالكامل بعد معركة السويس المجيدة عام 1956 .
وبعد هذه المعركة المجيدة، تمكنت أغلب دول العالم المستعمرة في آسيا وأفريقيا التحرر من ربقة الاستعمار، في الفترة الواقعة بين نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي!.
وبفضلها، تمكن القادة التاريخيون: عبد الناصر ، تيتو ، نهرو ، نكروما ، سوكارنو......الخ من البروز في الفترة ذاتها، وقيادتهم لدول العالم الثالث وتشكيلهم لــ "معسكر عالمي ثالث" بين المعسكرين والعملاقين الكبيرين، عرف في حينها باسم "حركة عدم الانحياز" أو "العالم الثالث" ، وكان هذا المعسكر يلعب دوراً عالمياً مؤثراً على جميع الصعد!.
والأجيال التي عاشت :
تلك الفترة الذهبية في حياة الشعوب، تتذكر تماماً أن عبد الناصر مثلاً: حينما كان يلقي خطاباً ينصت له العالم كله وتستمع إليه مئات ملاين البشر وتذيعه عشرات الإذاعات، وتتلقفه وكالات الأنباء وتطيره أول بأول وكلمة كلمة إلى جميع أنحاء العالم!.
ولكن بعد :
ضعف الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي ثم سقوطهما معاً وانفراد الولايات المتحدة بشؤون العالم، خرست كل الأصوات، ولم يعد يسمع إلا صوت الأمريكان والصهاينة وعتاة الإمبرياليين والرجعيين وحدهم يهدر في العالم كله.. فهيمنت الرجعيات المحلية واليمين الفاشي والديني على مجتمعات العربية والعالمثالثية برمتها، وسقطت أو انحرفت أغلب الأنظمة التقدمية، واضمحلت جميع "حركات التحرر الوطني" أو انحرفت عن مساراتها التحررية تقريباً.. فالتحق بعضها بركب القوى الاستعمارية والرجعيات المحلية، كما حصل للكثير من قوى الثورة الفلسطينية مثلاً!.
لكن هذا الوضع الأحادي:
قد تغير الآن بعد تدخل روسيا في سوريا ضد الإرهاب تحديداً، ولم تعد الولايات المتحدة هي القطب الوحيد المهيمن على شؤون العالم والمتحكم بمصائر الشعوب، فقد برزت إلى الوجود ـ كما أسلفنا في الجزء2 ـ أقطاب عالمية وإقليمية جديدة، كروسيا والصين والهند.........الخ
فلم يعد العالم أمريكياً خالصاً، إنما هو عالم يعيش فترة انتقالية وفي طريقه ليصبح متعدد الأقطاب، وهذه الفترة الانتقالية قد خلقت وضعاً جديداً ـ شبيه بما كان عليه عالم القطبين ـ فتح من جديد، مجالا وهامشاً كبيراً للشعوب ولحركات التحرر الوطني في المناورة السياسية والنضالية وحتى العسكرية، وقد تحققت بعضاً من ملامحها في كل من سوريا ولبنان وحتى العراق!.
وهذا الهامش الكبير للمناور السياسية والنضالية، يحتاج إلى عقل سياسي مركب يستغل فجواته الكثيرة لصالح شعبه، كما استغلها القادة التاريخيون في القرن الماضي!.
والسؤال المهم هنا هو :
هل توجد الآن "حركات تحرر وطني" حقيقية على الساحتين العربية والعالمية يمكنها أن تقارع الإمبريالية والرجعية؟؟ .. والسؤال الآخر الذي يأتي بنفس الأهمية؟:
((فما هو أو من هو من العرب سيكون قطباً مؤثراً في هذا النظام القطبي الجديد؟؟))(من الجزء2 من مقالنا هذا)
****
الحقيقة وحسب :
جميع المعطيات الحالية لا أمل بأية دولة أو مشيخة عربية، بأن تصبح واحدة من أطراف هذا النظام القطبي التعددي الجديد، لأنها جميعها ـ وبدون استثناء ـ خاضعة وخانعة وتابعة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى بدرجات متفاوتة، وأي منها لا تمتلك مقومات الدولة المستقلة استقلالاً حقيقياً أو أنها تمتلك إرادة مستقلة، تمكنها من لعب مثل هذا الدور الدولي الخطير، كما وأن أيٍ منها لا تمتلك مشروعاً يؤهلها لأن تصبح قوة فاعلة في هذا العالم القطبي الجديد!.

• ومع هذا فهناك قوى سياسية وعسكرية عربية خارج النظام العربي وأطره الرسمية، يمكنها أن تحل محل الأنظمة العربية في هذا النظام القطبي الجديد، وتلعب داخله أدواراً ـ غير تقليدية وغير رسمية ـ لكن يحسب حسابها في هذا النظام القطبي الدولي، بدلاً من جميع الأنظمة العربية الفاشلة!.
ونقصد هنا قوى المقاومة العربية في لبنان وفلسطين بالدرجة الأولى، ثم في سورية والعراق وربما حتى اليمن بالدرجة الثانية، تليها أجنحة سياسية مساندة لها في عموم المنطقة العربية!.

فحزب الله مثلاً:
قد أصبح قوة ردع إقليمية كبيرة ـ غير تقليدية طبعاً ـ وتعتبره "إسرائيل" ثاني جيش في المنطقة بعد جيشها، وتحسب له ألف حساب وكذلك باقي الدوائر الأمريكية والغربية والرجعيات العربية، دون أن تحسب هذه الدوائر الصهيونية والغربية مثلاً أي حساب لأي نظام عربي بما فيه أنظمة السعودية ومصر ـ عدا الحسابات المالية للسعودية ـ والتي تعني حلباً لها، وليس دوراً قطبياً دولياً أو إقليمياً قد يتصوره البعض لها!.
فهذه القوى، نقصد قوى المقاومة :
قد فرضت ـ بقيادة حزب الله (تقريباً) ـ وضعاً سياسياً وإستراتيجياً جديداً أخذ يتشكل خارج الأطر الرسمية العربية في المنطقة، وبصورة بالغة الغرابة والتعقيد وغير مسبوقة عربياً أو عالمياً.. مما اضطر الرجعيات العربية ـ كالأمريكان والصهاينة ـ إلى اعتبار حزب الله وحماس وجميع قوى المقاومة الأخرى ضمناً "قوى إرهابية" .. لأن جميع هذه القوى المقاومة، تُعتَبَر ـ من وجه نظرهم ـ امتداداً لحزب الله وقوة مضافة لقوته..فحزب الله هو المقصود تحديداً بصفة "الإرهاب" أما باقي القوى المقاومة، فبالتبعية، لأن حزب الله في حقيقته هو العمود الفقري للمقاومة العربية الناجحة، وهو الرافعة والقاطرة التي تقطر جميع المقاومات العربية ورائها!.
ومعروف أن :
البعض من قوى المقاومة منسجمة مع حزب الله مبدئياً وسياسياً وإستراتيجياً، وتعتبره (مثلها الأعلى) الذي تتشبه به دائماً، وتريد الوصول إلى مستواه العسكري الرفيع وتنظيمه الدقيق وانضباطه العالي!.
ومعروف أيضاً :
أن هذه القوى العربية المقاومة ـ منفردة ومجتمعة ـ وبمساعدة نوعية من روسيا وإيران، استطاعت تحقيق انتصارات عسكرية وإستراتيجية كبرى على الإمبريالية الأمريكية في العراق أولاً، وعلى الكيان الصهيوني في لبنان وفلسطين ثم سورية لاحقاً.. كما أنها استطاعت الانتصار على جميع قوى الإرهاب والظلام والتخلف والمشاريع الإمبريالية في المنطقة العربية،هو يعني انتصاراً على القوى الصهيوأمريكية والرجعيات العربية، التي أنشأت ومولت وساعدت وساندت قوى الإرهاب في هذه المنطقة وفي العالم!.
والحقيقة لولا قوى المقاومة العربية هذه ودورها الجهادي، لكانت القوى الإرهابية قد أكلت المنطقة العربية برمتها وجعلتها تعيش فترة ما قيل الجاهلية الأولى، ولقدمتها إلى القوى الإمبريالية والصهيونية والرجعيات العربية على طبق من ذهب!!
****
فــبــهــذه الانــتــصــارات :
أخذت هذه القوى العربية المقاومة ـ ورغم إيديولوجيتها الدينية ـ تلعب دوراً تحررياً في المنطقة العربية، شبيهاً بالأدوار التي كانت تلعبها "حركات التحرر الوطني" في القرن الماضي..ولهذا أصبحت بديلاً موضوعياً وشرعياً عنها!.
وبغض النظر :
عن جميع الآراء الطائفية المتشنجة ـ والآراء المدرسية اليسارية الجامدة ـ والتي تحسب حسابات إيديولوجية ـ وليست نضالية أو واقعية ـ وتحصر معنى (التحرر الوطني) بإيديولوجيات معينة، فأن هذ القوى العربية المقاومة تحديداً قد أدت دوراً تحررياً مشهوداً، عند تحريرها لجنوب لبنان ومساهمتها الفعالة في طرد الغزاة الأمريكان من العراق، ومساهمتها الفعالة في إنقاذ سورية من الوقوع بيد القوى الإرهابية، مضافاً إلى كل هذا قدرتها على المطاولة وفرض وجودها النضالي الدائم والمستمر في ـ فلسطين المحتلة بالأخص ـ وفي لبنان والعراق واليمن، وتمكنها من تغير جميع معادلات المنطقة العربية، لغير صالح القوى الإمبريالية والصهيونية والرجعيات العربية!.
فبأي اسم :
يمكننا أن نسمي كل هذه النتائج التحررية التي أدتها هذه القوى المقاومة على أغلب الساحات العربية، غير القول المنصف بأنها عمليات للتحرر الوطني من قوى الهيمنة الاستعمارية والقوى الرجعية الداخلية التابعة لها؟؟
فما هو التحرر الوطني إذاً؟؟ .. أليس هو تحرير الأرض والإنسان؟؟
وهذا هو الذي أدته هذه الحركات والقوى المقاومة في منطقتنا وبلادنا العربية!.
وبلا أدنى شك :
أن جيوش العراق وسورية، ما كان ممكناً لها أن تحرز انتصاراتها العسكرية الحاسمة على قوى الإرهاب والظلام، لولا المشاركة الفعلية والفعالة والمساندة الحاسمة لهذه القوى المقاومة، في معارك الجيشين العربيين لتحرير الأرض والإنسان.. فبمفضل هذه المقاومات العربية تم إحراز كل هذه الانتصارات الكبرى، وبفضلها تم سحق الإرهاب والإرهابيين، وأصبحت تصفيته وتصفيتهم مسألة وقت.. لا أكثر :
ففي العراق:
تم كسر ظهر الإرهاب، وداعش تلفظ آخر أنفاسها على ساحاته بعد تحرير أغلب المحافظات والمدن والمناطق العراقية من قبضتها القذرة!.
وفي سورية :
تم تحرير مناطق كثيرة من قبضة الإرهابيين، والجيش العربي السوري يحرز انتصاراً إثر انتصار على فلول الإرهابيين، كما أن (المصالحات) بين السوريين قائمة على قدم وساق، والمسلحون السوريون أخذوا يسوون أوضاعهم بالجملة، بعد أن يأسوا تماماً من الانتصار، بينما أخذت العوائل السورية المهجرة والمهاجرة تعود إلى مناطقها الأصلية بالآلاف.. فالحرب على سورية في ساعاتها الأخيرة، وحل المسألة السورية أصبح مسألة وقت لا أكثر أيضاً، بعد حسم المفاصل الإستراتيجية والجوهرية فيها، وهي تنتظر الآن الحسم النهائي والأخير.. على فلول جميع الإرهابيين!!
وفي لبنان :
تمت تصفية جيوب النصرة في جرود عرسال وداعش في باقي المناطق.. فبوحدة الجيش والمقاومة ومؤازرة الجماهير الشعبية لهما، تمت تصفية داعش وجميع القوى الإرهابية تقريباً!.
فلبنان المقاوم هذا ـ لولا وضعه الطائفي ـ هو جوهرة العرب وتاج رأسهم ومثلهم الأعلى، في الصمود والمقاومة والانتصار الناجز على أعتى قوة استيطانية استعمارية إمبريالية عرفتها شعوب الأرض قاطبة..وهي الكيان الاستيطاني الإحلالي في فلسطين المحتلة المسمى بــ "إســرائــيــل"!!
وحتى اليمن :
هذا البلد العربي الفقير المعدم، قد صمد بوجه أحدث ترسانة للأسلحة الأمريكية ومعها أكداس من الأموال السعودية الخليجية الطائلة، هذه الأموال الدنسة التي اشترت أسلحة وأمناً مستورداً، كما اشترت دولاً وبلداناً ومواقفاً ورجالاً وضمائراً مشوهة كثيرة!.
صمد اليمن أمامها بأسلحته البدائية البسيطة، التي لا تساوي شيئاً أمام أحدث الأسلحة وخزائن المال التي فتحت على مصاريعها لتدميره..انتصر اليمن عليها، رغم أنه قد دفع ثمناً باهظاً ـ موت مرض جوع كوليرا ـ لحريته واستقلاله!!
****
وبلا أدنى شك :
أن هذه القوى المقاومة ـ وبغض النظر عن إيديولوجيتها الدينية ـ ستصبح بشكل من الأشكال الغير تقليدية، جزئاً فعالاً في أطر هذا النظام القطبي العالمي التعددي الجديد، بعد أن تحولت إلى قوة ردع إستراتيجي ـ غير تقليدي ـ لجميع المشاريع الإمبريالية والصهيونية والرجعية في المنطقة العربية.. وأهمها مشروع "الشرق الأوسط الجديد"!.
وهذه القوى العربية المقاومة، هي التي سيحسب لها ألف حساب في هذا النظام الدولي القطبي التعددي الجديد، وليس لدولة عربية بعينها، أو لمجموعة دول عربية أيٌ كان أسمها!!

ففي حين نرى :
قوى المقاومة العربية تحرز كل يوم انتصاراً جديداً، وهي في تقدم مستمر!.
نرى في الوقت نفسه، المعسكر الأمريكي الصهيوني وتوابعه من الرجعيات العربية والشرق أوسطية المقابلة لهذه القوى العربية المقاومة في المنطقة، والمتكون أساساً من "إسرائيل" وتركيا ودول الخليج العربي على العكس منها، فقد أخذ يتفكك ويتحلل وتعصف به الخلافات من كل اتجاه:
فتركيا :
أخذت تغادر المعسكر الغربي الذي عاشت في كنفه منذ سقوط الدولة العثمانية إلى اليوم تدريجياً، وتحاول الالتحاق الآن بمعسكر المنتصرين، وأردوغان أخذ يستفيق من حلمه العثماني على واقع تجاوز الإمبراطوريات والأحلام التوسعية!!
ودول ما يسمى بــ :
"مجلس التعاون الخليجي" أخذ يتمزق ويتفتت، وتعصف به الخلافات من كل الاتجاهات ويكاد أن يضيع وينتهي ويصبح ذكرى من الماضي، فلم يجد أمامه ـ كعادة الرجعيين دائما ـ غير "إسرائيل" يتشبث بها كحبل للنجاة.. فيعلن الطاعة والولاء لها ويظهر التطبيع معها إلى العلن، بعد أن كان سرياً للعقود طويلة، ومنذ قيام هذا الكيان في فلسطين!!
وحتى المنظمات الإقليمية :
كـ "جامعة الدول العربية" و "المؤتمر الإسلامي" مهددة هي الأخرى الآن بالذوبان والسقوط النهائي، بعد أن تجاوزها الزمن ووضح السبب من وجودها، كديكورات هامشية وتبريرية لأنظمة الرجعيات العربية ولواحقها الانقلابية العسكرية والمدنية، من دول الأطراف العربية الفقيرةّ!!
كل هذا العالم :
الذي بنته الرجعيات العربية بأموال فقراء العرب مهدد اليوم بالسقوط والضياع والتلاشي.. ليبزغ من ركامه وركام قواه الإرهابية، والاراوح البريئة الزكية التي أزهقها في سورية والعراق وليبيا ومصر وغيرها من بلاد العرب..من كل هذا الركام المتراكم في كل مكان، سيبزغ فجراً جديداً وعالما عربياً جديداً يعرف هدفه وطريقه ومستقبل أجياله!!
وهذه هي دائماً، سنة الحياة وقوانين التاريخ وآليات المجتمعات الإنسانية!!

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل