الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما يريده الشعب وما تستطيعه الحكومة

إبراهيم ابراش

2017 / 10 / 6
القضية الفلسطينية


وأخيرا جاءت(حكومة الوفاق الوطني)واستلمت بروتوكوليا الوزارات والمقرات الحكومية ،وبعد أيام ثلاثة عاد رئيسها والوزراء إلى رام الله وعادت الأمور في القطاع إلى ما كانت عليه في انتظار لقاءات القاهرة التي قد تفتح الملفات مجددا ويغرق المتحاورون في مسلسل من الحوارات التي قد تطول فيما الشعب وخصوصا في قطاع غزة لم يعد يطيق صبرا .
هذه الزيارة للحكومة جددت التفاؤل عند الجماهير الشعبية البسيطة كما حدّت من حالة الاحتقان السياسي ،فلأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات غاب التحريض ولغة التخوين والتكفير من وسائل الإعلام الحزبية ومن الخطاب السياسي لقادة الأحزاب وخصوصا حركتي حماس وفتح . هذا الأمر وإن كان وضع الفلسطينيين على طريق المصالحة إلا أنه من السابق لأوانه القول بأن المصالحة تحققت بالفعل والانقسام قد انتهى ، فالمعادلة أكثر تعقيدا .
قبل الاستطراد بما تستطيعه الحكومة وما يريده الشعب سنشير للملابسات التي صاحبت تحريك ملف المصالحة بتحليل استراتيجي عقلاني بعيدا عن العواطف وحتى يفهم المواطن الفلسطيني حقيقة ما يجري .
لم يكن ما جرى في القاهرة تتويجا لحوارات فلسطينية فلسطينية أو لقاءات لتنفيذ اتفاق القاهرة لعام 2011 ، فقبل ثلاثة أشهر فقط كانت حوارات ما بين حماس ومحمد دحلان والمخابرات المصرية وغياب الرئاسة الفلسطينية ،وفيها تم التوصل لتفاهمات حول إدارة قطاع غزة ، وفجأة توقفت التفاهمات بطلب أمريكي لأن واشنطن تريد تمرير (الصفقة الكبرى) – كتبنا يوم العاشر من سبتمبر الماضي مقالا تحت عنوان (هل تهيئ مصر للصفقة الكبرى) منشور في عديد المواقع والصحف _ وهذه لا يمكن أن تتم بدون منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، لكن ليس كمكون رئيس بل كوجود شكلي أو مجرد شاهد زور على الصفقة وفي حالة عدم تجاوبها سيتم تجاوزها بذريعة أنها ضد السياسة الأمريكية وضد عملية السلام .
وهكذا بدأ الأمر بحوارات لعدة أيام بين المخابرات المصرية ووفد كبير لحركة حماس وصل للقاهرة يوم 9 سبتمبر ضم أهم القيادات السياسية في الداخل والخارج ، وبعد أسبوع تقريبا تم استدعاء حركة فتح للقاهرة حيث وصل وفدها للقاهرة يوم 15 من نفس الشهر .وكان يُفترض أن تسير الأمور بشكل معكوس بأن تبدأ الحوارات مع الرئاسة ومنظمة التحرير ثم حركة حماس وبقية الفصائل أو يكون لقاء يضم الجميع .
هذا الامر ليس شكليا لأنه سيؤسَس عليه التصرفات اللاحقة وخصوصا من طرف الرئاسة الفلسطينية ،هذه الأخيرة التي ترى أنها وضِعت تحت الأمر الواقع وكأنه يُقال لها إما أن توافقي على ما تم من تفاهمات بين مصر وحركة حماس وبعض دول الإقليم وواشنطن أو سيتم تجاوزك .
أيضا هناك خلط والتباس ما بين ثلاثة مصالحات : اتفاق القاهرة لعام 2011 ،تفاهمات مخيم الشاطئ 2014 ، مبادرة الرئيس 2017 ، ففي سياق أي منها يندرج ما جرى اخيرا ؟ وهل إن تنفيذ مبادرة الرئيس تمهد لتنفيذ اتفاق 2011 أو بديلا عنه ؟ وخصوصا أن مبادرة الرئيس تتحدث أيضا عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات ؟ وهل إن اتفاق 2011 قابل للتنفيذ الآن بصيغته الأصلية أم يحتاج الأمر لفتحه ، حيث أحداث كثيرة وكبيرة محليا وإقليميا جرت ما بين تاريخ توقيع الاتفاق 2011 أي قبل ما يسمى الربيع العربي واليوم .
أيضا سنتجاوز الوهم الذي انتاب كثيرين بأن واشنطن والرباعية الأوروبية وإسرائيل رفعوا الفيتو عن المصالحة وأنهم فجأة أصبحوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم وحريصين على المصالحة ! ،فبعد يوم واحد من مجيء حكومة الوفاق أعلنت واشنطن أنها لن تسمح بمشاركة حركة حماس في أية حكومة فلسطينية ما لم تعترف بإسرائيل ، وهذه الأخيرة وعلى لسان نتنياهو وبينيت وليبرمان شككت بنجاح المصالحة وهددت بإجراءات ضد السلطة حتى تٌعيق المصالحة ، وقد أوضحنا في مقالنا السابق أهداف هذه الأطراف من تحريك ملف المصالحة .
سنتجاوز كل ما سبق ،وما نريد التركيز عليه هنا هو كيف يمكن للفلسطينيين التصرف تجاه هذه المصالحة المفروضة أو المصالحة بالإكراه ،وضرورة الحذر من المؤامرات التي تُحاك بالخفاء لإفشال المصالحة التي يريدها الفلسطينيون ، وعدم الخلط بين الأمور أو التعجيل بفتح ملفات قبل أوانها كما جرى مع ملف الأمن وسلاح المقاومة .
الآن وبعد تسلم الحكومة لمقراتها فإن الشعب الفلسطيني في غزة لم يعد معنيا بالتمييز بين (استلام) الحكومة لمقراتها وهو ما تم يوم الثلاثاء ،و(تمكينها) من عملها وهو ما يُطالب به الرئيس وتنص عليه مبادرته ،كما لم يعد أهلنا في غزة يرون الاحتلال الإسرائيلي ومسؤوليته عن الحصار بل وعن الانقسام ، ولا حركة حماس وبقية الاحزاب الخ ، الشعب لم يعد يرى إلا الحكومة ،وبالتالي ينتظر منها حل كل مشاكل حياته اليومية .
ليس دفاعا عن حكومة لا تملك من أمرها إلا القليل ، ولكن هناك ما تستطيع الحكومة فعله وهناك ما هو أكبر من قدرتها ، مثلا لا تستطيع الحكومة ولا الرئيس إصدار قرار برفع الحصار عن غزة وفتح كل المعابر ،فالأمر هنا يتعلق بإسرائيل ومصر ، و على مستوى حل مشكلة الموظفين فحتى إن حدث تفاهم حول هذا الملف وقررت الحكومة إعادة الرواتب المقطوعة والخصومات ودفع رواتب موظفي حركة حماس فالأمر يحتاج لموافقة الجهات المانحة لتدفع التمويل اللازم .
والمسألة الأكثر تعقيدا وهي سلاح المقاومة والعقيدة العسكرية المشتركة . فحتى لو توافق الفلسطينيون حول هذا الملف وأن السلاح سلاح مقاومة ،فهل ستسمح إسرائيل بذلك وتسكت عنه ؟ وكيف ستتصرف الحكومة وتدير الأمور في شطري سلطة في أحدهما يرتع جيش الاحتلال ويوجد تنسيق أمني ،وفي الشطر الجنوبي لا يوجد جيش احتلال داخله بل جيوش لحركات مقاومة متعددة ومعسكرات تدريب وإنفاق وصواريخ الخ ؟ حتى لو تم الاتفاق مع حركة حماس على سلاحها فهل ستوافق حركة الجهاد وبقية الفصائل الأخرى ؟ .
كل ذلك يتطلب من الشعب الصبر ومنح الحكومة فرصة ووقتا كافيا حتى تجد حلولا لكل الملفات التي تراكمت في العقد الماضي ، وخصوصا أن الحكومة ومن خلال مسماها هي حكومة (توافق وطني) بمعنى أنها حتى وإن كانت تستطيع التصرف وتُبدع في بعض المسائل الثانوية ،إلا أنها لا تستطيع الإنجاز في القضايا الكبرى إلا بما يتم التوافق عليه بين حركتي فتح وحماس ،وهي القضايا المُدرجة في اتفاق المصالحة في القاهرة 2011 وهو الاتفاق الذي لم يتم وضعه موضع التنفيذ حتى الآن .
وأخيرا يمكن القول وبعيدا عن حسابات ومفهوم الأطراف الخارجية للمصالحة ،فأن هناك تداخل بين مبادرتين للمصالحة الداخلية ،فهناك اتفاق المصالحة لعام 2011 ،ولكن قبله يجب تنفيذ الاتفاق في إطار ما تسمى مبادرة الرئيس التي جاءت عقب تشكل حماس للجنة إدارة غزة ،فحيث إن المبادرة تقول بأنه في حالة حلت حركة حماس لجنتها الإدارية وتمكين حكومة الوفاق من القيام بعملها سيتم إعادة النظر بالعقوبات المالية التي طالت موظفي السلطة كما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية والإعلان عن مواعيد للانتخابات الشاملة ، والمشكلة كيف نفك التداخل والخلط بين المبادرتين ؟ .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا